أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، الحفل الكريم، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
كما جرت العادة في بداية أي كلمة أو إطلالة أجد من الواجب الأخلاقي في البداية أن أُشير إلى بعض الأمور التي ترتبط بالتعزية أو التبريك قبل أن أدخل إلى موضوع المناسبة، وهي أيام تختلط فيها الأفراح والأحزان على كل حال، أُعزي جميع المسلمين في هذه الأيام في ذكرى شهادة بضعة رسول الله(ص) وسيدة نساء العالمين وزوجة ولي الله وأُم الأئمة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، هذه الأيام على بعض الروايات هي أيام شهادتها. في المقابل أُبارك للمسلمين والمسيحيين ذكرى أو عيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام)، وأيضاً أُبارك للجميع بداية سنة ميلادية جديدة عسى أن تأتي بالخير والبركة بعد كل ما يعيشه بلدنا ومنطقتنا وأُمتنا من تحديات ومآسي ومصاعب، في هذه الأيام والأسابيع الأخيرة أيضاُ بسبب كورونا والأمراض المنتشرة للأسف الشديد فقدنا العديد من الأَباء والأُمهات والإخوة والأخوات، وخصوصاً من أباء وامهات الشهداء، طبعاً لا يمكن أن أَذكرهم جميعاً بالأسماء، أَتوجه إلى عائلاتهم الكريمة والشريفة بأحر التعازي على فقد هؤلاء الأحبة والأعزة، يجب أن أَخص بالذكر أخانا العالم الأديب الشاعر الطيب الجليل سماحة الشيخ فضل مخدر (رحمة الله عليه)، وهو من الإخوة العلماء من الجيل المؤسس في مسيرتنا، مسيرة حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان قبل أربعين عاماً، أيضاً أُعزي عائلته واحبائه برحيله. أيضاً من المناسبات القريبة التي تُرتب واجباً أخلاقياً أَخونا العزيز الحاج الشهيد حسن إيرلو، الذي كان في الآونة الأخيرة سفيراً للجمهورية الإسلامية في اليمن المقاوم في صنعاء، وخصوصية هذا الشهيد أنه عندما كان في الحرس، في قوات الحرس، في ريعان شبابه في سنة 1982 و 1983، كان من أَوائل الإخوة الذين جاؤوا إلى لبنان، إلى البقاع، وساهموا في معسكرات التدريب، بتدريب المقاومين ونقل التجربة إليهم ومواكبتهم في مراحل المقاومة الأُولى، أيضاً يجب أن أَتوقف امام الذكرى السنوية لاستشهاد العلامة الشيخ نمر النمر، المقتول ظلماً وعدواناً وإعداماً في سجون السعودية، وأُجدد العزاء لعائلته وأحبائه ولكل أهلنا وشعبنا في بلد الحرمين الشريفين المظلومين، يجب أيضاً أن أُلفت إلى الذكرى السنوية الأُولى لرحيل سماحة آية الله الشيخ مصباح يزدي، الفقيه والفيلسوف والعارف والمفكر الإسلامي الكبير الذي قَلّ نظيره في عصرنا الحاضر.
أَنتقل إلى مناسبتنا الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد قادة النصر وإخوانهم من المجاهدين الأعزاء، الحاج قاسم سليماني، الحاج جمال أبو مهدي المهندس وإخوانهما من الإخوة الإيرانيين والعراقيين، الذين قَضوا شهداء في تلك الحادثة، وأنا سوف أُخصص الكلمة لهذه المناسبة. طبيعة المناسبة في ما يتعلق بالاوضاع المحلية والداخلية اللبنانية، طبيعة المناسبة والوقت المتاح لا يسمحان لي أن اتطرق للوضع الداخلي المحلي الآن، إن شاء الله في الوقت القريب أخصّص متّسعاً من الوقت لأن هناك الكثير من القضايا التي تحتاج الى حديث ومصارحة ومعالجة وتحديد مواقف من جملة أزماتنا التي نعيشها اليوم في البلد، لكن يكفي أن أشير إلى .. ، باعتبار أن كثيرون ينتظرون، بعدالكلمات التي أُلقيت في الآونة الأخيرة، أن أُشير الى تأكيدنا على أهمية الحوار بين اللبنانيين وعلى أهمية أي دعوة للحوار بين اللبنانيين، وفي ما يتعلق بكل ما قيل وذٌكر وكتب ونوقش حول علاقة حزب الله والتيار الوطني الحر في الآونة الأخيرة، يكفي أن أأُشير إلى أننا حريصون جداً على حلفائنا وعلى أصدقائنا وعلى علاقاتنا، وأيضاً نحن متمسّكون بالتفاهم وحاضرون لتطوير التفاهم بما يحقق من مصلحة وطنية، مع الاشارة الى أن الكثير مما قيل حتى في كلمة رئيس التيار الوطني الحر في الأمس أو ما قيل في المقابلات والحوارات هي مسائل تحتاج الى نقاش والى توضيح والى مصارحة. يكفي في الشأن المحلي أن أشير الى هذه الإشارة وإن شاء الله في وقت قريب يُخصَّص حديث للمسائل والقضايا المحلية. طبعاً ما سأتطرق اليه في موضوع المناسبة هو أيضاً يمسّ لبنان بالصّميم، يمسّ مستقبل لبنان، أمنه، سيادته، كرامته، مشكلاته ولكن من زاوية أعلى من زاوية المنطقة.
