لا شك ان الكثير من الازمات التي يمر بها لبنان في هذه الايام سببها الاساسي والمباشر هو الحصار الاميركي على الشعب اللبناني في مختلف المجالات، والتي تهدف بشكل واضح لزيادة الضغط على لبنان لتحقيق مكاسب للعدو الاسرائيلي في العديد من الملفات ليس آخرها ملف النفط والغاز في البحر.
ولكن يبقى السؤال كيف يمكن “فك شيفرة” هذا الحصار الاميركي الخانق على لبنان؟
الحقيقة ان الحصار الاميركي والذي يمكن وصفه ضمنا بالاسرائيلي، لا يمكن لوحده ان يحقق أهدافه إلا بمساعدة عوامل اخرى وظروف متعددة تفضي الى النتائح التي يسعى لها من خطط لهذا الحصار، وبالامكان مواجهة هذا الحصار وتفكيك العوامل المساعدة له في الداخل والخارج من خلال القيام بعدة خطوات، منها:
-السعي بشكل سريع وجدّي لفتح قنوات عمل مع دول غير خاضعة للارادة الاميركية الاسرائيلية، فيجب الانفتاح على دول ذات سيادة حقيقية هادفة للاستثمار في القطاعات المختلفة في لبنان، ما يساعدنا على رفع مستوى هذه القطاعات خاصة في الصناعة والزراعة والطاقة وغيرها، وعدم انتظار الضوء الاميركي او غيره للحصول على مساعدة او دعم او استثمارات من اي جهة كانت.
-السعي فورا للتخلص من أي شكل من أشكال التبعية للخارج خاصة تلك التي تربط دعمها للبنان بأجندات سياسية وأمنية، كما فعل بعض السفراء لا سيما خلال فترة الانتخابات النيابية الاخيرة، وعدم انتظار الخارج عند تشكيل حكومة او تعيين وزير وإقالة آخر.
-السعي للحد من تأثير ما يسمى “الدولة العميقة” في لبنان والتي تتحكم بمفاصل أساسية في الدولة والقطاع الخاص بمختلف تشعباته، ومن ثم السعي الجدي لمكافحة الفساد المستشري بشكل كبير، لانه لا يمكن بناء دولة قادرة ومقتدرة ومنتجة بوجود مثل هذه “الحالات المفرطة للفساد” كما هو الحال في وطننا، خاصة ان كثير من الجهات الفاسدة هي حليفة او تابعة بشكل او بآخر للاميركي والغربي والانظمة الخليجية الحليفة لها.
-البدء بشكل جدي بوضع حد للزبائنية السياسية والطائفية التي توزع مغانم الدولة والقطاعات المختلفة بما فيها من مناصب ومراكز على اسس قائمة على العلاقة السياسية والطائفية بدل ان تكون قائمة على معايير وطنية جوهرها الكفاءة والجدارة، ومن هنا لا بد من إعادة تفعيل مؤسسات وإدارات الرقابة والمحاسبة الموجودة في الدولة اللبنانية لكن إما انها معطلة او ان دورها غير مؤثر في رسم السياسيات العامة او تعديلها.
-البدء بورشة عمل قانونية لتطوير الانظمة والقوانين بما يخدم الاهداف العامة لتطوير القطاعات المختلفة في الدولة، وتفعيل تطبيق القوانين لا تعطيلها لان ما وصلنا إليه يدل إما ان القوانين معطة او انها غير مواكبة للتطور الطبيعي للدول في العام 2022، وفي الحالتين يجب إعادة النظر بها بما يفضي الى تحقيق الغاية المنشودة.
-السعي لتطوير عمل الادارة(وليس المقصود فقط الادارة بمعناها الاداري الضيق إنما بمعناها الاوسع الذي يشمل أيضا إدارة القطاعات المختلفة لا سيما القطاع العام والمؤسسات الكبرى في البلد)، لان الكثير من المشاكل التي نعاني منها سببها الى حد كبير سوء الادارة واتخاذ قرارات منفصلة أحيانا عن الواقع وعدم البحث عن حلول واجتراحها لرفع مستوى الخدمات، بدل تحميل المواطن فقط عبء انتشال بعض القطاعات على الرغم من الضغوطات الحياتية والمعيشية التي يعاني منها، وتحجج الكثير من المعنيين بحجج وذرائع واهية.
-الحفاظ على عناصر قوة لبنان في مختلف الاتجاهات، وهنا لا بد من التذكير بأن المقاومة تشكل احد أبرز هذه العناصر لحماية الوطن وصونه امام كل التهديدات لا سيما الآنية من قبل العدو الاسرائيلي، والتي تطرح اليوم بخصوص حقوق لبنان وثرواته النفطية في البحر، والاستفادة من ذلك والالتفاف حولها لمنع اي تنازل قد يحاول العدو والمفاوض الاميركي فرضه على لبنان.
كل هذه الافكار على أهميتها وغيرها مما قد يطرح في العديد من المجالات، إلا انها تحتاج بالدرجة الاولى الى إرادات وطنية مستقلة ونزيهة هدفها فقط مصلحة لبنان وشعبه، ولا تأتمر بأوامر الخارج ولا تنتظر مصالحها وتحسب المكاسب التي ستحصل عليها في الصفقات والمشاريع التي ينتظر تنفيذها هنا وهناك.
المصدر: موقع المنار