في الحروب كلُّ شيء مباح، وكل شيء سلاح حتى الصوت.. ويكمن خطر “سلاح الصوت” في أنه يلحق الضرر دون الكشف عنه. فعندما نسمع صوت الرعد في ليلة ممطرة، تسري رجفة في أجسادنا، من دون أن نعلم من أي جهة قد أتى على وجه الدقة.
وهذا ببساطة، ما جعل من الصوت سلاحاً مرعباً، وواحداً من أهم الأسلحة النفسية، والجسدية أيضاً، في الحروب على مر التاريخ.
في الحروب القديمة، كانت الطبول الضخمة، والأبواق الكبيرة تستخدم لإحداث ضجة توحي بضخامة الجيش، وبث الرعب في نفوس العدو. كما أن الجيوش الفارسية، والهندية، كانت تحثُّ الفيلة على النئيم (صوت الفيلة) عند الهجوم على الأعداء، ومن ذلك أيضاً اصطحاب الأسود في الحروب، وتركها داخل أقفاص، فقط ليسمع العدو صوت زئيرها.
تقول لنا الفيزياء ينتقل الصوت في الفراغ على شكل موجات ميكانيكية، هذه الموجات لها مُتغيّران أساسيان للتحكم بها: الأول هو المسافة بين أي موجتين متتاليتين، وهو ما يعرف بـ”الطول الموجي”، والثاني هو “التردد”، وهو مدى تكرار تلك الموجات في الثانية الواحدة وهو ما يعرف بـ”الهرتز”. ويقع مدى سماع الإنسان من 20 هرتز إلى 20 ألف هرتز.
وما هو دون 20 هرتز لن تستطيع سماعه، وما هو فوق الـ 20 ألف هرتز لن تستطيع سماعه أيضاً.
في الحرب العالمية الثانية، استخدم الألمان سلاح الصوت، عبر إذاعة أصوات همهمات على أنها أصوات أشباح، لبث الرعب في نفوس الجنود. كذلك أذاعوا أصوات همسات لهتلر، وأصواتاً تُحاكي صوت سقوط القنابل.
وقبلها استخدمت قبائل الأزتك، السكان الأصليون للقارة الأمريكية، سلاح الصوت المُخيف أيضاً، وأسموه “صرخة الموتى”، حيث كانوا ينفخون في تجاويف صخرية على شكل جماجم، لتصدر أصواتاً تحاكي صراخ المستغيثين.
علمياً ثمّة ما يُعرف باضطراب التنفّس الذي يُصيب الإنسان عند سماعه لصوت عالٍ مفاجئ، هذا الصوت المفاجئ يجعل الهواء في الرئتين يتعرض لاضطراب، فيخفق القلب بشدة لينظم عملية التنفس.
هذا الضرر الجسدي الذي يُلحقه الصوت المرتفع المفاجئ، يُعرف باسم “الصدمة الصوتية”. وقد تم استخدامه كسلاح لفض التظاهرات، وهو ما يُعرف بـ”LARD”.
و إبان غزو العراق، عام 2003، استخدم الجيش الأميركي الموسيقى الصاخبة والمتكررة، كسلاح، فيما عُرف بـ”don’t touch technique”، أو “أسلوب عدم اللمس”، ويستخدم في التحقيقات مع المتهمين.
ويعتمد هذا الأسلوب، على تعريض المتهمين لنوبات متكررة من موسيقى “الميتال” الصاخبة، ما يُؤثر على حالة المتهم العصبية، ثُم استخدام الصوت المنخفض ” 20 هرتز”، فيسبب للمتهم صداعاً و قلقاً واضطراباً نفسياً.
هذا فيما يخص استخدام الصوت كسلاح “عنيف” في الحروب، و إخافة الأعداء. ومن جهة أُخرى، يُمكن الاستفادة من الصوت كسلاح أيضاً، ولكن في وجه خطر النيران المحدق، إذ تم مؤخراً صنع جهاز، يُمكنه إخماد النيران بالموجات الصوتية.
المصدر: هافينغتون بوست