تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 25-7-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
نتنياهو يسقط فرص التسويات ويمضي قدماً بالسيطرة على مؤسسات الحكم بإلغاء الرقابة القضائية
الانقسام يهدّد بشل الاقتصاد والجيش في الكيان… والمعارضة تلجأ إلى المحكمة وتلوّح بالتصعيد
لودريان اليوم بلا مبادرة… وميقاتي يعد نواب الحاكم بجواب قانوني على الضمانات خلال ثلاثة أيام
كتب المحرّر السياسيّ
مضى بنيامين نتنياهو نحو إتمام السيطرة على مؤسسات الحكم، والإمساك بمفاتيح الزنزانة التي كانت بانتظاره في دعاوى الفساد، ونحّى الرقابة القضائية من موقع التأثير لتصبح مجرد تصديق بأكثرية يتولى تعيينها بعدما عدل قوام لجنة تعيين القضاة، وألغى ما يُسمّى بقانون مخالفة المعقولية الذي يمكن للمحاكم بموجبه تعطيل أي قرار حكومي او تشريع برلماني، يعرّض هوية الكيان أو قوانينه أو توازناته أو مصالحه للخطر، وقرر نتنياهو أن مصلحته ومصلحة حليفيه ايتمار بن غفير وبتسلائيل سموتريتش تتقدّم على مصلحة الكيان العليا، فصمّ آذانه عن النصائح الأميركية، وعن تلويح اتحاد نقابات العمال (الهستدروت) بالإضراب العام، وتحدّى نصف مليون متظاهر في شوارع القدس المحتلة وحدها، فكسر الجرة وأحرق السفن، وقال للجميع ننجز التعديلات ثم نفاوض، ورد عليه زعيم المعارضة يائير لبيد، أنت كذاب ولن نتفاوض وذاهبون الى المواجهة، ووفقاً لكبار المعلقين والمحللين فإن ما ينتظر الكيان هو مخاض عسير، لا يمكن التنبؤ بمفاعيله، فالمجتمع منقسم عمودياً، والاقتصاد بدأت تظهر عليه علامات الإنهاك. فالشركات الأجنبية كما قال أكثر من مئة من الدبلوماسيين الحاليين والسابقين للكيان في الخارج، لن تبقى بعد إقرار التعديلات القضائية، والخبراء الماليون يتوقعون هجرة للرساميل وتراجعاً في أسعار الأسهم وسعر صرف الشيكل، وارتفاع التضخم والبطالة معاً، والشباب وفق استطلاع رأي صحيفة معاريف ينتظرون فرصاً للهجرة، أما الجيش كما يصف حالته وزير الدفاع، الذي هدّده نتنياهو بطرده من حزب الليكود وإقالته من الحكومة إذا لم يصوّت مع التعديلات، فأقل ما ينتظره هو الضعف والوهن، أمام تزايد أعداد الممتنعين عن تلبية طلب الانضمام الى الخدمة من الاحتياط الذي يمثل ثلثي جيش الاحتلال العامل، وبين الممتنعين مئات ضباط سلاح الجو الذي يشكل عصب جيش الاحتلال، وبينما تتيح التعديلات التي تم إقرارها أمس، لبن غفير وسموتريتش البدء بتنفيذ مشاريعهما في توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي والبيوت من الفلسطينيين، والمزيد من تسليح المستوطنين وتشكيل الميليشيات، فإن هذا يعني المزيد من الاشتعال في الضفة الغربية والقدس.
في لبنان، ينتظر اليوم وصول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في زيارة وصفها بيان الخارجية الفرنسية، بأنها “في إطار مهمته في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول إلى حل توافقي لجميع الجهات المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية”، ما يعني أن المهمة أقرب إلى استطلاع الآراء المتباعدة، والتي يصعب التوفيق بينها دون عرض مبادرة للنقاش، ليست على جدول أعمال لودريان، بحيث تصبح مهمته جزءاً من قواعد إدارة الفراغ، دون إعلان الفشل.
مالياً، التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نواب حاكم مصرف لبنان وبعد اجتماع مطوّل قال وزير الإعلام زياد مكاري إن ميقاتي وعد نواب الحاكم برد قانوني على طلبهم لضمانات قانونية لإقراض الحكومة، خلال ثلاثة أيام، بينما تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يوم الاثنين المقبل، ويلوح نوابه بالاستقالة ما لم يحصلوا على الضمانات القانونية لإقراض الدولة، حيث أوضح مكاري أن لا حديث حتى الآن عن التمديد لسلامة أو تعيين بديل له، أو تكليفه بتصريف الأعمال.
ومع اقتراب موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 الحالي، اجتمع رئيس الحكومة صباح أمس، بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل، مع نواب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مردايان. وقد أفيد أن ميقاتي يعمل لثني النواب عن الاستقالة مطمئناً إياهم بأن الحكومة ستطلب من مجلس النواب إصدار التشريعات والقوانين التي يطلبون.
إلا أن مصادر نيابية استبعدت عبر «البناء» تعيين حاكم مصرف لبنان جديد خلال الأسبوع المقبل، كما خيار التمديد لأن الخيارين يحتاجان الى ثلثي أعضاء مجلس الوزراء، وهذا ليس سهل المنال بظل رفض التيار الوطني الحر وحزب الله التمديد لسلامة وتعيين حاكم جديد قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
وعلمت «البناء» أن الرئيس برّي لا يفضل تسلم نائب حاكم مصرف لبنان صلاحيات الحاكمية لكي لا ترمى مسؤولية الانهيار وما قد يحصل بعد 31 الحالي على عاتقه. وبطبيعة الحال تحمل مرجعيته السياسية المسؤولية. ولهذا يصر نواب الحاكم وفق المعلومات على إقرار جملة تشريعات نيابية وإجراءات حكومية لتغطية الاستمرار بالسياسة النقدية المتبعة لأن أي قرار سيتخذونه من دون تغطية قانونية سيعرّضهم للملاحقة القانونية لاحقاً كما يحصل مع رياض سلامة في الوقت الراهن، ولكن في المقابل لا يستطيعون تحمل وقف التعاميم المصرفية الحالية لا سيما منصة صيرفة وارتفاع سعر صرف الدولار بطريقة جنونية، لذلك نواب الحاكم في موقع لا يُحسَدون عليه.
كما استبعدت المصادر التمديد لسلامة «لأن لا أحد يحملها» وفق تعبير المصادر، لا الرئيس بري ولا الرئيس ميقاتي ولا القوى الخارجية التي كانت داعمة لسلامة في ظل الدعاوى والملاحقة القضائية له في الداخل والخارج وتحميله المسؤولية المباشرة عن الانهيارات في البلد منذ بعد 17 تشرين 2019 حتى الآن.
ووفق مصادر موثوقة لـ»البناء» فإن السيناريو المرجّح والذي يعمل عليه بين المراجع الرئاسية والسياسية هو أنه يتم الاتفاق بين نواب الحاكم والحكومة على خطة تتضمن إصلاحات وإجراءات تشريعية وقانونية تمنح نواب الحاكم بعض الهوامش للاستمرار بسياسة البنك المركزي السابق لا سيما صيرفة مع منح فرصة حتى أيلول المقبل لتطبيق الخطة على أن يتمّ وقف صيرفة تدريجياً، على أن يقدم نواب الحاكم استقالتهم فترفضها الحكومة ويبقون في منصبهم كتصريف أعمال وفق التعاميم السابقة مع بعض الهامش القانوني لتعديل بعض التعاميم. وبهذا الأمر يكون نواب الحاكم أبرأوا ذمتهم المعنوية.
