من بوابة الحديث عن تصعيد تدريجي على الحدود مع قطاع غزة، عادت معضلة ساحة غزة إلى حيّز الاهتمام العلني في الكيان الصهيوني الأمر الذي تمثل في تراكم حراك سياسي وأمني، خلال الأيام القليلة الماضية، انعكس في جلسات تقدير وضع في يومَين متتاليَين، من جهة ثانية، رأت أوساط إعلامية أنّ سياسة الكيان الأخيرة: الاقتصاد مقابل الهدوء في قطاع غزة لم تنجح كما قُدِّر لها في الحكومة السابقة برئاسة لابيد- بينيت، وهي سياسة تبنّتها أيضاً الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو رغم تصريحات وزرائها “الحربجية” ضدّ قطاع غزة وحركة حماس.
جلسات سياسية امنية
سَجّل المستويان السياسي والأمني، خلال الأيام القليلة الماضية، حراكاً ومتابعةً لافتين، على خط التصعيد على الحدود مع قطاع غزة، الذي تحوّل بحسب مُعلّقين إلى روتين يومي امتد على نحو أسبوعين، وانعكس هذا الحراك في جلسات تقدير وضع (سياسية– أمنية) خلال يومَين متتاليَين، الأولى كانت الثلاثاء بمشاركة وزير الحرب، يؤآف غالانت، وأمس (الأربعاء) بمشاركة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب، إضافة إلى جهات أمنية أخرى.
الحراك المذكور صاحَبَه نبرة تهديدات عالية ضدّ حركة حماس، تصدّرها وزير الحرب، الذي لوّح بأنّ كيان الاحتلال مستعدّ للقيام بعملية جديدة في قطاع غزة، على غرار عملية “درع وسهم” في أيّار الماضي.
يُذكر أنّه بعد جلسة تقدير الوضع تمّ الإعلان عن فتح معبر “بيت حانون” (إيريز)، أمام آلاف الغزاويين الذين يعملون في الكيان الصهيوني (أكثر من 18 ألف عامل)، بعد إقفال للمعبر لنحو 12 يوماً. وتأتي خطوة إعادة فتح المعبر بعد أن دعمت جهات في المؤسّسة الأمنية والعسكرية قرار إعادة فتح المعبر، انطلاقاً من تقديرها بأنّ فتح المعبر يمكن أن يُهدّئ القطاع، ويمنح حماس إنجازاً تقدّمه للغزاويين.
وعلى المستوى الأمني- العسكري، بدأت تُسمع تسريبات حول تقديرات المؤسّسة الأمنية والعسكرية، تُفيد بأنّ حماس ليست معنية- في الوقت الراهن- بمواجهة مع الكيان الصهيوني ويستند تقدير المؤسّسة الأمنية والعسكرية هذا- بحسب مُعلّقين- على حقيقة أنّه بالرغم من استمرار التصعيد منذ نحو أسبوعَين، فإنّ حماس لم تُطلق قذائف صاروخية من القطاع، ولم تسمح لمنظّمات غيرها بفعل ذلك، الأمر الذي يُشير في الوقت عينه إلى مستوى السيطرة المرتفعة لحماس على الأرض.
مع ذلك، تنظر المؤسّسة الأمنية والعسكرية إلى حماس على أنّها المسؤولة والموجِّهة لمنحى التصعيد الأخير، ومع ذلك، ترى أنّ حماس غير معنية بجولة قتال مع الكيان الصهيوني في هذه الأيام، لذلك تحاول تأطير الصراع بـ “أعمال شغب” وإطلاق بالونات حارقة. لكن رغم ذلك، يكمن الخطر- برأي المؤسّسة الأمنية والعسكرية- في استمرار هذا الوضع لفترة طويلة، الأمر الذي يحتّم على الجيش تشديد ردوده في القطاع.
تهدئة الساحة
اما على المستوى الاعلامي أعادت التطوّرات الأمنية والميدانية الأخيرة على الحدود مع قطاع غزة، الحرارة إلى النقاش الإعلامي حول معضلة القطاع وآفاق التصعيد المتوقّعة، الأمر الذي ترافق مع الحديث عن فشل نسبي لاستراتيجية الكيان التي تستند إلى قناعة بأنّ تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع سيُهدِّئ حماس، ويفرض عليها كبح العنف كي تستمرّ الأموال في التدفّق. وفي هذا السياق، ذكرت تقارير إعلامية أنّ هذه الاستراتيجية التي بدأت مع ولاية الحكومة السابقة برئاسة لابيد– بينيت، جرى تبنّيها أيضاً من حكومة نتنياهو اليمينية.
من جهة ثانية، يرى مُعلّقون أنّ الحوادث على السياج ترتبط بمحاولة حركة حماس تحصين موقعها في الساحة الفلسطينية، وبمطالبها من قطر ومن الكيان الصهيوني ، نقل كامل الهبات المالية من قطر وزيادة عدد العمّال من القطاع المخوّلين بالعمل في الكيان.
وثمّة رأي يُرجِّح أنّ دولة الاحتلال تُفضّل، في الوقت الراهن، تهدئة الساحة الفلسطينية، ولو بثمن مجازفة معيّنة، في ظلّ المخاطر في الساحات الأخرى (الأزمة الداخلية، حدود لبنان، الضفة الغربية).
المصدر: موقع المنار