الأربعاء   
   15 10 2025   
   22 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 01:27

الحكومة الفرنسية تعلّق إصلاح نظام التقاعد في محاولة لتفادي حجب الثقة

في خضمّ أزمة سياسية تشهدها فرنسا منذ أسابيع، أعلن رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو، اليوم الثلاثاء، تعليق إصلاح نظام التقاعد الصادر عام 2023، والذي أثار استياء فئات واسعة من الفرنسيين، وذلك في خطوة تهدف إلى تجنّب حجب الثقة عن حكومته.

وخلال خطابه حول السياسة العامة أمام البرلمان، قال لوكورنو إنه سيقترح تعليق تطبيق إصلاح نظام التقاعد “حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة” المقرّرة في عام 2027.

ويُعدّ هذا القانون من أبرز محاور ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون الثانية، إذ جرى تمريره عام 2023 من دون تصويت في البرلمان، وينص على رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 عامًا. وقد شكّل هذا القرار محور تجاذب سياسي حاد في البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.

ويأتي تعليق القانون تلبية لمطلب أساسي من الحزب الاشتراكي، الذي تُعدّ أصواته حاسمة لتفادي إسقاط الحكومة ومنع إجراء انتخابات تشريعية مبكرة جديدة.

وكان الاقتصادي الفرنسي فيليب أغيون، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد هذا الأسبوع، قد دعا الاثنين إلى “وقف” العمل بإصلاح نظام التقاعد حتى عام 2027، معتبرًا أن ذلك ضروري “لحسن سير الديمقراطية الفرنسية”.

وتعيش فرنسا حالة غير مسبوقة من الاضطراب السياسي منذ حلّ الجمعية الوطنية في حزيران/يونيو 2024، ما أسفر عن برلمان منقسم بين اليسار ويمين الوسط واليمين المتطرف، من دون أي أغلبية حاكمة واضحة.

وقال لوكورنو أمام النواب: “يتمنى البعض أن تتحول هذه الأزمة البرلمانية إلى أزمة نظام، وهذا الأمر لن يحدث”، محذرًا في الوقت ذاته من أن تعليق إصلاح نظام التقاعد سيكبّد البلاد خسائر تقدّر بـ400 مليون يورو عام 2026، وبـ1.8 مليار يورو عام 2027، مؤكدًا ضرورة “تعويض ذلك بتحقيق وفورات في الميزانية”.

وفي خطابه الذي استمر نصف ساعة، أعلن رئيس الوزراء أيضًا التخلي عن استخدام المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح للحكومة بتمرير القوانين من دون تصويت برلماني، وهو مطلب آخر للكتلة الاشتراكية التي هدّدت بتقديم اقتراح لحجب الثقة مساء الثلاثاء في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبها.

وصادق مجلس الوزراء في اجتماعه الأول لحكومة لوكورنو الثانية على مشروع ميزانية الدولة لعام 2026، الذي يجب إقراره قبل 31 كانون الأول/ديسمبر المقبل.

وتسعى الحكومة، في ظل مديونية عامة تبلغ 3.3 تريليون يورو (ما يعادل 115% من الناتج المحلي الإجمالي)، إلى تحقيق وفورات مالية بقيمة 30 مليار يورو، وفق تقديرات المجلس الأعلى للمالية العامة.

وأكد لوكورنو أمام الجمعية الوطنية أن العجز العام “سيُخفض إلى 4.7%” من الناتج المحلي الإجمالي بموجب مشروع الموازنة، على أن “ينخفض إلى أقل من 5% في نهاية المناقشات البرلمانية”.

وكان المجلس الأعلى للمالية العامة قد حذّر صباح الثلاثاء من أن مشروع الموازنة استند إلى “افتراضات نمو متفائلة أكثر من اللازم”، بينما وصفت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن المشروع بأنه “سيئ للغاية”.

وفي بادرة إضافية تجاه الاشتراكيين الذين يطالبون بإجراءات تعزز العدالة الضريبية، أقرّ لوكورنو بوجود “عيوب” في النظام الضريبي المفروض على الأثرياء، داعيًا إلى فرض “مساهمة استثنائية” على أصحاب الثروات في الموازنة المقبلة.

وقالت مصادر برلمانية لوكالة “فرانس برس” إن حزبي “فرنسا الأبية” (اليسار الراديكالي) و”التجمّع الوطني” (اليمين المتطرف) قدّما اقتراحين بحجب الثقة من المقرر مناقشتهما يوم الخميس في الجمعية الوطنية.

لكن فرص تمرير أي من هذين الاقتراحين تبقى ضعيفة، بعدما أعلن الحزب الاشتراكي أنه لن يصوّت لصالح نصوص مقدّمة من هذين الحزبين.

واختتم رئيس الوزراء كلمته بالتحذير من تداعيات فشل البرلمان في إقرار موازنة 2026، قائلًا: “في حال حدوث أزمة سياسية، فإن الوحيدين الذين سيسعدون بذلك ليسوا أصدقاء فرنسا”.

المصدر: أ.ف.ب.