دخلت العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا يومها الـ23. وفي هذا السياق، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتهم خلال مكالمة هاتفية مع المستشار الألماني أولاف شولتس، القوات الأوكرانية بارتكاب جرائم حرب، وقال إن “كييف تعرقل المحادثات مع موسكو”. وذكرت الرئاسة الروسية في بيان أصدرته الجمعة أن بوتين خلال المكالمة “لفت إلى قصف القوات الأوكرانية أحياء سكنية في مدينتي دونيتسك وماكييفكا ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا”، وحمّل الغرب مسؤولية “تجاهل جرائم الحرب هذه”.
وشدد الرئيس الروسي، وفقا للبيان، على أن “القوات الروسية تفعل كل ما بوسعها من أجل إنقاذ حياة المدنيين، خصوصا من خلال فتح ممرات آمنة لخروج المواطنين من المدن الموجودة ضمن منطقة القتال”.
وأشار البيان في هذا الصدد إلى “إجلاء نحو 43 ألف شخص من مدينة ماريوبول الأوكرانية المطلة على بحر آزوف خلال عملية إنسانية يوم أمس 17 آذار/مارس”. وأضاف البيان أن بوتين أطلع شولتس أيضاً على تقييماته للمحادثات الافتراضية المتواصلة بين وفدي مفاوضين روس وأوكرانيين، مع التأكيد أن “نظام كييف يحاول بكافة الأساليب عرقلة العملية التفاوضية من خلال طرح اقتراحات غير واقعية جديدة”.
وتابع البيان “غير أن الجانب الروسي على الرغم من ذلك مستعد لمواصلة البحث عن حلول ضمن إطار نهجه المبدئي معروف جيدا”. هذا وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن بوتين سيجري مساء اليوم مكالمة هاتفية أخرى مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في المقابل، صرّح وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، أن “الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي جاهز للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في أي لحظة، إذا كان الأخير جاهزا لذلك أيضا”. وردا على سؤال لصحيفة “الحقيقة الأوكرانية”، قال كوليبا “الرئيس زيلينسكي جاهز لهذا اللقاء موقفه واضح للغاية، وتم صياغته في كل القضايا، وأوكرانيا جاهزة لهذا الحوار”. وأضاف أن “هناك منافسة بين البلدان المختلفة لاستضافة مثل هذا الاجتماع”.
وأعلن مستشار مكتب الرئاسة الأوكرانية، عضو الوفد الأوكراني في المفاوضات مع روسيا ميخائيل بودولياك، سابقاً عن إعداد وثائق ضرورية للمحادثات المباشرة المحتملة بين بوتين وزيلينسكي. من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن بوتين “لا يمكن ولا يجب أن يلتقي مع زيلينسكي لإجراء أي مناقشات، بل فقط للموافقة على الاتفاقيات التي يجري التوصل إليها”.
ميدانياً، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، تحرير قوات جمهورية لوغانسك الشعبية أكثر من 90% من أراضيها بدعم من القوات المسلحة الروسية.
وتابع كوناشينكوف أن وحدات من جمهورية لوغانسك الشعبية تقوم في الوقت الحالي بتدمير مجموعات متفرقة من القوميين المتطرفين في الضواحي الجنوبية لقرية “روبيجنويه” المحررة.
وتواصل القوات المسلحة الروسية هجومها بنجاح في الاتجاه الشمالي من جمهورية دونيتسك الشعبية، حيث قامت بالسيطرة على قرى:”زولوتايا نيفا” و”نوفومايورسكويه” و”نوفودونيتسكويه” و”بريتشيستوفكا”، حيث تحركت خلال الـ 24 ساعة الماضية بمسافة 16 كيلومترا.
في ماريوبول، تطوّق وحدات جمهورية دونيتسك الشعبية، بدعم من القوات المسلحة الروسية، القوميين المتطرفين في وسط المدينة، وتواصل الضغط عليهم.
وخلال الليلة الماضية، أسقطت أنظمة الطيران ومنظومات الدفاع الجوي التابعة لقوات الدفاع الجوي والفضائي الروسية ست طائرات أوكرانية أخرى من دون طيار، بما في ذلك واحدة من طراز “بيرقدار – تي بي2”. كما قصفت الطائرات العملياتية والتكتيكية والطائرات بدون طيار 81 منشأة عسكرية في أوكرانيا.
