صادق الكنيست الصهيوني اليوم الإثنين، على تعديل قانوني لإلغاء ذريعة عدم المعقولية بتأييد 64 عضو كنيست دون أي صوت معارض، في ظل مقاطعة كتل المعارضة لجلسة التصويت بعد إغلاق الباب أمام مساعي الوساطة التي تواصلت حتى اللحظة الأخيرة، وانهيار محاولات التوصل إلى تسوية حول التعديلات القضائية، التي تصر عليها حكومة نتنياهو.
وازدادت الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية حدّة، عقب المصادقة على القانون، وشهدت تل أبيب والقدس المحتلة مناوشات بين متظاهرين وعناصر شرطة؛ وقد تظاهر فيهما، ما يزيد عن 170 ألف شخص.
وقطع محتجون شوارع ومفترقات طرق رئيسية؛ وقد تجمهر آلاف المتظاهرين أمام مبنيي الكنيست والمحكمة العليا في القدس المحتلة؛ و”كابلان” في تل أبيب، وطرق “أيالون” الرئيسية، التي أُغلقت، بالإضافة إلى مظاهرات في أنحاء الكيان.
واستخدمت الشرطة الإسرائيلية سيارات رش المياه صوب المتظاهرين، وفرق الخيالة، في محاولة لتفريقهم. ودهَس شخص عددا من المتظاهرين بالقرب من كفار سابا، ما أسفر عن إصابة عدد من الصهاينة بجراح طفيفة.
وحاولت جهات في الائتلاف الحكومي يتقدمها وزير الحرب يوآف غالانت، الدفع نحو تعديل أحادي الجانب و”تخفيف” صيغة القانون، وذلك على وقع تصاعد الاحتجاجات التي امتدت إلى الجيش، وسط تحذيرات من تداعيات التشريعات القضائية على جهوزية وتماسك الجيش، وما قد تسببه من “فوضى” داخلية في الكيان، مدعوفة بانقسامات مجتمعية عميقة.
وكان وزراء في الحكومة، على رأسهم وزير القضاء، ياريف ليفين، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ورئيس لجنة الدستور في الكنيست، سيمحا روتمان، قد هددوا بإسقاط الحكومة في حال التوصل إلى تفاهمات تشمل تعديل نص القانون، وتعليق طويل الأمد للتشريعات الرامية لإضعاف جهاز القضاء.
في المقابل، تواصلت الاحتجاجات في محيط مبنى الكنيست، حيث حاول المحتجون اقتحام مبنى الكنيست وإغلاق المداخل لمنع أعضاء الكنيست من الوصول إلى جلسة التصويت؛ في حين أعلنت الشرطة عن اعتقال أكثر من 50 متظاهرا منذ ساعات الصباح، خلال مواجهات مع “مثيري الشغب، الذين قاموا بالإخلال بالنظام العام وعصيان أوامر الشرطة”.
وأغلق المحتجون ضدّ إضعاف القضاء، في وقت متأخر من مساء الإثنين، طريق “أيالون” الرئيسي في تل أبيب. وتمّت عرقلة حركة المرور بالكامل من طريق “أيالون” المتوجّه نحو الشمال. وأضرم محتجون النيران في الشارع. وذكرت الشرطة في بيان أنها تحاول إخلاء المتظاهرين من الشارع.
نتنياهو: هناك وقت حتى نهاية تشرين الثاني للتوصل إلى اتفاق حول كل شيء
وقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إن “هناك وقتا حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، للتوصل إلى اتفاق حول كل شيء”. وأضاف نتنياهو: “سنواصل السعي من أجل المفاوضات والتوصل إلى اتفاقات، نحن لا نتنازل عن فرصة تحقيق اتفاق واسع، وأقول لكم إن ذلك ممكن”.
وذكر نتنياهو أنه “في الأيام المقبلة، سيتواصل الائتلاف مع المعارضة لإجراء حوار بيننا، ونحن مستعدّون لبحث كل شيء وعلى الفور، والقيام بذلك في جولة المحادثات خلال فترة العطلة المقبلة للكنيست والتوصل إلى اتفاق شامل حول كل شيء”.
