قال أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أمس الإثنين ان المملكة نجحت في كبح ارتفاع معدلات الفائدة في سوق النقد، وتتوقع استمرار نزولها، مع تطبيقها لعدد من الأدوات النقدية الهادفة لمواجهة شح السيولة الناتج عن هبوط أسعار النفط.
وتسبب هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 في تراجع الإيرادات الحكومية، وهو ما أثر بدوره على تدفق عائدات النفط إلى النظام المصرفي السعودي.
وخلال العام الجاري قفز معدل الفائدة بين البنوك السعودية (سايبور) إلى أعلى مستوى في سبعة أعوام، وهو ما أدى لصعوبة قيام الشركات بجمع الأموال وساهم في تباطؤ حاد للاقتصاد.
لكن الخليفي قال ان هناك تراجعا ملحوظا في معدلات الفائدة على مدى الأسابيع الثلاث الأخيرة، إذ انخفض معدل سايبور لأجل ثلاثة أشهر إلى 2.189 في المئة من 2.386 في المئة مؤكدا أن السلطات تحكم سيطرتها على الأمر.
وكان معدل سايبور لأجل ثلاثة أشهر يبلغ 0.80 في المئة في اغسطس/آب 2015.
وقال الخليفي في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ تعيينه محافظا للمركزي السعودي في مايو/ايار «نحن مطمئنون بشأن السايبور… السايبور سيواصل الانخفاض ولكن لا نتوقع أن يصل إلى واحد في المئة.»
ويستخدم المركزي السعودي عددا من الأدوات النقدية لخفض أسعار الفائدة. وفي سبتمبر/أيلول واكتوبر/تشرين الأول طرح اتفاقيات إعادة شراء بأجل استحقاق سبعة أيام و28 و90 يوما لتوفير السيولة للبنوك. وكان في السابق يستخدم فقط اتفاقيات إعادة شراء لأجل ليلة واحدة.
وخلال المؤتمر الصحافي قال أيمن السياري نائب المحافظ للاستثمار إن عددا من البنوك استخدمت الأدوات الجديدة لتوفير سيولة لكنه لم يخض في تفاصيل. وأضاف أن البنك المركزي ليس لديه اي خطة لتوفير اتفاقيات شراء بآجال تزيد عن 90 يوما، وأن معدلات الفائدة تقترب من معدل اتفاقيات إعادة الشراء الخاص بالبنك المركزي والبالغ اثنين في المئة.
وأشار السياري إلى أن الضغوط على السيولة قد خفت بعدما قررت وزارة المالية عدم طرح سندات محلية لشهر أكتوبر، مضيفا أن الوزارة ستصدر قرارا بشأن إصدارات السندات المحلية للفترة المتبقية من 2016 وتعلن ذلك في حينه.
وهناك عاملان آخران من شأنهما أن يساعدا على استمرار نزول أسعار الفائدة فخلال الشهر الماضي جمعت الحكومة 17.5 مليار دولار من أول إصدار لسندات دولية. وقال السياري ان حصيلة بيع السندات لم تودع في البنوك المحلية بعد. ويعتقد مصرفيون أن وضع السيولة سينتعش في حال إيداع جزء من حصيلة السندات لدى البنوك.
كما أعلنت الحكومة أنها تهدف في نهاية 2016 إلى سداد مليارات الدولارات من المستحقات المتأخرة التي تدين بها لشركات المقاولات وشركات أخرى في القطاع الخاص.
وكانت وثيقة رسمية اطلعت عليها رويترز يوم الجمعة الماضي أظهرت أن الحكومة السعودية خصصت 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) لسداد الديون المستحقة عليها لشركات القطاع الخاص بعد تأخر المدفوعات لأشهر.
وقال الخليفي «دفع المستحقات سيكون له تأثير ايجابي على السيولة في القطاع البنكي…الأمر يعتمد على الحجم طبعا لكن نتوقع أن يكون له صدى جيد وأن يؤثر بشكل كبير على السايبور.»
وأدى تباطؤ نمو الودائع نتيحة هبوط أسعار النفط إلى ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع لدى البنوك السعودية، لتقارب الحد الأعلى الذي يضعه المركزي عند 90 في المئة. لكن الخليفي قال إنه لا توجد أي نية لتغيير هذا السقف، لاسيما في ظل توقعات بدخول سيولة إلى القطاع المصرفي.