عندما نعود الى المناسبة، عندما نُذكر ان موكب الشهيدين القائدين بعد ان خرج من مطار بغداد وفي الطريق بالقرب من المطار تعرّض الى قصف جوي أمريكي واضح وأدّى الى استشهاد الإخوة جميعاً، وبعد ذلك أعلن الامريكيون مسؤوليتهم صراحةً، اي ان الامر لم يكن يحتاج الى تحقيق من هو القاتل ومن يقف خلف القاتل ومن هو المنفذ ومن هو الآمر، الامور كانت واضحة من الساعات الأولى، كان لهذا الحدث الهائل تداعيات كبيرة جداً بعد ذلك، تداعيات عسكرية، سياسية، شعبية، في إيران، في العراق، في المنطقة، كلنا يستذكرها ويستحضرها وما زالت هذه التداعيات قائمة ومستمرة الى الان. بعد مضي عامين، نعود ونحتفل أو نُحيي هذه الذكرى او هذه المناسبة التي لم تغب خلال العامين ولم يغب قادتها وشهدائها لا أسمائهم ولا صورهم ولا أرواحهم ولا ذكراهم ولا أفكارهم ولا جهادهم ولا إنجازاتهم ولا صوت الثأر الذي يصدح في قلوب كل محبيهم على امتداد العالم. عندما تُحيى اليوم هذه المناسبة في ايران، في العراق بشكل اساسي، في العديد من الدول الاسلامية والعربية، إنما يُراد لهذا الإحياء أولاً أن يعبّرعن الاعتراف للجميل، جميل هؤلاء القادة وهؤلاء الشهداء، لأنكم كما تعلمون أن أحد مصائب البشرية على مرّ التاريخ عند شعوب أو عند جماعات من شعوب هو نكران الجميل، الجميل الواضح ما قدّمه هؤلاء ما أنجزه هؤلاء ما أعطوه لشعوبهم، لأمّتهم، لمنطقتهم، لأهلهم، لدينهم، بعض الناس يُنكر ذلك بل يُنكر على من يعترف لهؤلاء بالجميل باعترافه بالجميل، ويحتج أن يُقام مثلاُ حفل لهؤلاء على طريق مطار بغداد أو تُرفع صورة لهؤلاء القادة المضحّين على طريق مطار بيروت أو أي شيء مشابه، هذا شكل من أشكال الإنحطاط الأخلاقي ونُكران الجميل، إحياء المناسبة أوّلاً هو إعتراف بجميل هؤلاء القادة، هكذا نفعل عندما نحيي ذكرى شهدائنا وخصوصاُ قادتنا الشهداء وذكرى عظمائنا الذين قدّموا تضحيات جسيمة في سبيل عزّة وكرامة وحياة وسعادة أمّتنا وشعوبنا وبلادنا وأوطاننا، وأيضاً للتعبير عن تقديرنا لهم، عن شكرنا لهم، عن محبّتنا لهم، عن تعظيمنا لهم، من موقع ما قدّموا وما عملوا وما جاهدوا، لأن هذه هي القيمة الحقيقية التي يُتوجّه إليها بالتقدير وبالشكر، وأيضاً للتأكيد على ثبات إخوانهم وأخواتهن طوال الطّريق، على ثباتهم وصبرهم والتزامهم وصمودهم ومواصلتهم للجهاد والمقاومة والحضور والتحدي ومواجهة المشاريع الاستكبارية الامريكية والصهيونية في منطقتنا، أياً تكن التضحيات، وخلال هذين العامين ايضاً كانت هناك مواجهات كبرى وتضحيات جسيمة، ومن أبرز معالم هذه المعركة كانت معركة سيف القدس في غزّة في فلسطين المحتلة وفي أماكن أخرى والحرب حرب الصّمود والبطولة والملحمة التي ما زالت دائرة على أرض اليمن، التأكيد على النّهج،على الطّريق، على الأهداف، وأيضاً للتزوّد في كل إحياء وفي كل ذكرى وفي كل جلسة وفي كل مجلس من دروس وعبر وتاريخ وحياة وسيرة هؤلاء القادة، وأيضاً بالخصوص عندما نتحدّث عن الحاج قاسم والحاج أبو مهدي فيما يتعلّق بحادثة استشهادهما، وهنا ما اريد أن أقف عنده في كلمة المناسبة. في خلال العامين الماضيين تحدثنا كثيراً عن الحاج قاسم وعن الحاج أبو مهدي وعن صفاتهما الشخصية والايمانية والجهادية والقيادية، دعونا اليوم نأخذ بعض الدروس من هذه الشهادة، أريد أن أتحدّث، أن أقف ولنقف كشعوب في هذه المنطقة بين القاتل والشهيد، عندما نتحدّث عن كربلاء لا يكفي أن تتحدّث عن الحسين والعبّاس، لا بد أن تتحدّث عن يزيد وعن عبيد الله بن زياد وإلاّ يبقى المشهد ناقصاً. بين القاتل والشهيد شعوبنا، بلادنا، حكوماتنا، أوطاننا يجب أن تحدّد موقفاً حاسماً ليس من أجل الشهيد وانما من أجلها هي، من أجل وعيها، من أجل بصيرتها، من أجل معركتها، من أجل مستقبلها، من أجل حقيقة المواقع التي يجب أن تقف فيها وتثبت فيها. لو بدأنا من العراق، العراق الذي كان ساحة جهاد الحاج قاسم والحاج أبو مهدي، وأيضاً أرض استشهادهما ولذلك نبدأ من هناك، بين القاتل والشهيد، الشهيد الحاج قاسم سليماني وإخوانه من الحرس، الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس وإخوانه من الحشد الشعبي، والقاتل هو الأمريكي، والمطلوب موقف عراقي كما مطلوب موقف من كل شعوب منطقتنا، ولكن لأنني بدأت من العراق، موقف من القاتل وموقف من الشهيد، هذا القاتل الأمريكي – لا نريد ان نتكلم تاريخ وانما فقط في العشرون سنة الماضية (إشارات) – الذي احتل العراق، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين باعتراف الامريكيين أنفسهم، ودمّر الكثير من المواقع والأجزاء والمكوّنات المهمة من مقوّمات البلد، ونهب خيرات العراق وما زال ينهب، وسجن مئات الآلاف ومارس أبشع أنواع التعذيب بحق العراقيين رجالاً ونساءاً، وما زالت فضائح سجن أبو غريب وأمثاله واضحة وعلنية ومعروفة للجميع، هذه امريكا قبل أن تقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، أمريكا قتلت وعذّبت وسجنت وشرّدت ودمّرت ونهبت واستبدّت وما زالت تستبد في العراق بسمائه وأرضه، وبفعل المقاومة أخرجت قوّاتها المسلّحة وجيشها عام 2011 – 2012، ولكن أمريكا نفسها هذا القاتل هي التي صنعت داعش باعتراف ترامب وبومبيو الذي كان رئيس سي اي اي ولاحقاً وزير خارجية وقادة عسكريين كبار في الولايات المتحدة الأمريكية، هي صنعت داعش في العراق وفي سوريا وفي المنطقة لاختراع الحُجّة لإعادة جيوشها وقوّاتها وطيرانها وقواعدها الى العراق، ووضعت العراق من خلال داعش امام تهديد وجودي حقيقي وكلنا يتذكر تلك الايام عندما تساقطت العديد من المحافظات العراقية خلال أيام، وأصبحت بغداد مهدّدة وكربلاء مهدّدة وبقية المحافظات