في زيارة رابعة خلال العشر سنوات الأخيرة وفي ظروف حساسة تشهدها المنطقة عسكرياً وسياسياً، لاسيما الحرب الأميركية – الإسرائيلية على قطاع غزة، كانت زيارة رئيس إقليم كردستان العراق “نيجيرفان بارزاني” إلى طهران، والتي وصفت بالتاريخية والمهمة خصوصاً لجهة توقيتها.
ولاقت الزيارة اهتماماً واسعاً في وسائل الاعلام الكردية والعربية في العراق وفي الاعلام الايراني.
والتقى بارزاني خلال زيارته الى طهران، قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي، ورئيس الجمهورية السيد إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبداللهيان.
وأشار بارزاني إلى أن القواسم المشتركة الدينية والتاريخية والثقافية خلقت أواصر عميقة بين الجانبين خلال سنوات طويلة من حسن الجوار، وأعرب عن تقديره للجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها صديقة للأوقات الصعبة وأنها تقف دائماً إلى جانب العراق وإقليم كردستان في الأوقات الصعبة وفي الأزمات.
هذه الزيارة تأتي بعد الصفعات المتكررة التي وجهتها الجمهورية الاسلامية لمراكز تابعة للموساد الاسرائيلي والتي كانت ردوداً على أعمال عنف وتخريب وقتل في الجمهورية تنفيذا لأوامر من تلك المراكز.
وكما تأتي الزيارة بعد ضرب الجمهورية الاسلامية كيان العدو بشكل مباشر في العمق. ولعل هذه الحادثة حتمت على الإقليم تصحيح مساره والعودة الى حسن الجوار. وهذا ما طالب به رئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية السيد ابراهيم رئيسي خلال لقائه بارزاني بمنع الصهاينة والعناصر المناهضة للثورة الإسلامية من استغلال الإقليم ضد إيران.
ويرى الخبير في الشأن الإيراني الدكتور حكم أمهز، في حديث له مع موقع المنار الإلكتروني، أن زيارة بارزاني الى طهران بالغة الأهمية، خصوصاً في هذه المرحلة التي تقوم بها الحكومة العراقية بالتفاوض مع القوات الأمريكية على الانسحاب من البلاد، وتأتي في إطار تطمين الايرانيين بأن كردستان لن تكون منطلقاً لأي توتر أمني مع طهران.
ويرى المتابعون لتطورات المنطقة أن هذه الجولة تسعى إلى تحقيق أهداف متعددة، وهي على النحو الآتي:
أولا: التنفيذ الكامل للاتفاقية الأمنية الإيرانية العراقية
حيث تاتي زيارة بارزاني إلى طهران بعد التوترات الأخيرة بين الجانبين في وضع يعتبر فيه تنفيذ الاتفاقية الأمنية الإيرانية – العراقية بشأن طرد الجماعات الإرهابية والانفصالية من إقليم كردستان العراق أحد أهم القضايا على طاولة الجانبين في طهران.
وذلك في وضع حيث على الرغم من الإجراءات التي اتخذها الجانب العراقي من أجل تنفيذ هذا الاتفاق، إلا أن إيران تواصل إثارة الانتقادات حول عدم التنفيذ الكامل بهذا الاتفاق؛ والانتقادات موجهة إلى سلطات إقليم كردستان في هذا البلد وعدم الاهتمام بالتنفيذ الكامل لأحكام العقد.
ثانياً: تفعيل مكافحة الحركات الإرهابية للجماعات الانفصالية
وتعتبر المواجهة الفعالة لإقليم كردستان العراق ضد الأنشطة الإرهابية للجماعات الانفصالية أحد أهم مطالب إيران من الجانب الآخر، ويبدو أنها أحد المحاور الأساسية لمداولات بارزاني في طهران.
وحذرت طهران مراراً سلطات إقليم كردستان العراق من هذا الأمر، كما قامت بعمليات عسكرية مباشرة في الإقليم.
هذا فيما أظهرت التحقيقات أنه رغم الإجراءات التي اتخذتها سلطات الإقليم لمواجهة التحركات الأمنية للجماعات الإرهابية في أربيل، لكنها لم تصل إلى الهدف المنشود.
ثالثاً: التصدي للحركات الصهيونية المناهضة لإيران
وتعد استضافة وتعاون سلطات إقليم كردستان العراق مع الأجهزة الأمنية المناهضة لإيران، بما في ذلك الموساد، إحدى القضايا التي تسببت دائمًا في التوتر بين الجانبين.
وفي مثل هذا الوضع، وفي بعض الحالات، وبسبب عدم اهتمام أربيل بتحذيرات طهران، استهدفت إيران قواعد الموساد في أربيل بيم كردستان. وهذه القضية أحد المحاور الأساسية لمشاورات بارزاني في طهران.
رابعاً: تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري
خلال السنوات الأخيرة، كانت لدى طهران وأربيل دائمًا الإرادة اللازمة لتطوير التعاون الاقتصادي. وهو النهج الذي واجه مشاكل في الأشهر الأخيرة بعد ظهور التوترات في العلاقات بين الجانبين.
لذا فإن تسهيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين إيران وإقليم كردستان العراق أحد أهم محاور مشاورات بارزاني في طهران.
وبحسب بعض الإحصائيات المتوفرة فإن حجم التبادلات التجارية بين إيران وإقليم كردستان قبل اندلاع توترات العام الماضي بلغ نحو 2.5 مليار دولار، ومن المؤمل أن توفر زيارة رئيس الإقليم إلى طهران أرضية مناسبة لمواصلة تطوير هذه التبادلات.
خامساً: مساعدة إيران على حل أزمة الوضع السياسي
يواجه إقليم كردستان العراق أزمات سياسية في الأيام الأخيرة، خاصة فيما يتعلق باجراء الانتخابات.
ويعتقد البعض أنه بالنظر إلى العلاقات القائمة بين إيران والاتحاد الوطني الكردستاني، كأحد التيارين الرئيسيين في هذه المنطقة، فإن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تكون جزءاً من الحل للأزمة السياسية الحالية في إقليم كردستان.
وفي خلاصة النقاط التي تم التأكيد عليها خلال الزيارة فهي على الشكل التالي:
المصدر: موقع المنار