أكد الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في كلمة له مساء اليوم الخميس أن” العدو الإسرائيلي حاول من خلال عدوانه القضاء على المقاومة، لكن الأخيرة واجهته بصمود أسطوري في معركة “أولي البأس”، التي استمرت 64 يومًا من التضحيات والآلام، معتمدين على الإيمان بالله والصبر والثبات”.
ثلاثة عوامل أساسية للنصر
وأوضح الشيخ قاسم أن” النصر في هذه المعركة كان نتيجة ثلاثة عوامل رئيسية”:
– وجود المقاومين الاستشهاديين وصمودهم في الميدان بشجاعة وتفانٍ.
– دماء الشهداء، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة سماحة السيد نصر الله، التي منحت المقاومة زخمًا ودفعًا معنويًا للاستمرار.
– إعادة بناء بنية القيادة والسيطرة في حزب الله، والتي ساعدت على إدارة المعركة بكفاءة وتوازن.
إنجازات الصمود والمقاومة
وأشار الشيخ قاسم إلى أن” الصمود الأسطوري للمجاهدين أذهل العالم، حيث أثبتوا قدرتهم على مواجهة العدو بشجاعة. وأكد أن انتصار المقاومة تجلى في إفشال العدو في تحقيق أهدافه، معتبرًا ذلك هزيمة واضحة له.
وأكد أن المقاومة مستمرة وستواصل تطورها وتألقها لتحقيق المزيد من الإنجازات.
اتفاق وقف العدوان والقرار 1701
وأوضح الشيخ قاسم أن” المقاومة وافقت على اتفاق وقف العدوان كجزء من آلية تنفيذ القرار 1701، الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ومنع وجود المسلحين جنوب نهر الليطاني. وأضاف أن” إسرائيل ارتكبت أكثر من 60 خرقًا للاتفاق، ما يستدعي متابعة حازمة من الدولة اللبنانية، كونها مسؤولة عن المتابعة بالعلاقة مع لجنة الإشراف على الاتفاق.
الدولة مسؤولة عن الخروقات الإسرائيلية والمقاومة تعطي الفرصة لانجاح الاتفاق
كما أكد سماحته أن” حزب الله يمنح الدولة اللبنانية الفرصة لإنجاح الاتفاق”، مشددًا على أن” المقاومة لا تسمح لإسرائيل بالتدخل في الشؤون الداخلية أو العلاقة بين حزب الله والجيش اللبناني”.
وافقنا على وقف اطلاق النار مرفوعو الرأس وهو اتفاق ليس قائماً بحد ذاته بل جزء من (1701)
رسائل داخلية وخارجية
وأكد الشيخ قاسم أن” حزب الله يلتزم بالدفاع عن حق اللبنانيين والفلسطينيين في تحرير أرضهم، وهو مصدر قوة للمقاومة”. كما أشار إلى أن” الحزب سيعمل على تقييم الأزمات التي مرت بها المقاومة واستخلاص الدروس لتطوير أدائها في مختلف المجالات، وحزب الله قوي بقوة مشروعه السيادي الذي يريد بناء دولة العدالة بالتعاون مع كل الأطراف”.
النازحون ثروة وطنية كانوا دائما الى جانب المقاومة
وشدد الشيخ قاسم على أهمية دعم النازحين الذين وصفهم بـ”الثروة الكبيرة”، مؤكدًا أنهم كانوا دائمًا إلى جانب المقاومة وداعمين لها في مختلف المراحل. مؤكداً التزام الحزب بتقديم الدعم اللازم للتخفيف من معاناتهم وضمان كرامتهم.
ووجه سماحته شكرًا عميقًا لكل من استضافهم وساهم في تخفيف معاناتهم سواء على المستوى الحكومي أو المدني. كما أثنى على الدول التي قدمت مساعدات سخية، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخامنئي دام ظلّه والدولة والشعب وحرس الثورة الإسلامية المباركة لأنّهم قدّموا هذا الدعم السخي في عمليه النزوح. كما شكر الجمهورية العراقية والمرجعية الدينية والعتبات المقدسة والحشد الشعبي والشعب العراقي عمومًا لمساهمته المالية، وشكر اليمن السعيد قيادةً وشعبًا بكل أطيافه، وشكر أنصار الله والعلماء والمحبين.