العراقية في دائرة الخطر الشديد، أمريكا تتحمل مسؤولية كل الجرائم التي ارتكبتها داعش في العراق، وبحجّة داعش التي صنعتها عادت الى العراق بعنوان المساعد والمنقذ والمحامي والدافع، هذا القاتل الظالم المستكبر المنافق الذي لا مثيل لنفاقه في التاريخ، هذا القاتل! أما الشهيد، فهو الذي منذ ان احتُلّ العراق، وهنا عندما اتحدّث عن الشهيد عن الحاج قاسم سليماني اتحدّث عن الحاج قاسم سليماني بمن يُمثّل وما يُمثّل، وليس فقط عن الشخص، عندما اتحدّث عن ابو مهدي المهندس بمن يمثّل وما يمثّل ولا اتحدّث هنا فقط عن الشخص، أمّا الشهيد فهو الذي قاوم هذا الاحتلال ووقف الى جانب العراقيين في مقاومتهم للاحتلال وساهم في تأسيس فصائل المقاومة العراقية وأمدها بالمال والسلاح والقوّة والعنفوان والأمل والثقة والاندفاع والحماسة، الى أن كان الإنتصار الكبير واخراج القوات الأمريكية من العراق من خلال المقاومة بكل اشكالها وعلى رأسها المقاومة العسكرية والمسلحة، وعندما جِيء بداعش لتعود أمريكا الى العراق، كان أول الذين وقفوا الى جانب الشعب العراقي ليدافعوا عن الرجال والنساء والاطفال والمقدّسات والكرامات والاعراض والمدن والقرى وكل العراقيين، كان في مقدّمتهم من يُمثّل الحاج قاسم سليماني، الجمهورية الاسلامية في إيران، هنا الحاج قاسم كان يُمثّل سماحة القائد، كان يمثّل نظام الجمهورية الاسلامية، كان يمثّل قواتها المسلحة، كان يمثل حرسها الثوري، كان يمثل شعبها المجاهد والأبيّ، جاء هو وإخوانه في الأيام الأولى في الأيام الصّعبة، وقدّموا الكثير من الشهداء، ووقف الحاج أبو مهدي المهندس وكان وإخوانه أول الملبّين لفتوى المرجعية الدينية الشريفة ولندائها التاريخي للجهاد، هذا هو الشهيد، هؤلاء هم الذين لسنوات عاشوا في خطوط القتال، على سواتر التراب يلتحفون الارض، يفترشون الارض ويلتحفون السماء، يعيشون بين المقاتلين، يُشاركونهم آلامهم، امالهم، افراحهم، أحزانهم، جوعهم، عطشهم، هذا هو الشهيد الذي حفظ العراق، وقاتل دفاعاً عن العراق، وإذا كان العراق اليوم ينعم بالأمن والسلام والاستقرار بنسبة كبيرة ودفع عنه بدرجة عظيمة جداً هذه الاخطار فببركة هؤلاء الشهداء، هذا هو الشهيد وهذا هو القاتل! هل هناك مُنصف – هنا نأتي الى درس الشهيد والقاتل – في معرفة العدو والصديق، هل هناك منصف، هل هناك عاقل يمكن في العراق ان يساوي بين القاتل وبين الشهيد؟! بين امريكا التي احتلت وقتلت وسجنت وعذّبت ودمّرت ونهبت وصنعت داعش، وبين الجمهورية الاسلامية في ايران – أي بين أمريكا وايران – التي ساندت ودافعت وحمت وقدّمت، هل هناك إنصاف ان يتعاطى أحد في العراق ان يقول نعم الامريكي صديق والايراني صديق، ونتعاطى مع هذا الصديق ونتعاطى مع هذا الصديق، الأسوأ هو أن يتصرّف البعض على أنّ الامريكي هو الصديق والايراني هو العدوّ، أنّ القاتل لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وللشعب العراقي هو الصّديق وانّ الشهيد ومن يمثل هذا الشهيد من الحماة والمدافعين هم العدوّ، هذه الكارثة، كارثة في الوعي، كارثة في الفكر، كارثة في البصيرة، كارثة في الاخلاق، كارثة في الانسانية، طبعا هذا الامر تصنعه السفارة الأمريكية ووسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والجيوش الالكترونية ليس فقط في العراق وانما في كل المنطقة، وهذا ما سوف نَرجع إليه في آخر الكلمة. يَصنعون، يُشوّهون صورة الشهيد، يشوّهون صورة المقاوم والمدافع والمجاهد، أما الذي يرتكب أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ويرتكب المجازر في وضح النهار ويعذب ويعتدي على النساء في السجون في العراق هؤلاء الامريكون، لا هؤلاء هم أصدقاء وحضاريين ومدنيين ويمدّون لنا يد المساعدة، هنا نَحتاج الى موقف بين القاتل وبين الشهيد. ما يسري على الامريكي – وهنا اسمحوا لي أن أقول فيما يتعلق بالعراق سوف أُسمي، لكن في بقية المنطقة ربما لن أُسمي كثيراً – يسري هذا الأمر على دول اخرى، مثلاً المملكة العربية السعودية، ايضاً في العراق، يوجد أناس تقول لك: السعودية أخ وإيران أخ، السعودية صديق وإيران صديق، حسناً، أيضاً فلنتحدّث قليلاً عن القاتل والشهيد، من 2003 الى انتهاء داعش بالحدّ الأدنى، بعد العام 2003 كلّنا نتذكّر آلاف العمليات الانتحارية التي حصلت في العراق، وقتل فيها مئات آلاف الشهداء من الشيعة والسنة والمسيحيين والعرب والكرد والتركمان، لم يعفوا عن أحد، مساجد وحسينيات وكنائس وأسواق ومدارس. لم يتركوا شيئًا، اشلاء العراقيين من رجال ونساء وأطفال ودماء العراقيين كانت تملأ الشوارع والساحات والميادين والجدران، الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية في ذلك الوقت وولي العهد موجود على مواقع التواصل، نحن لا نخترع شخص ونلبسه حطة وعقال، ونقول هذا أمير سعودي يعترف هو بشخصه وبلحمه ودمه وشحمه وصوته موجود على مواقع التواصل، وليس كما فعلوا قبل عدة أيام جاؤوا بشخص، بالحد الأدنى جيب شخص لبناني يعرف كيف يتحدّث باللهجة اللبنانية، وعملوا له مؤتمرًا صحافيًا وقدّموه على أنّه قائد من حزب الله، هذا لا نعرفه ولم يمرّ على رأسنا وليس لبنانيًا، ولا يجيد التحدّث باللهجة اللبنانية، ولا يعرف أدبياتنا ولا لهجتنا، بهذا المقدار هم سخفاء وتافهين، ولي العهد بلحمه ودمه وشحمه وصوته موجود على الإنترنت. هو يتحدّث في مجلس عام أيضًا، وليس مجلس خاص يتحدّث عن آلاف السعوديين الذين ذهبوا إلى العراق لينفّذوا عمليات انتحارية، والأجهزة الأمنية العراقية طوال عشرين سنة تعرف أنّ المخابرات السعودية كانت ترسل سيارات مفخّخة إلى العراق، وكانت تدير إرسال الانتحاريين إلى العراق هذا أولًا.
