تباطأ نمو القطاع الخاص في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر، في وقت أدّت زيادة أسعار الفائدة والتضخم المرتفع الذي جاء بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تفاقم أزمة كلفة المعيشة، وفق ما أظهرت بيانات نشرت يوم أمس الجمعة.
يأتي ذلك مع إعلان الحكومة البريطانية عن إجراءات لمساعدة أصحاب الرهون العقارية بعد ارتفاع تكاليفها جرّاء زيادة أسعار الفائدة، مثل زيادة مهلة عدم السداد والسماح للعملاء بتسديد خدمة الدين فقط لـ6 أشهر أو تمديد مدّة الرهن لتخفيض الدفعات الشهرية.
وبينت الأرقام التي صدرت المصاعب الاقتصادية التي تُواجهها بريطانيا، إذ انخفض مؤشر مديري الشراء (بي إم آي) التابع لمجموعة “ستاندرد أند بورز” إلى 52,8 في حزيران/يونيو بعدما كان 54 في أيار/مايو، ويُشير رقم أعلى من 50 إلى نمو في النشاط، فيما يُشير رقم أدنى من ذلك إلى تراجعه.
بريطانيا ليست وحدها من يواجه التضخم
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قال إن بلاده ليست وحدها من يواجه التضخم ولكن الدول الأخرى تتعامل أيضا مع هذه التحديات. وأضاف سوناك في كلمة ألقاها عقب إعلان بنك إنكلترا رفع أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية إلى 5%، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2008، أن استئصال جذور التضخم ليس بالأمر السهل.
واكد أن الامر يتطلب قرارات صعبة، كما شدد على أنه إذا لم يتم التغلب على الأمر، فإن الوضع سيزادا سوءا. وتابع “أرغب في خفض الضرائب غدا .. هذا صعب .. لأننا سنحتاج إلى اقتراض المال”، موضحا أن المزيد من الاقتراض الحكومي سيجعل الوضع أسوأ.
وأشار سوناك إلى خطاب ألقاه في بداية العام قام خلاله بتحديد أولوياته كرئيس للوزراء وكان خفض التضخم إلى النصف يقع على رأس هذه الأولويات. وأكد رئيس الوزراء البريطاني مجددا دعم الحكومة للمساعدة في تكاليف المعيشة من خلال وضع سقف لأسعار الطاقة وتجميد رسوم الوقود وفرض سقف لأسعار الحافلات.
وكان بنك إنكلترا قد أعلن، رفع أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية إلى 5% وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2008.
الاقتصاد البريطاني فقد الزخم
وكان الاقتصاديون يتوقعون أن ترفع لجنة السياسة النقدية بالبنك أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية فقط، لكن أعضاء اللجنة صوتوا بعدد 7 مقابل 2 لصالح القرار، موضحين أنه يهدف إلى السيطرة على التضخم.
وقال كريس وليامسن وهو اقتصادي بارز في “ستاندرد أند بورز غلوبل ماركت إنتليجنس” في بيان له، “يظهر مسح مؤشر مديري الشراء لشهر حزيران/يونيو أنّ الاقتصاد البريطاني فقد الزخم مجددًا بعد زيادةٍ طفيفة في النمو خلال الربيع ويبدو أنّه سيضعف أكثر في الأشهر المقبلة”.
ولفت إلى أنّ “الانفاق الاستهلاكي على الخدمات الذي كان محركًا أساسيًا للنمو في الربيع، يظهر الآن علامات تعثّر”، مشيرًا إلى أنّ ذلك “جاء بعد ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة كلفة المعيشة والتشاؤم بشأن التوقعات المستقبلية، وهو ما يُبطل مفاعيل التعزيز القصير للانفاق”.
التضخم في المملكة المتحدة بلغ 8,7%
وأظهرت بيانات رسمية هذا الأسبوع، أنّ معدّل التضخم السنوي في المملكة المتحدة بلغ 8,7% في أيار/مايو، من دون تغيير عن نيسان/أبريل، ما دفع بنك إنكلترا أمس الخميس إلى الإعلان عن رفع سعر الفائدة الرئيسي بنسبة أعلى مما كان متوقعًا (بنسبة 5% بزيادة حادّة عن 0.1% في نهاية 2021).
ويتوقّع الاقتصاديون أن تصل المعدّلات إلى 6% هذا العام ما قد يؤدي بالمملكة المتحدة إلى الركود على غرار منطقة اليورو.
حالة ركود
وقال عدد من الخبراء الاقتصاديين في بريطانيا إنّه من “الحتمي الآن أن يدخل الاقتصاد البريطاني في حالة ركود بسبب عدم قدرة بنك إنكلترا على كبح التضخم المتزايد”، كما توقعوا ارتفاعًا آخر في أسعار الفائدة.
وقبل أيام، ذكرت صحيفة “ذا ناشونال” الإسكتلندية في تقرير لها، أنّ “التضخم في المملكة المتحدة سيكون واحدًا من أعلى المعدلات في أي اقتصاد متقدم”، ذلك نقلاً عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر في نيسان/أبريل الماضي، من أنّ الاقتصاد البريطاني قد ينكمش هذا العام وسيكون في نهاية ترتيب دول مجموعة السبع في وقتٍ يُهدّد اندلاع جديد للاضطرابات المالية التعافي العالمي المتباطئ.
المصدر: وكالات