أقل من عشرة أيام تفصلنا عن انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث بات من شبه المؤكد ذهاب نواب حاكم المصرف المركزي نحو تقديم استقالتهم الجماعية مطلع الأسبوع القادم، وسط تساؤلات وتكهنات لما سيكون عليه المشهد المالي في ظل فراغ هذا المنصب الحساس.
نواب الحاكم إلى الاستقالة
صحيفة الأخبار تحدثت عن محطة حساسة تنتظر لبنان تتمثل في انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة (نهاية الشهر الجاري) بعد ثلاثين عاماً من إحكام قبضته على عالم المال، ورفض نوابه الأربعة تولّي المسؤولية من بعده، ما يضع مصير الوضع النقدي على المحكّ. وأقل التقديرات: تحليق جديد للدولار مع ما يستجلبه من مزيد من التضخم وأزمات معيشية وتوترات متنقّلة في الشارع.
هذه ليست مجرد تقديرات، وإنما وفق مصادر مطّلعة، “نتيجة طبيعية” للتطورات الأخيرة المتعلقة بملفين أساسيين: الرئاسة وحاكمية مصرف لبنان.
ففي اليومين الماضيين، سقطت كل المحاولات الحثيثة (والمتواصلة حتى الآن) لإبقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في منصبه، بالتمديد أو التجديد. كما سقطت كل محاولات نواب الحاكم الأربعة (وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين وإلكسندر موراديان) لانتزاع “مشروعية” من مجلس النواب عبر طلب إقرار عدد من القوانين مثل موازنة 2024 وكابيتال كونترول، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وحماية المودعين وقوانين مالية أخرى.
كذلك فشلت محاولاتهم للحصول على غطاء لاستكمال “بهلوانيات” سلامة المصرفية والنقدية، ما جعلهم أكثر تردداً في قبول المهمة. وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن النواب الأربعة يتجهون إلى الاستقالة الجماعية الثلاثاء المقبل (في حال لم يطرأ أي تطور)، فيما أشارت مصادر مطّلعة إلى أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال يعارض تسلّم النائب الأول وسيم منصوري دفة الحاكمية، خوفاً من انفجار الوضع وتحميل المسؤولية للثنائي الشيعي”. ولفتت إلى أن “النواب الأربعة سيستمرون في عملهم بعدَ الاستقالة لأن الحكومة ستطلب منهم ذلك تحت عنوان تسيير المرفق العام إلى حين تعيين حاكم مصرف جديد، إلا أن هذا الإجراء سيخفّف عنهم المسؤولية بحسب ما يقولون”.
بدء العد التنازليّ للأيام العشرة
صحيفة البناء، قالت “يبدأ الاثنين العد التنازلي للأسبوع الأخير لوضع مصرف لبنان الذي عرفه اللبنانيون مع الحاكم رياض سلامة خلال ثلاثين عاماً، توهّموا خلالها أنه صانع الاستقرار والازدهار، قبل أن يكتشفوا فجأة أنه وضع اليد على ودائعهم وتصرف بها دون موافقتهم وعلمهم وبددها على تثبيت سعر الصرف، لتثبيت الصيغة السياسية التي منحته موقع الدولة العميقة المتحكمة برسم السياسات على إيقاع ما يسميه بالضرورات المالية، ومدخلها ارتهان لبنان مالياً للقرار الغربي والأميركي تحديداً.
وقد نجح سلامة بجعل خروجه خطراً داهماً بعيون اللبنانيين، مع حملات مبرمجة لدب الذعر في الأسواق المالية حول مستقبل سعر الصرف، بظل وجود حكومة تريد التمديد لولايته ولو مستقيلاً تحت عنوان تصريف أعمال، ونواب عُيّنوا ليخلفوه مع انتهاء ولايته يعلنون أنهم غير جاهزين لفعل ذلك إلا بشروط يعلمون استحالة تحقيقها في ظل الفراغ الرئاسي الذي لو لم يكن موجوداً لما كان ثمة حاجة لتوليهم صلاحيات الحاكم، في ظل إمكانية تعيين حاكم أصيل جديد.
مشروع حرب سياسية اقتصادية
ولفتت أوساط مطلعة لصحيفة البناء الى أن “بيان اللقاء الخماسي مشروع حرب سياسية اقتصادية جديدة على لبنان لتوتير الساحة الداخلية، ربما على ساعة نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان وأزمة انتقال الصلاحيات الى نواب الحاكم الذين يهددون بالاستقالة ويرفضون الاستمرار بالتعاميم المصرفية الماضية بالتزامن مع تحريك التوتر بين المودعين والمصارف التي تتوجّه الى الإقفال التام قريباً مع احتمال وقف منصة صيرفة تدريجياً، ما سيرفع سعر صرف الدولار الى رقم قياسيّ لا يستبعد الخبراء الاقتصاديون أن يصل الى 200 ألف ليرة وربما أكثر خلال الأشهر المقبلة اذا ما استمرت الأزمة السياسية والفراغ الرئاسي”.
ووفق معلومات “البناء” فإن الخيار المرجح في استحقاق حاكمية مصرف لبنان هو تقديم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري والنواب الآخرين استقالتهم للحكومة وترفضها الأخيرة ويبقون في منصبهم لتصريف الأعمال، ويعزز هذا الخيار فشل التفاوض بين نواب الحاكم ولجنة الإدارة والعدل التي لم توافق على خطة نواب الحاكم في ظل صعوبة إقرارها بسبب الخلاف على تشريع الضرورة ورفض قوى سياسية وكتل نيابية التشريع في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، ولفتت المعلومات الى أن الرهان على الأسبوع المقبل للتوصل الى حل بين نواب الحاكم من جهة ومجلس النواب والحكومة من جهة ثانية، لكن المعلومات تستبعد التوصل الى حل خلال الفترة القصيرة التي تسبق نهاية ولاية الحاكم.
كما كشفت مصادر المعلومات عن مخطط بين الحاكم ونوابه لفرض التمديد الإداري لسلامة لعام تحت ضغط وقف نواب الحاكم تطبيق التعاميم المصرفية التي كان يفرضها سلامة لا سيما منصة صيرفة، ما سيؤدي الى انفلات الوضع النقدي وارتفاع سعر صرف الدولار بشكل جنوني.
المصدر: موقع المنار + صحف