داعش، فكر داعش جاء من السعودية موجود بالتفزيون والصحف أيضًا الأمير محمد بن سلمان بلحمه ودمه وشحمه وصوته، هو يقول أنّ امريكا هي التي طلبت من المملكة العربية السعودية خلال عشرات السنين الماضية أن تعمل على نشر الفكر الوهّابي في العالم الإسلامي وفي العالم هو يقول. وهو يقول أنّ المملكة امتثلت لطلب الولايات المتحدة الأمريكية، هذا هو فكر داعش الذي جاء من هناك، ولكنّ أكثر من الفكر كلّنا نتذكّر الموقف الرسمي والإعلامي السعودي في الاستقبال والتهليل لداعش عندما سيطرت على المحافظات العراقية في الأسابيع الأولى، هذه السعودية في العراق. أرسلت شبابها ليقتلوا الرجال والنساء والأطفال العراقيين في العمليات الانتحارية، لكنّ إيران أرسلت رجالها وشبابها ليُقتلوا دفاعًا عن الرجال والنساء والأطفال العراقيين في بغداد وفي كربلاء وفي كل المحافظات العراقية.
كيف يمكن أن تساوي بين قاتل وشهيد؟ كيف يمكن؟ أي حسّ إنساني؟ أي حسّ أخلاقي؟ أي وعي؟ أي فكر يمكن أن يسمح لك ان تفكر بهذه الطريقة؟ فضلًا أن تصبح السعودية عند البعض هي الصديق وإيران هي العدو.
هذه من عبر هذه الشهادة في مثل هذه الأيام في مطار بغداد، والعراقيون الذين خرجوا خلال هذه الأيام في مسيرات وفي احتفالات وفي إحياء لهذه المناسبة يعبّرون عن هذه البصيرة، وعن هذا الوعي.
عندما نأتي إلى منطقتنا نخرج قليلًا من العراق، نأتي إلى منطقتنا هنا في لبنان نعم نحن عندنا نقاش كبير الآن، نقاش في السياسات المالية والاقتصادية و.. و.. و.. لدينا مشكلة في تشخيص العدو والصديق، لبنان يعاني، أنا أريد أن أذكّر مثل واضح منذ عام 1948 هناك معاناة لفلسطين وللبنان. أتحدّث عن فلسطين، ثمّ أعود إلى لبنان فلسطين اليوم محتلة من قبل الصهاينة منذ عشرات السنين. ما يعانيه الشعب الفلسطيني أيضًا هنا سنقف بين القاتل والشهيد، ما يعانيه الشعب الفلسطيني معروف لكم بسبب الاحتلال، احتلال، تهجير، شتات، مخيمات لاجئين داخل فلسطين وخارج فلسطين، آلاف الأسرى في السجون، معاناة هائلة يعيشها الأسرى في سجون العدو ويقاومون، وآخر رموز وعناوين المقاومة الكبرى لهؤلاء الأسرى هو الأسير هشام أبو هواش والأسرى الذين أنجزوا عملًا بطوليًا قبل أشهر، هذه معاناة حقيقية قبل أسابيع اكتمل الجدار المتنوع حول غزة ليحكم حصارًا دام أكثر من 15 سنة، مليونا بشري محاصرون، وهذا العالم كلّه الذي يتحدث عن حقوق الإنسان، ويتحدّث عن الأخلاق، ويتحدّث عن القيم، ويتحدّث عن رسالات السماء، ويتحدّث عن حوار الحضارات يقف ساكتًا بل يذهب إلى العدو ليطبّع مع العدو ليعترف بالعدو وليدعم العدو. نعم هناك مليونا إنسان في قطاع غزة محاصرون. وملايين من االفلسطينيين مشردين خارج أرضهم في الداخل، وفي الخارج حروب وقتل واغتيال واعتداءات يومية في الضفة، وفي داخل الـ 48 وعلى غزة.
هذا من يقوم به؟ يفعله الإسرائيلي، من هو الاسرائيلي هذا؟ الاسرائيلي من هو؟ هذا الاسرائيلي هو مجرد عسكري عند الأمريكان، هذا أداة أمريكية. أمريكا هي المسؤولة عن كلّ جرائم إسرائيل في فلسطين وفي المنطقة، من هنا أعود بعد قليل إلى لبنان.
كلّ ما فعلته إسرائيل، وكلّ ما تفعله اسرائيل أمريكا هي المسؤولة عنه لأنّ أمريكا هي التي تُموّل وهي التي تدعم، وهي التي تسلّح، وهي التي تحمي، وهي التي تفرض على العالم أن يقيم علاقات مع إسرائيل، وأن يعترف بإسرائيل، وأن يطبّع مع إسرائيل، وهي التي تُرعب وأرعبت كلّ الدول أغلب الدول والجيوش العربية حتى لا تقاتل إسرائيل.
الحامي الأكبر والحقيقي لإسرائيل في المنطقة هي الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي هي مسؤولة عن كلّ جرائم إسرائيل في فلسطين، وهنا أيضّا هي مسؤولة عن كلّ جرائم إسرائيل في لبنان. ليست مسألة بسيطة نحن في لبنان نتحدّث عن اسرائيل وعن المقاومة كأنّهما جملتين ونقطع عنهم، ونذهب سريعا للقضايا المحلية والتفصيلية. لا، هذه مسألة ترتبط بوجود لبنان وبقاء لبنان وخيرات لبنان ومستقبل لبنان وكرامة لبنان وسيادة لبنان ودماء شعبنا وأعراضنا.
طيب من الـ 48 إلى اليوم هنا خطاب للبنانيين أيضًا بين القاتل والشهيد بفلسطين القاتل هو الأمريكي والإسرائيلي، والشهيد إلى جانب الشهيد الفلسطيني هو الشهيد قاسم سليماني ومن يمثل وما يمثل. وفي لبنان أيضًا الخطاب للبنانيين الذين يتصرّفون أنّ أمريكا صديق، نحن نعم لدينا خلاف أصولي لدينا خلاف جذري في هذا الأمر وفي هذه المسألة، هذه ليست مسألة عادية وبسيطة، هذه مسألة أكبر من النقاشات الاستراتيجية. كلّ ما فعلته إسرائيل في لبنان من حروب، وما شنته من حروب، ومن غارات، وما ارتكبته من مجازر وما قتلته وجرحته ودمّرته وهجرته واحتلته وسجنته وأسرته وعذّبته، ومازال لبنان في دائرة الاحتلال، وفي دائرة التهديد، وفي دائر الأطماع، وفي دائرة الخطر، وكل يوم تهديد اسرائيلي. كل يوم تهديد اسرائيلي بتدمير لبنان ومسح لبنان، والذي يتحمّل المسؤولية أولًا وأخيرًا عن كل ما قامت به وتقوم به إسرائيل هي الولايات المتحدة الأمريكية.
