قبل أن تصل مسوّدة الإتفاق البحري بين الكيان الصهيوني ولبنان، إلى طاولة المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية [الكابينت]، طرأت تطوّرات هامة على الملف، تمثّلت فيما ذكره مصدر صهيوني رفيع، من أن الكيان رفض الملاحظات اللبنانية على المسوّدة، وصدور تهديدات جديدة عن وزير الحرب، بني غانتس ضدّ لبنان.
وقال وزير الحرب بني غانتس”تدفع الحكومة الإسرائيلية قدما اتفاقا في موضوع تقاسم المياه الاقتصادية بيننا وبين لبنان والذي له تأثيرات اقتصادية وأمنية، ومن بينها ضرب مصالح إيران في لبنان والمنطقة. سواء أوقِّع الإتفاق أم لم يُوقّع، نحن مستعدّون للدفاع عن بنيتنا التحتية وعلى سيادتنا. إذا أراد حزب الله ضربها (البنى التحتية) فإنّ الثمن العسكري الذي سيدفعه لبنان وحزب الله سيكون باهظا جدا. لا نسعى إلى الحرب لكننا مستعدون لها”.
وعقّب رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو على الرفض الصهيوني للملاحظات اللبنانية بالقول: “فقط الضغط الهائل الذي مارسته أنا وأصدقائي أدّى إلى الانسحاب من اتفاق الخضوع هذا”.
وكان معلقون قد ذكروا ان أمام رئيس الحكومة 3 الغام اساسية:
1. رأي المستشارة القانونية للحكومة غير المتبلور حتى السّاعة، بشأن كيف ينبغي المصادقة على هذا الإتفاق، وفي أي منتدى سيقرّ.
2. الفيتو الذي يملكه رئيس الحكومة البديل، نفتالي بينيت، الذي يملك هذا الحق، خصوصاً أنه قد سجّل اعتراضات على مسوّدة الإتفاق، ومؤخراً توسّعت دائرة المعترضين من داخل الحكومة بإضافة وزير العدل جدعون ساعر ووزيرة الداخلية آيالييت شاكيد.
3. في شأن ملاحظات الجانب اللبناني، ذكر مصدر سياسي رفيع المستوى، أن إسرائيل تلقّت ملاحظات لبنان على الإتفاق – ورفضتها. وبحسب المصدر فإنّ رئيس الحكومة اطّلع على تفاصيل “التغييرات الجوهرية” الجديدة التي طالب لبنان بإدخالها على الإتفاق البحري، وأوعز لطاقم المفاوضات برفضها”. المصدر أضاف أيضاً أن “إسرائيل ستستخرج الغاز من منصة كاريش في اللحظة التي يكون فيها ذلك ممكناً. إذا حاول حزب الله أو أحد آخر ضرب منصة كاريش أو تهديدنا، فإن المفاوضات ستتوقّف تلقائياً”.
وفيما يشدّد معلقون معارضون للاتفاق على أن لابيد وغانتس خضعا لأمرين: ضغط أميركي لتأمين الغاز إلى أوروبا؛ وتهديدات حزب الله، استمر آخرون في توجيه انتقادات لرئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، على أساس أنه يعارض الإتفاق، خلافاً لإجماع المستوى المهني والعسكري، من منطلقات شخصية وانتخابية محضة، معرِّضاً الوضع الأمني لخطر المواجهة ومُلحقاً ضرراً بالغا في التحالف مع الأميركيين. ويتهم معلقون نتنياهو بأنه لا يتورّع عن إثارة حرب مع حزب الله من أجل حملة انتخابية .
بعد انعقاد المجلس الوزاري المصغر ، جاء قرار لابيد انتخابيا دون شك ، وهو قرار ملتبس بين الرفض وبين حصر المشكلة ببعض التعديلات التي طلبها لبنان على رسالة هوكشتاين ، فخلال اجتماع الكابينيت اعترف عددٌ من وزراء “الكابينيت”، أنهم تركوا المناقشة في حيرة من أمرهم: “من ناحية، هناك حديثٌ عن الاستعداد للتصعيد، ومن ناحية أخرى المفاوضات لم تنتهِ بالكامل”.
وسرَّبت وسائل إعلام إسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغّر منح تفويضاً لرئيس الحكومة يائير لابيد، ووزير الحرب، بيني غانتس، ورئيس الحكومة البديل، نفتالي بينيت، لاتخاذ قرارات لمواجهة تصعيدٍ محتملٍ على الجبهة الشمالية مع لبنان، من دون الرجوع إلى “الكابينيت”، مرة أخرى، في حال فشل التوصُّل إلى اتفاق حول الحدود البحرية مع لبنان.
