أعلنت “فيتش” في تقرير لها، أمس، خفض التصنيف الائتماني للسعودية (أي مدى قدرة المملكة على سداد الديون أو قابلية الاستثمار فيها) من “AA” إلى “AA-“، ما يعني توقعات بزيادة المخاطر حيال تخلف الرياض عن سداد ديونها. وعلى الرغم من أنّ هذا المستوى من التصنيف لا يؤشر إلى عجز عن تسديد الالتزامات المالية، إلا أنّ من شأنه أن يرفع تكلفة الاقتراض للسعودية، وأن ينعكس سلباً على ثقة المستثمرين في الدولة.
وينجم خفض المؤسسات الائتمانية لتصنيف الدول عن حدوث تطورات سلبية في اقتصاد البلاد، علماً بأنّ هذا الأمر لا يقدّم حلولاً، بل من شأنه إضافة عامل سلبي، لأن خفض التصنيف يساهم في عرقلة خطوات قد تتجه نحو تخطّي المصاعب، ويزيد الفوائد على القروض التي تحتاج إليها الدولة لتغطية الاحتياجات المالية.
ويأتي قرار “فيتش” بعد نحو شهرين من إعلان مؤسسة “ستاندارد أند بورز” تخفيض التصنيف الائتماني للسعودية بدرجتين، إلى -A، فيما يشير التقرير الصادر أمس إلى أن خفض التصنيف الائتماني للسعودية جاء كنتيجة لعوامل عدة؛ فقد توقعت “فيتش” أن تتراوح أسعار النفط في عامي 2016 و2017 بين 35 دولاراً و45 دولاراً، ما سيؤثر سلباً في موازين البلاد المالية والخارجية.
ويلفت كذلك إلى ارتفاع عجز الحكومة المركزية في عام 2015 إلى 14.8% من إجمالي الناتج المحلي، بعدما كان 2.3% عام 2014. وتتوقع “فيتش” أن تنخفض نسبة العجز من إجمالي الناتج المحلي بشكل هامشي فقط في عام 2016، بفعل ارتفاع طفيف في أسعار النفط.
وترى “فيتش” أن السلطات السعودية ستكون حذرة في المرحلة المقبلة إزاء تنفيذ سلسلة “إصلاحات” مالية، خشية وقوع أي “آثار اجتماعية سلبية” نتيجة زيادة الضرائب وخفض الدعم الحكومي، وهو الأمر الذي قد يضع النظام أمام خطر زعزعة موقعه في الحكم. ويضيف التقرير أنه حتى إذا طُبّقت الإصلاحات بشكل تام، لن يمنع ذلك من انخفاض المخزون المالي والخارجي بشكل حاد خلال عامي 2016 و2017.
وتشرح “فيتش” أن “نسبة كبيرة من احتياجات الحكومة المالية ستموّل عبر بيع أصول مالية أجنبية، في حين أن هذه الحكومة قد بدأت أيضاً بزيادة الدين محلياً”. وتفاوض السعودية الآن من أجل الحصول على قرض مشترك (من قبل مجموعة من المقرضين) بقيمة 10 مليارات دولار، كذلك تخطط لإصدار أول سند خارجي (يورو بوند). وتتوقع “فيتش” أن ترفع هذه الإجراءات من نسبة معدل الدين إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 9.8% في عام 2017 مقابل تسجيل 1.5% عام 2014، بحسب أرقام سابقة.
ويشير التقرير إلى أنه في حين يبقى القطاع المصرفي السعودي قوياً نسبياً، إلّا أن “الجو الاقتصادي الأكثر ضعفاً” قد بدأ يؤثر في ربحية القطاع بفعل انخفاض العائدات على الأسهم خلال الربع الأخير من السنة المالية لعام 2015 (أدنى مستوى منذ عام 2013).
وعرض تقرير “فيتش” العوامل الأساسية التي قد تؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني مرة أخرى، من بينها: استمرار تآكل المخزون المالي والخارجي؛ تباطؤ تقليص العجز المالي نتيجة الإخفاق في تطبيق “الإصلاحات المالية”، أو إثر سقوط جديد في أسعار النفط؛ امتداد الصراعات الإقليمية إلى السعودية أو حدوث أزمة سياسية داخلية تؤثر في النشاط الاقتصادي في البلاد.
المصدر: جريدة الاخبار