تتواصل أعمال الجلسة العامة لقمة “بريكس” المنعقدة في جوهانسبروغ في جنوب إفريقيا بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو، ويبحث قادتها توسيع العضوية لتشمل مزيداً من الدول، في حين استبعدت واشنطن تحوّل المجموعة إلى “منافس جيوسياسي”. وأكد قادة “بريكس” في الجلسة العامة لقمّتهم أهمية بناء عالم متعدد الأقطاب يستند إلى المرجعية الدولية، ويحقق التكافؤ لجميع الدول.
بوتين: الغرب يسعى للهيمنة و”بريكس” توسع قدراتها
وفي كلمته أكد بوتين على ضرورة التغلب على الكثير من المصاعب والوقوف الى جانب فكرة عالم متعدد الأقطاب قائم على المرجعية الدولية، منبهاً الى أن “الغرب يسعى للحفاظ على الهيمنة على الساحة الدولية، وهو ما أدى إلى ما يعرف بالأزمة الأوكرانية”.
واكد الرئيس الروسي دعم تشكيل عالم متعدد الأقطاب قائم على العدالة والمساواة ومراعاة المرجعية الدولية، داعياً مجموعة “بريكس” الى توسيع إمكانياتها وقدراتها ، وقال، نتعامل بشكل وثيق لتقوية سلاسل الإمدادات والانتقال إلى العملات الوطنية في التسويات.
كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة مسجلة تم بثها في افتتاح القمة، إن بريكس تسير في طريقها لتلبية تطلعات “الأغلبية العالمية”.
ويشارك في القمة قادة كل من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، في حين يكتفي الرئيس الروسي بكلمته المسجلة، ويمثّله في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وقال بوتين “نحن نتعاون على أساس مبادئ المساواة ودعم الشراكة واحترام مصالح بعضنا بعضا، وهذا هو جوهر المسار الإستراتيجي لمجموعتنا.. وهو المسار الذي يلبي تطلعات القسم الأكبر من المجتمع العالمي، ما يُسمى الأغلبية العالمية”.
وذكر الرئيس الروسي أن بلاده مستعدة للعودة إلى اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود شريطة تنفيذ جميع الالتزامات والتعهدات تجاه موسكو.
وأضاف أن روسيا “قادرة على تعويض الحبوب الأوكرانية في الأسواق أو مساعدة الدول التي تحتاج للحبوب من دون مقابل، خاصة وأنها تنتظر محصولاً كبيراً هذا العام”.
رئيس جنوب إفريقيا: “بريكس” تمثل مصالح دول الجنوب
من جهته، أكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا “إمكانية فتح الأسواق الإفريقية وخلق الإمكانيات للدول الإفريقية وكذلك دول مجموعة “بريكس”، لافتاً إلى ضرورة “بذل الجهود للانتقال إلى المستقبل العادل الذي يؤخذ فيه بعين الاعتبار الظروف المختلفة للدول”.
وأعلن رامافوزا دعم بريكس لأجندة المناخ لمصلحة التنمية العالمية، معرباً عن قلقله من “استخدام المؤسسات الاقتصادية في المنافسات الجيوسياسية”.
كما أشار إلى تمثيل “بريكس” “لمصالح دول الجنوب، وعلى هذا الأساس نحن على استعداد للتعامل مع جميع دول العالم لخدمة مصالح هذه الدول”.
دا سيلفا: الحرب في أوكرانيا تثبت عدم القدرة على حل المشكلات على مستوى مجلس الأمن
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رأى نأن “الجميع يعاني من تداعيات الحروب والصراعات لا سيما سكان الدول النامية التي تعاني أكثر ما يمكن”.
لولا دا سيلفا أعلن أن “الحرب في أوكرانيا تثبت عدم القدرة على حل المشكلات على مستوى مجلس الأمن، وأن “بريكس” هي الساحة التي يمكن فيها مناقشة الأمن والسلام”، مضيفاً إلى أن بلاده “تتعاون مع الأطراف للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتسوية سلمية طويلة الأمد للأزمة الأوكرانية”.
