يحقق مشروع ميناء الفاو الكبير في حالة إنجازه عدة مصالح استراتيجية للعراق، وللمنطقة، وللتجارة العالمية.
إن الأهمية الاستراتيجية لمشروع ميناء الفاو الكبير للعراق، وللمنطقة، وللتجارة العالمية، تتحقق بعد ربطه بـ”القناة الجافة”، والقناة الجافة ببساطة هي مشروع قيد الدراسة والتخطيط، لتطوير شبكة المواصلات العراقية، وإنشاء شبكة واسعة من خطوط سكك الحديد والطرق الحديثة السريعة، تنطلق من ميناء الفاو، وتربط العراق بأوروبا، عبر ممرين: الأول رئيسي عبر تركيا، والثاني ثانوي عبر سوريا وصولاً إلى المواني السورية على البحر المتوسط.
سُمّيَت بـ”القناة الجافة Dry Canal” تيمُّناً بقناة السويس، إذ تفيد الدراسات حول هذا المشروع بأن نقل الشحنات التجارية من آسيا إلى أوروبا عبر ميناء الفاو ثم القناة الجافة (ممر تركيا) سيختصر نحو 15 يوماً من وقت نقلها الحالي عبر قناة السويس.
التصميم الافتراضي لمشروع ميناء الفاو الكبير بعد إنجاز جميع مراحله، يتضمن عدة منشآت بحرية بمواصفات عالمية، أهمها: 50 رصيفاً (مرسى) لشحن وتفريغ الحاويات Container berths بطول 17 كم وبطاقة 25 مليون حاوية TEU سنويّاً، 20 رصيفاً للحمولات غير المعبأة بحاويات Bulk berths بطول 5 كم وبطاقة 50 مليون طن سنويّاً، 20 رصيفاً للبضائع العامة General Cargo بطول 5 كم، رصيف لشحن وتفريغ السيارات RO-RO berth بطاقة 400000 سيارة سنويّاً، 6 أرصفة لتصدير النفط Oil Products Terminal بطاقة 230000 برميل يوميّاً مع خزانات لواردات المنتجات النفطية بسعة 300000 متر مكعب.
كما أن موانئ العراق الحالية لم تعُد كافية لسدّ حاجة هذا البلد من الخدمات البحرية، جلّها موانٍ أصبحت قديمة، وتعمل بطاقات شحن وتفريغ محدودة، وذات أعماق قليلة لا تلائم رسوّ السفن الضخمة ذات الحمولات الكبيرة.
فطاقة ميناء “أم قصر” الذي أُنشئ في 1965 هي 7.5 مليون طن سنويّاً وعمق المياه فيه 6-10 أمتار، وطاقة ميناء “خور الزبير” الذي أُنشئ في 1974 هي 6.4 مليون طن سنويّاً، وعمق المياه فيه 3-8 أمتار، وطاقة ميناء “المعقل” الذي أُنشئ في 1916 هي 2.25 مليون طن سنويّاً وعمق المياه فيه 6-8 أمتار، وطاقة ميناء “أبو فلوس” الذي أُنشئَ في 1976 هي 0.5 مليون طن سنويّاً وعمق المياه فيه 6 أمتار، فيما نجد أن عمق ميناء الفاو الكبير سيصل إلى 19 متراً، وطاقته هائلة.
في نيسان/أبريل 2010، قامت الحكومة العراقية في حينها بوضع حجر الأساس لمشروع ميناء الفاو الكبير، لإنشاء ميناء تجاري في سواحل مدينة الفاو التابعة لمحافظة البصرة (جنوبي العراق)، ليكون الميناء الأكبر في الخليج، ومن كبريات المواني العالمية. قُدّرَت كلفة هذا المشروع حينها بحدود 5 مليارات دولار، وخُمّنَت مدة إنجازه بـ4-5 سنوات.
تلكأ هذا المشروع في الفترة 2010-2021 بسبب عدة عوامل متداخلة. ووصل التوتر المحيط بهذا المشروع إلى العثور في يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر 2020 على جثة بارك شل هو، مدير فرع شركة دايو المنفذة للمشروع، وقد شنق نفسه في مكتبه بموقع ميناء الفاو.
وكانت هذه الحادثة، بمثابة جرس إنذار دفع الحكومة العراقية إلى إبداء المزيد من الجدية والاهتمام بمشروع ميناء الفاو الكبير، بخاصة أن هذه الحادثة أثارت تساؤلات كثيرة في الرأي العامّ حول حقائق ما يجري في هذا المشروع.
في 30 كانون الأول/ديسمبر 2020 وقّعَت الحكومة العراقية عقداً جديداً مع شركة دايو الكورية الجنوبية، بقيمة 2.62 مليار دولار، لإنجاز المرحلة الأولى من هذا المشروع خلال 4 سنوات.
المصدر: وكالات