ايجابية حذرة لا تزال تخيم على المفاوضات غير المباشرة المستمرة في العاصمة القطرية الدوحة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة والعدو الاسرائيلي. هذا الحذر عكسه بيان لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” اليوم الخميس أعلنت فيه أنه “لم نُبلَّغ حتى الآن من الإخوة الوسطاء بأي جديد بشأن المفاوضات بهدف وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى”، مشيرة إلى أن “الاحتلال يستمر في سياسة المماطلة لكسب الوقت بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات مثلما فعل في جولات سابقة، وهذا لا ينطلي على شعبنا ومقاومته”.
يأتي ذلك في وقت سبق أن فيه قالت قناة “كان” العبرية أمس الأربعاء إن “المفاوضات في الدوحة تقترب من اللحظات الحاسمة، وستُستكمل اليوم الخميس”، موضحة أن “نقاط الخلاف تتعلّق بآلية إنهاء الحرب وعدد الأسرى وعودة النازحين، في حين هناك تقدّم في ملف محور فيلادلفيا ومعبر رفح”.
من جهتها، نقلت قناة “القاهرة الإخبارية”، عن مصدر رفيع المستوى، قوله إن الوفد الأمني المصري، بقيادة رئيس جهاز المخابرات العامة، الوزير عباس كامل، سيكون “في مهمة لتقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل للوصول إلى اتفاق الهدنة في أقرب وقت”، مضيفاً أن “هناك اتفاق حول كثير من النقاط”، وأن المفاوضات ستعود إلى القاهرة اليوم.
وعلى ضوء تطورات المفاوضات، ينعقد “المجلس الوزاري المصغّر”، اليوم، حيث سيطلب رئيس وزراء العدو نتنياهو من الوزراء إجراء مناقشة حول ما سُمي “التنازلات الإسرائيلية” في إطار الصفقة، فيما يجري الإعداد لتوجّه وفود إسرائيلية إضافية إلى قطر ومصر.
تحذيرات المقاومة…ماذا خلف الحديث عن إقالة غالانت؟
التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم، في ما يتعلق بنتائج هذه المحادثات التي تشكل حلقة في مسار طويل بدأ منذ أشهر دون أن يؤدي إلى وقف الحرب المستمرة منذ 9 أشهر، هذا التأرجح عكسته حتى اللحظة تصريحات متضاربة وسلوك يسيطر عليه التعنت ومحاولات العرقلة المستمرة تحديداً من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو ما أكدته المقاومة في بيانها اليوم.
وفي هذا السياق، وفي وقت قال فيه مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى إن “تل أبيب تقترب من التوصل إلى اتفاق مع الوسطاء حول المبادئ العامة للصفقة المقترحة بين “إسرائيل” وحركة حماس، لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة”، بحسب ما أوردت القناة 13 الإسرائيلية، مساء أمس الأربعاء، في هذا الوقت قالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية إن نتنياهو بحث مع مقربيه خلال الأيام الأخيرة إقالة وزير الحرب يوآف غالانت.
وأوضحت أن نتنياهو ومقربيه يخططون لإسناد وزارة الحرب إلى جدعون ساعر المنشق عن حزب بيني غانتس.
الخطوة الأخيرة توحي بأن لدى نتنياهو نية للمماطلة في ما يتعلق باتمام الصفقة حالياً، خطوة مما لا شك أنها تأتي في اطار صراع الإرادات الدائر منذ فترة في الكيان بين المستوى العسكري والمستوى السياسي الذي يترأسه نتنياهو وائتلافه اليميني.
وللتوضيح أكثر، فإن غالانت، إلى رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة، وصولاً إلى رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال، هرتسي هاليفي، يدفعون في اتجاه توقيع اتفاق مع حركة “حماس”، يضمن إطلاق الأسرى، حتى لو كان ثمن ذلك مرتفعاً.