ومع انتهاء جلسة “الكابينيت”، مساء الخميس، أفاد موقع “واللا” الإلكتروني، أن لابيد قال خلال الجلسة إن “إدارة بايدن ستحاول الضغط على لبنان للتراجع عن بعض مطالبه، وأن مساعي الولايات المتحدة لا زالت مستمرةٌ بهدف التوصُّل إلى اتفاق، موضحاً أن “الإدارة الأميركية تعمل على دفع اللبنانيين للتوقيع على الاتفاق بالصيغة الأصلية”. كما ذكر الموقع أن لابيد طالب خلال الجلسة بعدم التصعيد من خلال التصريحات عن استعدادات لتصعيد عسكري.
اما حول تهديدات غانتس فقد جاء الرد عليه من الداخل الصهيوني مباشرة حيث اشار معلقون ومحللون إسرائيليون على أن إعلانه عن الجهوزية في الشمال عبر وسائل الإعلام، هو “خدعة معيبة” لا تتناسب مع شخصيته الرسمية، وهو محاولة للتأثير على حزب الله وتحذيره من الإقدام على أي خطوة. ورأى المعلقون أنه “من السابق لأوانه نعي اتفاق الحدود البحرية مع لبنان، وأن المطالب اللبنانية لها حل”. ولفتوا إلى أنه “لا يوجد أي تغيير بالوضع الأمني في الشمال، ونحن متأهبون في هذه المنطقة منذ ثلاثة أشهر وسنبقى متأهبين”.
في الخلاصة، فان ما نقلته قناة i24 الصهيونية عن مسؤول كبير في الامن القومي في البيت الابيض ، يعبر عن عن حقيقة ما وصل اليه التفاوض حيث نقل ان الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، يواصل مشاركته المكثفة لإنهاء المناقشات حول اتفاق الحدود البحرية مع لبنان، موضحاً أن “الولايات المتحدة ستبقى على اتصال وثيق مع الإسرائيليين واللبنانيين، ونحن في مرحلة حرجة في المفاوضات، وتمَّ تقليل الفجوات، وما زلنا ملتزمين بالتوصُّل إلى حلٍ، ونعتقد أنه يمكن التوصل إلى حلٍ وسط”.
ومساء السبت، قال وزير حرب العدو الإسرائيلي، بيني غانتس، إنّه يأمل أن يكون كيانه قريبا من “اتفاق جيد مع لبنان”، في إشارة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وتوعّد غانتس، في حديث إلى “القناة الـ12” الإسرائيلية، بـ”تدمير لبنان إذا أخطأ حزب الله وهاجم إسرائيل”، مضيفاً أنّ “إسرائيل مستعدة لاتفاق، ومصممة على الدفاع عن أصولها”.
وعلى الرغم من المعارضة الشديدة لرئيس الحكومة الأسبق، بنيامين نتنياهو، للاتفاق، فإن غانتس أشار إلى أنّ “نتنياهو كان سيوقع على هذا الاتفاق، انطلاقاً من المصالح الأمنية والاستراتيجية”. ولفت غانتس إلى أنه “إذا لم يُوقَّع الاتفاق، فسيجري استخراج الغاز كما هو مخطَّط”، مؤكداً: “نحن نقترب من استخراج الغاز”.
وأضاف غانتس، “أنا لا أُجري تسوية بخصوص الأمن. الأمر الآن في أيدي اللبنانيين”، معتبراً أنّ “الاتفاق يدفع الاستقرار الإقليمي قُدُماً، ويقلّص تأثير إيران في لبنان”، وفق غانتس. وأعلن أنّ حزب الله “حاول أن يتحدى منصة كاريش بواسطة قِطَع بحرية، وليس فقط عبر إطلاق مسيّرات”.
وفي السياق، نقل موقع “والاه” الإسرائيلي، عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، قوله إنّ “هناك تقدماً في المفاوضات عند الحدود البحرية مع لبنان”. وبحسب المسؤول الأميركي، جرى تبادل “عدة مسوّدات وصيغ جديدة، في محاولة للوصول إلى اتفاق بخصوص الثُّغَر المتبقية”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ المؤسستين الأمنية والعسكرية “أعطتا الضوء الأخضر لشركة إنرجيان من أجل بدء فحص الأنبوب الذي يوصل منصة كاريش بالساحل”.
المصدر: المنار