وحضر ملف الحاكمية على طاولة مجلس الوزراء ووضع ميقاتي في مستهلّ جلسة الوزراء بأجواء اجتماعه مع نواب حاكم مصرف لبنان بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزير المالية يوسف الخليل، وتبيّن أنهم «قدموا مشروع خطة متكاملة جاءت متوافقة لا بل مطابقة لخطة الحكومة، ولكن المشكلة هي في استحالة تطبيقها قبل 1/8/2023 ما يستدعي وضع خطة طوارئ للحفاظ على الاستقرار النقدي وتأمين صرف الرواتب وفقاً لسعر صيرفة».
وطلب نواب الحاكم من الحكومة وفق وزير الإعلام زياد مكاري «توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم بإقراض الحكومة من مصرف لبنان في سبيل التمكن من الإنفاق الحكومي الضروري والملحّ (رواتب، ادوية…) كما والتدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف، ولذا قرر المجلس استطلاع رأي الجهات القضائية المختصة ليصار في ضوئه الاجتماع مجدداً مع السادة نواب الحاكم لتقييم الوضع».
ورأى ميقاتي بأن «هناك حوالى 48 ساعة دقيقة، سنرى ماذا سيحصل في موضوع حاكم مصرف لبنان وكيف ستسير الأمور، ودائماً الحديث موجود عن تعيين حاكم لكن تلزمه أجواء ملائمة»، مؤكداً بأنه «لا تمديد أبداً في الوقت الحالي، ولكن أكرّر بأن هناك 48 الى 72 ساعة دقيقة، وسيصار فيها الى اجتماعات بين ميقاتي ونواب الحاكم. ولم يطرح موضوع التمديد أبداً».
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المعركة على الوعي والفهم والقناعات قائمة منذ بدء الخليقة، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المعارك كان قائمًا على شعوب المنطقة بزعم أن الجيش «الإسرائيلي» لا يُهزَم خصوصًا بعدما هُزمت الجيوش العربية، وتُرجم الأمر بأنه أمر واقع، وأن استعادة الأراضي المحتلة عام 1948 أمر مستحيل، ويجب الحديث عن أراضي عام 1967.
ولفت السيد نصر الله في الليلة السابعة من عاشوراء الى أن الحرب الفكرية والإعلامية أشدّ وأخطر من الحروب الأخرى العسكرية والاقتصادية، لأنها تستهدف عقل الإنسان ووعيه وقناعاته وكل ما يشكل سلوكه وموقفه. مشيرًا إلى أن «أدوات هذه المعركة مختلفة، منها الإعلام والإنترنت والكتب والجامعات والأطروحات وغيرها، ونحن نخوض المعركة بكل ساحاتها، وهذه إحدى الساحات».
وأضاف: «إن أهل الباطل يعملون على إخفاء الحقائق عن الناس وحجبها وتغييرها، فيصبح المقاوم إرهابيًّا، ويصبح كيان العدو كيانًا ديموقراطيًّا يرعى حقوق الإنسان في فلسطين»، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر دولة في العالم خلال الـ200 عام شنَّت حروبًا وارتكبت مجازر، وهي أكبر مجرمة في العصر الحالي، وهي تزعم أنها راعية للسلام ومطالبة بحقوق الإنسان.
وأعطى السيد نصر الله مثلًا على قلب الحقائق وبث الشائعات والاتهامات، التقارير الإخبارية التي تمّ ترويجها عن الاتهامات لحزب الله بما هو كذب، في ما يتعلق بانفجار المرفأ وقال، بينما كانت الناس تلملم أشلاء الشهداء، بدأوا اتهام سلاح المقاومة الذي جلب العزة والكرامة للبنان، بأنه هو من فجّر مرفأ بيروت.
ونبّه السيد نصر الله إلى أن «عقول شباننا وشاباتنا وأهلنا مستهدفة، وكلنا لدينا مسؤولية بأن نكون على بينة من أمرنا، ولدينا قناعات مبنية على أسس، ولدينا منطق ودليل، ولذلك طوال 40 عامًا لم يستطيعوا المساس بنا». وقال: التزامنا بمقاومتنا وديننا مرة يكون تقليدًا ورثناه عن آبائنا، ومرة يكون حماسًا وانفعالًا، ومرة نتيجة إيمان واعتقاد يثبت بداخلنا وخصوصًا في محرّم، وعلينا تقوية هذا الإيمان».
أضاف: في الحرب على الوعي يجب أن نهاجم كالمقاومة المسلحة وأن نظهر جرائم أميركا و»إسرائيل» بالحقائق والأدلة والبراهين… خلال معركة الوعي علينا بالصبر والثبات لأننا بذلك يمكن أن نخلق وعيًا مختلفًا، لافتًا إلى أن من جملة الميادين التي انتصر فيها دم الحسين على السيف هي معركة الوعي وهذه مسؤولية على الجميع.
في سياق آخر، اعتبر عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أنّ القصف الأوكراني الذي استهدف الصحافيين بالقنابل العنقودية في قرية بياتيخاتكي بمقاطعة زابوروجيه، جريمة موصوفة، إن لجهة استخدام الذخيرة المحرمة دولياً أو لجهة انتهاك القانون الدولي الذي يكفل حماية الصحافيين أثناء الحروب والنزاعات.
وقال عميد الاعلام في «القومي» إن مقتل مراسل «نوفوستي» روستيسلاف جورافليف وجرح صحافيين آخرين نتيجة القصف الأوكراني، يستدعي تحركاً دولياً واسعاً على الصعد كافة الإعلامية والسياسية والقضائية، ووضع أوكرانيا على لائحة الدول المنتهكة للقوانين والمواثيق الدولية ومحاكمتها على جرائمها.
وتترقب الساحة الداخلية ما سيحمله المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت التي يصلها اليوم، ووفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن لودريان سيجري مروحة واسعة من اللقاءات مع المسؤولين السياسيين ورؤساء الكتل النيابية تمتدّ ليومين وسينقل لهم خلالها أجواء اجتماع اللجنة الخماسية الذي انعقد في قطر على أن يطرح اقتراحات للحل من وحي توصيات خماسية الدوحة، مرجحة أن يعزف لودريان عن فكرة الحوار بين القوى السياسية لكونه لم يذكر في البيان الخماسي وكذلك الأمر عن التسوية الفرنسية التقليدية أي رئيس للجمهورية – رئيس الحكومة.
ويبدأ لودريان جولته من عين التينة، حيث يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ويضعه في نتائج المشاورات بين الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني وفي حصيلة لقاءاته مع المسؤولين القطريين والسعوديين خلال زيارته الى كل من الدوحة والرياض ويبحث مع بري الخيارات وسبل الخروج من الأزمة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي لشؤون لبنان جان إيف لودريان سيزور لبنان في الفترة من 25 إلى 27 تموز المقبل.