وأعلن أنه “خلال شهر تشرين الثاني بدأ صرف هدية مالية تتراوح بين 300 إلى 400 دولار لكل عائلة نازحة، وستستمر لتشمل كل العائلة المسجلة “.
النازحون المضحون هم الثروة الكبرى التي كانت إلى جانب المقاومة
التزام بالإيواء والإعمار
وأكد الشيخ قاسم ان”مرحلة الإيواء والإعمار تمثل وعدًا والتزامًا”، مشددًا على” ضرورة أن يعيش النازحون بعزة وكرامة بعيدًا عن أي ظروف تُثقل كاهلهم أو تجعلهم عبئًا على الآخرين”. وأوضح أن” الحزب سيقدم دعمًا ماليًا لأصحاب المنازل المدمرة كليًا، يشمل”:
- 8000 دولار كتعويض عن الأثاث.
- 6000 دولار كإيجار لمدة سنة للساكنين في بيروت والضاحية.
- 4000 دولار كإيجار لمدة سنة للساكنين خارج بيروت والضاحية.
وأكد أن معظم هذه المبالغ مقدمة من إيران، التي أشاد بدورها الكبير في دعم الإيواء.
اما بالنسبة للتفاصيل المتعلقة بالمباني المدمرة بشكل جزئي او متضررة فإن الحزب سينشر كل التفاصيل عبر موقع الكتروني وبمتابعة من لجان مختصة.
حزب الله كان جزءاً من عملية مساعدة النازحين بالتقديمات المختلفة
الدور الحكومي والمساعدات الدولية
ودعا الشيخ قاسم الحكومة اللبنانية إلى رفع الأنقاض ومعالجة البنية التحتية ووضع خطة شاملة لترميم المنازل وإعادة الإعمار. وأكد استعداده للتعاون مع الحكومة يدًا بيد، والمساهمة في سد أي نقص في العطاءات التي تقدمها الدولة.
كما وجه نداءً إلى الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة للمساهمة في إعادة الإعمار، مؤكدًا أن الدعم الدولي سيكون له أثر كبير في تسريع عملية التعافي.
سنكون إلى جانب سورية
وحول التطورات في سورية قال سماحته إن”العدوان على سوريا ترعاه أمريكا وإسرائيل، والجماعات التكفيرية في سوريا كانت أدوات لإسرائيل وأمريكا”.
وأكد أننا ” سنكون في حزب الله إلى جانب سورية لإحباط هذا العدوان”.
وأوضح:” نحن أمام مشروع توسعي إسرائيلي خطير وأدعوكم إلى دعم المقاومة في مواجهة إسرائيل”، مؤكداً ان” الجماعات التكفيرية تريد نقل سوريا من الموقع المقاوم إلى موقع يخدم العدو الإسرائيلي”.
العدوان على سورية ترعاه أمريكا وإسرائيل وأدعوا إلى منع التكفيريين من عدوانهم الذي يخدم العدو الإسرائيلي
الكلمة الكاملة لسماحة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم حول آخر التطورات وحملة إعادة الإعمار 05-12-2024:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مررنا في أخطر مرحلة منذ نشأة حزب الله قبل 42 عامًا عام 1982، وتعرّضنا لعدوانٍ وحشيّ وإجرامي طال المقاومين والمحاسبين والبيئة وطال كلّ لبنان، أراد العدو من خلال عدوانه الغاشم أن يسحق المقاومة وأن يُلغي حضورها ووجودها فواجهته المقاومة بمعركةِ أولي البأس التي كان لها الدور الكبير والأساس في الوصول إلى هذه النتيجة التي وصلنا إليها. عشنا أيامًا وأسابيع لمدة 64 يومًا بالتضحيات والآلام والشهداء والجرحى والنزوح بصبرٍ وثباتٍ وتوكّلٍ على الله تعالى، هو اختبارٌ لأصحاب العزم والمخلصين. قال تعالى في كتابه العزيز: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ”، الحمد لله الذي وفّقنا وحقّق وعده بنصرِ المؤمنين بعد هذه الزلزلة وهذه الصعوبات وهذه التعقيدات بسبب الصبر والتوكّل والثّبات بحمدِ الله تعالى.
