تحدٍّ صيني جريء..«DeepSeek» ديب سيك تهزّ هيمنة وادي السيليكون! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

تحدٍّ صيني جريء..«DeepSeek» ديب سيك تهزّ هيمنة وادي السيليكون!

deep seek
محمد علوش

تمكنت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية «DeepSeek» ديب سيك  من قلب موازين المنافسة العالمية، بعد تحقيقها تقدمًا مفاجئًا في قطاع ظل لعقود تحت هيمنة الشركات الأميركية الكبرى مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل ديب مايند».

وفي إنجاز لافت، تصدّر مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«ديب سيك» قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا على متجر «أبل» في الولايات المتحدة، متفوقًا على «تشات جي بي تي»، ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط التكنولوجية وأسواق المال.

 قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا على متجر «أبل»
قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا على متجر «أبل»

نموذج متطور بميزانية محدودة

كشفت «ديب سيك»، التي أسسها  ليانغ وينفينغ، عن نموذجها المتقدم «R1»، وهو نموذج لغوي ضخم تم تطويره بميزانية منخفضة نسبيًا، مما أثار تساؤلات حول قدرة عمالقة التكنولوجيا الأميركية، مثل «ميتا» و«أنثروبيك»، على الحفاظ على تفوقها التقني في ظل هذا التحدي الصيني الجديد.

وقد أصبح ليانغ شخصية بارزة في بلاده، حيث كان واحدًا من قادة الذكاء الاصطناعي القلائل الذين تمت دعوتهم إلى اجتماع رسمي مع ثاني أقوى مسؤول في الصين، لي تشيانغ، حيث وجّهت القيادة بضرورة «تحقيق اختراقات في التقنيات الأساسية».

التحدي الصيني للهيمنة الأميركية

في خطوة جريئة، نشرت «ديب سيك» ورقة بحثية توضح كيفية بناء نموذجها بتكلفة لا تتجاوز 6 ملايين دولار، مستخدمة شرائح «إنفيديا إتش 800» الأقل تطورًا، في وقت فرضت فيه واشنطن قيودًا صارمة على تصدير الشرائح المتقدمة إلى الصين. هذا الإنجاز اعتُبر دليلًا على قدرة الصين على الابتكار رغم العقوبات الأميركية، مما فتح باب التساؤلات حول مدى فاعلية تلك القيود في إبطاء التقدم التكنولوجي الصيني.

وحسب بيانات شركة الأبحاث «سنسور تاور»، فإن تطبيق الذكاء الاصطناعي «ديب سيك- في 3» شهد ارتفاعًا كبيرًا في شعبيته بين المستخدمين الأميركيين منذ إطلاقه في 10 يناير (كانون الثاني)، مما عزز من مكانته كمنافس حقيقي في مجال النماذج اللغوية الضخمة.

ويعود الفضل في هذا التطور السريع إلى رؤية ليانغ، الذي بدأ في شراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من «إنفيديا» عام 2021، عندما كان يدير صندوق التحوط «هاي فلاير». ورغم اعتبار البعض هذه الخطوة مغامرة غير تقليدية، إلا أنها كانت جزءًا من استراتيجية محكمة، مكّنت «ديب سيك» لاحقًا من المنافسة عالميًا.

«ديب سيك».. منافس تقني لا يسعى للربح السريع

على عكس العديد من الشركات الناشئة، لم تسعَ «ديب سيك» إلى جمع أموال من مستثمرين خارجيين أو تحقيق أرباح سريعة، بل ركّزت على البحث العلمي والتطوير الهندسي، مما جعلها «ديب مايند الصينية»، وفقًا لأحد المستثمرين في بكين.

كما وظّف ليانغ عائدات صندوق التحوط لدفع رواتب مرتفعة لأفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، ما جعل «ديب سيك» من أعلى الشركات الصينية من حيث التعويضات المقدمة لمهندسي الذكاء الاصطناعي، إلى جانب عملاق التكنولوجيا «بايت دانس»، المالكة لـ«تيك توك».

اضطراب في الأسواق العالمية

مع تزايد نفوذ «ديب سيك»، شهدت أسواق التكنولوجيا الآسيوية تراجعًا حادًا في أسهم الشركات الكبرى أول أمس الاثنين، وسط مخاوف من تأثير هذه الطفرة التكنولوجية الصينية على الاستثمارات العالمية في الذكاء الاصطناعي.

فقد تراجعت أسهم شركتي الرقائق اليابانيتين «كيسكو كورب» و«أدفانتست»، الشريكة لـ«إنفيديا»، بنسبة 2.9% و8.1% على التوالي.

هبوط حاد لشركة إنفيديا
هبوط حاد لشركة إنفيديا

وامتد التأثير إلى الولايات المتحدة، حيث أظهرت التداولات الليلية أن «إنفيديا» كانت على استعداد لافتتاح الأسبوع على انخفاض.

مخاوف من تحوّل جذري في الصناعة

شبّه المستثمر الأميركي مارك أندريسن إنجاز «ديب سيك» بـ«التحفيز العالمي الذي أعقب نجاح الاتحاد السوفياتي في إطلاق أول قمر صناعي»، معتبرًا أنه قد يُحدث تحولًا في المسار التكنولوجي العالمي.

كما أثار إعلان «ديب سيك» عن بناء نماذج ذكاء اصطناعي متطورة بميزانية محدودة، تساؤلات حول جدوى الإنفاق الضخم الذي تضخه الشركات الأميركية في تطوير أنظمتها.

وقال ميتول كوتيشا، رئيس الاقتصاد الكلي في «باركليز»:

“يبدو أن الصين لم تكن جالسة مكتوفة الأيدي، رغم العقوبات والقيود الأميركية… قدرتها على تحقيق هذه القفزات التكنولوجية فاجأت الكثيرين،

وهو ما يفسر التحول في مشاعر الأسواق اليوم.”

تحولات في أسواق آسيا

في هونغ كونغ، ارتفع مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 1.1%، مدفوعًا بارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا الصينية مثل «تينسنت» و«علي بابا»، كما ارتفعت أسهم شركة «آي فلايتيك» الصينية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي بنسبة 2.4%.

ggg

أما في طوكيو، فقد شهدت شركات مثل «طوكيو إلكترون» و«فوجيكورا» عمليات بيع مكثفة، حيث فقدت الأخيرة أكثر من 9% من قيمتها، ما جعلها أكبر خاسر في مؤشر «نيكي 225».

وقال أحد مديري الصناديق في طوكيو: “من الواضح أن «ديب سيك» تلعب دورًا في هذا الانخفاض، الأسواق تعيد تقييم فكرة أن الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي قد لا يكون ضروريًا كما كنا نظن.”

نحو مشهد تكنولوجي جديد

مع هذا التحول المفاجئ، يبدو أن الصراع التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة يدخل مرحلة جديدة، حيث بات الابتكار الصيني يشكل تهديدًا مباشرًا للهيمنة الأميركية في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبينما تستعد الأسواق لمزيد من التقلبات، تبقى «ديب سيك» محط الأنظار، ليس فقط باعتبارها شركة ناشئة، بل كرمز لتحوّل أعمق في خريطة القوى التكنولوجية العالمية.

المصدر: موقع المنار