وأشار في بيان، إلى أن هذه الزيارة الثانية إلى لبنان تأتي في إطار مهمته في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول إلى حل توافقي لجميع الأطراف المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية. وشدّد على أن هذه خطوة أساسية لإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية التي يحتاجها لبنان بشكل عاجل للمضي قدماً نحو الانتعاش.
ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن لودريان، وفي زيارته الأولى من 21 إلى 24 حزيران الماضي، التقى بممثلي جميع التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني، كما أجرى مباحثات مع السلطات السياسية والدينية والعسكرية. ثم زار الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي لشؤون لبنان المملكة العربية السعودية من 10 إلى 12 تموز، ثم قطر حيث شارك في اجتماع حول لبنان مع السعودية وقطر والولايات المتحدة الأميركية ومصر في 17 تموز، قبل أن يعود إلى المملكة العربية السعودية مرة أخرى في 18 تموز.
وعشية عودة لودريان، استقبل الرئيس بري في عين التينة السفيرة الفرنسية آن غريو، كما استقبلها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وأشارت أوساط مواكبة للحراك الديبلوماسي باتجاه لبنان لــ»البناء» الى أن «الأمور تعقدت بعد بيان الخماسية الذي وجّه ضربة قاسية للمبادرة الفرنسية، لكنها لم تسقط، حيث يعمل لودريان على تعديلها وطرحها بصيغ أخرى تتضمن خيارات عدة وعدم حصرها بخيار واحد»، ولفتت الى أن «أطراف الخماسية سبق ومنحوا الفرنسيين مهلة بغطاء منهم لاختبار نجاح مبادرتهم، لكن لم تسوق عند القوى السياسية اللبنانية وقد بدا ذلك جلياً في نتائج زيارة لودريان الشهر الماضي وعكس هذا الجو اللقاء الخماسي في الدوحة الذي جاء ليلجم المبادرة الفرنسية لصالح تقدم المبادرة القطرية». ولفتت الأوساط الى أن «الظروف الاقليمية والدولية غير مؤاتية لإنتاج تسوية في لبنان ولا مهيأة لانتخاب رئيس للجمهورية»، كاشفة أن «الملف اللبناني ليس على جدول المفاوضات الإقليمية – الدولية كملف بحد ذاته بقدر ما هو إحدى نتائج المفاوضات الخارجية وحصيلة اي تسوية أميركية إيرانية سعودية فرنسية»، وأوضحت أن «الأميركيين لم يسيروا بالمبادرة الفرنسية لأنها تمنح حزب الله رئيساً من فريقه فسارعوا عبر القطريين للتشويش على المبادرة الفرنسية وتعطيل مفاعيلها؛ وهذا ما جرى في اللقاء الخماسي». ورأت الأوساط أن أفق الحل مسدود وقد يطول أمد الفراغ الى العام المقبل إلا إذا حصلت مفاجأة خارجية، أو تغير ما في خريطة الاصطفافات النيابية، مشيرة الى أن «الأميركيين والسعوديين لن يسهلوا انتخاب رئيس في لبنان قبل أن يقبضوا أثماناً في اليمن والعراق وسورية وفي ملفات أخرى».
ودعا نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى «اختيار رئيس للبنان بحجم البلد، أي بمواصفات وطنيّة جامعة، لا رئيسًا بحجم مجموعة أو جماعة أو حزب، فهم يريدون أن يكون مطيَّةً بين أيديهم لسياسات لا تنسجم مع لبنان ولا مع تحريره ولا مع استقلاله»، جازمًا أنّ «الرّئاسة ليست مطيّةً للتّحكّم بالبلد وخياراته، الرّئاسة إدارة لسياسات وطنيّة جامعة يرتاح إليها المواطنون، وتتّفق عليها القوى الأساسيّة ويؤمن بها أغلب اللّبنانيّين».
ورأس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء مخصصة للبحث في موازنة 2023. إلا أن ملف النزوح السوري فرض نفسه على طاولة النقاش من خارج جدول الأعمال حيث «وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين شنّ هجومًا عنيفًا على وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، على مجموعة الـ»واتساب»، ووَصفه بالمرتَهن إلى الخارج، وبأنّه لا يريد حلّ ملف النزوح السوري».
ويزور السراي الحكومي صباح اليوم وفد من الاتحاد العمالي العام لتسجيل تحفظه على بنود الموازنة لا سيما لجهة فرض رسوم بنسب عالية على المعاملات الرسمية وضريبة الدخل على الرواتب بالدولار.
وبعد قرار مجلس شورى الدولة منذ أسبوع القاضي بإسقاط السريّة عن تقرير التدقيق الجنائي، أصدر قاضي العجلة الإداري كارل عيراني قراراً بإلزام وزارة المالية تسليم النائب سامي الجميّل التقرير المبدئيّ المتعلق بالتدقيق الجنائي لحسابات وأنشطة مصرف لبنان المعدّ من قبل شركة «ألفاريز آند مارسال» وذلك بصورة فورية ومن دون إبطاء.
على صعيد آخر، أكد رئيس مجلس إدارة قطاع البترول بالتكليف غابي دعبول أن «الحفّارة التي استقدمتها شركة «توتال انرجيز» الى لبنان وصلت الى شواطئ البرتغال، ستتوقف في جبل طارق لتغيير الطاقم والتزوّد ببعض المواد، وستصل الى موقع الحفر على الحدود اللبنانية البحريّة ليلة 14 آب»، مشيراً الى أن «الحفّارة ستتموضع وستأخذ بين 8 الى 10 أيام لتصبح جاهزةً لبدء عملية الحفر».
اللواء:
«عضّ أصابع» بين ميقاتي ونواب الحاكم حول غطاء تمويل الدولة!
مهمة لودريان: بند وحيد التوافق على رئيس.. وبخاري يكرِّم المفتي غداً
مهلة الخميس، أي بعد 48 ساعة حدّدها نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي تريَّث بالردّ على طلب الاربعة الذين خيَّروه على مرأى ومسمع شاهدين من «بيته الحكومي» نائبه سعادة الشامي ووزير المال يوسف خليل، بين تغطية قانونية للانفاق من الاحتياطي او الاستقالة، فاستمهلهما يومين للرد على الطلب.
في وقت تحدثت فيه مصادر وزارية لـ«اللواء» عن اتجاه جدّي لعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل يوم الجمعة المقبل، للبحث في خيارات المرحلة الانتقالية في مصرف لبنان، عشية حزم الحاكم رياض سلامة اوراقه والمغادرة عند الساعة صفر من ليل الاثنين – الثلاثاء المقبلين، بعد ان يكون اجرى جردة حساب غداً في حوار تلفزيوني، كان مطلوباً قبل اقفال الباب في مصرف لبنان، لكشف او تحديد بعض اسرار او وقائع..
وتتحدث المعلومات عن الكلام بعد نهاية الاجتماع بين ميقاتي ونواب الحاكم الاربعة ان البحث جارٍ عن صيغة قانونية سياسية تغطي توليهم ادارة المصرف المركزي، فإن كانت مقبولة لديهم قضي الامر،.. وإلا فخيار الاستقالة.. التي تحتاج الى قبول في مجلس الوزراء، او تكليف بالاستمرارية في الموقع من زاوية ادارة المرفق العام..
