الأربعاء   
   09 07 2025   
   13 محرم 1447   
   بيروت 03:12

عملية بيت حانون تعمّق مأزق الاحتلال وتكشف عجزه في مواجهة حرب الاستنزاف

خلّفت عملية بيت حانون النوعية تداعيات كبيرة داخل كيان الاحتلال، إذ رأى مراقبون صهاينة أنها تجسّد صورة المستنقع الذي قد يغرق فيه جيش الاحتلال في حال استمر في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

ورأت أوساط صهيونية مختلفة، بما فيها قيادات في جيش الاحتلال، أن استمرار رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو في التمسك بما وصفته بـ”أهداف الحرب المستحيلة” تحت شعار “النصر المطلق”، لا يؤدي سوى إلى تعميق المأزق العسكري والسياسي للاحتلال.

وقد عززت هذه القناعة العملية النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في بيت حانون، عندما استدرجت قوة صهيونية إلى كمين محكم أدى إلى سقوط عدد من الجنود بين قتيل وجريح.

وحذرت شخصيات صهيونية من أن إنكار الواقع الميداني لن يفضي إلا إلى مزيد من الغرق في مستنقع غزة. وقال عمِيت ياغور، المسؤول السابق في شعبة التخطيط بجيش الاحتلال، إن قتال حركة حماس ما يزال مستمرًا بقوة، مضيفًا: “نحن ندخل مرارًا منطقة بيت حانون، لكنها لا تزال تشكل تحديًا لنا. الطرف الآخر يعمل بأسلوب حرب العصابات، يزرع العبوات الناسفة ويستغل الفرص، ونحن ندفع ثمن ذلك يوميًا. وكلما استمر الضغط العسكري، كلما استمرت هذه الخسائر المؤلمة.”

وفي السياق ذاته، اعتبر ألون بن دافيد، المحلل العسكري الصهيوني، أن ما جرى في بيت حانون “حدث قاسٍ جدًا” يُعيد إلى الأذهان الأيام الدموية التي شهدها الاحتلال في الحزام الأمني جنوب لبنان. وأضاف أن جنود كتيبة “نيتسح يهودا” تحركوا مشاةً على الأرض بدون حماية مدرعة، فوقعوا على شبكة من العبوات الناسفة التي كانت معدّة مسبقًا.

ورغم أن سلاح الجو الصهيوني قصف الطريق قبيل دخول القوة لمحاولة تنظيفها من العبوات، إلا أن الانفجار العنيف دوّى في كافة أنحاء غلاف غزة، بما في ذلك مدينة سديروت.

من جهتها، علّقت هيلا فازان، المستشارة الاستراتيجية الصهيونية، على سقوط الجنود قائلة: “في الصباح سقط خمسة جنود، فهل تغيّر شيء؟ هل نحن نتقدّم نحو تحقيق هدف ما؟ للأسف، الجواب هو لا. نحن عالقون في دائرة يصعب تقبّلها، والواقع الذي نعيشه لا يمكن التعايش معه بسهولة.”

في موازاة المأزق العسكري، حضرت مباحثات وقف إطلاق النار في غزة على طاولة اللقاء الذي جمع رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط تحذيرات من أن تشدد الاحتلال لن يُجبر الفلسطينيين على تقديم تنازلات.

وقال شاي هارتسفي، المدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية في كيان الاحتلال، إن لقاء نتنياهو وترامب تضمن تطلعات بشأن السلام، لكنه شكك في إمكانية التوصل إلى نتائج ملموسة، مشيرًا إلى أن مثل هذه اللقاءات حصلت مرارًا في الماضي دون الوصول إلى خواتيم حقيقية. وأضاف “طالما لم نصل إلى نهاية واضحة، فإن شيئًا لم يتحقق فعليًا.”

وأكّد عدد من الخبراء الصهاينة أن مسار التفاوض يواجه صعوبات جدية تتعلق بمطالب حركة حماس بشأن وقف الحرب، وتحسين الوضع الإنساني في القطاع، في حين أن الموقف الأميركي ما يزال غامضًا، إذ ألمح إلى إمكانية الاتفاق على إنهاء الحرب دون تقديم أي التزامات واضحة، ما يترك ورقة القرار بيد نتنياهو.

وفي ظل هذا الواقع، تتعمّق الأزمة الإسرائيلية، وتتراكم الضغوط الميدانية والسياسية، بينما تواصل المقاومة الفلسطينية هجماتها النوعية، مؤكدة أن الردع الميداني ما زال فاعلًا، وأن الاحتلال لن يحصد من عدوانه سوى المزيد من الخسائر والانكسارات.

المصدر: موقع المنار