ثلاثةُ عوامل أساسيّة لها علاقة بنصر الله تعالى لنا في هذه المعركة:
العامل الأول، وجود المقاومين المجاهدين الاستشهاديين في الميدان وصمودهم الأسطوري الذي أذهل العالم، فهم كانوا على الحافة الأماميّة بشجاعة وبسالة وتضحية، واستطاعوا أن يوقفوا المدّ الإسرائيلي، كما كانت الصواريخ والطائرات المسيّرة تصل إلى أهدافها إلى تل أبيب وحيفا وكل هذه المناطق في الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة. وجود المقاومين وصبرهم وجهادهم كان عاملًا أساسيًا من عوامل النصر والتوفيق.
العامل الثاني، دماء الشهداء وعطاءاتهم وعطاءات الجرحى، دماء الشهداء وعلى رأسهم سيّد شهداء الأمّة سماحة السيّد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، هذه الدماء التي أعطت زخمًا وحافزًا للمجاهدين من أجل الاستمرار وصبّرت الناس لتوقّع أن يكون هناك انتقام ومواجهة لهذا العدو الإسرائيلي.
العامل الثالث، استعادة بنية القيادة والسيطرة، فعاد الحزب مُتماسكًا قيادةً ومقاومة وهذا ما ساعد على إدارة معركة البأس بشكلٍ مُتناسب في إدارة النيران وإدارة الميدان والعمل المباشر الذي ساعد على تحقيق هذا الإنجاز.
إذًا، نحن أمام ثلاثة عوامل أثّرت في عمليّة النُصرة لله تعالى للمؤمنين، وجود المقاومين ودماءُ الشهداء واستعادة البنية. هنا يذكّرني قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، إن تنصروا الله، كيف ننصر الله حتى ينصرنا؟ أي لا بدّ أن نُعدّ العدّة، لابدّ أن نعمل وفق القوانين الطبيعيّة في عمليّة المواجهة، لا بدّ أن نُنظّم صفوفنا، لا بدّ أن نتحمّل عطاءات الدم والتضحيات وأن نصبر ونتوكّل، هذا كلّه في إطار نصرة الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ”، الحمد لله وفّرنا من جهتنا النُصرة لله تعالى فأعطانا الله تعالى النتيجة، “يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، ولذا نحن انتصرنا في هذه المعركة بعد أن نصرنا الله جلّ وعلا بالقيام بما علينا، بأداء واجباتنا، بتماسك عددنا وعدّتنا، بالتعاون مع المخلصين الشرفاء، بالتفاف الأمّة من حولنا، هذا كلّه ساعد في هذه النتيجة.
انتصرنا لأنّ مقاومتنا باقية ومستمرّة وستتألّق أكثر، انتصرنا لأنّ أهلنا احتسبوا تضحياتهم عند الله تعالى ويفاخرون بولائهم، انتصرنا لأنّ العدو الإسرائيلي لم يُحقّق أهدافه وهذه هزيمةٌ له، انتصرنا لأنّ الوحدة الوطنيّة تجلّت والفتنة خُنقت في مهدها، هذا توفيقٌ من الله تعالى.
نحن وافقنا على اتفاق إيقاف العدوان ووقف إطلاق النار ورجال الله في الميدان مرفوعو الرأس من موقع القوّة ومن موقع العزّة، هذا الاتفاق هو اتفاق إيقاف العدوان وآليّة تنفيذيّة للقرار 1701 ليس شيئًا جديدًا، الاتّفاق آليّة تنفيذيّة للقرار 1701 هو تحته وليس فوقه، هو جزءٌ منه وليس قائمًا بذاته، ولا هو اتّفاق جديد. ماذا يدعو هذا الاتفاق؟ يدعو إلى انسحاب إسرائيل من كامل الأرض اللبنانيّة وإيقاف عدوانها، بالمقابل يُمنع تواجد المسلّحين وسلاح المقاومة في جنوب نهر الليطاني حيث ينتشر الجيش اللبناني الوطني كقوّة مسلّحة وحيداً، إذًا هو اتّفاق لجنوب نهر الليطاني، أمّا القرارات ذات الصلة وآليّاتها المختلفة والواردة في داخل القرار 1701 والتي لم يتعرّض لها الاتّفاق في آليّاته التنفيذيّة، لأنّ الآليّات التنفيذيّة مُقتصرة على جنوب نهر الليطاني وليس شيئًا آخر، وإن أشارت إلى غير ذلك فهي إشارة للعودة إلى القرارات ذات الصلة وإلى المضمون التفصيلي الآخر 1701. أمّا القرارات ذات الصلة فهي لها آليّاتها ومنها استعادة لبنان لحدوده الكاملة ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا خلال فترةٍ زمنيّة مُحدّدة، وأمّا ما له علاقة بالداخل اللبناني وبالعلاقة بين المقاومة والدولة والعلاقة بين المقاومة والجيش فهذا له علاقة بآليّات يُتّفق عليها في الداخل اللبناني ولا علاقة لإسرائيل بها ولا علاقة لأيّ لجنة أن تنظر إليها أو أن تتعاطى فيها لأنّها من المسائل الداخلية.