وكان الرئيس ميقاتي قبل ترؤس جلسة مجلس الوزراء، عقد اجتماعاً بحضور الشامي وخليل مع نواب الحاكم: وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين، والكسندر مردايان، من زاوية الاستماع الى مطالب الاربعة وثنيهم عن الاستقالة مطمئناً إياهم بأن الحكومة ستدرس تلبية مطالبهم ضمن القوانين المرعية..
وعلى هذا اصبحت استقالة النواب الاربعة مؤجلة بعد قرار مجلس الوزراء امس استطلاع رأي الجهات القضائية المختصة ليصار في ضوئه الإجتماع مجدداً مع نواب الحاكم لتقييّم الوضع. وسيعقد اجتماع آخر بين ميقاتي والنواب اربعة اليوم او غدا لإستكمال البحث والاجابة عن بعض الاستفسارات المواجهة اليهم وتعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس لتقرير الموقف.
وعرض الموقف على جلسة مجلس الوزراء، الذي بدأ ببحث بنود الموازنة للعام 2023، فكان الاتجاه القوي لدى قسم من الوزراء تعيين حاكم جديد، لكن وزراء آخرين آثروا صرف النظر عن هذا الخيار حالياً، وكان هو موقف الرئيس ميقاتي، الذي تحدث عن السير بهذا الخيار «متى نضجت الظروف التي تسمح بذلك» على حدّ تعبير الرئيس ميقاتي، الذي كشف عن مشاورات مكثفة لتمرير المرحلة بأقل الاضرار، لا سيما وان من حق الحكومة وواجبها تسيير سير المرفق العام..
وحسب وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد مكاري فإن النواب قدموا لميقاتي مشروع خطة متكاملة جاءت متوافقة ومطابقة لخطة الحكومة، لكن المشكلة هي في استحالة تطبيقها قبل 1/8/2023، مما يستدعي وضع خطة طوارئ للحفاظ على الاستقرار النقدي وتأمين صرف الرواتب وفقاً لسعر صيرفة.
وكشف ان النواب طلبوا من الحكومة توفير الغطاء القانوني الذي يسمح لهم باقراض الحكومة من مصرف لبنان للإنفاق الحكومي الضروري (رواتب، أدوية)، والتدخل في سوق القطع لاستقرار سعر الصرف..
مهمة لودريان
ومع هذا الانشغال الرسمي – الحكومي – النيابي – المصرفي، وتشديد المصارف العاملة الخناق على المودعين والمواطنين باقفال الابواب، الا غبّ الطلب، وكأن هذا هو دور المصارف في العمليات التجارية والمالية في الانظمة الاقتصادية الحديثة، يصل الموفد الشخصي الرئاسي جان إيف لودريان، ومعه مهمة محددة، كشف عنها بيان الخارجية الفرنسية، الذي تحدث عن ان زيارة لودريان الثانية (الاولى كانت من 21 الى 24 حزيران الماضي)، اي بعد شهر تأتي «في اطار مهمة في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول الى حلّ توافقي لجميع الاطراف المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية».
ومع هذه العودة يتحرك ملف الرئاسة في إطار النقاش مع زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي وفق لما أكدت عليه مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» مستبعدة أن تكون هناك مبادرة جاهزة طالما أن اللقاء الخماسي لم يطلق مبادرة محددة و ترك الأمر بيد الأفرقاء في الداخل.
وفي المعلومات ان مهمة لودريان المنسقة مع «المجموعة الخماسية» وخاصة مع المملكة العربية السعودية تنقل الى المسؤولين ورؤساء الكتل، لا سيما الرئيسين نبيه بري وميقاتي الاجواء الدولية والعربية، حول ضرورة انهاء الشغور بالملف الرئاسي اللبناني، وشخصيات اخرى ذات صلة..
وحسب المصادر الفرنسية المطلعة على المهمة، فإن «الحل التوافقي»، يعني التنازل لمصلحة مرشح ثالث، يمكن الاتفاق عليه..
وبالتالي فإن المهمة لا ترتبط بتسوية تتضمن حكومة ووزراء وادارة، بل تقتصر على توفير التوافق حول شخصية رئيس ينتخب بالاتفاق ويكون خطوة ضرورية لاعادة تفعيل عمل سائر المؤسسات.
وحسب المعلومات فإن لودريان سينقل للمسؤولين الذين سيلتقيهم ان الوقت لا يعمل لمصلحة البلد، الذي تحرص فرنسا على عدم تركه وحيداً، بدفع قوي من الرئيس ايمانويل ماكرون.
وعشية الزيارة، بحثت السفيرة آن غاريو، التي نقلت من لبنان لأن تتولى منصب مديرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، في الخارجية الفرنسية، مع كل من الرئيسين بري وميقاتي آفاق التعاون الفرنسي – اللبناني، وما يحيط ببرنامج زيارة لودريان، وموعد اللقاء مع كل منهما، مع الاشارة الى برنامج لقاءات لودريان، التي قد تشمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وربما قائد الجيش العماد جوزاف عون من خارج الكتل والتيارات المتمثلة في المجلس..
تكريم سعودي للمفتي
وفي اطار، ليس ببعيد عن التحضيرات الجارية لمواكبة التحرك الفرنسي الجديد تجاه لبنان، يقيم السفير السعودي في بيروت وليد بخاري غداً حفلاً تكريمياً لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في منزله في اليرزة، بحضور حشد من الشخصيات النيابية والسياسية وممثلين لكل من الرئيسين بري وميقاتي والمراجع الروحية.
سفير قطري جديد
الى ذلك، اصدر امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اصدر قرارا بتعيين الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني سفيرا مفوضا فوق العادة في لبنان، بدل السفير ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي الذي انتهت مهامه وقام بزيارات وداعية لكل المسوؤلين والسياسيين والقادة الروحيين.
وكان السفير الجديد يتولى مهام رئيس الديوان الاميري في قطر منذ العام 2020، وهومن المناصب العليا في الدولة، ويتابع كل الملفات التي يتابعها امير البلاد ومنها ملف لبنان.
مجلس الوزراء
حكومياً، ترأس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس، في السرايا شارك فيها نائبه الشامي و16 وزيرا بينهم وزيرا المهجرين عصام شرف الدين والسياحة وليد نصار، وجرى عرض ارقامالموازنة على الوزراء لدرسها قبل العودة لجلسة اخرى قريبا لمناقشتها واقرارها.
وتبين حسب المعلومات ان قيمة العجر في الموانة تبلغ نحو 34 الف مليار ليرة، وان معظم وارداتها ستكون من الضرائب والرسوم الجديدة والدولار الجمركي وفواتير الكهرباء والهاتف والتراخيص وغيرها على اساس سعر «صيرفة»، ما يعني زيادة الاعباء على المواطنين بنسبة تقارب 600 بالمئة.عدا عدم تضمنها في المادة 80 إدخال العطاءات والزيادات على رواتب موظفي الدولة في اساس الراتب والتعويضات.
لكن أوضح وزير المال يوسف الخليل بعد الجلسة «أن مسألة الضرائب فُهِمَت بشكل خاطئ، والجلسة كانت مخصصة فقط لمناقشة الموازنة وستُستَكمل بجلسة الأسبوع المقبل».
