اعتبر الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، أمس الاثنين، أن الهجمات العشوائية على المدنيين في السودان يمكن أن تشكل “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، وذلك بعد مرور عام على اندلاع الحرب في هذا البلد.
في ذكرى اندلاع الحرب في السودان يوم 15 نيسان/أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تحدث الأمين العام أنطونيو غوتيريش مع الصحفيين بمقر المنظمة وقال: “إن العالم ينسى شعب السودان”.
واعتبر غوتيريش إن ما يحدث أكبر من كونه صراعا بين طرفين متحاربين، إذ إنه حرب تُشن على الشعب السوداني. وقال غوتيريش: “إنها حرب على آلاف عديدة من المدنيين الذين قُتلوا وعشرات الآلاف غيرهم الذين شُوهوا مدى الحياة. حرب على 18 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد، وعلى مجتمعات تواجه التهديد المرعب بحدوث مجاعة خلال الشهور المقبلة”.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إن الهجمات العشوائية التي تؤدي إلى قتل وإصابة وترهيب المدنيين، قد تصل إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وأشار إلى مهاجمة قوافل الإغاثة ومستودعاتها والعاملين في المجال الإنساني، وتعرض النساء والفتيات للعنف الجنسي المتفشي.
وفي الوقت نفسه يمتد أثر الصراع عبر الحدود، كما قال غوتيريش، إذ اضطر أكثر من 8 ملايين شخص إلى الفرار من ديارهم بحثا عن الأمان، 1.8 مليون منهم عبروا الحدود إلى الدول المجاورة. وبعد مرور عام على اندلاع الحرب، يحتاج نحو 25 مليون شخص- أي نصف سكان السودان- إلى مساعدات إنسانية.
وأشار أمين عام الأمم المتحدة إلى التقارير الأخيرة حول تصاعد الأعمال العدائية في الفاشر، عاصمة شمال دارفور. وقال إن الميليشيات الموالية لقوات الدعم السريع- خلال اليومين الماضيين- هاجمت وأحرقت قرى غرب المدينة مما أدى إلى حدوث نزوح جديد. وأوضح إن القتال استمر اليوم على مشارف الفاشر، وإن الهجمات المضادة أدت إلى وقوع مزيد من الوفيات والإصابات.
وحذر غوتيريش، من أن “أي هجوم على الفاشر سيكون مدمرا للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل في أنحاء دارفور. كما من شأنه أن يقلب عمليات الإغاثة رأسا على عقب في منطقة على حافة المجاعة لأن الفاشر كانت دوما مركزا إنسانيا مهما للأمم المتحدة”.
وشدد على ضرورة أن تيسر جميع الأطراف الوصول الآمن والعاجل بدون عوائق لعاملي الإغاثة والإمدادات الإنسانية عبر جميع الطرق المتاحة إلى الفاشر. وأكد ضرورة فعل كل ما يمكن لضمان وصول أقصى قدر من المساعدات إلى دارفور وغيرها من المناطق.
تطرق الأمين العام إلى الحديث عن المؤتمر الإنساني الدولي حول السودان وجيرانه، الذي استضافته في باريس الحكومتان الفرنسية والألمانية والاتحاد الأوروبي. وقال إن الشعب السوداني بحاجة ماسة إلى دعم وسخاء المجتمع الدولي لمساعدته على تجاوز هذا الكابوس.
وأوضح غوتييش، أنّ خطة الاستجابة الإنسانية المخصصة لتلبية الاحتياجات في السودان خلال العام الحالي، لم تتلق حتى قبل انعقاد المؤتمر سوى 6% من إجمالي التمويل المطلوب البالغ 2.7 مليار دولار. كما لم تُمول خطة الاستجابة الإقليمية المتعلقة باحتياجات اللاجئين سوى بنسبة 7% فقط من أصل 1.4 مليار دولار.
وأشار الأمين عام الأمم المتحدة إلى التزامات أطراف الصراع في جدة بشأن ضرورة ضمان الوصول الإنساني الكامل عبر الحدود والخطوط الأمامية للمعارك لتصل المساعدات الحيوية حيثما تشتد الحاجة إليها.
وأكد ضرورة إنصات الأطراف إلى دعوة مجلس الأمن الدولي لضمان الوصول الإنساني العاجل والآمن بدون عوائق وحماية المدنيين.
ولكن الشعب السوداني يحتاج إلى أكثر من الدعم الإنساني، فهو يحتاج إلى السلام ووقف سفك الدماء كما قال أمين عام الأمم المتحدة، مشددا على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذا الرعب.
وأكد أهمية الضغط الدولي المتضافر لوقف إطلاق النار في السودان، يتبعه عملية سلام شاملة. وقال إن مبعوثه الشخصي للسودان رمطان لعمامرة يعمل بلا كلل، بجهود مكثفة للوساطة. يشمل ذلك لقاءه مع قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالإضافة إلى القادة من أنحاء القرن الأفريقي ومنطقة الخليج، وجهوده مع الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وجامعة الدول العربية وعدد من الدول الرئيسية.
وأكد أنطونيو غوتيريش أن جهود تحقيق السلام تعني مواصلة العمل على مسار الانتقال الديمقراطي في السودان بدعم وتمكين المدنيين ومنهم جماعات حقوق المرأة، والشباب. وقال إن تلك العملية يجب أن تكون جامعة وتعكس كل الأصوات.
وأكد أنه سيواصل دعوة جميع الأطراف لإسكات الأسلحة وتلبية تطلعات الشعب السوداني لمستقبل يعمه السلام والأمن.
المصدر: وكالة يونيوز