رأى الكولونيل المتقاعد دوغلاس ماكغريغور، في مقال له بـ “The American Conservative”، أن “الناتو” “لن يكون قادراً على هزيمة الجيش الروسي، وأن على بايدن ألا يرتكب أخطاء نابليون في روسيا”.
ووفقاً له، “لا ينبغي لواشنطن وحلفائها التقليل من شأن القوة العسكرية لروسيا، والتدخل في الوضع بأوكرانيا”، معرباً عن شكوكه حول “قدرة التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على حشد الوسائل العسكرية اللازمة للسيطرة على الجيش الروسي”.
والكولونيل المتقاعد دوغلاس ماكريغور من أقدم الكتاب في The American Conservative (المحافظ الأمريكي)، والمستشار السابق لوزير الحرب في إدارة ترامب، ومحارب قديم، ومؤلف لخمسة كتب.
وتابع ماكريغور في مقاله “عندما بدأ نابليون حملته عام 1812 لغزو روسيا، قاد أكبر “تحالف بين الراغبين” في التاريخ، وإضافة إلى جوهر ذلك التحالف الفرنسي، كان هناك أكثر من 400 ألف جنديا إيطاليا وهولنديا وألمانيا وبولنديا، وبخلاف الفرنسيين لم يكن البقية بنفس الحماس، كان حلفاء نابليون وحدهم حريصين حقا على السير نحو موسكو”.
وكتب ماكغريغور “اليوم، يبدو أن بايدن في البيت الأبيض يفكر مجددا في استخدام قوة متعددة الجنسيات تستهدف روسيا. حلف (الناتو) غير قادر على التوصل إلى قرار بالإجماع بالتدخل عسكريا لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. ولكن كما أشار ديفيد بتريوس مؤخراً، فإن الرئيس وجنرالاته يقيمون (تحالف الراغبين) الخاص بهم، والتي يزعم أن التحالف سيتألف بشكل أساسي، وليس حصراً، من القوات البولندية والرومانية، مع وجود الجيش الأمريكي في جوهره، للعمل في أوكرانيا”.
وأشار الكاتب إلى أن “جميع الحملات العسكرية تنجح أو تفشل على أساس الافتراضات الاستراتيجية التي تدعم التخطيط والتنفيذ التشغيلي. وبدون معرفة تفاصيل المناقشات الجارية، لا يزال من الممكن طرح أسئلة حول الغرض التشغيلي المقترح للتحالف، والطريقة، والحالة النهائية”.
وتابع “أولاً، ما هو الهدف من التحالف؟ هل الهدف طرد القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية؟ هل الهدف هو تعزيز خطوط الدفاع الأوكرانية وتحقيق وقف إطلاق النار من أجل المفاوضات؟ أم أن التحالف مجرد أداة لجر بقية أعضاء حلف (الناتو) إلى حرب مع روسيا لن يدعمها سوى عدد قليل جدا من الأوروبيين؟”، مضيفاً “ثانياً، ماذا ستفعل القوات الجوية والبرية الأمريكية إذا انخرطت بشكل حاسم منذ اللحظة التي تعبر فيها الحدود البولندية والرومانية غرباً إلى أوكرانيا؟ لا شك أن القيادة العليا الروسية ستحدد المكون العسكري الأمريكي على أنه مركز ثقل التحالف. ويترتب على ذلك أن القوة العسكرية الروسية ستركز أولا وقبل كل شيء على تدمير الهيكل الحربي الأمريكي جنبا إلى جنب مع قدرات القيادة الموجودة في الفضاء للسيطرة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع”.
وفي السياق، تابع الكولونيل “ثالثاً، هل تبني واشنطن “تحالف الراغبين” لأسباب سياسية أم لأنها تتوقع التزاما كثيف الموارد وتحتاج إلى حلفاء إقليميين لتقاسم العبء؟ نظرا لأنه من غير المحتمل أن تهزم القوة العسكرية الأمريكية التقليدية القوة العسكرية الروسية التقليدية بمفردها، فهل يمكن للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تجميع القدرات العسكرية المتنوعة المطلوبة للهيمنة على القوات الروسية بقوة ضرب كافية لإجبار روسيا على تغيير سلوكها؟ وبنفس القدر من الأهمية، هل تستطيع القوات الأمريكية وزميلتها المتحالفة حماية شبكات النقل العديدة في أوروبا، وكذلك القواعد الجوية والبحرية من الهجمات الجوية والصاروخية الروسية؟”.
