وجه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري رسالة الى اللبنانيين لمناسبة عيد النصر والتحرير جاء فيها “لأب المقاومة وإمامها، لبذرتها الأولى في الأرض الطيبة سماحة الامام السيد موسى الصدر.. للشهداء كل الشهداء اسماً اسماً وعلماً علماً، للمقاومين كل المقاومين الذين نحيا في رحاب أغلى ما بذلوا.. وأعظم ما صنعوا لهم تحية إجلال وتقدير، وللبنانيين كل اللبنانيين أسمى آيات التهنئة بهذا اليوم الوطني المجيد”.
وقال “في يوم النصر والتحرير نؤكد أن لبنان الذي امتلك وما زال يمتلك ابناؤه شجاعة وجرأة إلحاق الهزيمة بالمشروع الإسرائيلي وكَسرِ إرادته في تعطيل دوره في نظام المنطقة هم اليوم، على مستوى قواهم السياسية كافة مدعوون جميعاً الى استحضار كل تلك العناوين التي مكنتهم من صنع إنجاز النصر التحرير، وفي مقدمتها وحدة الكلمة والموقف هم مدعوون الى ضرورة امتلاك الجرأة والشجاعة الوطنيتين في مواجهة أي إرادة داخلية أو خارجية تريد إغراق لبنان او إسقاطه من الداخل في دوامة الفراغ او من خلال ضربات التعطيل، مدعوون بالإحتكام الى الحوار والتوافق تحت سقف الدستور والمؤسسات في مقاربة كل العناوين والقضايا الوطنية”.
تابع الرئيس بري “في هذا الإطار وخلافاً لما يروج له البعض تضليلاً للرأي العام نؤكد من موقعنا السياسي والجماهيري والتشريعي بأن أبواب المجلس النيابي أبداً هي ليست موصدة لا أمام التشريع ولا أمام إنجاز الإستحقاق الرئاسي، الذي نأمل ان يكون موعد إنجازه اليوم قبل الغد وذلك رهن بتوافر الارادات الصادقة بأن تبادر كافة الكتل النيابية والنواب المستقلون الى توفير مناخات التوافق فيما بينها وإزالة العوائق التي تحول دون إنتخاب رئيس للجمهورية يعبر عن إرادة اللبنانيين يجمع ولا يفرّق، رئيس يؤمن بلبنان الوطن النهائي لجميع أبنائه، رئيس ملتزم اتفاق الطائف وتنفيذ ما لم يطبق منه من بنود إصلاحية وفي مقدمتها اللامركزية الإدارية الإدارية الموسعة وبإقرار استقلالية القضاء ومكافحة الفساد ، رئيس للجمهورية قادر على إعادة الثقة لعلاقات لبنان بأشقائه العرب . رئيس للجمهورية لديه القدرة على بناء حوار جاد ومثمر مع الشقيقة سوريا لحل مسألة النازحين وإعادتهم الى بلدهم وانجاز ترسيم الحدود بين البلدين الشقيقين. رئيس قادر على تبديد هواجس جميع اللبنانيين بكل ما يتصل بحياة الدولة وأدوارها في الحماية والرعاية الاجتماعية والاقتصادية طمأنتهم حيال ودائعهم في المصارف. رئيس يرفض أي شكل من أشكال التوطين. رئيس يؤمن بأن إسرائيل هي العدو الاساس للبنان وهي نقيض له في الموقع والدور والرسالة”.
أضاف: “ان التفريط بالمنجزات الوطنية والقومية والمكتسبات التي حققها لبنان في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 بتحرير معظم أرضه من الاحتلال الإسرائيلي وإحباط مخططاته العدوانية القديمة والمستجدة منها الرامية الى تقويض أسس الكيان اللبناني ومؤسساته الدستورية وضرب نموذج التعايش فيه كنقيض لكيانه العنصري هو فعل يرقى الى مستوى الخيانة الوطنية العظمى كائناً من يكون مرتكب هذا الفعل سواء عن عمد أو عن قصور في الإنتماء والحس الوطنيين، أن المقاومة بكل مسمياتها قدمت في صنع هذا الإنجاز الوطني والإنساني نموذجاً راقياً في القيام بالواجب الوطني والقومي ومثلت في أدائها وسلوكها في زمن التخلي قمة في تحمل المسؤولية وصولاً الى بذل الأرواح والمهج إحقاقاً للحق وإنتزاعاً للحرية وذوداً عن الأرض والعرض والسيادة والكرامة وأولاً وأخيراً شهادة وإستشهاداً في سبيل لبنان وإنقاذه من براثن التعطيل والفراغ في المؤسسات الدستورية والإدارية على إختلافها وصون إنجاز التحرير واجب وطني ملزم لجميع اللبنانيين على مختلف توجهاتهم وإنتماءاتهم الروحية والحزبية والبرلمانية والسياسية”.
