بالرغم من كل التطمينات التي حاول حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بثها في الفترة الماضية خلال لقاءات مختلفة له حول أن إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» «مبالغ فيه»، وأن «الوضع ليس بهذه الخطورة» إلا أن لبنان لم ينجح في الاستحقاق هذه المرة, لأسباب تتعلق بعدم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل كافٍ .لكن هذا لا يعني أن الإجراءات المالية والنقدية التي حاول منصوري العمل عليها بجدية لم تكن إيجابية بل ساهمت في إبعاد التأثير على التحويلات من والى لبنان عبر المصارف او عبر شركات تحويل الأموال .
يختصر الخبير في الشؤون الاقتصادية والمالية الدكتور عماد عكوش خلال حديث له لموقع المنار الالكتروني هذه الإصلاحات بالنقاط التالية :
– تعزيز إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب .
– تحسين الشفافية في النظام المالي والمصرفي .
– ضرورة مكافحة الفساد وتحسين استقلالية القضاء .
قبل وضع لبنان على اللائحة الرمادية كان قد مُنح مُهلاً للقيام بالمطلوب ولكنه لم يستفد منها إلا من ناحية تأخير الإعلان لا غير. فالتسويف والمماطلة واختلاف وجهات النظر وقد تكون عدم الجدية في التعاطي مع هذه الإصلاحات من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية حال أمام تنفيذ ما هو مطلوب.
وقد تكون الحرب قد ساهمت في إعطاء البلاد بعض المرونة فيما يتعلق بالمواعيد النهائية المحددة في خطة عملها وذلك بحسب “اليسا دي أندا مادر ازو” ، رئيسة مجموعة العمل المالي التي قالت بحسب رويترز إن لبنان حصل على بعض المرونة وإن الحرب دفعت مجموعة العمل المالي إلى منح لبنان حتى عام 2026 بدلا من 2025 لمعالجة القضايا التي أدت إلى إدراجه على القائمة الرمادية.
وكانت قد قالت مجموعة العمل المالي العالمية المعنية بمراقبة الجرائم المالية، إنها وضعت لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة لتدقيق خاص.
وتعد هذه المجموعة (FATF)، منظمة مكونة من 40 عضوًا ومقرها في باريس، تتولى هيئتها المراقبة المالية العالمية. ولبنان عضو في فريق العمل المعني بالإجراءات المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقد خضع لتقييم أولي في 10 نوفمبر / تشرين الثاني عام 2009 وبعدها كان هناك زيارات ميدانية من قبل مؤسسات مالية بالإضافة الى التقييمات المتبادلة التي على أساسها يتم تقييم الوضع العام وإعطاء صورة عن الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد.
فهل سيستفيد لبنان من المُهل الجديدة ؟
لا بد من الإشاة الى أن توقيت اعلان وضع لبنان على اللائحة كان وفق موعد حُدد سابقاً قبل الاحداث الأخيرة ويشير الدكتور عكوش أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه ، ولم يتخذ لبنان التدابير والإصلاحات اللازمة، فمن الممكن أن يصل إلى اللائحة السوداء . هذه الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة على النظام المالي والمصرفي اللبناني ومن ابرز هذه التداعيات:
- عزلة مالية دولية : حيث سيُمنع من التعامل مع معظم البنوك والمؤسسات المالية الدولية.
- صعوبة الحصول على التمويل : فبسحب د.عكوش “أن البنوك الأجنبية والمؤسسات المالية ستتردد في التعامل مع لبنان .
- تأثير سلبي على التجارة الدولية: مما سيؤثر على القدرة على استيراد السلع والخدمات وسيزيد من كلفتها .
- انخفاض الثقة في القطاع المصرفي : مما قد يتسبب في المزيد من هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية .
- انهيار إضافي للعملة الوطنية فالعزلة المالية قد تؤدي إلى انهيار إضافي لليرة اللبنانية ، مما يزيد من التضخم ويفاقم الأزمة الاقتصادية .
اذاً فرصة جديدة أو تحذير اذا صح التعبير للبنان للعمل بشكل جدي على الصعيد التشريعي والتنفيذي والنهوض بنظام اصلاحي شامل معياره الاساسي الشفافية على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية. ولقد أدرج كل من الجزائر وأنغولا وساحل العاج الى اللائحة أيضاً في المقابل شطبت السنغال من اللائحة بسبب الاصلاحات التي أحرزتها .
المصدر: قناة المنار