غريب كيف أنّنا نعرف أنّ هذا هو الذي يقتلنا ويطلق علينا النار، ويحتل أرضنا وقتل رجالنا ونسائنا وأطفالنا وارتكب المجازر، ويهدّد وجود بلدنا، وأنّ أمريكا هي التي تدعمه وتسانده وتدافع عنه وننظر إلى أمريكا على أنّها صديق، والفاعل الأداة عدو، وصاحب الأداة، ومفعّل الأداة ومحرّك الأداة صديق. هذه مصيبة، هذه كارثة سياسية في الوعي والبصيرة، واسمحوا لي أيضًا أن أقول في الإنسانية وفي الأخلاق وفي التشخيص. والخطأ هنا عندما تعتبره صديقًا، هو أنك تلجأ إليه، تلجأ إلى من تظنه صديق، وهو أعدى الأعداء هو العدو الحقيقي، هو رأس العداوة والحقد والضغينة والتآمر والظلم والاستبداد والاحتلال، هذه فلسطين، وهذا لبنان.
نأتي إلى سوريا نكمل رحلتنا أيضًا في سوريا، عشر سنوات حرب الكثير مئات الآلاف في سوريا ذهبوا ضحية هذه الحرب شهداء ضحايا جرحى دمار هائل، من يقف خلف هذه الحرب؟ تقول لي داعش، والنصرة، تقول لي الدولة العربية الفلانية الدولة الخليجية الفلانية الدولة الآسيوية الفلانية، أقول لك هؤلاء جميعهم كانوا أدوات، هؤلاء كانوا أدوات في الحرب على سوريا باعتراف مسؤولين عرب أيضًا بلحمهم وشحمهم على التلفزيونات، طالما سمّينا أيضًا حمد بن جاسم كان رئيس وزراء قطر هو على التلفزيون يقول الذي كان يدير الحرب، ويستلم الأموال، ويوزّع الأموال، ويوزّع الأدوار في الحرب السورية كان السفير الأمريكي في سوريا المقيم في تركيا.
أمريكا هي المسؤولة عن الحرب التي حصلت في سوريا، في سوريا لا يجوز أن يغيب عن عيون السوريين وعن عيوننا جميعًا أنّ الذي قتل السوريين ودمّر سوريا وأدخلها في أتون الحرب الكونية هي الإدارة الأمريكية، والإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهُزمت أمريكا في سوريا كما هزمت في العراق. والمأساة والعدوان الأمريكي على سوريا مازال مستمرًا حتى الآن بأشكال جديدة، وأشكال مختلفة أصعب ما تواجهه سوريا اليوم هو الوضع الاقتصادي والمعيشي.
أهم الأسباب في الوضع الاقتصادي والمعيشي الحصار والعقوبات وقانون قيصر الأمريكي لا يسمح لأحد في العالم أن يأتي ويستثمر في سوريا، أو يمارس تجارة في سوريا، أو يُعيد إعمار في سوريا، يتركون سوريا للموت البطيء وللمعاناة اليومية في كلّ بيت وفي كل عائلة. من الذي يمارس هذا الإجرام اليومي بحق الشعب السوري؟ الولايات المتحدة الأمريكية قاتلة سليماني وأبو مهدي، هذا لا يجب أن يغيب عن الوعي، الذي يحتلّ اليوم جزءً مهمًا من الأرض السورية في شرق الفرات بما تمثله من آبار نفط وغاز وسهول واسعة يمكن أن تُحدث تحوّلًا هائلًا في الوضع الاقتصادي السوري هي القوات الأمريكية، القوات الأمريكية تسيطر على قاعدة اسمها التنف تأتي بداعش من مخيم الهول إلى منطقة التنف تقيم منطقة بشعاع 50 كيلومتر ممنوع أحد أن يقترب. من يقترب يخرج الطيران الأمريكي ويقصفه وحوّلتها إلى قاعدة لداعش، لتعيد داعش إلى بادية الشام من جديد ولتعيد داعش إلى أطراف دمشق من جديد، هذه أمريكا.
هنا القاتل أمريكا، والشهيد هو كل من قاتل في سوريا ودافع في سوريا وعلى رأسهم القيادة السورية، والجيش السوري الشعب السوري، وهنا كان قاسم سليماني وأخوانه كان أبو مهدي المهندس وأخوانه من فصائل المقاومة العراقية وآخرون، وهنا دائمًا نحتاج إلى موقف بين الصديق وبين العدو بين القاتل وبين الشهيد. عندما نذهب إلى اليمن نفس الحكاية، هل يمكن لأحد أن يصدّق الكلّ يقول اليمنيين على كل حال هم يقولون العدوان الأمريكي السعودي، هذه الحرب هي حرب أمريكية تنفذّها السعودية، الحرب على اليمن وعلى شعب اليمن هذه المجازر سبع سنوات من الحرب القصف الذي لم يترك شيئًا، وعاد ليستهدف المدن والمنشآت المدنية بقسوة من جديد للتغطية على العجز العسكري في جبهات القتال. من الذي يتحمل هذه المسؤولية؟ بالدرجة الأولى هي اميركا، السعودية هي منفّذ، هي أداة، هي شغيل عند المشغل الأساسي، من يصدق إن قال الأمريكي للسعودي أوقف الحرب هو يكمل الحرب، لكن الأمريكان قالوا لدول الخليج أوقفوا الحصار عن قطر، توقف الحصار عن قطر.
كنّا دائمًا نقول بسنوات الأزمة الخليجية هذا لعب الأمريكان، يلعبون بدول الخليج، يحلبون هذا وذاك، وينهبون هذا وينهبون ذاك، ويسرقون هذا وذاك. عندما تنتهي اللعبة يقولون لهم خلصت اللعبة تصالحوا تكاتفوا قبّلوا بعضكم يا شباب هناك قرار بالحب. اتخذ قرار بالحب، عاد مجلس التعاون الخليجي، ويجتمع ويلتقي وما شاء الله والوحدة الخليجية. هذا كلّه لعب الأمريكان يشنّون حروب وينهبون الخيرات، هذا هو القاتل الأمريكي. في كل مكان كان هذا القاتل وصولًا إلى أفغانستان طبعًا، والجرائم المهولة التي ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان أثناء احتلالها لأفغانستان وأيام انسحابها من أفغانستان، أعراس بكمالها كان يقتل فيها الرجال والنساء قال شو بالخطأ! قبل عدة أيام شاهدتم بعض الصحف الأمريكية المعروفة تحدّثت عن عشرات آلاف الأفغان والعراقيين الذين قتلوا بالخطأ والبنتاغون لا يقوم بأيّ إجراء لأنّ هذا ليس فيه مشكلة. وصولا إلى القاتل الذي يحاصر 90 مليون 85 مليون يعيشون تحت الحصار في إيران وتحت العقوبات في إيران في ظل كورونا وفي ظل الصعوبات الاقتصادية هذا قاتل.