كما وجه الرئيس بري “الشكر أيضا في هذا اليوم الوطني والقومي للدول العربية الشقيقة والصديقة التي آزرت ودعمت لبنان في صنع تحرير أرضه وفي بناء مقاومته وفي المقدمة الشقيقة سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الجزائر. التحية أبداً ودائماً للمقاومين لعيونهم الساهرة، لسواعدهم المتأهبة القابضة على الزناد وعلى القضية. هم فدائيو حدود أرضنا المقدسة دفاعاً عن لبنان وعن عناوين قوته في المقاومة والوحدة وصون السلم الأهلي”.
كتلة الوفاء للمقاومة: يوم تحرير لبنان صنعته مقاومة نموذجيّة ولّد حالة من النهوض والثقة بالنفس
ومن جانبها أكّدت كتلة الوفاء للمقاومة أن “يوم الخامس والعشرين من أيار العام 2000 هو يوم من أيام الله، لكثرة ما انطوى عليه من دلالات ووقائع ومؤشرات نهوضٍ لشعبنا وبلدنا بل لشعوب المنطقة بأسرها”.
وفي بيان لها، اعتبرت الكتلة أن يوم تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني هو يوم عيد وطني وقومي صنعته مقاومة نموذجيّة التزمها شعبنا الأبي والشجاع خيارًا استراتيجيًا وعمليًّا مجديًا وبديًلا عن خيارات أخرى مجرّبة عقيمة وفولكلورية التأثير والنتائج.
وأضافت أن “هذا اليوم التاريخي شكّل ولا يزال مفترقًا نوعيًا حاسمًا بين حالة الوهن والاكتئاب والتسليم للأمر الواقع، وهي حالة لطالما عمل المستعمرون وحرّاس مصالحهم في منطقتنا على إشاعتها وترسيخها كنمط عيشٍ وقَدَرٍ دائم، وبين حالة النهوض والتحرر واستشعار الثقة بالنفس وبالقدرة على النصر والإنجاز واستعادة الحيوية والأمل وإطلاق موجات الوعي ورفض الإذعان للأمر الواقع المُغاير لمتبنيات وتطلعات شعبنا والمتعارض مع هويّته الحضاريّة وقيمه وحقوقه الإنسانيّة”.
وتابعت “لأنّ التحرير هو نتاج خيار المقاومة، فقد غدا ويغدو كلُّ اتجاهٍ سياسي أو فكري للفصل بينهما، مبعث ريبةٍ واتهامٍ وطعنٍ ومثار رفضٍ وإدانةٍ ومواجهة خصوصًا بعد ما بذلته المقاومة وما قدمته من شهداء وجرحى وأسرى وبعد أن أضحت بفعل أدائها النموذجي وبالتحرير الذي أنجزته خيارًا وجوديًا ووطنيًا راسخًا في وجدان اللبنانيين وفي حياتهم وفي عرفهم وميثاقهم الذي يستند إليه النصّ الدستوري، وبعد أن أصبحَ الجدل حول هذا الخيار لغوًا عقيمًا لا طائل منه ولا يكترث له أحد فضلًا عن أنّه لم يعد عنصر تحريضٍ مؤثر ضد أي جهدٍ وطني يبذله الوطنيون والمقاومون من أجل ضمان الاستقرار وبناء الدولة ومؤسساتها وفتح آفاق التطوير والتنمية والالتزام بتطبيق القوانين وأحكامها”.
وأردفت: “لقد طوى يوم الخامس والعشرين من أيار عام 2000، كل مقولات الترويج للخضوع والإذعان، وفتح آفاق التحرر والأمل بالقدرة الذاتية بعد التوكل على الله عز وجل لمواصلة التغيير وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز والثقة بإمكانيّة تجاوز الصعاب وتخطي العقبات والتصدي لسياسات العرقلة أو التعطيل، إضافةً إلى تأثيره الإيجابي على معنويات الشعب الفلسطيني المكافح الذي توهّجت انتفاضته وانتعشت عزيمته وراح أبناؤه المقاومون يبدعون في أساليب مواجهة الاحتلال وتقويض مشروعه وأهدافه”.
ولفتت إلى أن “يوم التحرير أسقط شعارات “العين لا تقاوم المخرز”، و”المقاومة فعل الواهمين”، و”التسليم للأمر الواقع خيار العقلاء ومنجاة البلاد”، واستبدل كل ذلك بمعادلات أثبتت صحّتها وجدواها وترسّخت عمليًا في نفوس الناس ومشاعرهم وطريقة حياتهم وهي معادلة “انتصار الدم على السيف”، و”المقاومة خيار النصر” و”الإيمان والثبات والوعي والوحدة دعائم الخيار المقاوم وسبيل التحرر والنهوض”.
