أفاد تقرير صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية “أريج” أن مخطط استيطاني يستهدف المناطق A في محافظتي بيت لحم والخليل، علمًا أن المخطط تعود بداياته إلى العام 1983، حيث تم تجميده ووضعه في الدرج، ليتم في هذه المرحلة توسيعه والإعلان عن البدء بتنفيذه.
وأعلن المصادقة على المخطط الاستيطاني رقم 21/51، حيث قام ما یسمى “ضابط الإدارة لشؤون حمایة البيئة في الإدارة المدنیة الإسرائيلية” بطلب إعلان ما مساحته 70048 دونما من الأراضي الفلسطينية التابعة لمحافظتي بیت لحم والخلیل الشرقية “كمحمیة طبیعیة”، وبالتحدید أراضي بلدات سعیر والشیوخ في محافظة الخلیل، والبریة الشرقیة لمحافظة بیت لحم.
ویستند المخطط الاستيطاني رقم 21/51 على الأمر العسكري الإسرائیلي رقم 363 للعام 1969، الذي یخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أي منطقة في الضفة الغربیة المحتلة “كمحمیة طبیعیة” أو “كمناطق طبیعیة” بموجب أوامر تصدرھا.
ومنذ ذلك الحین ولغایة الیوم تم تصنیف ھذه الأراضي في جمیع الخرائط التي یستخدمها الاحتلال على أنھا محمیة طبیعیة،ولكن، أظھر تحلیل خرائط المخطط الإسرائیلي رقم 21/51 وإسقاط إحداثیاته على ما تم الاتفاق علیه في اتفاقیة أوسلو الثانیة للعام 1995، التي بموجبھا تم تقسیم الأراضي الفلسطینیة إلى مناطق A و B و C، أن حوالي 300,28 دونما، أي ما نسبته 58% من المساحة الإجمالیة لھذا المخطط تقع في المنطقة المصنفة A بحسب اتفاقیة أوسلو الثانیة للعام 1995، أي تقع ضمن الصلاحیات والسیطرة الكاملة للفلسطینیین.
ھذا بالإضافة إلى أن ھناك ما یقارب 10700 دونم، أي حوالي 22% من المساحة الإجمالیة لھذا المخطط تقع ضمن ما یسمى “بالمحمیة الطبیعة” التي تم تسلیمھا للفلسطینیین ضمن اتفاقیة “واي ریفیر” عام 1998، ما یعني أن تسعة آلاف دونم فقط، 19% من إجمالي مساحة المخطط تقع في المنطقة المصنفة C، حیث السیطرة الإسرائیلیة الكاملة أمنیا وإداریا.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أن جزءًا من المخطط الاستیطاني رقم 21/51 تم تصنیفه بالمسمیات الإسرائیلیة “كمناطق نفوذ مستوطنات” بمجمل مساحة 11041 دونمًا، 23% من إجمالي مساحة المخطط، وھذا بحد ذاته يطرح تساؤلات كثيرة حول ما ینوي الاحتلال أن ینفذه على الأرض من خلال ھذا المخطط، وأن ما یسمى “بمساحة نفوذ المستوطنات” في الضفة الغربیة المحتلة تتخطى مساحة المخططات الھیكلیة الإسرائیلیة الصادرة في العام 1991 للمستوطنات الإسرائیلیة في الأراضي الفلسطینیة المحتلة.
وجاءت ھذه الزیادة من خلال أوامر عسكریة إسرائیلیة تم إصدارھا والمصادقة علیھا خلال سنوات الاحتلال الإسرائیلي، والتي منحت في مضمونھا المجالس الإقلیمیة والمحلیة التي تتبع لها المستوطنات الإسرائیلیة السیطرة على مساحات جدیدة من الأراضي الفلسطینیة، إلى جانب تلك التي تحتلھا المستوطنات الیوم.
