تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 24-7-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
عودة زخم المفاوضات: الصفقة تنتظر «كلمة بيبي»
آمال إسرائيلية باقتراب الصفقة | «مانيفستو» نتنياهو اليوم: انكفاء أم مناورة؟
تتكاثر الإشارات الواردة من تل أبيب، والمرجِّحة لقرب التوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، سيُنفَّذ على مراحل، وفي ظلّ هدنة من عدة أسابيع ستسري في المرحلة الأولى منه، على أن تمهّد الطريق أمام وقف دائم لإطلاق النار ينهي الحرب في قطاع غزة، كما في جبهات الإسناد الإقليمية.وإذا كانت الإشارات المماثلة التي برزت في خلال الأشهر الأخيرة من عمر الحرب، لم تأتِ بنتيجة عملية لناحية التوصّل إلى صفقة، فهي باتت الآن أكثر دلالة، ومشبعة بالتوقعات الإيجابية، ولا سيما أنها تصدر عن كبار المسؤولين في المؤسستَين الأمنية والعسكرية في الكيان، والذين كشفوا، عبر التسريبات، عن قبولهم ومطالبتهم بصفقة التبادل، فيما يتسابق الوزراء في الحكومة، من المقرّبين وغير المقرّبين من رئيسها، بنيامين نتنياهو، للكشف عن «الظروف التي باتت ملائمة» لعقد اتفاق، وسط ترجيحات، في الاتجاه نفسه، في الإعلام الإسرائيلي. وآخر هؤلاء المتحدثين وأهمّهم، هو نتنياهو نفسه، الذي حمل، على مدى أشهر، لواء الرفض، معرقلاً أيّ مسعى أو «حلول خلّاقة» للتوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، علماً أن من بينها اقتراحات شارك هو نفسه في بلورتها. ووفقاً لبيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة، أمس، فإن الأخير قال لعائلات الأسرى في غزة، إن «الاتفاق الذي من شأنه أن يضمن إطلاق سراح أحبائها، ربّما يقترب». وأشار في حديث إلى عدد منهم، ممَّن رافقوه في زيارته واشنطنَ، إلى أنه «لا شكّ في أن الظروف تنضج. وهذه علامة جيّدة».
ويبدو أن توقيت الإعلان عن الاتفاق، بعد تبلوره، يرتبط بجولة المفاوضات المرتقبة في الدوحة التي يصل إليها رئيس «الموساد»، دافيد برنياع، مساء اليوم، فيما ستظل نتائج أيّ حراك معلقة إلى ما بعد خطاب نتنياهو أمام الكونغرس اليوم، ولقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، والذي تأجّل إلى الخميس، فيما أعلن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، أنه سيلتقي نتنياهو ، اليوم، في منتجعه في بالم بيتش (فلوريدا). ودفع التفاؤل باحتمال الوصول إلى صفقة، عدداً من المعلّقين الإسرائيليين إلى التساؤل عن إمكان أن تُعلَن، كاملةً أو بخطوطها العامّة، خلال خطاب «بيبي»، إلّا أن تقديراً كهذا مشبع بالأمنيات، على رغم وجود ما يسنده على الأرض بالفعل. كما أن السؤال يبقى مطروحاً حول ما إنْ كان نتنياهو يشيع هو وحاشيته والوزراء المقرّبون منه، أجواء تفاؤلية لزوم زيارته واشنطنَ وخدمة لأهدافها، أم أن ما يحدث يعبّر عن واقع ومسار مختلفَين عن أيّ مرّة سابقة جرى فيها الحديث عن قرب الاتفاق؟
قال نتنياهو لعائلات الأسرى إن «الاتفاق الذي من شأنه أن يضمن إطلاق سراح أحبائها، ربّما يقترب»
الواقع أن كلا التقديرَين ممكن، وإنْ كانت المؤشرات الدالة على قرب الاتفاق أكثر جدّية من ذي قبل، إذ إنها لا تستند فحسب إلى «مزاج» نتنياهو وأمنياته وقدرته على العرقلة والدفع إلى التأزّم الإضافي وإطالة أمد الحرب، بل إلى جملة معطيات لم يَعُد في الإمكان التغاضي عنها في تل أبيب، وتحديداً لدى الجيش الإسرائيلي، الذي يرى أنه أنهى المهمّة الموكلة إليه ميدانيّاً، ولم يَعُد لديه ما يقوم به عبر الخيارات العسكرية الكبرى التي ستعني مواصلتها تآكل إنجازات الحرب، فضلاً عن أنها سترهق الجيش الذي يواجه تحدّيات يصعب عليه التعامل معها.
وإذا قرّر نتنياهو فعلاً أن يركن إلى الاتفاق، فلن يكون ذلك قراراً ضمن خيارات جرى انتخاب الصفقة من بينها، بل نتيجة الأضرار التي لحقت بإسرائيل، وفقدان الأخيرة الخيارات العملية، وقرار جيشها ممارسة الضغوط هذه المرة لإنهاء الحرب والدفع في اتجاه التسوية، وهو ما جرى التعبير عنه بصورة واضحة جداً، عبر ما قيل إنه «إجماع عارم» لدى المؤسسة العسكرية كما الأجهزة الأمنية على: «الصفقة الآن، وبلا إبطاء».
ويبدو أن التطوّرات الأخيرة في الإقليم وجبهات المساندة، من لبنان إلى اليمن مروراً بالعراق وسوريا، والاحتمالات المعقولة جداً لانتقال المواجهات المحدودة في هذه الجبهات إلى مواجهات شاملة، تدفع بفعالية مضاعفة إلى إيجاد مخارج للحرب في غزة.