وتابع: “إذا لزم الأمر سنضيف المزيد من الوقت حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر”. وقال نتنياهو: “أودّ أن أؤكد هذا مرة أخرى؛ لا يجب أن يسيطر أي طرف على المحكمة العليا”، مضيفا: “لن يحدث هذا خلال الحكومة الحالية”.
هليفي محذّرا نتنياهو: يجب التوقف عن الحديث عن الجنود
وحذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من أن الحديث عن جنود الجيش الإسرائيليّ، يضرّ بكفاءة الجيش وتماسكه.
وقال وزير الحرب يوآف غالانت، في محادثات مغلقة، بحسب ما أفاد موقع “واينت”، إنه “لا يوجد خطر على الديمقراطيّة، ولا مجال لرفض الخدمة في الجيش”. وأضاف: “هذه حملة خطيرة للغاية، يمكن أن تلحِق ضررا خطيرا بالجيش الإسرائيلي، والمجتمع الإسرائيلي”.
وتابع: “أعتقد أن الجنرالات السابقين، الذين دعموا عدم الامتثال (في الخدمة بالجيش) فعلوا شيئًا خطيرًا للغاية”. وقال غالانت: “ما نقوم به الآن هو طمأنة جنود الاحتياط، لصياغة صورة كاملة وحقيقية”، إزاء الوضع، مضيفا: “إننا لا نستطيع الاستغناء عنهم، أعلم أن تهديداتهم حقيقية، وأدعوهم إلى عدم تنفيذها، وأعدكم بأنني لن أترك الديمقراطية تتضرَّر”.
المصادقة على القانون ستؤدي إلى “زيادة الفساد والتخلف الاقتصادي”
وقال منتدى ما يسمى “الاقتصاديين من أجل الديمقراطية”، إنه يبدي تحفظات شديدة إزاء مصادقة الائتلاف وتمرير قانون ذريعة عدم المعقولية، الذي أكد أنه “المكوّن الأول لانقلاب النظام، دون أي مساومة، وحتى دون أي محاولة للتوصل إلى اتفاق واسع”.
وأضاف: “حذّر كبار الاقتصاديين في العالم والمنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني، من أنه من المتوقع أن تؤدي خطة الائتلاف (لإضعاف القضاء) إلى زيادة الفساد العام والسياسي، والإضرار بالخدمة العامة، وتثبيط المستثمرين الأجانب والمحليين، وتشجيع هجرة الأدمغة، وتؤدي على المدى الطويل إلى التخلف الاقتصادي”.
بالفيديو | عنصر أمن صهيوني يطلق الرصاص الحي بالهواء خلال شجار نشب في النقب على خلفية الاحتجاجات
أبرز بنود خطة التعديلات القضائية الإسرائيلية المثيرة للجدل
ويهدف بند “المعقولية” إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا في الكيان العبري لصالح الحكومة وهو من الأدوات الإجرائية الموجودة بمتناول الجهاز القضائي، وخصوصا قضاة المحكمة العليا. وبالتالي يحق للمحكمة العليا إبطال أية قرارات تتخذها الجهة التنفيذية بسبب مخالفتها لروح القانون، أو لكونها تعسفية، أو غير منطقية.
وكانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.
فيما يأتي بنود المشروع الرئيسية الأخرى المتنازع عليها.
تعيين القضاة
حاليا، تعيّن قضاة المحكمة العليا لجنة تضم تسعة أعضاء من قضاة ونواب ومحامين من نقابة المحامين، بإشراف وزير العدل. ويقترح التعديل إخراج المحامين من هذه اللجنة وزيادة عدد أعضائها إلى 11 عضوا هم ثلاثة قضاة وخمسة نواب ثلاثة منهم منتمون للائتلاف الحاكم واثنان من المعارضة.