نحن رأينا خروقات إسرائيليّة كثيرة، حوالي 60 خرقًا وزيادة، نعتبر أنّ الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن المتابعة بالعلاقة مع لجنة الإشراف على الاتفاق، والمقاومة تُعطي الفرصة لإنجاح الاتفاق. نسأل الله تعالى أن تنعقد هذه اللجنة المعنية من أجل الوصول إلى النتيجة المطلوبة.
ذكرت لكم الآية الكريمة، “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، تحدّثنا عن النصر، ولكن ما هو تثبيت الأقدام؟ لقد أصيبت المقاومة بجراحات بليغة، ولكن يتم التعافي منها إن شاء الله بشكل تدريجي ومع المستقبل. وحزب الله قوي ببُنيته وتمثيله النيابي وشعبيته ومؤسساته، وهو مُكوّن رئيسي في البلد مع المكونات الأخرى، وسيبقى كذلك. حزب الله قوي بقوة مشروعه السيادي الذي يُريد بناء دولة العدالة بالتعاون مع كل الأطراف. حزب الله قوي لأنّه مع الحقّ، حقّ الفلسطينيين في تحرير أرضهم، وحق اللبنانيين في تحرير أرضهم، ورفض التوطين، ورفض استخدام لبنان منصة للآخرين. نحن الآن كحزب الله نُتابع في كل المجالات السياسية والاجتماعية والمقاومة والثقافية والصحية، سنُقيّم ما مررنا به من أزمات ومن حرب، ونستفيد من الدروس والعبر للتطوير والتحسين في كلّ المجالات إن شاء الله تعالى. هذه النقطة الأولى.
بقيت لنا نقطتان: النقطة الثانية لها علاقة بالنزوح وإعادة الإعمار، والنقطة الثالثة لها علاقة بسوريا وتطورات المنطقة.
أما النقطة الثانية، لقد مرّت مرحلة النزوح وما زال لها آثار حتى الآن، وكانت صعبة ومُتشعّبة وتعقيداتها كثيرة، هي أزمة غير مسبوقة، أكثر من 250 ألف عائلة وأكثر من مليون و100 ألف نازح تركوا بيوتهم في الجنوب والبقاع والضاحية وأماكن أخرى، هذه العوائل اتّخذت من مراكز النزوح مكانًا لسكناها، كان عدد العوائل في مراكز النزوح يُساوي حوالي 20%، والباقي 80% من النازحين كانوا في بيوت، سواءّ كانت البيوت مستأجرة أو مُعارة أو مع أصحاب البيت. هؤلاء النازحون هم مُضحّون، معطاؤون، هم في الحقيقة الثروة الكبيرة التي كانت إلى جانب المقاومة، تدعمها بصمودهم، بثباتهم، بتضحياتهم، أبناؤهم في الميدان، وبيوتهم تحت القصف والتدمير، وأطفالهم ونساؤهم في وضعٍ صعب جدًا، هؤلاء هم أشرف الناس، هم أطهر الناس، شكرًا لكم على تضحياتكم وعلى عطاءاتكم، وشكرًا لمُضيفيكم الذين قدّموا وكانوا نموذجًا للمواطنية الصحيحة. شكرًا للجهات المختلفة التي دعمت سواءً كانت على مستوى حكومي أو على مستوى مدني أو المؤسسات المختلفة. شكرًا للدول التي ساعدت وقدّمت من الأشقاء ومن الدول الأخرى.