وأكد الخليفي على التزام البنك المركزي بربط الريال بالدولار وعدم تغيير سعر الصرف الخاص بالريال والبالغ 3.75 ريال للدولار.
كان عدد من الاقتصاديين توقع أن تفرص المملكة رسوما على تحويلات الوافدين الأجانب البالغ عددهم نحو عشرة ملايين بهدف خفض التدفقات النقدية الخارجة من السعودية. لكن الخليفي قال إنه لا يوجد أي توجه لفرض مثل تلك الرسوم.
وأضاف»نعلم أن حجم الحوالات الاجنبية الخارجة من المملكة كبير لكن اذا نظرنا الى حجم العمالة نجد أنها أيضا عددها كبير.»
وفي رد على سؤال عما إذا كان المركزي قد يجعل بعض الأصول الأجنبية مقومة باليوان الصيني في ظل تنامي العلاقات التجارية والاستثمارية مع الصين، قال السياري إن الحفاظ على استقرار أسعار الصرف يأتي على رأس الأولويات. وهناك اعتقاد كبير بأن المركزي السعودي يستثمر معظم أصوله الأجنبية البالغة 546.7 مليار دولار في أصول مقومة بالدولار.
وقال الخليفي انه لا توجد أي مخاوف بشأن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة عقب انتخاب دونالد ترامب رئيسا للبلاد وبعد تصويت الكونغرس الأمريكي في سبتمبر على قانون «غاستا» الذي يسمح لأقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة المملكة.
وأضاف «استثمارات المملكة في الولايات المتحدة تتمتع بحصانة سيادية وليس هناك ما يدعو للقلق حيالها.»
وتملك المملكة سندات خزانة أمريكية بقيمة 95.5 مليار دولار وفق بيانات أمريكية رسمية صدرت في سبتمبر. ويعتقد أنها تملك أصولا أمريكية أخرى وحسابات مصرفية بما لا يقل عن هذه القيمة.
من جهة ثانية قال الخليفي ان مستوى الاحتياطي من العملات الأجنبية «مريح وليست لدينا مشكلة»، رغم السحب من الاصول للمساعدة في التعويض عن انخفاض عائدات النفط.
وتظهر الأرقام الرسمية انخفاض احتياطيات المملكة من العملة الاجنبية الى 562 مليار دولار في اب/اغسطس مقارنة مع 732 مليار دولا عام 2014.
ومنذ عام 2014، انهارت أسعار النفط الى اكثر من نصف قيمتها ما دفع السعودية الى تسريع جهودها لتنويع اقتصادها والابتعاد عن النفط الذي لا يزال يشكل معظم اقتصاد البلاد.
وفي وقت سابق أمس توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي في تقريرها السنوي أن تسجل البلاد نسبة نمو تبلغ 1.8 في المئة للعام الجاري، مقارنة بـ3.5 في المئة تم تحقيقها العام الماضي.
وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر الشهر الماضي، نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 1.2 في المئة العام الجاري، و2 في المئة العام المقبل.
ونما الناتج المحلي المحلي السعودي بنسبة 1.5 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري.
وتتوقع مؤسسة النقد العربي السعوديةبلوغ معدل التضخم بين 3.8 في المئة – 4.3 في المئة العام الجاري، مقارنة مع 2.2 في العام الماضي.
وتتوقع السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، عجزا في الميزانية يصل الى 87 مليار دولار هذا العام.
واتخذت المملكة سلسلة من الاجراءات التقشفية بينها خفض الدعم وخفض رواتب الوزراء وتاخير تنفيذ مشاريع كبرى.
وبالاضافة الى السحب من احتياطياتها تبنت الرياض خطوات اخرى لسد العجز المالي.
فقد اصدرت سندات محلية، وفي تشرين الاول/اكتوبر تمكنت من خلالها من جمع 17.5 مليار دولار من طرح اول سنداتها الدولية.
وفي وقت سابق من العام الحالي، اعلن ولي ولي العهد محمد بن سلمان (31 عاما) عن خطة واسعة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
(الدولار يساوي 3.75 ريال سعودي).
المصدر: صحف