وافادت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن ايا من الوزراء لم يطرح التمديد التقني لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورأت أن ملف حاكمية لا يزال يخضع للأخذ والرد والقرار غير محسوم وأوضحت أنه يجب أن يخرج هذا الاسبوع بصيغته النهائية.
اما تعيين حاكم جديد فغير وارد على الإطلاق حتى وإن تعذر تكليف نائب الحاكم الأول.
ولفتت إلى أن مداولات قانونية ومالية تشق طريقها في اليومين المقبلين قبل أن يتظهر التوجه الذي يعتمد.
إلى ذلك توجه وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين إلى ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب متهما اياه بالأرتهان إلى لاتحاد الاوروبي كما قال على مجموعة الواتساب الخاصة الوزراء، وكشفت المعلومات أن الوزير شرف الدين كان مستاءا لوصفه من قبل بو حبيب بالوزير الحشري ولذلك رد عليه بهذا الاتهام وبخرقه سيادة القانون في ملف النازحين.
ماليا، أصدر قاضي العجلة الإداري كارل عيراني قراراً بإلزام وزارة المالية تسليم النائب سامي الجميّل التقرير المبدئي المتعلق بالتدقيق الجنائي لحسابات وأنشطة مصرف لبنان المعدّ من قبل شركة «ألفاريز آند مارسال» وذلك بصورة فورية ومن دون إبطاء.
إشكالات في المصارف
في التحركات من قبل المودعين، شهد فرع مصرف «فرنسبنك» في رياق إشكالاً بين شاب من عائلة شومان وموظف في المصرف من عائلة عواضة، على خلفية إشهار الأخير سلاحاً حربياً في وجه شومان الذي كان يطالب بوديعته المالية، ما دفعه إلى استقدام عدد من أقاربه الذين اقتحموا المصرف. وفرض فوج التدخل السادس في الجيش اللبناني طوقاً عسكرياً في محيطه.
وبعد الإشكال، توجّه شومان إلى فصيلة رياق وتقدّم بشكوى ضدّ الموظف بجرم التهديد بالقتل.
في غضون ذلك، دعت جمعية «صرخة المودعين»، لمؤازرة المودعين أشرف صالحة ووسيم حاطوم, أمام مخفر سن الفيل خلف مبنى بلدية سن الفيل، بعد أن أقدم المودعان في وقت سابق على إقتحام بنك بيبلوس في سن الفيل, وخرجا خاليي الوفاض, في حين إدعت إدارة المصرف عليهما في جرم إقتحام الفرع.
الاخبار:
مناورات الحاكم في آخر أيام ولايته: سلامة يوقف منصّة «صيرفة»
ثمّة مؤشّرات في السوق تُشتمّ منها رائحة تخريب قد يقوم به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأعوانه من القوى السياسية والفاعلين في السوق. فقد تبيّن أن مصرف لبنان أوقف، يوم الجمعة الماضي، شراء الدولارات من السوق مقابل الليرات «حتى إشعار آخر»، وذلك بعدما عرض على نوابه الأربعة في الجلسة الأخيرة للمجلس المركزي ألا يلجأوا إلى تعديلات واسعة في منصّة «صيرفة» كالتي يعتزمون القيام بها، والتي وردته تقارير بشأنها من اللجنة التي يرئِسها النائب الثالث سليم شاهين وتجتمع مع ممثلين عن «بلومبيرغ» و«رويترز» والمسؤول في مصرف لبنان عن المنصة عباس عواضة.
رياض سلامة ذاهب إلى البيت، ويسعى لإظهار ما سيلي بأنه «الطوفان»، ولو أنه لن يقولها صراحة وعلناً في لقائه المتلفز غداً. لذا، سيكون الخميس المقبل يوماً حامياً، قد تصل فيه الأمور إلى حدّ استقالة النائب الأول وسيم منصوري والنائب الثاني بشير يقظان قبل نهاية ولاية سلامة. بحسب ما يرد من أخبار نواب الحاكم.
تتقاطع المعطيات بشأن ما حصل الجمعة الماضي لجهة توقّف مصرف لبنان عن ضخّ الليرات وشراء الدولارات من السوق. وقالت مصادر مصرفية إن سليم الخليل، وهو بمثابة صلة الوصل بين مصرف لبنان والصرّافين والمصارف، تلقّى تعليمات واضحة من الحاكم بتعليق ضخّ الليرات وشراء الدولارات من دون تحديد موعد لاستئناف العمل كالمعتاد. فالآلية التي أسّسها سلامة خلال الفترة الماضية، قضت بأن يكون الخليل، بالتعاون مع الاعتماد المصرفي، بمثابة موزّع حصري لليرات من مصرف لبنان إلى السوق.
وانتشر أمس خبر توقف العمل بالمنصة بعدما أبلغت مصارف زبائنها أن مصرف لبنان توقّف عن استقبال الطلبات، علماً أن مصرفيين أشاروا إلى تراجع العمل على المنصة منذ الأسبوع الماضي، ربطاً بمخاوف من انهيار وشيك في سعر الصرف، أو تأخر عمليات التحويل.
ولم تكن هذه هي الإشارة الوحيدة التي وجّهها سلامة إلى السوق قبل نحو عشرة أيام من نهاية ولايته، إذ إنه أبلغ نوابه الأربعة، في اجتماع المجلس المركزي الخميس الماضي، بأن أي منصّة جديدة أو أي تعديلات على منصّة «صيرفة» ستغيّر آليات العمل جذرياً وتحتاج إلى وقت، فيما مصرف لبنان «تعب حتى شكّل صيرفة». قال ذلك، وهو يدرك تماماً ما هي الخطوات التي يطلبها نوابه الأربعة لتسلّم النائب الأول وسيم منصوري منصب الحاكم. وألمح سلامة إلى أنه تصعب السيطرة على سوق الصرف، وأنه أسّس للآلية التي تمنحه هامشاً واسعاً من هذه السيطرة عبر «صيرفة». وأمام صعوبة الاستنتاج بأن «قلب الحاكم» على البلد وعلى سعر الصرف، فإن الاستنتاج الأوضح هو أن السوق سيفهم الإشارة جيداً إلى أن تأسيس منصّة جديدة سيؤدي إلى فلتان السوق وانهيار متسارع في سعر الليرة مقابل الدولار.
أبلغت مصارف زبائنها بأن مصرف لبنان توقّف عن استقبال طلبات «صيرفة»
في هذا الاجتماع، كان يُفترض أن يناقش المجلس المركزي الآليات التي ستعرضها اللجنة المخصّصة لمناقشة «صيرفة» برئاسة النائب الثالث، وبحضور المسؤول عن المنصة وممثلين عن «رويترز» و«بلومبيرغ». وتدرس هذه اللجنة منذ وقت غير قصير آلية العمل على منصّة صيرفة، وسبل تحويلها إلى منصّة شفافة ذات عمق مالي يتيح لها التعامل مع سعر صرف غير مدعوم وإدارته بشكل علمي وتقني. وبالاستناد إلى مناقشات اللجنة والدراسات التي عرضها شاهين، فإن الأمر يتطلب تحرير سعر الصرف مع إبقاء نافذة دعم لرواتب موظفي القطاع العام. وهذه الخطوة تحتاج إلى تغطية تشريعية من مجلس النواب للإنفاق من موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية أو ما يُسمّى الاحتياطات الإلزامية، والتي يعتقد نواب الحاكم أنها تدنّت عن المستوى القانوني لها خلافاً لرغبتهم ولما صوّتوا عليه مرات عدة في المجلس المركزي.