وفي هذا الاطار قال غالانت أمس، في حفل تخريج “كلية الأمن القومي”، إنه “ستُفتح أمامنا نافذة محدودة من الفرص للوفاء بواجبنا الأخلاقي المتمثّل في إعادة المختطفين”، مضيفاً أن “الظروف التي ستنشأ نتيجة الصفقة، ستعزّز مصالحنا الوطنية والأمنية، في حين يعرف الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن كيفية التغلّب على المخاطر التي قد تنشأ”. وأردف غالانت “إلى جانب هزيمة حماس، من المناسب والصحيح والضروري عقد صفقة لإعادة المختطفين”، حسب قوله، فيما رأى هاليفي أن “صفقة إعادة الأسرى مهمة على صعيد أخلاقي، وتحمل القيم الأساسية المطلوبة لمجتمع نموذجي يرغب في الحياة”.
وفي السياق نفسه، قالت إذاعة جيش الاحتلال إن غالانت أشار خلال اللقاء الذي جمعه بالمبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى أن “”إسرائيل” موافقة على الانسحاب من محور فيلادلفيا في إطار اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة حماس، شريطة أن تحصل على ضمانات باتخاذ إجراءات تضمن منع تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا، دون تواجد فعلي للقوات الإسرائيلية”.
وهنا يظهر أن قرار إقالة غالانت، إذا تم، فهو موقف واضح من نتنياهو تجاه الفريق الذي يدفع باتجاه وقف الحرب داخل الكيان. وقد عكس أداء وسائل اعلام العدو هذا الصراع بين تلك التي تروّج لـ “ايجابية” على صعيد المحادثات الدائرة، وأخرى مقربة من بي بي وائتلافه اليميني تحاول التشويش على هذا الأجواء. وفي هذا الاطار، سرعان ما خرجت “القناة 14″، لتهاجم وزير الحرب، مشيرة إلى أن “هناك فجوات كبيرة بين موقفَي غالانت ونتنياهو في ما يتعلّق بمحور فيلادلفيا، حيث تؤيد المؤسسة الأمنية نقل المحور إلى السيطرة المصرية، بينما يعارض نتنياهو ذلك بشدّة”.
وقد برز تعنت نتنياهو، في ما أسماه في بيان صادر عن مكتبه “الخطوط الحمراء” وهي ” أن تسمح أي صفقة “لإسرائيل” باستئناف القتال حتى يتم تحقيق جميع أهداف الحرب، بالإضافة إلى منع تهريب الأسلحة إلى حماس من مصر عبر الحدود، ورفض عودة آلاف “المسلحين” لشمال قطاع غزة، وعمل إسرائيل على زيادة عدد الرهائن الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم من أسر حماس إلى الحد الأقصى الممكن”. وهي شروط يعلم نتنياهو جيداً أن من شأنها تفجير المحادثات.
مواكبة أميركية
وفي وقت أعلنت فيه “القناة 12” الإسرائيلية أن الكيان يطالب في إطار المفاوضات، بالحصول على ضمانات من الولايات المتحدة “بعدم عودة المسلحين”، في إشارة إلى عناصر المقاومة الفلسطينية، إلى شمالي القطاع كجزء في إطار تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، تواكب واشنطن مسار المفاوضات من داخل الاجتماعات التفاوضية ومن خارجها.
وفي هذا السياق، وصلت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إلى المنطقة، في جولة ستشمل عدة دول منها: قطر والإمارات والسعودية ومصر والأردن، لبحث “اليوم التالي للحرب، وبناء حكم مدني، وإعادة إعمار القطاع”.
وبحسب قناة “كان”، فإن “الإدارة الأميركية تعمل على صياغة وثيقة توافقية بشأن اليوم التالي”، و”ستحظى الوثيقة بتوافق إقليمي، وستتضمّن معلومات حول من سيسيطر على القطاع ويموّل إعادة الإعمار”، على حد تعبير القناة.
الجدير ذكره ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن “إدارة بايدن وافقت على شحن قنابل زنة 500 رطل إلى “إسرائيل””، مشيرة إلى أن “القنابل الأميركية في مرحلة الشحن، ويُتوقّع أن تصل إلى “إسرائيل” في الأسابيع المقبلة”.
المصدر: مواقع إخبارية