وأعلن لولا دا سيلفا أنه “من الصعب علينا مواجهة التغيرات المناخية بينما نرى كثير من الدول تعاني من الفقر والعنف”، موضحاً أن “مشكلة الانبعاثات تمثل مشكلة كبرى تتحملها الدول الاستعمارية سابقاً، وهي مسؤولة أمام المجتمع الدولي والبشرية”.
وفي السياق، أكد أنه “يجب الالتزام باتفاقية باريس، ولا يجب تحميل المسؤولية للجنوب العالمي”.
لولا دا سيلفا رأى أنه “يتعين على الدول أن تفي بوعودها، نحن بحاجة إلى نظام مالي عالمي يتخلص من عدم المساواة”.
لولا دا سيلفا أشار إلى أنه “يتعين عدم السماح بأن تحصل الدول النامية على قروض بفائدة تمثل 7 أضعاف الفوائد التي تحصل بها الدول الأخرى على القروض”.
ولفت لولا دا سيلفا إلى أنه “نتعاون كمجموعة سياسية تلعب دورا أساسيا، ونجري جلسات خاصة في إطار مجموعة العشرين وسيسمح لنا ذلك باتخاذ خطوات لمواجهة التحديات العالمية”، معلناً في الوقت نفسه عن السعي “لتشكيل عالم عادل ومتعدد الأقطاب”.
رئيس الوزراء الهندي: بنك التنمية التابع لـ”بريكس” يلعب دورا أساسيا في تنمية جنوب العالم
وفي سياق الكلمات التي القيت خلال القمة بنسختها الخامسة عشر، أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي انتقال سكان دول “بريكس” إلى “مستوى آخر بتوسيع الاتصالات بين سكان بلداننا”.
مودي اقترح التعاون في مجال الفضاء، موضحاً أنه “كنا قد عملنا على تشكيل نظام أقمار صناعية لـ “بريكس”، ومن الممكن تشكيل مركز لأبحاث الفضاء خاص بـ “بريكس”، ما سيعود بالفائدة على البشرية جمعاء”، مضيفاً أنه “يتعين علينا التعاون في مجال التعليم، والتقنيات، بغرض تحضير مجتمعاتنا للتطور التكنولوجي”.
ورأى أن “بنك التنمية الجديد التابع لـ”بريكس” يلعب دورا أساسيا في تنمية جنوب العالم”، مقترحاً أن “عضوية دائمة للدول الإفريقية في مجموعة العشرين”.
الرئيس الصيني: هدفنا الاتحاد وتعزيز التعاون الدولي وضمان التطور وتوفير الاستقرار
الرئيس الصيني شي جين بينغ رأى أن “العالم يعاني من إعادة البناء والتغيرات”، متابعاً في هذا السياق أنه “نحن في “بريكس” يجب ألا ننسى هدفنا الأساسي وهو الاتحاد وتعزيز التعاون الدولي وضمان التطور وتوفير الاستقرار والثقة والمزيد من الطاقة الإيجابية في العالم”.
شي أكد أن ذلك يكون من خلال “تعزيز التعاون في القطاع الاقتصادي، التطور والنمو حق لكل الدول”، مضيفاً أنه “يجب أن نعمل معاً على تطوير وضمان سلاسل الإمدادات، وعلى تطوير الاقتصاد الرقمي، والإنتاج والصناعة الخضراء، وتطوير التباد ل التجاري والمالي”.
وفي السياق، أعلن “النظر في إمكانية تشكيل منصة للتعاون في مجال الأقمار الصناعية والفضاء لدول “بريكس””، متطرقاً إلى وجوب
“تعزيز التعاون في المجالين السياسي والأمني لتوفير الاستقرار”.
من جهة ثانية، لفت شي إلى أن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يأتي بمنفعة كبيرة، إلا أنه يحمل في الوقت نفسه مخاطر كثيرة”، مقترحاً “تطوير التعاون في قطاعات التعليم، والتعليم الخاص، والتعليم الرقمي، وتشكيل منصة للتعلم عن بعد”.