وهي من عوامل الضغط التي تتكامل مع عوامل الضغط الميداني في القطاع نفسه، لتوصل إلى إجبار إسرائيل، بشكل أو بآخر، على إنهاء القتال.
وعلى رغم أن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس سيتمحور حول «المسكنة»، وتظهير إسرائيل بوصفها الضحية، إلا أن هذه الجوانب إنما هي جزء لا يتجزّأ من جهد العلاقات العامة التي تطغى على زيارة رئيس الحكومة لواشنطن.
وعليه، فهي لا تشير، بأي حال، إلى الوجهة التي ستتّخذها إسرائيل حيال الصفقة وبنودها، ليس في ما يتعلّق بالمرحلة الأولى منها، والتي يُعدّ احتمال التوصّل إلى اتفاق حولها كبيراً جداً، فحسب، بل وأيضاً وتحديداً تجاه المرحلة اللاحقة، والتي اتُّفق على خطوطها العامة ومساراتها، وإنْ كانت صيغة الاتفاقات غير المكتوبة إلى الآن بشأنها، حمّالةَ أوجه، ولا يمكن الركون إليها في تقدير ما إن كانت تلك المرحلة (الثانية) ستتبلور بالفعل، أو ستُنفّذ في حال تبلورها.
قائد «اليونيفل» زار فلسطين المحتلّة: لا قرار بالحرب على لبنان
قبل عشرة أيام، زار قائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال الإسباني أرولدو لازارو ونائب رئيس البعثة الدولية هيرفي لوكوك فلسطين المحتلّة، للقاء جنرالات العدوّ وبعض السفراء الأجانب، في زيارة «استطلاعية»، بعد زيارتهما الأخيرة نهاية الشتاء الماضي.
تأتي الزيارة قبل نحو شهر على موعد التجديد لقوات اليونيفل خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد جوّ من شبه التوتّر بين القوّات الدولية وقوات الاحتلال، على خلفية الاعتراضات الدائمة من قبل العدوّ على أداء القوّات، خصوصاً منذ اندلاع الحرب.
في الزيارة ما قبل الأخيرة، عاد لازارو إلى بيروت بانطباعات «عدوانية» حول نوايا جيش الاحتلال تجاه لبنان بعد أن تعمّد المسؤولون الإسرائيليون توجيه التهديدات للضغط على قائد القوات، ليضغط بدوره على الحكومة اللبنانية، وللتهويل على القوّات الدوليّة للقيام بخطوات تصعيدية ضد المقاومة في الجنوب. لكن ذلك كان يترافق أيضاً مع التأكيدات على تفضيل «الحلّ الدبلوماسي» مع لبنان على خيار الحرب المفتوحة.
أما الانطباع الأوّلي الذي عاد به القائد الإسباني في زيارة نهاية الأسبوع الماضي، بحسب مصادر اطّلعت على أجواء الزيارة، فقد «كان أكثر إيجابية» من حيث تقليص قادة العدو من خطاب التهديد والوعيد تجاه لبنان.
وبحسب المعلومات، فإن قادة العدو كرّروا أنهم يرغبون بالحل الدبلوماسي مع لبنان «لإعادة» المستوطنين الذين أجبرتهم ضربات المقاومة على ترك المستوطنات الشمالية وتطبيق القرار 1701، ورفض العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر من حيث وجود قوات المقاومة في جنوب الليطاني ورفض وقف الطلعات الجويّة، مع التأكيد أن كيان العدوّ «جاهز لشنّ حربٍ على لبنان لإبعاد حزب الله عن منطقة جنوب الليطاني في حال لم تصل الحلول الدبلوماسية إلى نتيجة».
ورغم تكرار المواقف التقليدية القديمة، إلا أن خطاب قادة العدوّ بدا أكثر عقلانية من حيث التأكيد على أنه «لا يوجد أي قرار بالحرب على لبنان بعيداً عن كل التهويل العلني»، والتأكيد على «ضرورة التوصّل إلى حلّ بالطرق الدبلوماسية»، من دون رفع سقف التهديدات.
وبحسب المصادر فإن أسباب هذا «الهدوء النسبي» هو «التعب الذي يعانيه جيش الاحتلال بعد أشهر الحرب على جبهتَيْ لبنان وغزّة، إضافة إلى الضغوط الأميركية».
لكنّ مصادر رسمية في القوات الدولية رفضت التعليق على المداولات الرسمية للزيارة، وأكّدت من جانبها أن «ما يقوم به قائد القوات الدولية ليس تفاوضاً إنّما نقاش مع الأطراف للسؤال حول ما يمكن أن تقوم به اليونيفل لوقف الأعمال العدائية بين الجانبين»، وأن «مهمة التفاوض الرسمي يقوم بها الجانب الأميركي».
وحول التمديد للقوات الدولية، قالت المصادر الغربية إن «القادة الإسرائيليين لم يظهروا اعتراضاً على تمديد مهمة اليونيفل من دون محاولة إدخال تعديلات على نص القرار، خصوصاً أن هناك صعوبة في إدخال تعديلات فضلاً عن أن هناك غياب تقدير موقف واضح عمّا سيحصل في الأشهر المقبلة طالما بقيت المعركة في غزّة مفتوحة».