لقد ساهم حزب الله بالإدارة والتقديمات العينية والصحية والمالية من خلال لجان مُتطوعة رغم الظروف الصعبة التي كُنّا نمر بها، يعني كُنّا جزءًا من عملية مساعدة النازحين بالتقديمات المختلفة على صعيد الغذاء والدواء وعلى صعيد رعاية المراكز، بعض مراكز الإيواء، وكذلك في المنازل والأماكن المختلفة. خلال شهر تشرين الثاني 2024 قرّر حزب الله صرف هدية ماليه، هي هدية الشعب الإيراني وحزب الله، هذه الهدية تتراوح بين 300 دولار و400 دولار لكل عائلة، من أصل 233,500 عائلة، أي هؤلاء الذين سجّلوا على المنصة وهؤلاء يستحقون أخذ هذا المبلغ بين 300 دولار و400 دولار على تفصيل له علاقة بالإيجار، له علاقة بالمازوت، وله علاقة بالغذاء. حتى مساء يوم الجمعة الماضي كان هناك 74% من الذين تقاضوا هذا المبلغ والقيمة الإجمالية التي دُفعت 57 مليون دولار شملت 172 ألف عائلة، بقي 26% بقيمة 20 مليون دولار أي 61,500 عائله، المجموع العام 77 مليون دولار لـ 233,500 عائلة هو ما دُفع قُسم منه وسيُدفع الباقي إن شاء الله.
نشكر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخامنئي دام ظلّه والدولة والشعب وحرس الثورة الإسلامية المباركة لأنّهم قدّموا هذا الدعم السخي في عمليه النزوح. كما نشكر الجمهورية العراقية والمرجعية الدينية والعتبات المقدسة والحشد الشعبي والشعب العراقي عمومًا لمساهمته المالية. ونشكر اليمن السعيد قيادةً وشعبًا بكل أطيافه، ونشكر أنصار الله والعلماء والمحبين.
أما الآن سأتحدث عن مرحلة الإيواء والإعمار وهي السبب في عقد هذا اللقاء. مرحلة الإيواء والإعمار هي وعد والتزام، وعد من سماحة سيد شهداء الأمه خلال فترة مساندة غزة وخلال الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على لبنان، والتزام منّا نحن حتى نُطبّق هذا الوعد ونلتزم به على المستوى العملي، فارتأينا أن يكون شعار هذا هذه الحملة هو “وعد والتزام”، كتطبيق للوعد الذي أُعطي، نحن لا نرضى لأهلنا أن يكونوا مستمرين في نزوحهم في أماكن عامة أو في بعض البيوت التي ضاقت بأهلها، نحن نريد لهم أن يكونوا أعزاء وأن يسكنوا في أماكن لائقة، خاصة أولئك الذين وجدوا بيوتهم مُدمرّة كليًا أو جزئيًا، كيف يمكن أن ينتقلوا ليسكنوا في البيوت، أي نحن لا نريد أن نرى أحدًا لا في مدرسة ولا في مركز إيواء ولا في أي مكان يكون عِبئًا فيه على الآخرين، إذًا الحل هو أن يستأجر مُؤقّتًا لمدة سنة مثلًا وربما أكثر، هذا الاستئجار إلى أن يُرمّم بيته أو إلى أن يُعمّر هذا البيت الموجود. اتخذنا القرارات الآتية:
أولًا، المنازل المُهدّمة كليًا والمشغولة كسكن أساسي، أي الشخص ليس لديه غير هذا المنزل، وهذا المنزل يسكن فيه، يمكن شخص آخر عنده منزلين، يسكن في واحد من هذين المنزلين، المنزل الذي يسكن فيه هُدّم والذي لا يسكن فيه لم يُهدّم، هذا لا يشمله، يشمل من يكون له منزل يسكنه وقد تهدّم كليًا، هذا الشخص نُعطيه 8000 دولار كأثاث للمنزل، وإذا كان يسكن في بيروت أو الضاحية نُعطيه 6000 دولار كإيجار لمدة سنة، أي معدل 500 دولار في الشهر لمدة سنة. وأما إذا كان يسكن خارج بيروت والضاحية فالإيجار لمدة سنة 4000 دولار. بمعنى آخر، كل من هُدّم منزله بشكل كامل ولا يستطيع أن يعود إليه، إذا كان في بيروت أو الضاحية يُدفع له 14,000 دولار لمدة سنة بين إيجار وأثاث، وإذا كان خارج بيروت يُدفع له 12,000 دولار كإيجار وأثاث في آن معًا. توجد تفاصيل أخرى لها علاقة بالهدم الجزئي ولها علاقه بمن خسر العفش مثلًا ولكن البيت ما زال صالحًا للسكن، هذه كلها ضمن عناوين تفصيلية جزئية ستكون موجودة على موقع الكتروني وأيضًا ستكون موجودة عند اللجان المتخصصة التي ستنتشر في المناطق المختلفة وسيُعلن عنها بالأساليب المناسبة على المستوى الإعلامي، هذه اللجان المتخصصة تعمل لمسح الأضرار والتدقيق. وأحب أن أذكر بشكر خاص جدًا للجمهورية الإسلامية الإيرانية لأنّ هذا المبلغ بأغلبيته سيكون تقدمة نقدية من الجمهورية الإسلامية لمصلحة الإيواء. هنا توجد آليه لصيانة الأقسام المشتركة، وتوجد آلية أيضًا لكيفية التعاطي مع المنازل المتضررة جزئيًا، سأترك التفاصيل للجان المختصة يُعرّفونكم عنها.
