تزداد الأزمة السياسية في البحرين تعقيدا في ظل تعنت النظام الحاكم ورغبته بمواصلة اسلوبه بتحييد وقمعه لشرائح واسعة من ابناء الشعب البحريني، وفي ظل مواصلة غالبية القوى السياسية الفاعلة والحية متمثلة بالمعارضة الوطنية برفض ممارسات السلطات الحاكمة والتي تجلت بمقاطعة الانتخابات يوم السبت 12-11-2022.
ولكن تبقى التساؤلات الى متى يستمر هذا النظام بأساليبه غير السوية في معالجة الاوضاع القائمة في البلاد؟ هل من المفيد له ان يعتمد بهذا الشكل المطلق على الدعم والحماية الخارجية بمواجهة ابناء البلد الاصليين؟ وهل محاولات التلميع المعتمدة قد تنفع في تبييض صورة هذا النظام الذي بات مفضوحا في الساحات الحقوقية الدولية؟
حول كل ذلك قال الناشط البحريني السيد علوي الموسوي “منذ العام ٢٠١١، انتهج النظام البحريني سياسة القمع البوليسي بعد انقلابه على كل الوعود، آنذاك كانت المعارضة حاضرة في البرلمان لكنها كانت عاجزة عن أحداث أي تغيير ملموس لسببين: الأول سطوة الحكومة غير المنتخبة، ثانيا، دور مجلس الشورى المعين وهو مجلس موازي للبرلمان ومهمته عرقلة الدور التشريعي الرقابي”، ولفت الى ان “البحرين عبر التاريخ، خلال العشرينات والخمسينيات والسبعينات والتسعينيات، عاشت حالة من الاضطراب السياسي والحقوقي، وسببه استفراد العائلة بالحكم وتحكمها بثروات البلاد وبمصير العباد”.
واكد الموسوي في حديث لموقع قناة المنار ان “القول الذي سعت السلطة لتكريسه بأن ما يجري في البحرين ذات بعد طائفي باطل وغير دقيق”، وأوضح انه “صراع بين حكم متسلط وشعب مقهور، فالجميع يعاني من استبداد السلطة”، وتابع “شعب البحرين خرج في ٢٠١١ بشكل سلمي احتجاجا على تردي الخدمات والفقر وأزمة الإسكان وتمادي التجنيس السياسي والفساد وسلب الحقوق وتهميش اراداته، لأن السلطة تعنتت في اقصائه، الشعب أراد تغييرًا واصلاحًا لا انقلابًا ولا تخريبًا ولا ما تفبركه السلطة من مؤامرات موهومة”، ولفت الى انه “بدل أن تسجيب السلطة استعانت بالجيش السعودي والإماراتي لقتل المتظاهرين فسقط العديد من الشهداء، من هنا جاء قرار المعارضة بالخروج من المجلس لأنه عجز عن التصدي لهذا القمع الممنهج”.
وقال الناشط البحريني “خرجت المعارضة لتسجيل موقف بصفتها ممثلة لشعب أبي يرفض الظلم والاستبداد”، وتابع “١٢ عاما والسلطة ترفض كل مبادرات الحلّ وقرار المقاطعة جاء استجابةً لموقف آية الله عيسى قاسم بأنه إما انتخابات تحقق تطلعات وآمال البحرينيين وإما لا مشاركة، لأن هذا الشعب ليس ساذجًا وخَبِرَ نفاق السلطة”.
واشار الموسوي الى ان “المقاطعة بناء على عدة أسباب يمكن حصرها بأن البرلمان في دورتي ٢٠١٤ و٢٠١٨ جوّع الناس، فرض الضرائب، سلب مكتسبات المتقاعدين، لم يحاسب المتورطين في التعذيب والقتل والنهب والفساد”، واضاف “لعلّ الأخطر هو أنه برلمان لم يقل لا للتطبيع رغم الرفض الشعبي العارم، برلمان سكت على تهويد البحرين وتمكين الصهاينة من احتلالها، بل جاهرت رئيسته وباركت بالخطوة”، ونبه من انه “يراد من الانتخابات الحالية القول بأن شعب البحرين راضٍ عن التطبيع المشؤوم ومرحب بالصهاينة بينما الشعب بكل اطيافه مجمع على نصرة القضية الفلسطينية الحقّة، ورافض للكيان المؤقت، ورافض لتحويل وطنه لمستعمرة صهيونية ووكر للتجسس وتهديد أمن شعوب المنطقة واصطناع الحروب العدوانية”.
ولفت الموسوي الى ان “السلطة البحرينية انتهجت أسلوب التهديد لكل من يعبر عن مقاطعته للانتخابات”، وتابع “هنا لا بد من الذكر بأن الإنتخابات الهزيلة تفتقد أدنى معايير العدالة لأسباب عدة منها التقسيم غير العادل للدوائر الإنتخابية، تجيير أصوات المجنسيين والعسكريين، المراكز المفتوحة التي تساعد على التزوير، غياب هيئات الرقابة المحلية والدولية المستقلة، غياب الإعلام المستقل، علاوة على العمل بقانون العزل السياسي منع أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من المشتركة وشطب ما لا يقل من ١٠٠ ألف مواطن ممن قاطعوا الدورات الماضية”، وذكّر ان “الانتخابات تجري وقادة المعارضة بين مسجون ومهجر، لذا فالمرشحون ليسوا من النخب الوازنة والفاعلة وبرامجهم هزيلة لا تعكس درايتهم بواقع البلاد المزري”.
واوضح الناشط البحريني انه “على أعتاب الانتخابات المزيّفة هزّ أركان النظام حدثان وهما زيارة البابا والمواقف التي أطلقها وثانيهما توصيات مجلس حقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل”، وتابع “الزيارة التي راهن عليها النظام كثيرا فشلت بجهود إعلامية متواضعة لقوى المعارضة التي كشفت زيف ادعاءات النظام ، فهو نظام قمعي يمارس التهميش بحق شعب البحرين، هدم مساجده، اعتقل ابنائه، هجرهم، أعدمهم”، ولفت الى ان “النظام عاجز عن التعايش إلا مع الصهاينة لأنه يتغافل عن مراقبة التحولات الكبرى التي ستقلع هذا الكيان المؤقت من هذه الأرض الطاهرة”، واوضح “نحن لا نعوّل على دعوات أو توصيات أحد، والتجارب أثبتت بأن النظام ممثل بارع، الرهان الوحيد هو على صمود الشعب وثباته ووعيه وبصيرته والتفافه حول القيادات وفي مقدمتهم الوالد الفقيه آية الله الشيخ عيسى قاسم”.
المصدر: موقع المنار