لم يكن اعلان رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينيت ووزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل يائير لابيد، مساء الإثنين، تقديم مشروع قانون لحلّ الكنيست والتوجُّه نحو إنتخابات مبكرة مفاجئا ، فالاحداث الاخيرة في الكيان والمشكلات التي غرقت بها حكومة بينيت كانت تنذر بأن الانهيار قريب وأن المستفيد الاكبر من هذا الانهيار هو نتنياهو رغم وجود بعض التقديرات الصهيونية التي تقول أن لا شيء سيتغير في حال حدوث انتخابات مبكرة.
وكان بينيت ولابيد قد أشارا في بيان صدر عنهما إلى أنّ لابيد سيتولىّ فور إقرار قانون حل الكنيست منصب رئاسة الحكومة، وسيحتفظ بمنصبه في وزارة الخارجية خلال الفترة الإنتقالية، بينما بينيت سيكون رئيس الحكومة البديل، وسيبقى مسؤولاً عن “الملف الإيراني”.
وأفاد البيان أنّه بعد إستنفاد محاولات الحفاظ على الإئتلاف، إتفق بينيت ولابيد، على تقديم مشروع قانون حلّ الكنيست الأسبوع المقبل للمصادقة عليه في الكنيست.
وحول هذه الخطوة برر بينيت قراره بأنه ضمان لإستمرارية تطبيق القانون الصهيوني على المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، والذي ينتهي سريانه نهاية الشهر الحالي،حيث تشير القوانين الصهيونية إلى تمديد سريان القانون الصهيوني في الضفة الغربية تلقائياً ومن دون التصويت عليه في الكنيست والذي فشلت الحكومة في إقرار تمديده في الكنيست. وأشار بينيت إلى أنّ التقارير الأمنية تؤكّد أنّ عدم تمديد هذه الأنظمة يعني “ضرراً أمنياً بالغاً على مصالح إسرائيل الأمنية” .
اما لابيد فحاول تكريس فكرة “اسرائيل الموحدة مشددا إلى أنّه لن ينتظر حتى إجراء إنتخابات جديدة كي يبدأ في معالجة التحديّات التي تواجهها إسرائيل بمجرّد توليّه منصب رئيس الحكومة الإنتقالية.
وشددّ لابيد على أنّه سيعالج غلاء المعيشة؛ وزعم انه سيواجه إيران وحماس وحزب الله، كما سيواجه “القوى التي تهددّ بتحويل إسرائيل إلى دولة غير ديمقراطية”، قاصداً اليمين المتطرّف في الكيان .
ورغم توقع هذا القرار الى ان عددا من رؤساء احزاب الائتلاف الحكومي ادلوا بمواقف يظهر منها عدم الحماسة للامر حيث قال وزير الحرب بني غانتس (رئيس حزب أزرق – أبيض): “الليلة ننهي فصل حكومة التغيير، للأسف. هذه الحكومة، التي إستطاعت أن تحققّ خلال سنة واحدة الكثير من أجل المجتمع الإسرائيلي وأمنه، ستواصل العمل خلال الفترة الإنتقالية.”
وبدوره، أشار وزير القضاء، غدعون ساعر (رئيس حزب أمل جديد)، إلى أنّ “الهدف من الإنتخابات المقبلة واضح، وهو منع نتنياهو من العودة إلى السلطة وتسخير الدولة لمصلحته”. وأضاف ساعر أنّ “عدم مسؤولية بعض أعضاء الكنيست في الإئتلاف أدىّ إلى نتيجة حتمية، هي الإنتخابات.
وزير المالية، أفيغدور ليبرمان (رئيس حزب إسرائيل بيتنا)، قال، من جهته، إنّ عدم الإستقرار السياسي يضرّ بالمجتمع والإقتصاد والأمن، لافتاً إلى أنّ الخطة متعددّة السنوات لموازنة الأمن تعرقلت مجددّاً. وطالب ليبرمان بمنع نتنياهو من العودة إلى رئاسة الحكومة.
موقف حزب ميرتس عبرّ عنه عضو الكنيست يئير غولان بقوله إنّ “الهدف واضح: إنقاذ إسرائيل من الفساد والحالة الكهانية.”
ومن جهته، شددّ رئيس القائمة الموحّدة، منصور عباّس، على أنّه سيعمل جاهداً حتى يكون جزءً من الإئتلاف الإسرائيلي المقبل.
كما اعرب عضو الكنيست من القائمة المشتركة سامي ابو شحادة عن رضاه عن حل الكنيست وقال : ” الحمد لله على خلاصنا.”
هذه المواقف كلها كانت بكفة وموقف نتنياهو المتربص لسقوط الحكومة كان بكفة أخرى معتبرا انه هو من سيكشل الحكومة المقبلة حيث اعلن في خطاب مصور ” أن حكومة بينيت فشلت بشكل كبير أمنياً وسياسياً وإقتصادياً… وفقدت قدرتها على الحكم”. وأنّ “الليكود يتجهز لإنتخابات ولا يستبعد تشكيل حكومة بديلة في الكنيست الحالي”، مؤكّداً أنّه لن يجلس مع رئيس القائمة الموحّدة منصور عباّس في حكومة واحدة ، كما اضاف”أنا وأصدقائي سنقيم حكومة قوميّة واسعة برئاسة الليكود، حكومة ستهتمّ بالجميع، بكلّ مواطني إسرائيل، بدون إستثناء، حكومة تخفّض الضرائب، تخفّض الأسعار، تقود إسرائيل إلى إنجازات عظيمة بما يشمل توسيع دائرة السلام مثلما فعلنا، وقبل كلّ شيء – حكومة ستعيد الكبرياء القومي لمواطني إسرائيل حتى يتمكّنوا من السير في الشوارع برأسٍ مرفوع” .