بطبيعة الحال، الحكومة لديها أيضًا برنامج عمل، هي معنية أن ترفع الأنقاض وتُعالج مسألة البنى التحتية وأيضًا أن تضع برنامج لكلفة ترميم المنازل وإعادة الإعمار. بمعنى آخر، نحن سنكون يدًا بيد مع الحكومة اللبنانية، أي سنساعد في ترميم العطاءات وفي الإعطاء المناسب إذا افترضنا أنّ ما تُقدّمه الحكومة كان فيه بعض النواقص في بعض المجالات، لكن بالأساس سيكون الترميم وإعادة الإعمار من متابعات الحكومة ونحن إلى جانبها.
ندعو الدول من الأشقاء العرب والدول الصديقة للمساهمة في الإعمار، وهنا نقول على الدولة اللبنانية أن تُبرز مساهماتهم الكريمة ونحن نشكرهم سلفًا. كما ندعو إلى أوسع مشاركة مجتمعية واغترابية وعربية وإسلامية وعالمية على المستوى الشعبي من أجل هذه المشاركة وهذا شرف لكل من ساهم في إعادة الإعمار في بلدة أو قرية أو حي أو شارع أو مبنى. إعادة الإعمار هو تثبيت لدعائم الانتصار وهو مكرمة للمساهمين في سجل مواجهه العدوان الإسرائيلي الأمريكي وهو تأكيد لاستقلال لبنان وعنفوان أبنائه.
النقطة الثالثة والأخيرة، العدوان على سوريا ترعاه أمريكا وإسرائيل، لطالما كانت المجموعات التكفيرية أدوات لهما منذ سنة 2011 عندما بدأت المشكلة في سوريا، هؤلاء بعد العجز في غزة وانسداد الأفق وبعد الاتفاق على إنهاء العدوان على لبنان وبعد فشل محاولات تحييد سوريا يُحاولون تحقيق مُكتسب من خلال تخريب سوريا مُجدّدًا ومن خلال هذه المجموعات الإرهابية التي تريد أن تُسقط النظام في سوريا وتُريد أن تُحدث الفوضى في سوريا وأن تنقل سوريا من الموقع المقاوم إلى الموقع الآخر المعادي والذي يخدم العدو الإسرائيلي، لكن إن شاء الله لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم رغم ما فعلوه في الأيام الماضية، سنكون كحزب الله إلى جانب سوريا في إحباط أهداف هذا العدوان بما نتمكّن منه إن شاء الله تعالى.
أنا أسأل هنا، أما آن للعرب والمسلمين أن يتحرّكوا لما يجري في غزة من إبادة بعد 150 ألف شهيد وجريح من الرجال والنساء والأطفال، وبعد هذا التدمير وبعد هذه الإبادة؟ والآن أيضًا يتفرّجون على ما يجري في سوريا، اعلموا أنّ كل ربح لإسرائيل هو خسارة لكم أيضًا وليس خسارة لفلسطين وسوريا ولبنان وغيرهم، وسينعكس هذا على بلدانكم ومستقبل أبنائكم، لأنّنا أمام مشروع إسرائيلي توسّعي شرق أوسطي خطير جدًا، أدعوكم إلى أن تدعموا المقاومة في غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي والإبادة الإسرائيلية، أدعوكم إلى منع التكفيريين من عدوانهم الذي يخدم العدو الإسرائيلي، تأكدوا أنّكم بذلك تربحوا ولو كنتم متأخرين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: موقع المنار