وشددت على “أن المعطيات أثبتت ونتائج المواجهات المتكررة سواء ضدّ العدو الصهيوني أو الغزاة التفكيريين، صحة وجدوى الرهان على معادلة “الشعب والجيش والمقاومة” لتحقيق وحماية النصر للبنان وللبنانيين، كما أثبتت المعطيات والتجارب السياسية المتكررة أيضًا أنّ التحرير وما ينطوي عليه من التزام بمعادلة النصر الآنفة الذكر هو القاعدة الصلبة لبناء الدولة القوية والقادرة، والحريصة على تحقيق العدالة بين المواطنين وعلى تعهّد حماية حقوقهم ورعاية مصالحهم، وأنّ أي إخلالٍ أو تصديع لتلك القاعدة الصلبة هو تعطيلٌ لعملية بناء الدولة وإضعافٌ لها”.
وأضافت: “كذلك فإنّ التحرير وما ينطوي عليه من معادلة للنصر الدائم قد رسّخ وحصّن السيادة الوطنيّة واجتذب احترامَ شعوبِ المنطقة ودولِها وأتاح فرصًا عديدة للبنان ولحكوماته المتعاقبة، من أجل الاستثمار الفعلي الإيجابي سواء لبناء اقتصاد قوي ومنتج أو لبناء مؤسسات خدماتيّة ورعائيّة أمينة وناشطة، أو لإنجاز مشاريع تنموية قادرة على تطوير البنى والإنشاءات التي تحتاجها البلاد حاضرًا ومستقبلًا”.
وقالت الكتلة إنّ “المقاومة التي تُعنى بتوفير الجهوزية الدائمة والمتطورة لمواجهة أي عدوان وللدفاع عن البلاد، بعثت بالأمس القريب ومن خلال التدريبات والعروض التي قدّمتها أمام وسائل الإعلام المتعددة، رسائل ردع جديدة وذكيّة إلى العدو الغارق في مأزق تآكل قدرة الردع لديه، من المفترض أن تفاقم مأزقه وتزيد من الكوابح لعدوانه وتثير لديه المخاوف من أية حماقة ضدّ لبنان قد يفكّر بالاندفاع إليها أو يستسهل الإقدام عليها”.
وشددت على أن كتلة الوفاء للمقاومة تهنئ اللبنانيين وشعوب المنطقة كافة بعيد المقاومة والتحرير وتعتبره عيدًا للوحدة الوطنية وللنهوض اللبناني والعربي ضدّ الصهاينة الغاصبين لفلسطين وضدّ كيانهم المؤقت واحتلاله وإرهابه وتهديداته، وضدّ قوى التسلّط والهيمنة الداعمة والراعية له ولعدوانيّته.
ودعت الكتلة إلى حسن الاستفادة وملاقاة الاستدارة الإيجابية التي تشهدها المنطقة، مؤكدة على وجوب اقتران المواقف بالأفعال والترتيبات التي تثبت المصداقية وتعزز فرص التفاعل الإيجابي المطلوب.
كما دعت كل المعنيين في لبنان إلى المسارعة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي والتفاهم الوطني الذي يؤدي إلى انتخاب الرئيس المؤهل في هذه المرحلة بالذات لتوظيف الظروف والتطورات الجارية من حولنا لمصلحة لبنان وتثبيت استقراره وإعادة بناء دولته ومؤسساتها واستنهاض الوضع الاقتصادي المتردي والمأزوم.
وختمت بالقول “إنّ انكشاف الزيف الحضاري للمواقف والممارسات الاستنسابيّة لدول النفوذ الأميركي وتوابعها وضعف القدرة الأميركية عن التفرّد والاستئثار في إدارة الشؤون الدولية، وتنامي وعي الشعوب واندفاعها نحو التحرر والانعتاق من سياسات الإخضاع، ونزوع العديد من القوى والدول الإقليمية لإثبات جدارتها ولو ضمن الهامش المتاح فعلًا أمامها لتلبية متطلبات شعوبها للتطوير والنهوض، والتوجه نحو طي المشاكل واستعادة الاستقرار، كل ذلك يشكّل فرصًا واعدةً ينبغي انتهازها والعمل بفاعليّة من أجل إنجاز المزيد من المطالب الحيوية والتطلعات التي تتوق إليها الشعوب الحرّة والعزيزة”.
المصدر: موقع المنار