«تهدئة نسبية» بسبب تعب جيش الاحتلال بعد أشهر الحرب على جبهتَيْ لبنان وغزّة والضغوط الأميركية
وفيما من المفترض هذا الأسبوع أن يتمّ تبديل الجنرال الفرنسي رئيس أركان اليونيفل بجنرال فرنسي آخر، وكذلك تبديل الأدميرال الألماني قائد القوات البحرية في اليونيفل بأدميرال ألماني آخر، بدأ الحديث عن تعيين بديلٍ للقائد الإسباني الحالي الذي تنتهي ولايته في كانون الثاني المقبل. وكالعادة بعد ولاية القائد الإسباني، يسعى الطليان إلى استعادة قيادة القوّات الدولية عبر العمل منذ الآن على تسويق مرشّحهم، الذي من المرجّح أن يكون قائداً سابقاً للقطاع الغربي.
وتقول المصادر إن إيطاليا تسعى من خلال قيادتها لليونيفل في هذه المرحلة إلى تطوير نفوذها في لبنان والتنافس مع الفرنسيين، و«هذا ما بدأ يحصل في بعض المناطق الأفريقية التي يتراجع فيها النفوذ الفرنسي».
ومما لا شك فيه، أن موقف إسبانيا من إسرائيل، أربك علاقة الجنرال لازارو بجيش الاحتلال، وعرّضه لعدة انتقادات على أدائه في الجنوب من قبل ممثّلي الاحتلال في الأمم المتحدة لمجرّد الضغط على إسبانيا، كما يتعرّض للانتقادات في لبنان بسبب ما تقوم به بعض كتائب القوات الدولية في الجنوب من استفزازات للأهالي.
ومقارنة مع التوتّرات التي رافقت ولاية القائد الإيطالي السابق ديل كول، تبدو ولاية لازارو رغم كل العنف والعمليات العسكرية المتصاعدة، أكثر «هدوءاً» من حيث تعامل القوات الدولية مع الأحداث وبثّ أجواء التهدئة، من دون أن يعني ذلك قدرة القوات الدولية على التأثير بشكل واسع، لكن على الأقل السّعي إلى خفض التصعيد.
صعوبة العودة لبنانياً إلى ما قبل 7 أكتوبر
يتصرف حزب الله ولبنان الرسمي على أن العودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول حتمية، بمجرد وقف الحرب في غزة. لكنْ ليس هذا ما يتم التداول به غربياً وفي دول المنطقة
منذ أن انتهت حرب تموز عام 2006، يعيش لبنان على إيقاع وقف الأعمال القتالية التي نصّ عليها القرار 1701 الصادر في آب من العام نفسه. ومنذ 18 عاماً، يتعايش لبنان مع موجبات هذا القرار الذي أرسى قواعد تهدئة مشروطة.
الاتفاق، الذي سرت مفاعيله لبنانياً، لم يأت في لحظة مفصلية تعيشها المنطقة كما هي الحال اليوم، في حين أنه بعد عشرة أشهر على حرب غزة، ثمة نزعة تعبّر عنها إيران وحلفاؤها في المنطقة، بأن المطلوب حتى الآن هو تلك المساحة بين العودة إلى مفهوم وقف الأعمال القتالية من دون النظر إلى تداعيات ما خلّفته حرب غزة، في وقت تراوح السيناريوهات بين الأسوأ، وستاتيكو الاستنزاف القائم الذي إن طال أشهراً إضافية طويلة من دون حل مفصلي، فستدخل المنطقة في مرحلة مختلفة عما عاشته حتى اليوم في ظل الصراع مع إسرائيل. وكل ذلك في ظل عدم وجود أي مسوّدة غربية أو إقليمية لما يمكن أن تقبل عليه المنطقة بدءاً من التصور المبهم لوقف حرب غزة، واليوم التالي لها.ما تريده إيران حتى الساعة هو القبض على نتائج ما حققته حرب غزة من دون دفع أثمان الحدث الذي وقفت إلى جانب حماس فيه، وأن يتغاضى خصومها عن مفاعيل ما أنتجته الحرب، فتعود المنطقة إلى مرحلة «وقف الأعمال القتالية» بمفهوم معمّم للقرار 1701، بحيث يطاول الساحات التي تأثّرت بها. وهذا ما ليس متاحاً حتى الآن، ولبنان معني في درجة أولى.
فالفكرة التي ترافق أي نقاش خارجي حول لبنان، تتعلق بمدى استيعاب لبنان الرسمي، وحزب الله، أن من السابق لأوانه الكلام عن العودة تلقائياً إلى ما قبل 7 تشرين الأول.
وهذا يعني أن على الجميع الاقتناع بأن ما حصل في ذلك اليوم غيّر وجه المنطقة، ولا مجال لإعادة التفاوض والكلام عن تسويات من دون الأخذ في الاعتبار الحدث الذي أدخل المنطقة، لا غزة وحدها ولبنان معها، في مرحلة استراتيجية مختلفة عن السنوات السابقة، وفي مرحلة يتسارع فيها رسم الاستراتيجيات بسرعة وفق متغيرات تحضر من الولايات المتحدة إلى أوروبا وحرب أوكرانيا.
المشهد من الأردن إلى مصر وسوريا ولبنان يحمل في طيّاته ملامح تحولات وانهيارٍ داخلي بفعل ارتداد حرب غزة وعودة كل العوامل والتدخلات الخارجية العربية والغربية إلى الساحة.