تعامل سلامة مع الفريق الذي أنشأه لتشغيل «صيرفة»، ثم تلويحه بأن ما بعد المنصة هو انهيار في سعر الصرف، ليسا سوى رسالة واضحة منه لمن يريد أن يفهم. ورغم استبعاد أن تكون الرسالة موجّهة إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ولا سيما أنهما منذ فترة نعيا علناً التمديد لسلامة أو أي آلية قانونية أو غير قانونية قد تتيح له الاستمرار لفترة أطول، إلا أن الرسالة يوم الجمعة جاءت مباشرة بعد تصريحات الرئيس برّي عن استحالة التمديد لسلامة. والرئيس ميقاتي هو الآخر، لا يزال يدرس أسماء المرشحين لخلافة سلامة أملاً بأن يتمكن من إقناع حزب الله، وربما التيار الوطني الحرّ أيضاً، بجلسة لمجلس الوزراء تُعيّن الخلف.
في السياق نفسه، يعتقد مصرفيون بأن الرسالة قد لا تنطوي على تهديد سياسي كالذي يُروّج له، إنما هي خطوة أولى في توجيه الإشارات إلى السوق قبل يوم غدٍ الأربعاء، أي حين سيظهر سلامة على التلفزيون وما ستتضمّنه كلماته من تهديدات مبطّنة وربما مباشرة بما ينطوي عليه الأمر من مخاطر تتعلق برمي كرة النار في أحضان القوى السياسية التي كان سلامة ينوب عنها في إدارة النقد والاقتصاد بكل التفاصيل.
لعنة جنين وراء العدو: نموذج العبوات الناسفة يتنقّل
رام الله | في غضون ساعات قليلة فقط، مُنيت ثلاث عمليات عسكرية لجيش الاحتلال في الضفة الغربية بالفشل الذريع، إذ لم تُحقّق أيّ منها أهدافها، فيما استطاع المقاومون توجيه ضربات قوية إلى العدو خلالها. وبدا اقتحام مخيم نور شمس شرقي طولكرم، والذي انطلق فجر أمس، شبيهاً بالعدوان الأخير على مخيم جنين؛ إذ دفع جيش الاحتلال أثناءه بآلياته وجرافاته العسكرية الضخمة إلى أزقة المخيم (أكثر من 60 آلية عسكرية وجرافة ثقيلة)، وبدأ بتجريف الشوارع والأزقة خشية من العبوات الناسفة المزروعة في الأرض، ما تسبّب بتدمير شبكات الماء والكهرباء والاتصالات، لكن المقاومة كانت حاضرة بقوة في المقابل، واستطاعت إفشال هدف العدوان، وبرهنت على التطوّر الكبير في أدائها، وتحديداً في صناعة العبوات الناسفة. وخلّفت العملية إصابة أربعة مواطنين برصاص الاحتلال، وتسعة آخرين بالشظايا، فيما منع جنود العدو الطواقم الطبّية من التعامل مع الجرحى والوصول إليهم، كما اقتحموا منزل القيادي في حركة «حماس» في المخيم، فتحي القرعاوي، ونكّلوا بعائلته، واعتقلوا نجله الأسير المحرَّر مؤمن.
وعلى رغم دفع جيش الاحتلال بقوات كبيرة إلى «نور شمس»، واستعانته بالوحدات الخاصة، إلّا أنه لم ينجح في تصفية المقاومين أو اعتقالهم، بل وتلقّى ضربات بعبوات ناسفة جديدة، ذات قوّة تفجيرية كبيرة. وفي هذا السياق، أعلنت «كتيبة طولكرم»، في بلاغ عسكري، أنها استخدمت، للمرّة الأولى، عبوة من نوع «سيف 1»، وهي المنسوب اسمها إلى الشهيد سيف أبو لبدة الذي ارتقى في اشتباك مسلّح بالقرب من مدينة جنين مع الشهيدَين خليل طوالبة وصائب عباهرة في الأول من رمضان من عام 2022. وكشفت الكتيبة بعضاً من تفاصيل العملية، مشيرةً إلى أن قوات الاحتلال أحكمت الحصار حول المخيم، لكن بـ«معية الله وتمكينه لجندنا، تمكّنا من التصدّي لقوات وآليات الاحتلال بصليات كثيفة ومتتالية من الرصاص والعبوات المتفجّرة على أكثر من محور، محقّقين الإصابات المباشرة في صفوف العدو»، مضيفةً أنه نُفّذت أيضاً عدد من الكمائن التي سيُكشف عنها لاحقاً. وتابعت أن «الاحتلال خرج وهو يجرّ أذيال الخيبة، من دون أن يحقق أيّاً من أهداف هذا العدوان الغادر سوى الدمار في الشوارع والبنية التحتية للمخيم وتخريب وتدمير المنازل بشكل مباشر ومتعمّد على رؤوس المدنيين».
وتناقل الإعلام العبري، بالفعل، مقاطع مصوّرة لتفجير العبوات الناسفة بآليات الاحتلال في «نور شمس»، وهو ما علّقت عليه «القناة الـ14» العبرية بأن «القوات الإسرائيلية عملت الليلة الماضية في مخيم نور شمس من أجل “إحباط عمليات إرهابية”، لكن المسلّحين في المخيم وضعوا العشرات من العبوات الناسفة في مسارات الاقتحام ومن تحت الأرض. خلال العملية، تمّ استخدام قوات الهندسة ومعدّات ثقيلة للكشف عن العبوات، تمّ على الأقل تحييد عشر عبوات ناسفة». وفي المقابل، احتفى سكان المخيم، الذين وثّقوا بالمقاطع المصوّرة الاشتباكات المسلّحة وتفجير العبوات الناسفة خلال الاقتحام الذي استمرّ لساعات، بالمقاومين، عقب انسحاب قوات الاحتلال من «نور شمس»، مؤكّدين التفافهم حول خيار المقاومة عل رغم الدمار الهائل الذي أحدثه جيش العدو. وعلى غرار ما قام به في مخيم جنين من تدمير لممتلكات المواطنين والبنية التحتية ومرافق الخدمات العامة، لمعاقبة الأهالي على احتضانهم المقاومة، خلّف الاحتلال في «نور شمس» خراباً ودماراً كبيرَين – حيث قُدرّت الخسائر بملايين الدولارات -، في محاولة منه لكسر إرادة المخيم، وتأليب الجمهور ضد المقاومين.