على كلٍ في كل مكان كان هذا القاتل الأمريكي، كان الشهيد قبل أن يستشهد حاضرًا، كان قاسم سليماني حاضرًا بمن يمثل وما يمثل. وكان حاضرًا يصنع الانتصارات، كان حاضرًا يبني عناصر القوة، كان حاضرًا يلحق الهزيمة بالقاتل، كان حاضرًا يُغيّر المعادلات. وفي نهاية المطاف قدّم دمه وروحه لأنّ القاتل أدرك أنّ هذا من أهم عناصر القوة التي تلحق به الهزيمة. هذا التوصيف الذي أحببت أن أشير إليه حتى أذهب إلى النتيجة.
بالنتيجة حادثة الاغتيال التي حصلت قبل عامين في مثل هذه الأيام، وأسّست لمرحلة جديدة من الوعي من البصيرة من المعركة مع العدو من معرفة العدو الأساسي ومن الصراع في مستويين اليوم ليس اليوم من البداية تحدّث عنهم للثأر لهذه الدماء الزكية.
المستوى الأول هم الذين قَتلوا الذين أمروا بالقتل والذين نفّذوا القتل، هؤلاء معروفون وهؤلاء سينالون إن شاء الله جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة، هذا وعد الثوار، وهذا وعد الشرفاء، وهذا وعد الأحرار هذا ليس وعد الإيرانيين والعراقيين فقط، هذا وعد كل ثائر وحر في العالم،هذا مستوى.
والمستوى الثاني الذي أُعلن أن قيمة وثأر هذا الدم هو خروج القوات الأمريكية من المنطقة، الآن بعد عامين وكما ذكر قبل يومين سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) توصيف لوضع المنطقة. الأمريكان خرجوا من أفغانستان أذلّاء هاربين مربكين، وكان بمثابة الفضيحة التي مازالت تداعياتها في أمريكا قائمة وموجودة، ورأيناها كلنا، وأحدثت حالة إحباط هائلة لدى كل اصدقاء وحلفاء أميركا في المنطقة الذين بدأوا يعيدون النظر، لا أريد ان اقول أسماء، ولكن رؤساء دول ووزراء دول على علاقة وتحالف مع الولايات المتحدة الاميركية يقولون في مجالسهم الداخلية لأصدقاء لنا، أن لم تعد أميركا حليفا موثوقا يمكن الاعتماد عليه من أجل ان نحمي أنفسنا يجب أن نُرتب علاقتنا في المنطقة، هذه هي اللغة السائدة بعد الخروج الاميركي من أفغانستان، في العراق، الاستشهاد أدى الى رد فعل في الشارع العراقي، تظاهرة مليونية في بغداد طالبت بخروج قوات الاحتلال، مجلس النواب العراقي اخذ قراراُ يطالب بخروج قوات الاحتلال، العلماء، القادة، الجميع أخذ موقفا مناسبا وبمستوى الحادثة، وكان هذا الأمر يُتابع، الان الاميركيون يقولون انهم انهوا المهام القتالية لقواتهم في العراق، من المفترض بحسب الادعاء الاميركي ان القوات الاميركية خرجت من العراق، وان من يبقى أوسيبقى في العراق هم مجموعة او عدد من المدربين والمستشارين والفنيين والتقنيين، هذه ايضا اليوم مسؤولية الشعب العراقي والقادة العراقيين، الحكومة العراقية والمسؤولين العراقيين، إن التسامح او التعمية أو التجاهل او التحريف والتزوير بقاء القوات الاميركية في العراق هو قتل جديد لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس والشهداء معهم، الوفاء لهؤلاء الشهداء، التلبية الحقيقية لنداء وإرادة الشعب العراقي الذي عبّرت عنه المليونية التي خرجت في ذلك الحين، هو أن يتابع هذا الامر حتى النهاية، حتى لا يبقى محتل في العراق من هؤلاء القتلة الذين شاركوا في عملية القتل. في شرق سورية في منطقة شرق الفرات الاميركيون موجودون، نحن نشهد منذ أشهر قليلة قيام بدايات مقاومة شعبية وهذا هو الصحيح، المقاومة الشعبية في شرق الفرات بأشكالها المختلفة المدنية، قطع الطرقات وحرق الدواليب ومنع القوات الاميركية من الحركة وصولا إلى المقاومة المسلحة من قبل أهل شرق الفرات هو الخيار الصحيح الذي سيؤدي أيضا في نهاية المطاف الى خروج القوات الاميركية من سورية. وأما في اليمن، اليمن الصامد واليمن الثابت، هذا اليمن حيث هناك أنصار لله ورجال لله لن يكون هناك موطىء قدم للأميركيين في هذه الارض الشريفة والمقدسة، وهذا يصنع اليوم بالتضحيات الجسام وبالدم، مآل المنطقة ومآل القوات الاميركية في المنطقة الى الخروج والى الرحيل، لاسباب كثيرة، منها ما يرتبط بالوضع الداخلي الاميركي أقول هذا لمن يراهن على هذا العدو، هناك ما يرتبط بالوضع الداخلي الاميركي الذي أدعو الى متابعته، لان بعض الناس يحاول ان يقدم لنا أميركا انها هي النموذج، فلتنظروا الى كورونا في أميركا، أنظروا الى الفقراء في اميركا، أنظروا الى الاحياء التي يجتاحها المحتاجون في أميركا، أنظروا الى عدد قتلى عنف السلاح، أنا أتيت بأرقام لا أريد أن أتكلم عنها اليوم، سأتكلم عنها في وقت لاحق، أرقام مهولة، الجريمة في الولايات المتحدة الاميركية، حوادث القتل، حوادث السلب، حوادث الاغتصاب، هذا الواقع الداخلي، الثقافة العنصرية التي عادت لتكبر وتتعاظم،هل هذا هو النموذج التي تقدمونه لنا؟ّ! هذا هو النموذج المشرق! على كل حال لما يتعلق بداخل الولايات المتحدة الاميركية، لما يرتبط أيضا بأولويات الولايات المتحدة الاميركية في العالم فيما يتعلق بالصين وروسيا وما شاكل، وأيضا بسبب وعي شعوب منطقتنا ورفض شعوب منطقتنا وصمود محور المقاومة، إنتصار حركات المقاومة، عدم الاستسلام، عدم القبول بالشروط والحلول الاميركية، هذا الصمود، هذا الثبات رغم تبعاته من دماء وآلام وجوع وعطش ومرض، لكن نهايته ستكون نهاية عظيمة جدا، الدرس اليوم الذي أريد أن أقف عنده في هذه الكلمة، بين القاتل والشهيد ان دماء الشهيد قاسم سليماني الكبير والقائد العظيم، أن دماء الشهيد أبو مهدي المهندس الكبير والقائد العظيم ودماء الشهداء معهم، هذه الدماء المظلومة المجاهدة، هؤلاء بما يُمثلون ومن يُمثلون، وبما هم هم كرجال لله، كقادة، كمخلصين صادقين، صناع نصر، باعثي نهضة ووعي وحماسة في هذه الامة، دماؤهم اليوم تستصرخ كل العقول وكل القلوب وكل الضمائر على إمتداد العالمين العربي والاسلامي لتقول لكل الشعوب وللنخب وللمثقفين وللسياسيين ولعامة الناس: أيها الناس دماؤنا تقول لكم: عدوكم الحقيقي، المستبد الحقيقي، المستكبر الحقيقي، الظالم الحقيقي، الفاسد الحقيقي، رأس العدوان أساس الإحتلال أم الفساد والطغيان في منطقتنا هي الولايات المتحدة الاميركية، هي عدو فإتخذوها عدوا، هذه رسالة الدماء الزكية في مطار بغداد هذه الايام وقبل عامين، والاشتباه الخطير والاستراتيجي عندما تَعتبر العدو صديقا فلتجأ اليه، وتلوذ به، وتضع كمن يضع بين يدي الذئب زوجته وأطفاله الرضّع، من؟! هل هناك عاقل يفعل ذلك؟ الرسالة تقول لكم: أعرفوا عدوكم، أفضحوا عدوكم، قفوا في وجه عدوكم، لا تستسلموا لعدوكم، لا تلجأوا لهذا العدو، بل قاتلوه وحاربوه وصارعوه بكل اشكال المواجهة والصراع.