ومعها طبعاً الدور الإيراني الذي نشط بفعل وقوف طهران إلى جانب «حماس»، ومشاركة حزب الله في معركة الإسناد. وما يقال في النقاشات أن دولاً تأثرت بفعل ما حصل والتهجير من غزة والتفاعلات الاقتصادية والأمنية، تتعامل بواقعية على أن المطالب المطروحة قد لا تجد طريقها إلى التنفيذ، إسرائيلياً أو أميركياً. فأي إدارة أميركية جديدة لن تتصرف، مهما كان شكل نهاية حرب غزة، على أن شيئاً لم يحصل. فكيف الحال إذا كانت الإدارة الجديدة ستصبح في عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب؟ وكيف الحال إذا كانت إسرائيل لا تريد وقف الحرب بأي ثمن لا في غزة ولا في لبنان، ولا في استعادة التهدئة في المنطقة من دون ثمن؟
وفي لبنان الأمر نفسه. فحتى الساعة لم يتخط الكلام عن التهدئة سقف ربطها بوقف حرب غزة والعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 7 تشرين، بدليل الأجوبة اللبنانية العلنية وتلك التي تسرّبت من جولات الموفد الأميركي عاموس هوكشتين.
لكن هذا ليس واقع الحال غربياً أو إسرائيلياً. فأي كلام يتعلق بالجنوب والتهدئة المستدامة فيه من الصعب حتى الآن التعامل معه على أنه سيبقي الوضع الجنوبي تحت سقف العودة الطبيعية إلى القرار 1701 والقفز فوق كل ما أحدثه دخول حزب الله على خط الإسناد.
لا بل إن الذهاب مرة تلو أخرى إلى تأجيل البحث الجدي في وضع الجنوب يرسم توقعات مستقبلية، تنتظر المتغيرات الأميركية كما الإمكانات الإسرائيلية بعدما بلغت التحذيرات ذروتها في استهداف لبنان.
أي إدارة أميركية جديدة لن تتصرف، مهما كان شكل نهاية حرب غزة، على أن شيئاً لم يحصل
لا مجال وفق ذلك لاستئناف المفاوضات من حيث كان الوضع عليه قبل الترسيم البحري وبعده. ومشاركة حزب الله في حرب غزة غيّرت النظرة إلى واقع استتباب الأمن شمال إسرائيل، وغيّرت معها تعامل دول غربية ناشطة على خط العلاقة مع حزب الله.
لكن، في المقابل، لا يعني ذلك أن الأطراف الأخرى ستقف على الحياد في السعي إلى إعادة الوضع إلى غير ما كان عليه، ولا سيما الدور الإيراني الذي يتقدم منذ 7 تشرين الأول، تهدئة ومن ثم تصعيداً فرفعاً للصوت مجدداً، ومن ثم العودة إلى التهدئة مستدرجاً عروض الاتصالات قبل الدخول في الحوارات الأكثر عمقاً وتشعباً حول قضايا النووي وساحات المنطقة. هذا كله قبل أن يقترب استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وإذا كان حزب الله أظهر في الأشهر الماضية إمساكه بقبضة التفاوض، فإن الواضح أن معارضيه في الداخل باتوا مقيّدين بحركته وقدرته على فرض أمر واقع، يتعلق بإدارته لعبة فرض شروطه والتفاوض مباشرة حيث تدعو الحاجة مع وسطاء أوروبيين وأميركيين عبر الرئيس نبيه بري أو عبر الحكومة.
ومعضلة المعارضين اليوم أنهم باتوا أسرى عدم القدرة على إنتاج أي تصور لما بعد الحرب واليوم التالي لها. ولو أن حسابات المعارضين لحزب الله لا تؤخذ في الميزان حتى الآن، لأن النظرة الأشمل تتعلق بأن لبنان من ضمن الدول التي تنتظر تحولات كبرى ترسم حولها حدود التفاوض، في غياب أي تصور لحل نهائي بالنسبة إلى القضايا الإقليمية المتشابكة، فإما أن توقف الأعمال القتالية كما حصل قبل 18 عاماً من دون أي نظرة مستقبلية، وهذا مشكوك فيه حتى الآن، وإما أن تدخل في مساومة تطبيعية للوضع العام، تعيد بعد سنوات إنتاج مشهد جديد لحرب غزة ومعها حرب إسناد جديدة.
هاريس «توحّد» الديموقراطيين: خيار الضرورة
فور إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، انسحابه من السباق الرئاسي، سارعت نائبته، كامالا هاريس، التي كانت، طبقاً لمصادر مقرّبة منها، على دراية بأنّ قراره آتٍ، إلى إجراء أكثر من 100 اتصال في أقل من عشر ساعات، مع مشرّعين وحكّام ولايات وقادة مجموعات مدنية وغيرها، وفقاً لما أفاد به مصدر مطلع، شبكة «سي أن أن» الأميركية.
وعليه، بدأ الحكام الديموقراطيون وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب وممثلو الولايات يعبرون، واحداً تلو الآخر، وبشكل «منسّق»، عن دعمهم لهاريس، على أمل أن تحصل الأخيرة، بحلول الأربعاء (اليوم)، على دعم غالبية المندوبين، واللازم لضمان ترشيحها للسباق الرئاسي.
إلا أنّ هاريس استطاعت بلوغ هذا الهدف قبل الجدول الزمني المحدد، إذ جمعت الغالبية المشار إليها الإثنين، معلنةً أنّها «فخورة بحصولها على الدعم الواسع واللازم لتُصبح مرشّحة الحزب الديموقراطي»، وأنّها تتطلع إلى قبول ترشيحها رسمياً. وبالفعل، أظهر استطلاع غير رسمي للمندوبين، أجرته وكالة «أسوشيتد برس»، أن هاريس حصلت على دعم أكثر من 2500 مندوب حتى الآن، أي أكثر بكثير من عدد 1976 مندوباً، الضروري للفوز بترشيح الحزب في الأسابيع المقبلة.