وتابع الرئيس الصيني أنه “إذا كانت مجتمعاتنا ترغب في مسار التطور، يتعين الالتزام بالقوانين الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة، دون إملاءات من القوى العالمية، وتشكيل تحالفات مغلقة، وهو أمر غير مقبول”.
وقال إنه “يجب أن نستفيد من بنك التنمية الجديد، وتطوير الإصلاحات في النظام المالي العالمي”.
واشنطن تستبعد التنافس
من جهة أخرى، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن بلاده تستبعد تحول مجموعة بريكس إلى منافس جيوسياسي لها أو لأي بلد آخر. وأضاف في إفادة صحفية “هذه مجموعة متنوعة من الدول.. لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة”.
وتحتل القمة -التي تمتد 3 أيام تحت شعار “بريكس وأفريقيا”- أهمية خاصة في ظل حرب روسيا على أوكرانيا والصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، إذ ترفع الدول الأعضاء بالمجموعة شعارات عالم أكثر توازنا وأمنا، وتدعو لإنهاء عصر القطب الواحد.
وسبقت القمة محادثات ثنائية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في بريتوريا.
وقال الرئيس الصيني “اليوم وبينما نقف عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، فإن إرث الصداقة وتعميق التعاون وتعزيز التنسيق هي التطلعات المشتركة للبلدين، وهي كذلك المهام الكبرى الملقاة على عاتقنا”.
من جانبه، قال رامافوزا “اليوم باعتبارنا أصدقاء وشركاء في بريكس نقف معا في هدفنا المشترك وسعينا لعالم أفضل وأكثر إنصافا يطلق العنان لإمكانات جميع سكان العالم”.
ويشمل جدول أعمال القمة الـ15 للمجموعة احتمالات التوسيع المستقبلي للعضوية في بريكس، هذا الأمر أبدت الكتلة في وقت سابق انفتاحها عليه.
وأعربت 40 دولة على الأقل عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس، من بينها إيران والسعودية وبنغلاديش والأرجنتين.
ودعي ما مجموعه 69 دولة لحضور قمة جوهانسبرغ، من بينها جميع الدول الأفريقية، وسبق أن عبّر عدد من هذه الدول عن الرغبة في الانضمام للتكتل، ومن بينها الجزائر ومصر وإثيوبيا.
من جهة أخرى، قال رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إنه يؤيد انضمام الأرجنتين إلى بريكس، مؤكدا أن هذه الخطوة “هامة جدا”.
في الوقت نفسه، شدد دا سيلفا على أن هدف بريكس ليس تحدي التحالفات الدولية الأخرى مثل مجموعة السبع أو مجموعة الـ20، ولا تحدي الولايات المتحدة.
وأوضح أن المجموعة تسعى فقط إلى تنظيم ما يسمى “الجنوب العالمي”.
وتمثل بريكس الآن 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و42% من سكان العالم، وأكثر من 16% من التجارة العالمية.
وقبيل القمة، أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أن بلاده “لن تنجر إلى منافسة بين القوى العالمية”.
وقال رامافوزا، في خطاب متلفز موجه إلى الشعب، “لن ننجر إلى منافسة بين القوى العالمية.. بلدنا ملتزم بسياسة عدم الانحياز”.
وستطرح جنوب أفريقيا على قادة بريكس مقترحا لتوسيع العضوية، ومن المتوقع صدور قرار بهذا الشأن في ختام القمة.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن مسألة توسيع بريكس تثير انقسامات، خصوصا بالنسبة للدولتين الأقوى فيها: الصين والهند.
وذكرت أن الصين تبدي حماسة حيال توسيع التكتل بشكل سريع وزيادة نفوذه، لكن مراقبين يشيرون إلى أن الهند تتوجس من نوايا خصمها الإقليمي، وفقا للوكالة.
المصدر: موقع المنار