أيها الاخوة والاخوات هذه الدماء تقول لنا: ما دامت أميركا هي التي تهيمن على منطقتنا ونعتبرها صديقا سيستمر الظلم والطغيان والاستبداد والاحتلال والخطوط الحمراء التي ستمنع تحرير بلادنا ومقدساتنا ومقدراتنا وخيراتنا وثرواتنا، في هذه المعركة جزء منها هي معركة الوعي والاعلام، معركة وسائل الاعلام ومعركة مواقع التواصل الاجتماعي، هذه التي ذكرتها في البداية وقلت أعود لها في آخر الكلام، لا تستهينوا بهذه المعركة التي تُحوّل المقاوم المجاهد الشريف المدافع الى إرهابي الى “أزعر” الى فاسد الى سارق الى لص الى تاجر مخدرات، وليس لديهم مشكلة حتى لو ليس لديهم دليل وهذا خلاف الواقع، ليس لديهم مشكلة بأن يستمروا في الكذب والكذب والكذب ويخترعوا حتى لو كانوا تافهين وسخفاء ومفضوحين، على القاعدة المعروفة، “أكذب أكذب أكذب أكذب حتى يصدقك الناس”، في الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يُصبح السفير الاميركي مثلاً في بغداد حمامة سلام، وداعية صلح، وحامي وحدة وعامل إستقرار في العراق، ويُصبح قاسم سليماني مجرم وقاتل، يجب ان يُنفى ويجب أن تُحرق صورته، طبعا شيء محدود وقليل لانهم اولاد السفارة، هذه ليست ارادة الشعب العراقي، ارادة الشعب العراقي عبر عنها بعد الاستشهاد وخلال العامين وخلال الايام والليالي الماضية، لكن في نهاية المطاف نعم هناك جهد هناك جيوش إلكترونية، لا تصدقوا كل ما ياتي ويُقال و”اعرف انا بعض الدراسات” ان هناك تفاعل هائل على مواقع التواصل، هذا كذب، يكون هناك ثلاث او اربع اشخاص جالسون وعاملون جيش إلكتروني ويقول لك: تفاعل هائل على مواقع التواصل، فقط للتاثير من اجل ان تقول انت “أووف”، هل هذا رأي مئات الآلاف أو الملايين، كلا… حتى الآن يجب البحث عن الآراء الحقيقية للشعوب والأمة وللناس، كثير مما يقدم في عالم الاحصائيات والاستقصاءات والارقام هي اكاذيب، هي جزء من الحرب النفسية، هي جزء من التضليل، هي جزء من توهين العزائم، مع العلم أن المؤمين بالله سبحانه وتعالى لا يهمهم القلة والكثرة، ولكن غالب الناس يتأثرون بهذه المسائل. هذا جزء من المعركة التي يجب أن نَخوضها اعلاميا سياسيا ميدانيا اقتصاديا امنيا عسكريا، هذه هي المعركة الحقيقية التي فرضها، قبل ذلك وبعد ذلك جاء الاستشهاد، فرضها العدو ولم نفرضها نحن.
اليوم حين يأتي بعض الناس ويقولون انتم يا حزب الله تقومون بتخريبعلاقات لبنان العربية والدولية، من هذا الباب وان كان هذا يمكن ان نتحدث عنه في الحديث المحلي، لكنه يتناسب مع حديث اليوم اكثر، انتم تُخربون العلاقات، علاقات مع من؟ مع أميركا التي ذكرت وافضت وإذا تريدون نشرح ذلك، اللبنانيين عايشين والله انني لا اتكلم تاريخ، الشهداء وعوائل الشهداء والاسرى الذين خرجوا من السجون والجرحى والبيوت المهدمة، آثار الجرائم الامريكية الاسرائيلية ما زالت حاضرة أمام أعيننا امام اجيالنا الحاضرة، هذا هو العدو الذي تتهموننا بأننا نخرب العلاقات معه؟! اريد ان اتكلم مع اللبنانيين قليلا.. كل اللبنانيين أو على الأقل اغلبيتهم الساحقة تُجمع ان داعش والجماعات التكفيرية كانت تُشكل خطرا كبيرا على لبنان، وكل اللبنانيين يعرفون اغلبيتهم لو سيطرت داعش والحماعات التكفيرية على سوريا ماذا كان يمكن ان يكون مصير لبنان، هناك من يقول “يعنتر” ويقول: انتم قاتلتم ولو انهم أتوا لَكنا قاتلناهم، جيد، من الجيد انهم لم يأتوا، حتى لا تواجهوا هذا الامتحان، لكن هناك شبه اجماع أنه نعم يوجد هناك خطر كبير على وجود لبنان وعلى هوية لبنان وعلى كرامته وعلى بقاء لبنان، على الدماء و الأعراض والمساجد والكنائس والحسينيات والكبار والصغار أليس كذلك؟ من كان يقف خلف داعش في سوريا والجماعات التكفيرية، التي لو نجحت ولو انتصرت لكانت الكارثة التاريخية في لبنان، فقط أميركا؟! وماذا عن السعودية ؟… الآن سوف يخرخ من يقول، يا سيد أنت ترجع لتخرب لنا العلاقة مع السعودية، كلا أنا أُوصف، اللبنانيين يجب ان يقولوا الحقائق ويتعاطوا على اساس الحقائق، تأتي وتقول لي: نعم هو شريك في قتلي وفي مسحي وفي حصاري وفي ذبحي لكن أنا مضطر أن أتعامل معه، هذا بحث ثانٍ، لكن لا تقول لي: أخ وصديق وكريم ومحب وانا اريد ان اتعامل معه، أُنظروا إلى التوصيف الحقيقي أولاً.