ومن بين العدد الكبير من المسؤولين الذين أيدوا هاريس، كانت لافتة تزكية رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، لها، لتحلّ محل بايدن على رأس قائمة الحزب الديموقراطي، ووصفها إياها بـ«الذكية والبارعة»، وبـ«بالشخص الأفضل لهزيمة ترامب في الخريف»، بعدما كانت بيلوسي، قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تفضل إجراء «عملية تنافسية»، بدلاً من اختيار هاريس بشكل مباشر.
وانضمّ إلى بيلوسي، مساء أمس، زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، تأييدهما ترشيح هاريس للرئاسة، بعدما كانا يفضّلان «كسبها» الترشيح عبر «عملية مفتوحة وتنافسية».
ولكن الرئيس الأسبق، باراك وباما، لا يزال عند موقفه المحايد لجهة دعم نائبة الرئيس. ومع تعبير معظم خصوم هاريس المحتملين حتى عن دعمهم لها، ورغبة الحزب الديموقراطي في التوحّد حول مرشح قبل انعقاد «المؤتمر الوطني» للحزب الشهر المقبل، لم يظهر أيّ منافس جدّي لمواجهتها بعد، علماً أنّه على أي شخص يفكر في منافستها أن «يتحرك» بسرعة، بعدما قال مسؤولون ديموقراطيون، مساء الإثنين، إن «اللجنة الوطنية» للحزب الديموقراطي تمضي قدماً في عملية ستحدد مرشح الحزب للرئاسة، بحلول 7 آب، أي قبل انعقاد «المؤتمر الوطني» المقرر أن يبدأ في 19 آب.
تتركز الأنظار على اللقاء الذي سيجمع هاريس بنتنياهو هذا الأسبوع في واشنطن
على الضفة نفسها، نجحت هاريس في جمع تبرّعات «هائلة» لحملتها، بلغت 81 مليون دولار، منذ تنحّي بايدن الأحد، وهو رقم قريب من مبلغ الـ95 مليون دولار الذي جمعته حملة الرئيس في شهر حزيران بأكمله.
وفي أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، هاجمت المسؤولة الديموقراطية، من ديلاوير، ترامب بـ«شراسة»، واصفةً إياه بـ«المحتال»، ومؤكدة أنّه «على مدى الأيام الـ106 المقبلة، سنعرض برنامجنا على الشعب الأميركي، وسنفوز»، مضيفة: «لقد حدثت تقلّبات، وتختلجنا جميعاً الكثير من المشاعر المختلطة حول هذا الأمر.
أود فقط أن أقول إنني أحب جو بايدن». كما وعدت هاريس بجعل الحق في الإجهاض في «صلب حملتها الانتخابية». وأخيراً، وفي أعقاب مغادرة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، الإثنين، وإعلان مكتب هاريس أنّ الأخيرة ستلتقي به «هذا الأسبوع»، أصبح مستقبل السياسة الأميركية إزاء الحرب في غزة، في حال فازت هاريس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، محط أنظار عدد من المراقبين.
وفي حين يرى البعض أنّ عدداً من التغييرات قد تطرأ في حال وصول هاريس إلى البيت الأبيض، باعتبارها مدافعة «أشرس» عن وقف إطلاق النار من بايدن، وبادرت، قبل مسؤولين أميركيين آخرين في الإدارة الأميركية، إلى انتقاد المجازر المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، يجادل آخرون، في المقابل، بأنه ما من تغييرات فعلية ستطرأ على سياسة هاريس إزاء حليفة واشنطن الأقرب في الشرق الأوسط.
وفي السياق، تنقل صحيفة «وول ستريت جورنال» عن إيفو دالدر، الذي شغل منصب سفير «الناتو» خلال إدارة أوباما، قوله إن نائبة الرئيس ستكون «أكثر ميلاً إلى إيجاد طرق أخرى للضغط على إسرائيل، إذا لم يتحسن الوضع في غزة بشكل كبير».
وفي المقابل، قال محلّلون إنّ هاريس، التي تركز على كسب الدعم لترشّحها، سترغب «في الابتعاد عن أي مواجهة مع نتنياهو»، لأسباب ليس أقلها تجنب تعريض نفسها لأي انتقادات بـ«الضعف تجاه إسرائيل»، على غرار تلك التي عانى منها بايدن في الأشهر الماضية.
ورغم التغيير الذي طرأ على لهجة هاريس، منذ السابع من أكتوبر، من وصف «حماس» بـ«المنظمة الإرهابية البربرية»، والتعبير عن دعم واشنطن الراسخ لحليفتها، وقتذاك، إلى انتقاد ما وصفته بـ«الكارثة الإنسانية»، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، لاحقاً، لا يلتمس عدد من المراقبين أي تغيرات «فعلية» في الأفق تجاه إسرائيل.
وفي مكالمة مع الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، في كانون الثاني الماضي، قالت هاريس إن الولايات المتحدة تريد «رؤية شرق أوسط أكثر تكاملاً وترابطاً وازدهاراً»، مكررة مواقف الإدارة الأميركية المعتادة، بما يشمل ضرورة أن «تكون إسرائيل آمنة»، «وألا يكون هناك نزوح قسري للفلسطينيين من غزة»، وتأمين أفق سياسي «مفعم بالأمل» لهم. وفي هذا الإطار، تقول هيلا سويفر، مستشارة الأمن القومي السابقة لهاريس عندما كانت عضوة في مجلس الشيوخ، لوكالة «رويترز»، إنّه لا يوجد أي فرق بين هاريس وبايدن إزاء إسرائيل، فيما اتهم حاتم أبو دية، الرئيس الوطني لـ«شبكة الجالية الفلسطينية – الأميركية»، في حديث إلى مجلة «نيوزويك» الأميركية، هاريس وبايدن، بـ«دعم الإبادة الجماعية» بشكل لا لبس فيه، معتبراً أنّ لا فرق بين الإثنين أو أي مرشح آخر محتمل، لأنّ جميعهم «متواطئون» في العدوان الذي يتعرض له الفلسطينيون.
ومن جهة أخرى، بادرت مديرة جهاز الخدمة السرية الأميركي، كيمبرلي تشيتل، إلى الاستقالة، بعد يوم من إقرارها بأن الجهاز فشل في مهمّته لمنع محاولة اغتيال ترامب.
وكانت تشيتل، مديرة الجهاز المسؤول عن حماية كبار الشخصيات الأميركية، تواجه دعوات من الحزبَين الجمهوري والديموقراطي للتنحي، بعدما أصاب مسلح يبلغ 20 عاماً المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية في أذنه اليمنى، خلال تجمع انتخابي في الـ13 من الجاري، في بنسيلفانيا.
ورحّب رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، بالاستقالة، معتبراً أنها «تأخَّرَت، كان عليها أن تقوم بذلك قبل أسبوع على الأقلّ. أنا سعيد لرؤية أنها استجابت لدعوة كل من الجمهوريين والديموقراطيين».
اللواء:
«التباعد» النيابي عنوان المرحلة.. وتصريف الأعمال لأشهر إضافية
حزب الله يستهدف مواقع جديدة.. ولا مدارس في مستوطنات الشمال
تتصرف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وكأن مسألة الوقت الذي من الممكن ان تبقى فيه في حالة تصريف الاعمال طويلة، مع تزايد التحديات والاهتمامات، سواء في ما خص الاتفاقيات والتفاهمات الدولية، او الاقليمية، لا سيما بعد زيارة العراق واعادة الاعتبار للاتفاقيات المتعلقة بتزويد لبنان بالمشتقات النفطية لزوم كهرباء لبنان، وهو الامر الذي بحثه الرئيس ميقاتي مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض ورئيس مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك في السراي الكبير، من زاوية تأثير النتائج الايجابية للزيارة، ودفع ما يلزم للجمهورية العراقية مقابل الفيول الخاص بالكهرباء.
كما تواجه الحكومة تحديات المطالبات المستمرة بالتسوية او تسويات لوضع الرواتب والاجور، يأخذ في عين الاعتبار الفوارق بين فئات الموظفين الكبار والصغار في الخدمة او المتقاعدين، وما تردد عن اضافة راتبين الى التعويضات فبدل 9 رواتب مضروبة بالاساس، تضرب 11 راتباً بالاساس، بدءاً من ت1 المقبل، وهو الامر الذي يرفضه القطاع الوظيفي والمتقاعدون.
ودعا تجمع العسكريين المتقاعدين للمناسبة الى الاستعداد لما اسماه بـ«تحرك مزلزل عند انعقاد اول جلسة لمجلس الوزراء لا يكون على جدول اعمالها تسوية وضع الرواتب والاجور».
وكشف مصدر وزاري ان الاتصالات مستمرة لتوقيع مرسوم رئيس الاركان اصولاً، اي من قبل وزير الدفاع موريس سليم، لكن المسعى لم يصل الى خواتيمه بعد.
الفراغ.. باتجاه المجهول!
في الشق الرئاسي، ما يزال التباعد بين الكتل السياسية سيد الموقف، في ضوء حرصٍ من هذه الكتل على النظر في طروحاتها، وكأنها «اليد الطولى» في معركة ايجاد رئيس جديد للجمهورية وسط دعوات لرفض اية تسوية رئاسية، حكومية، والبحث في الذهاب الى المجهول، عبر الجنوح الى ما يمكن تسميته «بالعصيان المدني» او الذهاب باتجاه فرط الدولة ومؤسساتها، او ما تبقى من هذه المؤسسات التي تقدم الخدمات لكل المواطنين، من الفئات والطوائف مجتمعة.
وكان نواب المعارضة واصلوا لقاءاتهم في المجلس النيابي، فالتقى النواب غسان حاصباني والياس حنكش وميشال الدويهي قبل ظهر امس النواب المستقلين ايهاب مطر، وجان طالوزيان ووزير الصناعة النائب جورج بوشكيان، ثم النائب جميل السيد، الذي رأى معاكسة بين مبادرة المعارضة وطرح الرئيس نبيه بري، مشيراً الى أن الظروف الاقليمية الراهنة، لن تؤدي في الفترة القادمة او الحالية الى انتخاب رئيس.
وفي الاطار نفسه، اعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل انه ليس ضد الحوار، شرط الا يكون له طابع رسمي.
وقال: لسنا ضد الحوار، وداخل المعارضة وخارجها نحن ندعو الى تسهيل التشاور، ولكن دون ان يأخذ طابعاً رسمياً، كي لا تعدل قواعد الانتخاب.
جنوباً، اعتبر المتحدث باسم اليونيفيل اندريا تيننتي ان قواته تعمل على خفض التصعيد عند الحدود بين لبنان واسرائيل.
الوضع الميداني
ميدانياً، اعلن حزب الله مساء امس انه دمر رادار كشف الافراد في موقع بركة ريشا.. كما استهدف حزب الله ميركافا في منزل في منطقة «عزراييل» في اطراف كفرشوبا، ورد الاحتلال بقصف كفرحمام مما ادى الى تعطيل شبكة الكهرباء في الحي.
وقصفت المقاومة رداً على اعتداء شقرا مستوطنة «تاسوريال» في الجليل الغربي، والتي لا تبعد عن الحدود سوى بضعة كيلومترات.
وكانت الاعتداءات الاسرائيلية تواصلت على الجنوب، واغارت مسيّرة اسرائيلية على بلدة شقرا، وادت الى سقوط شهيد نعاه حزب الله في وقت لاحق.
وذكرت بيانات الجيش الاسرائيلي انه تم رصد قذائف تعبر من لبنان الى اسرائيل، مسجلة ضربات في مرغليون ومسكاف عام وكريات شمونة، وعملت فرق الاطفاء والانقاذ على اطفاء الحرائق الناجمة عن الضربات، كما قصف الاحتلال اطراف بلدة شيحين ليل امس مستهدفاً مقر الدفاع المدني التابع لجمعية كشافة الرسالة الاسلامية، مما ادى الى تدميره.
وفي سياق متصل اخبر وزير التربية الاسرائيلي يوآف كيش رؤساء المستوطنات التي تم اخلاؤها على الحدود مع لبنان بإلغاء العام الدراسي المقبل في مستوطناتهم، داعياً حكومة نتنياهو الى «التحرك الآن بقوة ضد لبنان»، مشيراً الى انه «لا مفرَّ من قرار شن حرب واسعة النطاق على لبنان من اجل مستقبل اسرائيل».
البناء:
نتنياهو يخسر حرب اليمن قبل أن تبدأ… ويتراجع إلى خط الجيش نحو اتفاق غزة
فتح وحماس والفصائل من بكين: لحكومة مؤقتة لإدارة غزة والضفة وتحقيق الوحدة
مسقط: اليمن والسعودية يتفقان على حل الأزمات المصرفية وتفعيل مطار صنعاء
كتب المحرّر السياسيّ
كمالا هاريس تتقدّم على دونالد ترامب في استطلاعات الرأي الأميركيّة، وتركيا تتراجع عن الترويج لخبر قرب اللقاء بين الرئيسين التركي رجب أردوغان والسوري بشار الأسد، خبران يؤكدان أن خلط الأوراق مستمرّ، وأن مسارات جديدة تستدعي المزيد من التدقيق قبل التحدّث عن توقعات.
في واشنطن الخبر لم يكن أميركياً، بل إسرائيليّ، فقد فاجأ بنيامين نتنياهو المراقبين والإعلاميين الذين يتابعون زيارته لواشنطن، وفق توقعات لغة حربية تسيطر على خطابه، سواء في طلب النصر المطلق في غزة والحرب على لبنان أو اليمن، ليجدوا نتنياهو يتحدث بلغة التبشير بقرب التوصل إلى اتفاق يحقق تبادل الأسرى، بعدما اضطر للمصادقة على شروط تفاوضية حول مستقبل بقاء قوات الاحتلال في غزة لصالح الانسحاب الشامل بناء على نصائح الجيش، بصورة جعلت هذا التقدّم ممكناً، وتعبيراً فعلياً عن موازين القوى الراجحة لصالح المقاومة، في ظل تأكيدات العسكريين لحجم مخاطر التورّط في حرب مع اليمن، واستطراداً محور المقاومة من ورائه، في حرب مدن سوف تجلب الدمار لمدن الكيان الكبرى ومنشآته المركزية والحيوية، مقابل استعداد اليمن لتحمل التضحيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بينما الأمر أشدّ تعقيداً على جبهة لبنان، حيث لن يقتصر ردّ حزب الله على الردّ على النار بالنار، وهاجس رعب الشمال والعبور يسيطر على عقول قادة جيش الاحتلال.
في واشنطن أيضاً ترقّب لكلمة بنيامين نتنياهو التي قال السيناتور الأميركي الديمقراطي كريس فان هولين الذي أعلن مع عشرات النواب الديمقراطيين مقاطعة كلمة نتنياهو، أنها ستمارس الخداع بالتركيز على الخطر الإيراني، تدرك واشنطن أنه يستفيد من الديناميكيات التي يخلقها التطرف اليميني الإسرائيلي الذي يمثله نتنياهو وحلفاؤه في تقويض كل فرص لحل الدولتين.
في بكين التقت الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي وقررت برعاية مباشرة من وزير الخارجية الصيني العمل على تحقيق الوحدة الفلسطينية عبر التمسك بحق المقاومة وبناء دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية مع تحقيق حق العودة للاجئين، والبدء بالتحرّك نحو حكومة وفاق مؤقتة تتولى توحيد المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة وتقود عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وتضع اتفاق القاهرة للوحدة الوطنية قيد التنفيذ.
في مسقط، أعلن عن اتفاق سعودي يمني ينهي الأزمة التي فجّرتها طلبات حكومة عدن المدعومة سعودياً بإغلاق مصارف صنعاء وشطبها من لوائح التداول المالي العالمي، وترتب عليها تهديد السيد عبد الملك الحوثي باستهداف العمق السعوديّ، وقال محمد عبد السلام الناطق بلسان حركة أنصار الله اليمنية إن الاتفاق تضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات او إجراءات مماثلة، واستئناف شركة طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يومياً، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة.
