ارتقى الأسير الشيخ خضر عدنان شهيدا الى جوار ربه، تاركا هذه الدنيا بما فيها ظلم وغطرسة تعبر عنها بشكل واضح العدوانية الصهيونية التي تنتهك حقوق الانسان في فلسطين سواء في المعتقلات او خارجها، فالانتهاكات الاسرائيلية واضحة للجميع ولا تحتاج الى ادلة تثبت الظلم المتمادي بحق الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين وحتى اليوم.
ولا شك ان الشهيد عدنان لو حصل على كامل حقوقه وعلى العناية الطبية المطلوبة والمناسبة ولم يتم إهماله عمدا من قبل الصهاينة ولم يترك لمصيره قصدا للإضرار به، ربما ما وصلنا الى ما وصلنا إليه باغتيال الشهيد الصابر المجاهد الذي شكل صوتا متقدما للاسرى ولا سيما ضد سياسة الاعتقال الاداري اللامشروعة واللاقانونية التي يعتمدها العدو الاسرائيلي بحق الفلسطينيين.
لكن ماذا بعد هذا الاغتيال؟ وكيف يمكن ردع العدو عن التمادي بجرائمه وانتهاكاته داخل المعتقلات وخارجها؟ ألا يجب رسم المعادلات الحاسمة الجازمة التي تمنع العدو من تخطي الخطوط الحمر، سواء بخصوص الاسرى وحقوقهم او بخصوص المقدسات والرموز او بخصوص العدوانية المتكررة ضد قطاع غزة او بما يتعلق بتثبيت سياسة الاعتقال والمداهمات اليومية التي تطال الفلسطينيين ومنازلهم في الضفة والقدس المحتلتين؟ الاكيد انه بات من الضرورة الملحة الوصول الى معادلات قوة وردع تجعل العدو يمتنع عن التمادي بانتهاكاته.
والحقيقة ان العدو ماكر في تمرير المسائل في خضم الاحداث التي تجري، فهو اغتال الشهيد خضر عدنان في محاولة للتخلص منه ومن الضغط الذي كان يشكله عليه، ومن ثم سيحاول امتصاص ردة الفعل الفلسطينية على ذلك سواء من قبل المقاومة في غزة او الضفة، ونتيجة قدراته وعلاقاته الاعلامية والسياسية سيحاول منع تحويل المسألة الى قضية رأي عام، والعدو طالما يستغل الاحداث ليغتال شخصية بارزة او قيادية في الضفة او غزة ويمرر المسائل وكأن شيئا لم يكن مع تدخل الاتصالات الاقليمية والدولية للتهدئة في كل جولة عدوانية يرتكبها بحق الفلسطينيين، هذا الامر بالتحديد الذي يجب منع العدو عن تحقيقه اليوم وفي كل مرة يعتقد انه قادر على ذلك لاحقا، يجب ان لا يعيش العدو الأمان في كل مرة يمس بحقوق الاسرى او بالمقدسات والرموز او بحقوق الشعب الفلسطيني عامة، يجب ان يفهم العدو ان هناك مسائل غير قابلة للتهاون ولا يمكن انتهاكها بدون دفع الاثمان الباهظة والمناسبة لذلك.
وفي جريمة اغتيال الشهيد عدنان في المعتقل، من الواضح ان علاقة السببية قائمة بين الإهمال الطبي والترك وعدم تقديم العلاج المناسب له وبين الوصول لحالة الوفاة التي حصلت، ما يؤكد وجود نية القتل لدى الصهاينة، ومع ذلك توغل العدو في حقده ووقاحته واعتدى على غزة التي انتفضت لدماء الشهيد الاسير، وكأن العدو يريد ان يقول للشعب الفلسطيني عليك ان تقتل وتموت بصمت وبدون اي ردة فعل، وهذا بالتحديد ما يجب ان لا نقبل به بعد اليوم، وان تصل الرسائل للعدو ان هذا الزمن قد ولّى الى غير رجعة وان كل فعل سيقابله رد فعل بالقدر المناسب واللازم الذي يؤلمك ويؤذيك.
والرهان دائما على المقاومة وقيادتها بحكمتها وحسن إدارتها للمعركة وتقديرها المناسب للموقف هي من تشخص أهمية وسبل ومدى الرد وشكله للحفاظ على وصايا وإرث الشهداء والقضية التي استشهدوا من أجلها، وهنا لا بد من الاشارة الى ما قاله الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة في بيان نعيه للشهيد خضر عدنان “نؤكد الوفاء اليوم للشهداء جميعا وللشيخ خضر عدنان ومن سيلحقون بركب الشهداء الطاهر، أننا لن نغادر طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير أرضنا من القتلة والمجرمين الصهاينة”. وشدد على “الواجب المستمر وأكثر من أي وقت، على القتال المستمر والصمود والإصرار على حقنا في فلسطين هو عنوان جهادنا الذي لن يتوقف مهما كانت التضحيات.. فلنكن على قدر المسؤولية التي أوكلنا الله بها لتحرير القدس وفلسطين وطرد الغزاة القتلة من بلادنا وأرضنا”.
كما ان حركة حماس خلال العدوان على غزة مساء الاربعاء حمّلت “العدو الاسرائيلي مسؤولية ما يمكن أن ينتج عن استمرار العدوان الصهيوني على غزة”. وأكدت ان “العدوان الصهيوني على غزة سيفشل في تحقيق أهدافه بمنعنا من القيام بواجب الدفاع عن شعبنا ورموزه..”.
المصدر: موقع المنار