وجَّهت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، رسائل عدة خلال تسليمها ثلاثة أسرى إسرائيليين في مدينة دير البلح، وسط القطاع، في إطار الدفعة الخامسة من صفقة تبادل الأسرى.
وأطلقت “القسام” سراح الأسرى “إلياهو داتسون”، “يوسف شرابي”، “أور أبراهام ليشها ليفي”، و”أوهاد بن عامي”، وسلمتهم إلى طواقم منظمة الصليب الأحمر الدولي، لكنها حرصت على إطلاق رسائل لافتة خلال عملية التسليم التي تحدث للمرة الأولى في المحافظة الوسطى من قطاع غزة.
وبثَّت مشاهد توثق اللحظات الأخيرة لأسرى الاحتلال “الإسرائيلي” الذين جرى تسليمهم ضمن الدفعة الخامسة لصفقة التبادل، وذلك في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبدأت الصور بقيام أحد مقاتلي القسام بفض خطاب وإبلاغ الأسرى الثلاثة – الذين كانوا معه داخل أحد الأنفاق – وهم أوهاد بن عامي، وإيلي شعاري، وأور ليفي، بقرار إطلاق سراحهم.
وأبدى الأسرى الثلاثة فرحتهم بنبأ إطلاق سراحهم، وتحدثوا باللغة العبرية إلى الكاميرا التي كانت تصورهم، قبل أن يستلموا ملابس تحمل اسم وصورة كل واحد منهم.
وارتدى الثلاثة ملابسهم داخل النفق وتم تلقينهم تعليمات من المقاتلين بالتحرك للخارج رفقة حراسهم من فرقة الظل. وبدا أنهم قطعوا مسافة معقدة وليست قصيرة تحت الأرض.
وبعد ذلك، ظهرت سيارات بيضاء في أرض زراعية، وتم إنزال الأسرى منها ونقلهم إلى سيارات أخرى يشرف عليها مقاتلون من وحدة النخبة القسامية التي أوصلتهم بدورها إلى موقع التسليم. وأظهرت الصور أيضًا تبادل الأسرى أحاديث مع الحراسة التي كانت ترافقهم داخل السيارة حتى وصولهم إلى مكان تسليمهم في وسط القطاع.
وقال أحد الأسرى المفرج عنهم: “أنا أريد أن يعود جميع الأسرى إلى بيوتهم، استمروا في تنفيذ الصفقة الثانية والثالثة من فضلكم”. ولفت أسير آخر إلى أنه كان يأمل أن يتم الإفراج أيضًا عن شقيقه، “ولكن للأسف الضغط العسكري وحكومة إسرائيل هي التي قتلته”، وفق قوله. وتابع قائلاً لحكومة نتنياهو: “يوجد طريقة واحدة لإخراج الأسرى، وهي طريق المفاوضات”.
وسلَّمت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، صباح السبت، 3 أسرى صهاينة للصليب الأحمر، ضمن الدفعة الخامسة في صفقة طوفان الأحرار.
نحن اليوم التالي
ورفعت كتائب القسام لافتة كبيرة على منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين، وكتبت عليها “نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي”. هذه العبارة كتبتها “القسام” على اللافتة باللغات الثلاث: العربية والعبرية والإنجليزية، بينما حملت صورة للعلم الفلسطيني إلى جانب “قبضة يد”.
وجاء اختيار كتائب القسام لهذه العبارة “نحن اليوم التالي”، بعد أيام من أنباء تداولتها هيئة البث العبرية حول اشتراط “إسرائيل” مغادرة جميع أو بعض قادة “حماس” من قطاع غزة إلى دولة أخرى، في ضوء حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اقتراح لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن وأماكن أخرى من العالم.
📌📌في كل تبادل الأسرى الذين تطلقهم #حماس في قطاع غزة ترسل حماس رسائل بدلالات
آخرهم التبادل الخامس اليوم في #دير_البلح…لثلاثة أسرى إسرائيليين –
وكان ملفتاً اللافتة التي عرضتها #كتائب_القسام
“نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي”- في رسالة أن اليوم التالي للحرب يوم فلسطيني
We Are… pic.twitter.com/P9FDLeSx49— عبدالله الشايجي Prof (@docshayji) February 8, 2025
وللمرة الأولى، جرى تسليم الدفعة الخامسة من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، وهي المنطقة التي لم تشهد اجتياحًا كاملاً لقوات الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على القطاع، والتي امتدت لنحو 470 يومًا.
كان واضحًا في خلفية المنصة التي نصبتها كتائب القسام لمراسم التسليم أن هناك منازل ومنطقة لم تشهد دمارًا خلال الحرب، أسوة بما جرى في مناطق أخرى، حيث ما زالت المنازل مأهولة ومنتصبة في تلك المنطقة.
من ناحية أخرى، يُعتقد أن “القسام” ترسل رسالة ردًا على مقترح ترامب حول تهجير الفلسطينيين من غزة، مفادها أن القطاع ليس مدمراً بالكامل كما يزعم في تبرير مقترحه لتهجير الفلسطينيين.
ومن ناحية أخرى، تنعكس حالة المكان غير المدمر على أوضاع وتنظيم صفوف كتائب القسام نفسها في ذات المنطقة، والتي تشي بأنها تحافظ على تشكيلاتها وعناصرها، وأنها لم تتضرر، رغم الحرب والعدوان الوحشي الذي استمر لأكثر من 470 يومًا.
النصر المطلق
كذلك كتبت القسام بالعبرية عبارة “النصر المطلق” التي اشتهر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأثار هذا الشعار حفيظة الإعلام الإسرائيلي الذي رأى أنه يحمل نوعًا من التهكم من المقاومة بنتنياهو.
كما أثارت البزات العسكرية النظيفة والمكوية التي يلبسها مقاتلو القسام حفيظة الإسرائيليين، إذ إنهم يتساءلون عن مكان وجود هؤلاء المقاتلين طوال 15 شهرًا من الحرب الإسرائيلية على غزة، وكيف لم يصل إليهم جيش الاحتلال.
وخلال عملية التبادل، حضر عشرات الأطفال الذين كانوا يلبسون زي كتائب القسام، وقال إن هذه الصور سيركز عليها الإعلام الإسرائيلي لأنها تعني أن المقاومة مستمرة في قطاع غزة.
اغتنمته المقاومة من جيش الاحتلال خلال معركة الطوفان
مقاتلو كتائب القسام في دير البلح يحملون سلاحًا “إسرائيليًا”. pic.twitter.com/qlXbdQMpb1
— Khaled Safi 🇵🇸 خالد صافي (@KhaledSafi) February 8, 2025
أوضاع صعبة للأسرى الصهاينة
هذا، وظهر الأسرى الثلاثة “إلياهو داتسون”، “يوسف شرابي”، و”أور أبراهام ليشها ليفي”، و”أوهاد بن عامي” في حالة صحية صعبة، ويبدو عليهم آثار المرض والجوع والهزال العام.
وحالة الأسرى تبدو انعكاسًا واضحًا لما يمر به قطاع غزة من تجويع وحصار مطبق على مدار شهور العدوان، إذ إن إمعان الاحتلال في سياسة الحرمان والتجويع ومنع العلاج والأدوية عن سكان قطاع غزة، انعكست بالضرورة على أسرى الثلاثة، وهي رسالة كانت واضحة وقد تدفع إلى الضغط أكثر على المستوى السياسي الإسرائيلي لحثه على إتمام نصوص اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كاملاً، لتخليص الأسرى من هذه المعاناة.
ودفعت المشاهد هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى القول إن الصور الصعبة التي التقطت أثناء إطلاق سراحهم هي دليل آخر صارخ لا يترك مجالاً للشك بأنه لم يتبق للأسرى وقت إضافي، ويجب علينا إخراج الجميع من هناك، حتى الأسير الأخير.
صور لمراسم القسام خلال إفراجهم عن أسرى الاحتلال الثلاثة في دير البلح. pic.twitter.com/sCgOndbtnb
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) February 8, 2025
وأفسحت كتائب القسام للأسرى الثلاثة المجال للتصريح والتعبير عن موقفهم باللغة العبرية قبيل تسليمهم لطواقم الصليب الأحمر، بينما تمعن قوات الاحتلال في التضييق على الأسرى وتخويفهم بإعادة اعتقالهم في حال ظهروا في تصريحات عقب إطلاق سراحهم، وذلك في سياسة تكميم الأفواه، وممارسة أقصى درجات الإرهاب والتخويف بحقهم.
وعلى إثر هذه التصريحات، أعربت حكومة الاحتلال عن غضبها واحتجاجها لدى الوسطاء، بينما قالت القناة 12 إن “رئاسة الوزراء الإسرائيلية” أوعزت باتخاذ إجراءات ردًا على ذلك دون توضيح ما هي الخطوات.
واحتشد المئات حول منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة، والتفوا حول المقاتلين، فيما ارتفعت الهتافات التي تشيد بالمقاومة و”القسام”.
وفي هذه الأثناء، قامت سيدة مسنّة بنثر الورود على رؤوس المقاتلين المحتشدين في مسرح تسليم الأسرى، في مشهد تكرر خلال الأسابيع الماضية، ويشي بمتانة الحاضنة الشعبية للمقاومة، والتفاف الجماهير خلف هذا الخيار، رغم ما لحق بقطاع غزة من دمار هائل وأعداد كبيرة من الضحايا.
المصدر: مواقع