مع اشتداد المنافسة الإنتخابية في تركيا، يعقد حزب العمال الكردستاني آمالا على الإنتخابات الرئاسية المزمع عقدها بعد أيام، في الرابع عشر من أيار/مايو الحالي، وذلك من خلال دعم حزب الشعوب الديمقراطي، لمرشح المعارضة كليجدار أوغلو، الذي يعول بدوره على دعم الحزب الكردي له لإيصاله الى سدة الرئاسة، إلا أن الرهان على الحزب المحظور في أنقرة سيف ذو حدين.
صفقة غامضة وغير معلنة، أبرمت على ما يبدو بين أوغلو وحزب الشعوب الذي يحظى بدعم غالبية أصوات الأكراد التي تترواح بين 10 و12% من مجمل أصوات الناخبين، فيما تجلت تلك الصيغة، بتخلي الحزب الكردي عن تقديمه مرشح رئاسي له، وبالتالي توجيه الأصوات الكردية الى مرشح المعارضة.
التقارب بين حزب الشعوب الديمقراطي، ثالث أحزاب تركيا، ومن ورائه حزب العمال الكردستاني، قد يؤدي إلى إحداث إنشقاقات داخل صفوف التحالفات، ونفور الأصوات القومية في تحالف الأمة، لا سيما وأن حزب “الجيد القومي” أحد أكبر أحزاب المعارضة الذي تتزعمه “ميرال أكشينار” والمنضوي تحت تحالف الطاولة السداسية، يخشى على القاعدة التصويتية بين القوميين، كان قد رفض التعاون الإنتخابي الحاصل بين أوغلو وحزب الشعوب، ما ينذر بشرخ كبير يتهدد تحالف المعارضة في تركيا.
انزعاج كبير يتبلور تدريجيا بين صفوف المعارضة التركية مع وضوح الخارطة الإنتخابية وطبيعة التحالفات، وتحويل الأنظار الى حزب الشعوب الذي يعد بمثابة واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني، وبالتالي إعطاء الأخير مساحة لا يستهان بها تكمنه من تحكم بديناميكية المشهد السياسي في البلاد.
دعم حزب الشعوب الديمقراطي، المكروه من قبل القوميين، لكليجدار أوغلو قد يكون بمثابة إنقلاب السحر على الساحر، ويأتي بنتائج عكسية إذ من شأنه أن يدفع بأصوات القوميين الى الإقتراع لخصومه وبالتالي تقليص فرص حسم المنافسة الإنتخابية بين أوغلو أردوغان من الجولة الأولى، إذ أظهرت إستطلاعات الرأي أن ما نحو 8 % من حزبي الجيد والشعب الجمهوري قد يقترعون لصالح سنان أوغان ومحرم إينجه، المرشحيين الرئاسيين الآخرين.
وعلى الرغم من نفي حزب الشعوب المناصر للأكراد، صلته بتنظيم بي كا كا، غير أن رهانات عديدة وآمال كثيرة يعقدها الحزب الكردي على نتائج الإستحقاق الرئاسي، تتلخص في إعادة طرح القضية الكردية في البرلمان التركي، إضافة الى تحقيق الحكم المحلي الذاتي في المناطق ذات الغالبية الكردية.
الصورة الوردية حول توحد معسكر المعارضة التي اجتمعت على هدف مشترك وحيد، وهو إنهاء حقبة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ورقع سقف توقعاتها بفوز مرشحها كليجدار أوغلو من الجولة الأولى، يبدو أنها بدأت بالإهتزاز مع إشتداد حماوة الدعاية الانتخابية، حيث برزت التناقضات لدى تحالف الطاولة السداسية في مسائل مفترض أن تكون محسومة، تماما فيما يخص مسألة حزب العمال الكردستاني، ففي حين يشير أوغلو إلى وجود صفقة تقتضي بالإفراج عن هذا الفصيل، يتحاشى آخرون الإشارة إلى هذا الموضوع، نظرا لحساسية الناخب التركي تجاهه.
المصدر: بريد الموقع