تتصاعد الدعوات إلى الرباط في المسجد الأقصى يوم الخميس المقبل
وبالتزامن مع ذلك، شنّت قوات الاحتلال عدواناً على مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا، حيث احتلّ جنودها أسطح البنايات العالية ونشروا عليها قناصتهم، وأطلقوا طائرة مسيّرة في محيط المنطقة، وطالبوا شابّاً بتسليم نفسه، في وقت تصدّت فيه مجموعات المقاومة لجنود العدو خلال محاصرتهم أحد المنازل. وانجلى غبار المعركة عن فشل الاحتلال في تحقيق هدفه من العملية، بينما أكدت «كتيبة أريحا» أن مقاتليها استهدفوا جنود العدو بعمليات إطلاق نار في مختلف مناطق المخيم. وما إن انسحب جيش الاحتلال من طولكرم وأريحا، حتى اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية مخيم عسكر القديم في مدينة نابلس، وحاصرت منزلاً هناك بغية اعتقال أو تصفية مقاوم، لتحظى بعدها بتعزيزات عسكرية إضافية. وفور تطويق المنزل، طالب جنود العدو أحد المقاومين بتسليم نفسه، إلا أن الأخير رفض الاستسلام ونجح في الانسحاب، على رغم أن الجنود أحضروا طفله وحوّلوه إلى درع بشري لإجباره على الاستسلام، بينما استهدف المقاومون قوات الاحتلال بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات محلّية الصنع.
ويبدو، ممّا حصل أمس، أن «كتيبة طولكرم» أعلنت عن نفسها بقوة، على خُطى «كتيبة جنين»، فيما من المتوقّع أن تُحدث العبوات الناسفة التي استخدمتها حالة من الإرباك في صفوف قوات الاحتلال ومنظومته الأمنية، على غِرار ما فعلته العبوات في مخيم جنين. وعلى ضوء هذا المستجدّ، قد يكون العدوان على «نور شمس» مقدّمة لعملية واسعة على غرار ما حصل في جنين، على اعتبار أن النموذج الذي أسّسه المقاومون في الأخيرة انتقل بكلّ قوّة إلى طولكرم، وقد يصل إلى أماكن أخرى. وفي هذا الإطار، علّقت بعض وسائل الإعلام العبرية على أحداث «نور شمس» بالقول: «ليس فقط في مخيم جنين… لاحظوا كيفية تفجير عبوة قوية ضدّ مركبة هندسية للجيش الإسرائيلي، دخلت مخيم نور الشمس الليلة في طولكرم». على أن القلق الأمني الإسرائيلي لا يقتصر على مخيمات الضفة الغربية فقط، بل إن الاحتجاجات الداخلية الإسرائيلية انعكست بدورها مخاوف أمنية، خاصة في ظلّ سخونة الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، والتنسيق الكبير بين قوى المقاومة. وفي السياق، نقل مراسل موقع «والا» العبري، أمير بوخبوط، عن مسؤول أمني قوله إن «حماس وحزب الله يعتقدان أنه من الممكن الآن زيادة العمليات ضدّ إسرائيل».
وبالتزامن مع هذا التصعيد في الضفة، تتّجه الأنظار، خلال اليومَين المقبلَين، إلى مدينة القدس المحتلة، والتي ستشهد يوم الأربعاء المقبل مسيرة للأعلام الصهيونية، تحشد لها «منظّمات الهيكل» المزعوم ومنظّمات اليمين الاستيطانية. ومن المقرّر أن تنطلق المسيرة في تمام الساعة 9:45 ليلاً، وسط دعوات مقدسية إلى التصدّي لاقتحامات المستوطنين، خاصة أنها تستهدف أبواب المسجد الأقصى، الجديد والزاهرة والعمود والأسباط، لتنتهي بالدخول إلى البلدة القديمة من باب المغاربة ثمّ إلى ساحة البراق. كذلك، تتصاعد الدعوات إلى الرباط في المسجد الأقصى يوم الخميس المقبل، لصدّ اقتحامات جماعات المستوطنين في ما يسمّى «ذكرى خراب الهيكل»، وهي مناسبة من شأنها أن تُحوّل القدس إلى ثكنة عسكرية، مع ما يرافق هذه الإجراءات عادةً من تصاعد في الاعتداءات على المقدسيين.
إسرائيل… حرب «القبائل»
إسرائيل نحو أزمة دستورية غير مسبوقة | نتنياهو لخصومه: فلْتكُن «حرب وجود»
بعد مضيّ نصف عام على بدء الاحتجاجات العاصفة، صادق «الكنيست» الإسرائيلي بالقراءتَين الثانية والثالثة، أمس، على القسم الأول من «الانقلاب القضائي»: قانون «إلغاء ذريعة عدم المعقولية»، في عملية ظلّلتها أجواء مشحونة. وفيما حاول وزير الأمن، يوآف غالانت، إقناع وزير القضاء، ياريف ليفين، بالتخفيف من صيغة القانون، وثّقته عدسات الكاميرا يتوسّل الأخير، بالقول: «أعطِ لهم (المعارضة) أيّ شي». ولكن، وسط ذلك كلّه، كانت التحفّظات الـ140 المقدّمة على القانون تسقط تباعاً، ليصبح نافذاً… فيما كان غالانت نفسه من بين الذين صوّتوا لمصلحته
«حكومة الخراب… حكومة الخراب… حكومة الخراب»؛ هكذا تعالت هُتافات أعضاء المعارضة في خضمّ التصويت على 140 تحفُّظاً قُدّمت على قانون «إلغاء ذريعة عدم المعقولية»، قبل انسحابهم من قاعة الهيئة العامة لـ«الكنيست» لحظة التصويت على القانون بالقراءتَين الثانية والثالثة، ونفاذه بعدما صوّت «معكسر المؤمنين» بقيادة بنيامين نتنياهو، بكامل أعضائه الـ64، لمصلحته، مجتازاً بذلك أوّل عتبة في سلّم خطّة «الانقلاب القضائي» المكوّن من ثمانية قوانين، هدفها تقويض مكانة السلطة القضائية.
أمّا خارج مبنى «الكنيست»، وفي محيط «المحكمة العليا» في مدينة القدس المحتلّة، وبينما تدافع أعضاء الائتلاف لالتقاط صور «السيلفي» مع عرّاب الخطّة، وزير القضاء ياريف ليفين، بعد انتهاء التصويت، فقد كان آلاف المحتجّين يواصلون صرختهم لإيقاف «الأبوكاليبس» الذي سيقود إسرائيل إلى «الهاوية». مع ذلك، لم تشفع الصرخات ولا حتى التحذيرات الأمنية أو اللقاءات الماراثونية التي عقدها الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، مع قادة المعارضة والائتلاف لوقف «المجزرة القانونية». وفي أول تعليق لزعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، بعد تمرير القانون بالقراءة الثالثة والأخيرة، أكّد «(أننا) لن نستسلم ولن يقرّر المتطرّفون شكل الدولة»، معلناً أن «المعارضة ستقدّم استئنافاً للمحكمة العليا (اليوم) ضدّ قانون إلغاء ذريعة عدم المعقولية»، ما يعني دفع إسرائيل نحو أزمة دستورية لم تعهدها من قَبل. والسبب وراء ذلك يكمن في احتمالية إقدام المحكمة العليا على إلغاء القانون الذي يندرج كبند في «قانون أساس: القضاء»؛ إذ بحسب ما قاله الخبير في القانون الدستوري والإداري، أريئيل باندور، في حديث سابق إلى «القناة 12» الإسرائيلية، فإن «إلغاء ذريعة عدم المعقولية هو بند جديد في قانون الأساس، وليس قانوناً عادياً، وبالنسبة إلى المحكمة العليا هناك قيود على سلطة الكنيست لسنّ قانون أساس يرتبط بقضايا لا يمكن إدراجها في الدستور (المستقبلي)، خصوصاً أن هذا الأخير يجب أن يجسّد المبادئ والقيم المستمدّة من وثيقة الاستقلال كوثيقة ذات مكانة دستورية».
