تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 26-10-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تطورات المشهد السياسي اللبناني مع بدء العد العسكي لموعد الجلسة التشريعية المخصصة لانتخاب الرئيس المزمع عقدها في الواحد والثلاثين من الشهر الحالي..
السفير
«اثنين اللاممانعة»: تشريع التسوية أم المفاجآت؟
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “أيام ثقيلة وطويلة تفصل «الجنرال» عن القصر، لكن الانتظار لا يمنع من ارتداء بدلة الرئاسة الأولى نفسياً. هذا هو واقع الحال في الرابية. صار العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. أنجز خطاب القسم. الاستعدادات في القصر الجمهوري اكتملت، حتى الحرس الجمهوري الذي استُعين به لضرورات الأمن، في الضاحية الجنوبية، يعيد تجميع ضباطه وعناصره استعدادا للمهمة الأصلية: حماية الرئيس والقصر والضيوف والتنقلات.
يوم الاثنين وبدءاً من الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، ستنصب شاشة عملاقة في مقر «التيار الوطني الحر» في «العمارة» في الزلقا، لمتابعة وقائع الجلسة الانتخابية. مع اعلان فوز العماد عون، تبدأ الاحتفالات وتتوج باحتفال مركزي ضخم في السادس من تشرين الثاني المقبل، يشارك بإحيائه فنانون وفرق موسيقية.
لن يتوقف الطبل والزمر. «ترتاتا جنرال» العبارة الشهيرة، ستحضر في الشوارع والساحات. لن يعكّر المشهد الاحتفالي استفزاز من هنا أو من هناك.
«على الورقة والقلم»، صار ميشال عون رئيساً للجمهورية. إذا لم يطرأ عنصر خارجي مفاجئ، أو بالأحرى إذا لم تأت «لا» خارجية كبيرة جداً في آخر لحظة، فإن كل شيء يشي داخلياً بانعقاد النصاب الرئاسي لمصلحة ميشال عون.
لا تعني «اللبننة» أن الخارج غير موجود. يصرّ أكثر من مرجع لبناني على القول: «راقبوا مجريات الأحداث في اليمن ولبنان. صار الملفان بمثابة ملف واحد. لا تضيعوا وقتكم ودققوا جيداً بالمجريات والمشاورات والأوراق والاتفاقات».
إذا كان الأمر ليس لبنانياً وحسب، يجب أن يبقى للتحفّظ هامشه، ولو بنسبة ضئيلة جداً. تكفي العودة الى تاريخ من ناموا رؤساء واستفاقوا في اليوم التالي مجرد مرشحين، للقول إن الأمور بخواتيمها.
هل يعني ذلك أن الأمور ستكون واضحة بالكامل قبل انعقاد الجلسة الرئاسية؟
يسارع مرجع لبناني للقول إن الأمور ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات ليس إلى ما قبل جلسة الحادي والثلاثين، بل من خلال تتبع مجرياتها، وصولاً الى ما ستفرزه من نتائج، يظهر معها الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
اللافت للانتباه أن «عدم الممانعة» جملة سهلة وديبلوماسية وحمّالة أوجه. لا ممانعة أميركية وسعودية تعبّد الطريق الرئاسي أمام «الجنرال». لا ممانعة من «حزب الله» وحلفائه تعبد الطريق أمام عودة سعد الحريري الى السرايا.
من يريد خارجياً أن يعيد النظر في حساباته أو أن يصيب أحد أطراف «التفاهم»، عليه أن يترجم ذلك في اللعبة الانتخابية. إذا جاءت النتائج كما يتوقعها كل من ميشال عون وسعد الحريري «على الورقة والقلم»، فهذا يعني أن الخارج قرر الانضباط، وبالتالي لا خوف على استقرار لبنان. إذا جاءت النتائج عكس ما يشتهيه هؤلاء، عندها يصبح السؤال عمن يملك مصلحة في دفن الحريرية السياسية في لبنان أو أخذ البلد الى مطارح سياسية غير محسوبة جيداً.
في الانتظار، لن ترسل السعودية أي موفد الى بيروت في الأيام القليلة المقبلة، خلافاً لما روّجته بعض وسائل الاعلام. هذه ليست معلومة، بل مجرد تأكيدات بلسان مصادر ديبلوماسية خليجية في معرض ردّها على استفسارات جهات رسمية لبنانية. ومن راقب شوارع العاصمة في ساعات نهار أمس، لاحظ أن مواكب السفارات لم تهدأ من مقر الى آخر، أما المحصّلة، فليست واحدة، لكنها تتراوح بين الترحيب وعدم الممانعة أو عدم الحماسة، من دون أن تصدر أية اشارة سلبية حتى الآن، ما عدا بعض الاستفسارات المتصلة بالمؤسسة العسكرية والسلاح و «حزب الله».