اما عن اسباب حل الكنيست فقد اشارت اوساط صهيونية ان بينيت ولابيد استبقا خطوة الليكود بعد ان ادركا ان طلب حزب الليكود بحل الكنيست هو امر ممكن الحصول ، بينما السبب الاخر وبحسب ما قاله بينيت فهو فشل الإئتلاف الحكومي في تمرير تمديد قانون تطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنين في الضفة الغربية واما السبب الابرز فهو التخبط الحاصل داخل حزب يمينا والمعاناة التي يعيشها بينيت داخل حزبه وكانت الرئيسة التنفيذية للحزب، ستيلا فاينشتاين، قد صرحت ، أنّ حزبها “لا يستبعد التحالف ضمن إئتلاف تثمر عنه حكومة برئاسة رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو بعد ال‘نتخابات المقبلة”. وأضافت أنّ “السياسة في دولة إسرائيل، تعلّمنا أنّه يمكن لأيّ شيء أن يتغيرّ في أيّ لحظة”.
وبحسب استطلاعات الرأي في الكيان الصهيوني فان حل الكنيست واجراء انتخابات مبكرة لا يعطي الافضلية لأي من المعسكرين المتنافسين ويظهر الإستطلاع أنّ المعسكر المؤيّد لنتنياهو سيحصل على 59 مقعداً، موزّعة كالتالي: الليكود 36 مقعدا؛ً الصهيونية الدينية 10 مقاعد؛ شاس 7 مقاعد؛ ويهدوت هتوراه 6 مقاعد. أمّا لجهة ما يسمى بمعسكر التغيير، فقد حصل، بحسب الإستطلاع، على 55 مقعداً توزّ عت كالتالي:
يوجد مستقبل 20 مقعدا؛ً العمل 7 مقاعد؛ أزرق-أبيض 8 مقاعد؛ يميناً 7 مقاعد؛ إسرائيل بيتنا 5 مقاعد؛ أمل جديد 4 مقاعد؛ والقائمة المو حّدة 4 مقاعد .
وإضافة إلى المعسكرين، نالت القائمة المشتركة غير المنتمية إلى أيٍّ من المعسكرين 6 مقاعد .
يعيش الكيان الصهيوني هذه الازمة منذ عام 2019 حيث تعتبر هذه الانتخابات في حال حصولها هي الخامسة في اقل من اربع سنوات، وقد حصلت الانتخابات الاولى في التاسع من نيسان من العام 2019 وقد فاز نتنياهو بمواجهة بني غانتس وتم تكليفه بتشكيل الحكومة ولكنه لم يستطع ضمان غالبية البرلمان ما أدى الى الدعوة الى انتخابات جديدة في 17 ايلول 2019 .وبعد الانتخابات كلف نتنياهو مجددا بمهمة تشكيل الحكومة ففشل مجددا عندها كلف الرئيس رؤوفين رفلين في 20 تشرين الاول بني غانتس بتشكل الحكومة والذي فشل بدوره ايضا ، فكانت الانتخابات الثالثة في 2 آذار 2020 والتي اتفق غانتس ونتنياهو بعدها على تشكيل حكومة وحدة طارئة لمواجهة جائحة كورونا على ان يتقاسم الرجلان السلطة خلال 3 سنوات ، ولكن وبعد فشل البرلمان الصهيوني اعتماد ميزانية عام 2021 تم حل الكنيست في 23 كانون الاول 2020 ، فكانت الدعوة لانتخابات رابعة في آذار 2021 وفاز نتنياهو وتم تكليفه بتشكيل الحكومة ولكنه فشل وبعدها اصبح نفتالي بينيت رئيسا للحكومة والتي اوصلت الكيان الى الازمة الحالية والتي دعت الى انتخابات جديدة لتكون الخامسة.
لعل اكثر ما يلفت في الازمة الصهيونية الحالية هو تغير الحلول التي كان يعتمدها الصهاينة عند أي ازمة داخلية ، فطالما كانت الحلول عند رؤساء الحكومات المتعاقبين في الكيان الصهيوني هي اشعال حرب على جبهة من الجبهات في محاولة لتغيير المزاج العام في الكيان وشد العصب العنصري لتمرير الازمة ، وفي حين كان الكثير من المحللين السياسيين ينتظرون اللحظة التي سيعلن بها نفتالي بينيت الحرب من خلال الاستفادة من محاولاته الاستفزازية على جبهة غزة او الجبهة الشمالية ، تبين ان خيار الحرب بالنسبة لبينيت هو مكلف أكثر بكثير من خيار حل الكنيست ، وأن القواعد التي ارساها محور المقاومة حول الخطوط الحمر ونهاية مقولة المعركة بين الحروب ، جعلت الحكومة الصهيونية تطلق النار على رأسها خوفا من حرب مقبلة.
المصدر: موقع المنار