خلال عشر سنوات في سوريا وفي جرود عرسال وجرود البقاع المقاومة والجيش الذين قاتلوا وفي سوريا هم الذين قاتلوا، من الذي كان يقف خلف هذه الجماعات، التي لو انتصرت لفعلت ما فعلت في لبنان، هذه الدول معروفة وفي مقدمها السعودية، نحن لم نذهب لنعتدي على السعودية ولم نهاجم السعودية، هؤلاء هم كانوا شركاء في الموأمرة الكبرى وفي الحرب الكونية التي كانت تُدمر المنطقة، ونحن كان لنا شرف ان نقف في وجه هؤلاء القتلة المتآمرين على بلدنا وعلى شعوبنا وعلى دماء واعراض الرجال والنساء في لبنان، لسنا نحن الذين خربنا العلاقات، من الذي بدأ الاعتداء؟ من الذي بدأ الحرب؟ من الذي تآمر؟ هم اللذين تآمروا.
في الخطاب الأخير للملك السعودي الملك سلمان مع انه خطاب يقال عنه انه خطاب سنوي ومهم ومركزي خلال السنة، يُوجه خطاب للبنانيين والقيادات اللبنانية ويطالبهم بالوقوف في وجه وهيمنة حزب الله الارهابي، اذا يوجد ناس خائفون من ان يفتحو أفواهمم في هذا البلد، نحن لسنا خائفين، نحن لدينا كرامتنا، يا حضرة الملك: الإرهابي هو الذي صدر الفكر الوهابي الداعشي الى العالم وهو انتم، الارهابي هو الذي أرسل آلاف السعوديين لينفذوا عمليات انتحارية في العراق وفي سوريا وهو انتم، الارهابي هو الذي يشن حرباً لمدة سبع سنوات على الشعب المظلوم في اليمن ويقتل الاطفال والنساء ويدمر البشر والحجر وهو أنتم، الارهابي هو الذي يقف الى جانب الولايات المتحدة الاميركية في كل حروبها ويفتح لها أرضه وقواعده العسكرية لتمارس جرائمها ضد الانسانية، وهم أنتم، الارهابي هو الذي يُمول كل جماعات الفتن والحروب الاهلية في لبنان وفي المنطقة وهو أنتم، أما حزب الله فليس إرهابياً، حزب الله مقاوم، حزب الله هو مدافع ووطني وإنسان وشريف، حزب الله يدافع عن وطنه وعن أمته وعن أهله وعن شعبه وعن المقدسات، حزب الله رفيق قاسم سليماني الذي يصنع الانتصارات في وجه الإرهابيين، هذا هو حزب الله، وهنا أُريد أن أُلفت أيضاً لأنني أعرف أن غداً سوف تقوم القيامة، وأنه رجع ليخرب لنا العلاقات مع السعودية، الارهابي أيها اللبنانيون ولتسمعوني قليلا، الذي يحتجز عشرات الآلاف او مئات الآلاف لأنه لا يوجد رقم دقيق ولا أعرف، كم هي بالضبط أرقام اللبنانيين الموجودين في السعودية، او اللبنانيين الموجودين في الخليج، البعض يقول مئات الالاف والبعض يقول عشرات الالاف، الارهابي هو الذي يحتجز مئات الالاف او عشرات الالاف من اللبنانيين، يتخذهم رهائن ليهدد بهم لبنان ودولة لبنان كل يوم، إذا تكلمتم فإنني سوف أطردهم، وأحرمهم من أموالهم وممتلكاتهم ، إذا فتحتم فمكم سأرميهم في السجون، هذا إرهاب أو ليس إرهاب؟! دُلوني هذا السلوك على دليل وسند له، في الدين والشرائع السماوية، وفي القوانين الدولية، حتى في قوانين العشائر والقبائل، حتى في الجاهلية الاولى، هذا الارهابي، وهذا ليس جديداً، فلتعودوا الى الصحف، هذا في الستينات كانت السعودية تفعله مع لبنان، وكل يوم تفعل ذلك مع لبنان، وإذا كان هناك من يظن انه إذا ضغط على وزير كي يستقيل وإذا سكت وإذا طنّش وإذا قبل الاهانة، هل هذا يغيّر بالموقف السعودي والقرار السعودي؟ كلا، لا يغير شيء، لأن مشكلة السعودية واضحة أين، مشكلتها مع الذين منعوا أن يتحول لبنان الى إمارة ومشيخة سعودية بعد عام 2005، مشكلتها مع الذين يقفون بجد في وجه صفقة القرن التي كانت أضلاعها الثلاثة ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان، مشكلتها مع الذين ساهموا في إلحاق الهزيمة بمشروعها في سورية ومشروعها في العراق، الذي لو نجح لذبح اللبنانيين ودمر مناطقهم ومساجدهم وكنائسهم، وهذه مشكلة قائمة، هذه لا تحل لا بكلام إيجابي ولا بمديح ولا سكوت ولا في خيالات، دعونا كي نكون حقيقيين وواقعيين.
على كلٍ، اليوم نحن في حزب الله في الذكرى السنوية الثانية للشهداء القادة، قادة المقاومة وقادة المحور وقادة الانتصارات الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، نُؤكد إلتزامنا بهذا الوعي وبهذا الخط وهذا الطريق، ما ندعو اليه الشعوب وناسنا في لبنان، لا أن يلتحقوا بهذا المحور او ذاك المحور، بالحد الادنى أن يعرفوا العدو فيتخذوه عدوا، وأن لا يشتبهوا في تعيين الصديق فيطعنوه في ظهره ويتآمروا عليه، هذه هي رسالة اليوم، وهذه الدماء سوف تبقى تصرخ وتضج فينا، في عروقنا وفي أولادنا وفي أحفادنا حتى التحرير الكامل لأرضنا لفلسطين ولمنطقتنا من كل إحتلال أميركي وإسرائيلي إن شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله