يحمل سكان بابوا نيوغينيا وشمال شرقي أستراليا كمية قليلة من الحمض النووي لجنس بشري منقرض وغير معروف. وخلصت التحليلات إلى أن هذا النوع من الحمض النووي لم يأتِ من سلالة “نياندرثال”، أو سلالة “دينيسوفان” البشريتين، بل من سلالة ثالثة منقرضة من أسلاف البشر البدائيين hominids لا يعرفها علماء الآثار.
فقد فحص أخصائي علم الوراثة الإحصائي رايان بولندر وفريقه نسب الحمض النووي الخاص بجنس أسلاف البشر البدائيين في الإنسان الحديث، ووجدوا تناقضات في تحليلات أجريت سابقاً، كما خلصوا إلى أن التزاوج بين سلالتي “نياندرثال” و”دينيسوفان” لم يكن السبب الوحيد وراء التكوين الوراثي لأجدادنا.
قدم بولدنر تحليلاته للجمعية الأميركية للوراثة البشرية في كندا، وقال إن العلماء قد “أغفلوا شعباً كاملاً” أو “فهموا العلاقات بينهم بشكل خاطئ”.
استخدم بولندر وزملاؤه نموذجاً عبر الكمبيوتر لمعرفة كمية الحمض النووي التي يحملها الإنسان المعاصر من سلالتي “نياندرثال” و”دينيسوفان”، فوجدوا مواطنين أوروبيين وصينيين يحملون 2.8% من الحمض النووي لسلالة “نياندرثال”.
لكن الأوروبيين لم يحملوا أي جينات من سلالة “دينيسوفان”، فيما حمل الصينيون نسبة 0.1% فقط منها.
أما سكان العصر الحديث في مناطق جنوب المحيط الهادي مثل جزر فانواتو وسولومون وفيجي وبابوا نيوغينيا وكاليدونيا الجديدة وبابوا الغربية ومالوكو الإندونيسيتين فيحملون نسبة 2.74% من الحمض النووي لسلالة “نياندرثال”.
وقدر بولندر نسبة الحمض النووي المنحدرة من سلالة “دينيسوفان” في سكان تلك المناطق بحوالي 1.11%، وليس من 3-6% حسب تقديرات منسوبة لباحثين مختلفين.
لذا استنتج بولندر وزملاؤه وجود سلالة ثالثة من أسلاف البشر البدائيين تزاوجت مع أسلاف سلالة الميلانيزيين.
يقول بولندر: “باستكمال سلسلة الخارطة الجينية لسلالتي “نياندرثال” و”دينيسوفان” وجدنا العديد من الدلالات التي تؤدي إلى فهم أفضل لتاريخ الإنسان”.
ويتابع بولندر بالقول إن من أهم الملاحظات “أن شعوباً غير الأفارقة الحديثين وشعوب القدماء يتشاركون أليلات مشتقة (صبغيات وراثية متضادة الصفات)، بنسب أكثر من المعتاد، لو لم يكن هنالك خليط وتمازجٌ بينهم. وها نحن الآن بتنا نعرف أن أجداد غير الأفارقة الحديثين قد التقوا وتهجنوا مع سلالتي “نيندرثال” و”دينيسوفان”.
ولذلك يشكل اكتشاف احتمال وجود نوع ثالث من البشر البدائيين حدثاً كبيراً، سيما أن الاكتشاف تحقق عبر فحص الحمض النووي لشعوب حديثة.
اكتشافات بولندر هذه تدعمها دراسة أجريت مسبقاً في جامعة كامبردج، وتم من خلالها وضع تسلسل الخارطة الجينية لـ83 من السكان الأستراليين الأصليين (الآبوريجينيين) من مجموعة من يتحدثون لغة باما نيونغان Pama-Nyungan، أي ما نسبته 90% من القارة و25%من سكان جبال بابوا نيو غينيا.
وأظهرت تلك الدراسة أن أن أجداد السكان الأصليين الآبوريجينيين والبابوا غادروا إفريقيا قبل حوالي 72 ألف عام، ثم انفصلوا عن المجموعة الرئيسية قبل حوالي 58 ألف عام.
ثم وصل هؤلاء إلى شبه جزيرة “ساحول” التي كانت تضم تسمانيا وأستراليا بشكلها الحالي وغينيا الجديدة قبل 50 ألف عام، وفي أثناء عملية ترحالهم هذه حصل هؤلاء على الحمض النووي لسلالتي “نياندرثال” و”دينيسوفان” وسلالة أخرى منقرضة من البشر البدائيين.
المصدر: هافينغتون بوست