ھذا بالإضافة إلى العدید من الأوامر العسكریة الإسرائیلیة التي لم یتم الاعلان عنها بتاتًا من الجهات الإسرائیلیة المختصة، والتي تصادر بمضمونها المزید من الأراضي الفلسطینیة المحتلة لأغراض أمنیة وغیرھا من الذرائع الواھیة حتى بلغت المساحة التي تندرج ضمن مناطق نفوذ المستوطنات 542 كم مربع (%6.9 من مساحة الضفة الغربیة المحتلة)، أي بزیادة مقدارھا 56 كم مربع عن مساحة المخططات الهیكلیة الإسرائیلیة الصادرة في العام 1991 والبالغة 1.486 كم مربع.
وعلى ضوء ما سلف، تساءل مركز أريج عما إذا كانت سلطات الاحتلال الإسرائیلی تسعى لتوسیع منطقة السیطرة الإداریة في كتلة مستوطنات غوش عتصیون؟، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال يبدو أنها تخطط لدمج ما یسمى “بكتلة مستوطنات غوش عتصیون الشرقیة” -التي تضم المستوطنات الإسرائیلیة غیر القانونیة في نیكودیم وتیكواع وكفر إلداد ومعالیه عاموس وعسفر متساد وابي ناحال- بكتلة مستوطنات “غوش عتصیون غرب”، من خلال تخصیص مساحات خاصة لھا للتوسع في المستقبل على حساب الأراضي الفلسطینیة المحیطة، بصرف النظر عن آلیة الاستیلاء على ھذه الأراضي، كما وتخطط سلطات الاحتلال لشق طرق التفافیة إسرائیلیة جدیدة في المنطقة التي من شأنها أن تخلق ترابطًا جغرافیًا ودیموغرافیًا بین الكتلتین الاستيطانيتين، دون الاكتراث بالعواقب السلبیة التي یترتب علیها ذلك فیما یخص التجمعات الفلسطینیة المحیطة والقاطنین فیها.
وتخطط سلطات الاحتلال الإسرائیلي إلى شق الطریق الالتفافي رقم 912/2 إلى الشرق من المخطط 21/51 بهدف ربط التكتل الاستیطاني “غوش عتصیون شرق” بالمستوطنات الإسرائیلیة جنوبا، المقامة على أراضي محافظة الخلیل، وربطه بطریق التفافي آخر مخطط أقامته إلى الشمال من المخطط، ویحمل رقم 912/3 لیربط بالمستوطنات الإسرائیلیة شرق القدس، وعلى وجه الخصوص تجمع “معالیه أدومیم” الاستیطاني.
أما من الجهة الغربیة للمخطط الاستیطاني رقم 21/51، فإن سلطات الاحتلال الإسرائیلي تخطط لإقامة طریق التفافي آخر یربط التكتل الاستیطاني شرق “غوش عتصیون” بالمستوطنات الإسرائیلیة في قلب مدینة الخلیل.
ویبلغ تعداد المستوطنین في كتلة مستوطنات “غوش عتصیون” الشرقیة مجتمعة ما یزید عن 8700 مستوطن، بحسب آخر إحصائیة لوزارة الداخلیة الإسرائیلیة للعام 2021، ھذا بالإضافة إلى ما یزید عن 90 ألف مستوطن یقطنون في كتلة مستوطنات “غوش عتصیون” غرب، الأمر الذي ینذر بخطورة المخططات الاستیطانیة المطروحة، التي سوف تمكن سلطات الاحتلال من الاستیلاء على المنطقة برمتھا.
ويشير مركز أريج إلى أن دولة الاحتلال الاسرائیلي تستغل الأراضي التي تخضع لتصنیف “محمیات طبیعیة” في الضفة الغربیة المحتلة للبناء الاستیطاني بمختلف أنواعه وأھدافه، في الوقت الذي تحظر فيه على الفلسطینیین استخدام ھذه الأراضي بذریعة أنھا “محمیات طبیعیة”.
وأوضح أن ما یجري على أرض الواقع مغایر لما تروج له دولة الاحتلال، لأنھا لم تلتزم بالقیود التي فرضتھا من خلال الأمر العسكري رقم 363 للعام 1969 ، بل سارعت لاستغلال المحمیات الطبیعیة والحدائق الوطنیة بما یتناسب ومصالحھا الاستعماریة، التي تمثلت حینھا ببناء المستوطنات وتوطین جزء أساسی من برنامج مصادرة الأراضي الفلسطینیة.
المصدر: فلسطين اليوم