يبدو أن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة دخل في حالة جمود وترقب بانتظار الاستحقاق الانتخابي الأميركي وتسلم ادارة أميركية جديدة الامر الذي يزيد غموض المشهد اللبناني بشقيه الرئاسي والحدودي في ظل تضارب الانباء والمعلومات وتصاريح المسؤولين الإسرائيليين حول احتمال التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وانسحابه على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
وفي حين يؤكد أكثر من مصدر دبلوماسي غربي لـ «البناء» «إحراز تقدّم في المفاوضات المستمرّة في القاهرة والدوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأن الوسطاء الأميركيين استطاعوا في الأيام القليلة الماضية تذليل بعض العقد ما يُسهّل إنجاز الاتفاق». الا أن أوساطاً مطلعة على موقف المقاومة لفتت لـ «البناء» الى ان «المفاوضات مستمرّة لكن لا تزال أجواء المماطلة والمناورة والمراوغة والضياع والإرباك تسيطر على أداء الوفد الإسرائيلي ما يعكس استمرار رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار بسبب رهاناته على أحداث مقبلة اهمها الاستحقاق الانتخابي الأميركي».
ويرى خبراء في الشؤون العسكرية والسياسية لـ «البناء» أن «الظروف السياسية والعسكرية في «إسرائيل» وكذلك الظروف الدولية لم تنضج لوقف الحرب في غزة لا سيما بعد تنحّي الرئيس الأميركي جو بايدن عن خوض السباق الرئاسي لمصلحة نائبته ما يسمح لنتنياهو هامشاً إضافياً للمناورة والتشبث بموقفه وشروطه وتبرير استمرار الحرب بتغير الإدارة الأميركية وعودة الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض على اعتبار أن ترامب معروف بعدائه لإيران وحلفائها في المنطقة، ولذلك ليس من مصلحة نتنياهو منح وقف إطلاق النار كهدية مجانيّة لرئيس راحل، كما أن بايدن من جهة ثانية لم يعُد مهتماً بالضغط على «إسرائيل» لوقف الحرب لتعبئة سجله الرئاسي بالإنجازات وبالتالي لم يعد يعبأ بنتنياهو وابتزازه»، ويضيف الخبراء بأن «معظم الأطراف الاقليمية سترابض على مواقفها وستنتظر قدوم الرئيس الجديد والإدارة الجديدة للبناء على الشيء مقتضاه».
لكن الميدان وفق ما تقول مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء» سيكون الفيصل وليس الانتظار وبالتالي فإن محور المقاومة لن ينتظر وقف العدوان الأميركي الغربي الإسرائيلي على غزة ولن يتفرّج على المناورات الإسرائيلية التفاوضية حتى موعد تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة مطلع العام المقبل بل سيذهب إلى مرحلة جديدة من التصعيد على كافة الجبهات لدفع حكومة الاحتلال على وقف الحرب».
في غضون ذلك حافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها حيث شنّت المقاومة هجومًا جويًا بسرب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة «جبل نيريا» (مقر قيادة كتيبة تشغله حاليًا قوات من لواء «غولاني» مستهدفةً أماكن تموضع ضباط العدوّ وجنوده محققةً أهدافها بدقة وأوقعت إصابات مؤكدة، وذلك ردًا على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو «الإسرائيلي» في بلدة شقرا.
كما استهدفت المقاومة مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة «بيت هلل» بصواريخ فلق، ردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً في بلدة شيحين.
كذلك، استهدفت موقع المرج وثكنة «راميم» «مقر قيادي كتائبي تشغله حاليًا قوات من لواء غولاني» بقذائف المدفعية الثقيلة وأصابته إصابة مباشرة ردًا على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في بلدة شقرا.
وقصف مجاهدو المقاومة مستعمرة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبيّة الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصًا الاعتداء الذي طال مئذنة مسجد بلدة طلوسة.
كما استهدفت المقاومة تحركًا لجنود العدو في موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانيّة المحتلة بقذائف المدفعية وأصابته إصابة مباشرة وأوقعتهم بين قتيل وجريح.
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب فاستهدفت مسيرة إسرائيلية سيارة (بيك أب) على أطراف بلدة شقرا باتجاه وادي السلوقي وتوجهت فرق الإسعاف إلى المكان المستهدف، وافيد عن ارتقاء شهيد وإصابة جريح.
ايضاً، استهدفت غارة إسرائيلية بلدة كفردجال جنوباً. وطال القصف المدفعي أطراف بلدة حولا. وتعرّضت خلة وردة عند أطراف بلدة عيتا الشعب الجنوبية لقصف مدفعي متقطع مصدره مواقع جيش الاحتلال المقابلة.
كما خرق الطيران الحربي جدار الصوت على علو منخفض فوق بيروت وضواحيها وخلدة والحدث وعرمون والدامور والجية وإقليم الخروب، وصولاً إلى كسروان ومنطقة جزين، محدثاً دوياً قوياً.
وعشية المشاورات التي سيجريها مجلس الأمن حول تطبيق القرار ١٧٠١ ولمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الخصوص أشارت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» إلى أن لبنان لن يقبل بأي تعديل على عمل القوات الدولية في الجنوب على غرار ما حصل في العام الماضي وبالتالي لن تتغير الصيغة الحالية لا سيما وأن التطورات الميدانية في الجنوب لا تسمح بأي تغيير بعمل اليونيفيل ولا بصلاحياتها وحركتها في جنوب الليطاني.
المصدر: صحف