بعد المخاوف التي تم الإعراب عنها بشأن النسخة الأساسية التي أعطت الغالبية الفعلية للائتلاف الحاكم، جرى تعديل قواعد التصويت في اللجنة وجعل قراراتها تصدر بغالبية معززة أو بضرورة موافقة نائب واحد على الأقل من المعارضة في حالات عدة. ينتظر هذا البند التصويت النهائي من قبل الكنيست.
المستشارون القانونيون
تريد الحكومة الحد من سلطة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات الحكومية. ويستعين قضاة المحكمة العليا بتوصيات هؤلاء المستشارين عندما يتعلق الحكم بإجراء حكومي، لكن المقترح سيغير هذا النظام ويجعل من استشارتهم أمرا غير ملزم.
ويرى المعارضون في البند أداة بيد الحكومة لإضعاف سلطة القضاة. ولم يصوت نواب البرلمان بعد على هذا البند لكنهم أقروا في آذار/مارس الماضي تشريعا ندد به النقاد باعتباره خطوة أخرى لتقليص سلطة موظفي الخدمة المدنية.
وأقر البرلمان أيضا تقليص الأسباب التي تدفع إلى اعتبار رئيس الوزراء غير ملائم لتولي المنصب وهو ما وصفته المعارضة بأنه “قانون شخصي” لحماية نتانياهو.
في آذار/مارس أيضا، قالت المدعية العامة الإسرائيلية غالي بهراف ميارا إن تصرفات نتانياهو بشأن الإصلاح القضائي فيها تضارب مصالح بسبب محاكمته الجارية بتهم تتعلق بالفساد.
بند “الاستثناء”
يرى منتقدو المحكمة العليا الإسرائيلية بأن قضاتها تجاوزوا السلطة الممنوحة لهم من خلال المطالبة بإلغاء قوانين أقرها الكنيست. وعليه، اقترحت حكومة نتانياهو ما يسمى بند “الاستثناء” الذي يتيح للبرلمان الإسرائيلي، بعد تصويت بغالبية بسيطة، حماية القانون من أي إلغاء من المحكمة العليا. وصوّت البرلمان في منتصف آذار/مارس في قراءة أولى على البند لكنه لم يستكمل عملية التصويت بالقراءات الثانية والثالثة ليصبح قانونا نافذا.
لكن نتانياهو أعلن في حزيران/يونيو تراجعه عن هذا البند الأساسي في الإصلاح المقترح. وقال في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية “فكرة بند الاستثناء الذي يسمح للبرلمان، بإلغاء قرارات المحكمة العليا بغالبية بسيطة، كما قلت، تخليت عنها”.
وستمنع الإجراءات المقترحة المحكمة من إلغاء أي تعديلات على القوانين الأساسية التي تمثل الدستور في إسرائيل وتتطلب قرارا بالإجماع من جميع القضاة لإبطال تشريعات أخرى. وحذر المعارضون من أن هذه الإجراءات ستمنح السلطة التشريعية صلاحية شبه مطلقة.
بإختصار، فإن أبرز النقاط في التعديلات القانونية التي يسعى نتنياهو وفريقه لإقرارها؟
- سحب السلطات من بين يد قضاة المحكمة العليا، بوصفها مراقبا على الكنيست (البرلمان) والحكومة.
- تقليص صلاحية المحكمة العليا في إسقاط القوانين التي ترى أنها غير قانونية وغير معقولة.
- وفقا لهذه التعديلات، فإن بوسع أعضاء البرلمان “الكنيست” وبأغلبية بسيطة رفض قرارات المحكمة العليا وإبطالها.
- تمنح التعديلات المقترحة السياسيين صلاحية أكبر في تعيين القضاة، بخلاف ما هو معمول به حاليا، وهو لجنة تضم 9 قضاة من جهات متعددة مثل نقابة المحامين والحكومة والبرلمان والجهاز القضائي.
- إلغاء معيار ما يعرف بـ “المعقولية” ، إذ تُعطي هذه الحجة الصلاحية للمحكمة لإلغاء أي قرارات حكومية ترى أنها غير منطقية.
المصدر: مواقع