بعد 75 يوماً على بدء العدوان على غزة، لم يحقق العدو الاسرائيلي شيئاً. ليس هذا مبالغة بل حقيقة مثبتة عكستها العديد من المعطيات التي اقرّ بها العدو نفسه أو حتى حلفاؤه. لم يستطع العدو السيطرة حقيقة وبالكامل على أي بقعة جغرافية يعوّل عليها في سياق العملية البرية في القطاع، خرج ليقول إنه سيطر على بيت حانون لتستهدفه المقاومة هناك، لم يستطع استعادة أي من الرهائن، لم يستطع ايقاف الصواريخ التي تستهدفه، حتى إنها لا تزال تنهمر على تل أبيب.
المقاومة صامدة إذاً، وقد أكد التطور الأخير الذي عكسه تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية جاء فيه أنّ “المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بدأوا على الأرجح يشعرون بالاقتراب من نقطة انعطاف في حرب غزة”، مشيراً إلى أنّ “المرحلة التالية من هذه الحرب قد تشهد إحياء مفاوضات إطلاق سراح الرهائن مع (حماس)، ووقف إطلاق نار يستمر لأسابيع عدة، يليه انسحاب تدريجي من قبل القوات الإسرائيلية، لاسيما من شمال غزة”، وبالتزامن تم الإعلان عن زيارة لوفد من حماس والجهاد الإسلامي إلى القاهرة.
وفي التفاصيل، وصل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية اليوم الأربعاء إلى القاهرة على رأس وفد من قيادات الحركة، لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين حول آخر التطورات في قطاع غزة.
وفي السياق، ذكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أنه في هذا اللقاء “تم مناقشة آخر تطورات الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على أهل غزة ومستوى المقاومة الميدانية والإجراءات الإنسانية والسياسية في هذا الشأن”.
من جهته، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إن وفداً من الحركة برئاسة الأمين العام سيتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة خلال أيام، مشيراً إلى أن الوفد سيناقش خلال الزيارة، التي تأتي بناء على دعوة رسمية مصرية، “سبل وقف العدوان وصفقة تبادل”.
وأكد النخالة أنه “سنتوجه للقاهرة برؤية واضحة هي وقف العدوان وانسحاب قوات العدو من قطاع غزة وإعادة الإعمار”، مؤكداً أن تبادل الأسرى سيتم عبر مبدأ “الكل مقابل الكل” بعملية سياسية تتفق عليها القوى الفلسطينية، وعلى رأسها “حركة حماس”.
تصريحات النخالة وكذلك حماس تؤكد أن “لا مفاوضات على صفقة جديدة إلا بعد وقف إطلاق النار”، رغم محاولة الاحتلال المناورة بعرض هدنة وصفقة تبادل جزئية يفرج خلالها عن شخصيات بمحكوميات عالية. وذلك في ظل فشل الأخير في إحراز أي انجاز خصوصاً على صعيد ملف الرهائن، والضغط الذي يمارسه ذويهم على حكومة الحرب، لاتخاذ خطوات جدية في مسار الافراج عنهم، مع تزايد الخطر عليهم في ظل استمرار الحرب والاعلان عن مقتل عدد منهم مؤخراً.
وخلال لقائه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في الدوحة، مساء أمس الثلاثاء، أشار هنية إلى أن “الكيان الصهيوني وحلفائه ظنوا أنهم قادرون على تدمير المقاومة بهذه الطريقة وإجبارها على رفع الراية البيضاء والاستسلام، لكن بعد 75 يوماً من الجرائم والابادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها ويرتكبها هذا الكيان فما زالت المقاومة صامدة وقوية في الميدان وألحقت خسائر فادحة به.”
وقال إن “الشعب الفلسطيني قد اظهر مقاومة فريدة من نوعها ومازال يواصل السير على نهج المقاومة ويدعمها حتى دحر الكيان الصهيوني وهزيمته، على الرغم من التضحيات التي قدمها ومن المشاكل التي يواجهها في ظل هذه الظروف”، موضحاً أن “هذا الشعب دفع ثمنا باهظا لهذه القضية من استشهاد وجرح الالاف من ابنائه بالاضافة الى تدمير الاف المنازل والبنية التحتية من مستشفيات ومنع وصول المساعدات الانسانية الى غزة. “
وبالعودة إلى التقرير الذي نشرته “واشنطن بوست”، فقد ذكر الأخير أنه “حين يظهر أنّ كبار المسؤولين الإسرائيليين مصرّون على أن تستمرّ الحرب شهوراً إضافية، إلا أنّ الهدف الفعلي من هذه التصريحات هو إبقاء حماس على عدم دراية بالخطط الإسرائيلية، إذ إنّ القادة الإسرائيليين، يعرفون أنهم بحاجة إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحرب، تشمل على الأقل السماح لجنود الاحتياط بمغادرة الخطوط الأمامية، والعودة إلى وظائفهم”.
المصدر: موقع المنار