وقال “رابعاً، هل سيخضع سلوك عمليات التحالف لقيود تعتبر ضرورية للشركاء المتحالفين؟ توجد دائما اختلافات في الرأي حول قضايا كيفية محاربة الخصم، وإلى أي مدى يجب التحرك، ومدى المخاطرة. ويمكن أن يؤدي عدم الوضوح بشأن أهداف محددة إلى عواقب وخيمة. بعبارة أخرى، ما مدى وحدة القيادة التي يمكن أن يتوقعها القادة العسكريون الأمريكيون حقا من حلفائهم في الحرب، وهل ستفوق المطالبة بوحدة القيادة على المصالح الوطنية البحتة؟ من المفيد أن نتذكر هنا أن موسكو تتمتع بسلطة كاملة على جميع قواتها، بما في ذلك قوات شركائها وحلفائها. بمعنى أن وحدة القيادة الروسية مطلقة، وموسكو ليست مضطرة للتعامل مع التفضيلات والآراء المتباينة من أعضاء التحالف”.
أخيراً، يصرّ الأمين العام لحلف (الناتو) ينس ستولتنبرغ، بحسب الكولونيل، على أن “فشل أوكرانيا في الانتصار في حربها مع روسيا سوف يفسر على أنه هزيمة لحلف (الناتو). ألا تشير الخسائر الفادحة التي لحقت بالقوات البرية الأمريكية في مواجهة القوة العسكرية الروسية أيضا إلى هزيمة واشنطن؟ ما مدى السرعة التي يمكن أن تعوض بها القوات الأمريكية والقوات المتحالفة خسائرها؟ هل الخسائر الأمريكية الفادحة ستثير شبح الرد النووي الأمريكي؟ متى يعرض دعم أوكرانيا أمن (الناتو) وبقائه للخطر؟”.
واستنتج الكاتب أن “إعادة تأكيد واشنطن، التي أعلنت مؤخرا عن الغموض الاستراتيجي فيما يتعلق بـ “اول استخدام للأسلحة النووية”، يثير أسئلة إضافية. حيث يشير المتحدثون باسم إدارة بايدن إلى أن الرئيس لن ينفذ تعهده لعام 2020، ويعلن أن الغرض الوحيد من الأسلحة النووية هو ردع هجوم نووي ضد الولايات المتحدة الأمريكية أو حلفائها”، مضيفاً “بدلاً من ذلك، وافق الرئيس بايدن على نسخة من السياسة من إدارة أوباما تسمح باستخدام الأسلحة النووية ليس فقط ردا على هجوم نووي، ولكن أيضاً للرد على التهديدات غير النووية، حيث يعتبر قرار الرئيس بايدن خطيرا ومدمرا على الأقل لأهداف الولايات المتحدة الأمريكية والحلفاء كما كانت خطة مور غنثاو: خطة تفكيك ألمانيا الصناعية، والتي على الرغم من رفضها، ربما أدت إلى إطالة الحرب ضد ألمانيا النازية بمقدار نصف عام على الأقل. ويتساءل الكاتب: “هل يعتقد أي شخص في واشنطن حقا أن تلك السياسة الجديدة تجعل الحرب النووية مع روسيا أقل احتمالا؟”.
واختتم الكاتب مقاله “إن الاستراتيجية العسكرية تدور حول علاقة الوسائل بالغايات. ينشغل القادة السياسيون والعسكريون الوطنيون بالوسائل ولا يفكرون كثيرا في الغايات. لا يكفي أن تكون تقنيا جيدا، بل يجب أن يكون القادة السياسيون والعسكريون اليوم خبراء استراتيجيين جادين، وحساسين للغاية للحدود التي تفرضها نقاط القوة والضعف الأمريكية على الخيارات الاستراتيجية. لا ينبغي التقليل من تكلفة تصعيد الصراع على الأمريكيين والأوروبيين. يجب على الرئيس وجنرالاته أن يقدروا مدى الضرر الذي قد يلحقه الفشل العسكري بمجتمع أمريكي تم إضعافه بالفعل بسبب 20 عاما من عمليات الانتشار المدمرة في العراق وأفغانستان. فالمعنويات العسكرية الأمريكية في أدنى مستوياتها. وأصبح التجنيد في القوات المسلحة الأمريكية، وخاصة القوات البرية، أصعب من أي وقت مضى منذ السبعينيات، وأداء الاقتصاد الأمريكي هش، ولا تزال التوقعات الاقتصادية لأوروبا أكثر كآبة”.
“في معركته مع روسيا، لم يخطئ بونابرت في تقدير خصمه فحسب، بل أساء تقدير حلفائه بشكل صارخ. ويجب ألا يرتكب الرئيس بايدن وجنرالاته نفس الأخطاء في أوكرانيا”، على حد تعبير الكولونيل الأميركي.
المصدر: روسيا اليوم