من بين هذه المنشآت: 4 منشآت لأنظمة إطلاق صواريخ متعددة، و3 مراكز قيادة، و8 مستودعات ذخيرة، و28 موقعاً لتخزين المعدات العسكرية.
هذا ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو يظهر لحظة استهداف مسيرات تابعة للقوات الجوية الروسية عربات مدرعة ومخازن أسلحة وذخيرة للقوات المسلحة الأوكرانية. وتابع البيان”تم إطلاق الصواريخ من ارتفاعات متوسطة ومنخفضة، وسجلت نتائج المنشآت العسكرية المدمرة والمعدات التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية عن طريق التحكم الموضوعي”.
وأعلن المتحدث باسم قوات الشرطة في جمهورية دونيتسك الشعبية إدوارد باسورين، أن “روسيا فرضت منطقة حظر طيران فوق جمهوريتي دونيستك ولوغانسك الشعبيتين”. وقال باسورين “من وجهة نظر عسكرية، إذا كانت هناك بعض أنظمة الدفاع الجوي، فليس هناك حاجة لمدنا بها، يكفي أن تتحكم روسيا الاتحادية في السماء بنفسها”.
وفي سياق التطورات ايضاً، أعلنت السلطات في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين أن القوات الأوكرانية تواصل استهداف المناطق المدينة شرقاً، وسط وقوع قتلى وجرحى. وأفادت السلطات الجمعة عن مقتل أربعة مدنيين في دونيتسك “نتيجة قصف من قبل القوات المسلحة الأوكرانية على طول شارع بتروفسكي ، 11 بمنطقة كيروف في دونيتسك”. وفي جمهورية لوغانسك قالت السلطات إن القوات الأوكرانية استهدفت مناطق سكنية 5 خلال الـ 24 ساعة الماضية.
من جهة ثانية، أعلنت بولندا الجمعة، أن أكثر من مليوني لاجئ عبروا الحدود من أوكرانيا إلى بولندا، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في 24 شباط/فبراير.
إلى ذلك، طالبت السفارة الروسية في واشنطن، الإدارة الأمريكية بالكشف عن البيانات حول نشاطها البيولوجي العسكري في أوكرانيا. وجاء في بيان السفارة “ما هو نوع البحث السلمي الذي يجري الحديث عنه إذا كان البنتاغون وراء كل هذا العمل”. وتابع البيان “روسيا متيقنة أن الجماعات الأوكرانية الراديكالية الخاضعة لسيطرة ممثلي الخدمات الخاصة الأمريكية قد أعدت عدة سيناريوهات محتملة لاستخدام المواد الكيميائية السامة في تنفيذ استفزازات ضد المدنيين”، موضحاً أن “الغرض من الأعمال اللإنسانية المخطط لها هو اتهام روسيا باستخدام أسلحة كيمياوية ضد سكان أوكرانيا”.
وفي سياق ردود الأفعال، أعلنت الخارجية الصينية أن “مفتاح حل الأزمة الأوكرانية في أيدي الولايات المتحدة والناتو”، آملة أن “تقف واشنطن حقا بجانب السلام والعدل في معظم الدول النامية بالعالم”.
وقال المتحدث باسم الوزارة، تشاو لي جيان، في مؤتمر صحفي، إن “الصين تدعم محادثات السلام وتبذل الجهود لحل الأزمة الأوكرانية بطريقة سلمية”، مؤكدا أن “المتسببين في نشوب الأزمة الأوكرانية يجب أن يفكروا جيدا في دورهم فيها، ويتخذوا خطوات عملية لتخفيف حدة الوضع، بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين”.
وأوضح تشاو أن “قرار الحكومة الأمريكية بشأن توسع الناتو باتجاه الشرق يرتبط بشكل مباشر بالأزمة الحالية في أوكرانيا”.
وذكّر أن “الدول التي يجب أن تشعر بعدم الارتياح حقا هي الدول التي تعتقد أنها انتصرت في الحرب الباردة ويمكنها السيطرة على العالم، وتتجاهل مخاوف الدول الأخرى، وتستمر في دفع توسع الناتو من خلال خمس جولات من التوسع باتجاه الشرق”.
من جهته، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يقضي بمنع الدبلوماسيين الروس والموظفين في الحكومة الروسية من دخول مباني البرلمان الأوروبي في بروكسل وستراسبورغ. وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبيرتا ميتسولا، إن هذا القرار يدخل حيز التنفيذ بداية من الجمعة.
المصدر: روسيا اليوم