من جهته، حاول نتنياهو التخفيف من هول «الكارثة»، معلناً في تصريحات أدلى بها مساءً «(أننا) سنواصل السعي من أجل المفاوضات والتوصل إلى اتفاقات… نحن لا نتنازل عن فرصة تحقيق اتفاق واسع، وأقول لكم إن ذلك ممكن»، مدّعياً أن ائتلافه «سيتواصل مع المعارضة خلال الأيام القريبة بغية إجراء حوار يفضي إلى اتفاق شامل حول كل شيء»، زاعماً في الوقت نفسه أنه «لن يسيطر أي طرف على المحكمة العليا. وهذا لن يحدث خلال ولاية الحكومة الحالية». وكان اعتبر وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، أن مصادقة «الكنيست» على القانون نهائياً، جعلت إسرائيل «أكثر ديموقراطية ويهودية»، مضيفاً: «أنا سعيد لتمكّننا من اجتياز الخطوة الأولى (في خطة الانقلاب القضائي)». وتابع موجّهاً كلامه إلى المحتجّين: «أقول لليسار والمحتجّين… أنتم إخواننا ونحبّكم، لكن مهمّتنا هي الحُكم، وتنفيذ سياسة يمينية كاملة. اليوم ستدركون الفرق بين هذه الحكومة والحكومات السابقة، وبعون الله، هذه ليست إلّا البداية».
اعتبر إيتمار بن غفير أن مصادقة «الكنيست» على القانون نهائياً، جعلت إسرائيل «أكثر ديموقراطية ويهودية»
أمّا الحركة الاحتجاجية التي تقود التظاهرات، فأعلنت أنها ستواصل الاحتجاج حتى النهاية «ضدّ حكومة الخراب التي صوّتت لسحق إسرائيل». وفي بيانٍ أصدرته «قوة كابلان» التي تقود التظاهرات المركزية في تل أبيب، أكّدت أنها عازمة على «التصعيد والقتال كما لم نحارب من قبل… لقد بدأنا للتوّ». وفي موازاة ذلك، كشف رئيس «اتحاد النقابات العماليّة الإسرائيلية» (الهستدروت)، أرنون بن دافيد، أنه سيجتمع إلى مسؤولين نقابيين لمناقشة إعلان الإضراب العام، بعدما أقرّ «الكنيست» القانون، ما يعني أن إسرائيل قد تشهد تعطيلاً كاملاً للاقتصاد. وأتى إعلان بن دافيد، بعدما حاول في وقتٍ سابق، أمس، التوسّط بين المعارضة والائتلاف للتوصّل إلى تسوية قبل طرْح القانون على التصويت، غير أن جهوده باءت بالفشل، بسبب ما وصفه بـ«الأهواء السياسية» التي غلبت على «الخلافات البسيطة». وعلى إثر فشله، حذّر رئيس «الهستدروت» من أن عواقب وخيمة ستكون نتيجة أيّ تقدّم أحادي الجانب، قائلاً: «إما أن تمضي الأمور إلى الأمام مع وجود اتفاق واسع، أو أنها لن تتقدّم على الإطلاق». وفي سياق متصل، أعلنت نقابة الأطباء المتخصصين، أن 73% من الأطباء هؤلاء يؤيدون الاحتجاجات ضدّ الخطة، واتخاذ إجراءات واسعة لإسقاطها. وفي ضوء ذلك، دعت جميع الأطباء المنضوين في إطارها إلى «عقد اجتماعات طارئة غداً في جميع أنحاء البلاد، والتحوّل إلى العمل بحالة الطوارئ (العمليات العاجلة)». كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في النقابة قولها إن «الأخيرة ستعلن الإضراب اليوم».
وشهدت إسرائيل، أمس، اجتماعات مكثّفة بين مسؤولين أمنيين وسياسيين من الائتلاف والمعارضة على حدٍّ سواء، في محاولة لاستخدام «العجل المقدّس» مخرجاً للأزمة التي قسّمت المجتمع على نحو غير مسبوق، مطاولةً في آثارها وانعكاساتها الأمن والجيش والاقتصاد. وفي هذا الإطار، كشفت «إذاعة الجيش» أن كبار المسؤولين في الجيش اجتمعوا إلى أعضاء في المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، في محاولة لإقناعهم بضرورة التوصّل إلى تسوية مع المعارضة، والموافقة على تليين صيغة القانون قبيل التصويت عليه، وذلك من طريق استعراض «الوضع الأمني وجهوزية الجيش والعدد الحقيقي للرافضين للخدمة، والتهديدات الناجمة عن اتّساع رقعة الرفض أو الامتثال لأوامر الاستدعاءات العسكرية». وشارك في الاجتماع، قائد شعبة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية («أمان»)، أهارون حاليفا، حيث قدّما إحاطة حول الوضع داخل الجيش في ظلّ الانقسامات الحادّة الحاصلة، و«وباء» رفض الخدمة الذي ما فتئ يفتك بقوات الاحتياط، ولا سيما في سلاح الجو. وفي السياق نفسه، كشف موقع «واينت» أن وزير الأمن، يوآف غالانت، قال في محادثات مغلقة، إنه «لا يوجد خطر على الديموقراطيّة… لا مجال للرفض (الخدمة في الجيش)»، معتبراً أن «حملة الرفض خطيرة للغاية، لكونها قد تلحِق ضرراً خطيراً بالجيش والمجتمع الإسرائيليين». ورأى أن دعوات الجنرالات السابقين وتأييدهم لرفض الخدمة «أمر خطير للغاية»، مضيفاً أنه «في الوقت الحالي نطمئن الجنود… أعلم أن التهديدات حقيقية ولكنني أدعوهم إلى عدم الإقدام عليها؛ إذ لا يمكننا الاستغناء عنهم»، واعداً بـ«(أنني) لن أترك الديموقراطية تُمس أو تتضرر». وتقاطعت مخاوف غالانت مع تحذير رئيس الأركان، هرتسي هليفي، بعيد لقاء جمعه بنتنياهو مساء أمس؛ إذ حذّر الأوّل من أن الحديث ضد جنود الجيش «يضر بكفاءة الأخير ولُحمته».
بالنتيجة، ما حصل أمس لخّصه كاتب عمود الرأي في موقع «واينت»، ناداف أيال، بالقول إن «في إمكان المؤرّخين أن يوثّقوا كيف شاهد شعب إسرائيل أعضاء الائتلاف المتطرّف، بالبثّ الحيّ والمباشر، يقفزون بإسرائيل نحو الهاوية السحيقة، عندما خطفوا رئيس الوزراء الخائف»؛ إذ كان هذا الأخير، بحسبه، «ينظر يميناً ويساراً، مرّة إلى غالانت، ومرّة إلى ليفين، قبل أن يُمسك أعضاء الائتلاف بأيدي بعضهم ويقفزوا (بإسرائيل) نحو الهاوية».
المصدر: صحف