وفي الانتظار أيضا، لا جديد في المواقف السياسية، سوى المزيد من التريث الجنبلاطي، لكن بوجهة إيجابية تصبّ في مصلحة عون والحريري، وقد عبّر عنها وليد جنبلاط بعد ساعات قليلة من اجتماع قيادتي «الاشتراكي» و «اللقاء الديموقراطي» في المختارة بقوله قبيل منتصف ليل أمس، «اياً كانت الاعتراضات فإن التضحية والتسوية من اجل المستقبل اهم من كل شيء»، فيما الحريري يستعد لاطلالة تلفزيونية عبر شاشة «كلام الناس». أما الرئيس نبيه بري، فقد بدأت نبرته تتصالح مع الواقع السياسي الجديد، برغم أنه أوحى للاعلاميين الذين يرافقونه في رحلة جنيف بأن شياطين الملفات العالقة لن تدع الحكم الجديد يهنأ بـ «شهر العسل»، وأن الكثيرين ممن عارضوا سلّته سيعرفون قيمتها مع مرور الوقت، وأولهم الرئيس المنتخب. بل إن بري ذهب في تقديراته الى حد القول من جنيف بان مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس ستكون لـ «الجهاد الاكبر» المتعلق بالاستحقاقات اللبنانية، وفي طليعتها القانون الانتخابي.
أية سيناريوهات مرتقبة لجلسة الاثنين؟
السيناريو الأجمل، أن يسبق هذه الجلسة تفاهم سياسي مع نبيه بري، سواء من خلال إعادة التئام طاولة الحوار أو أية صيغة أخرى، فيصار إلى سحب ترشيح سليمان فرنجية بالتوافق معه، ويعلن هو وبري ونواب «البعث» و «القومي» وطلال أرسلان تأييدهم لترشيح «الجنرال»، فتنتهي الجلسة خلال أقل من ساعة بانتخاب عون رئيسا للجمهورية بما يزيد عن 100 صوت.
هذا السيناريو الأجمل من أن يصدق، يتمناه بطبيعة الحال، كل من السيد حسن نصرالله ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» والرئيس سعد الحريري، ولكن نقطة ضعفه الأبرز افتقاده لعنصر الاغراء لمن يرغب بالانضمام إلى «الحفلة»، خصوصا أن هناك من يعتبر معارضة «الجنرال» مربحة، وبين هؤلاء الرئيس بري. فعندما تبدأ مشاورات التكليف والتأليف، يبدأ استدراج العروض من عند تثبيت ما حصل عليه رئيس المجلس في الحكومة الحالية، ليأخذ حصة أكبر في أية تركيبة حكومية برئاسة الحريري.
السيناريو الثاني والأكثر ترجيحا، أن يكون الوقت ضيقا، فلا يكون بمقدور «الوسطاء» تغيير حرف مما قد كتب، فيذهب الجميع إلى الجلسة منقسمين حول ثلاثة خيارات: مع عون، مع فرنجية، ضد الاثنين (ورقة بيضاء أو اسم أي مرشح). في هذه الحالة، لن يكون بمقدور «الجنرال» أن ينال ثلثي الأصوات (86 أو 85 بسبب استقالة روبير فاضل) من الدورة الانتخابية الأولى، الأمر الذي يستوجب دورة انتخابية ثانية، من ضمن الجلسة المفتوحة نفسها، سواء رفعها رئيس المجلس لبعض الوقت أو أكملها مباشرة.
هنا يتبدى أكثر من احتمال: الأول والأكثر واقعية، أن يستمر النصاب الدستوري (ثلثا النواب)، فينتخب عون في الدورة الثانية، بأكثرية لا تقل عن 65 نائبا (قد تصل أرقامه إلى حدود الثمانين نائبا). الثاني، أن يطير النصاب إذا رفع بري الجلسة للتشاور لبعض الوقت، بسبب «تسلل» المعارضين، إلى خارج مبنى المجلس (كلمة سر خارجية وتحديدا سعودية)، وعندها يعلن بري تأجيل الجلسة، كما جرت العادة حتى الثلث الأخير من تشرين الثاني المقبل!
السيناريو الثالث الذي كان يرغب «حزب الله» باعتماده، ولم يوافق عليه «الجنرال»، يتمثل باتخاذ قرار بإرجاء موعد جلسة 31 تشرين الأول لمدة أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، على أن يكون الفاصل الزمني كفيلا بترتيب البيت الداخلي لكل من «قوى 8 آذار» وكذلك لـ «تيار المستقبل»، فتنعقد الجلسة الانتخابية بزخم سياسي أكبر لمصلحة عون، إلا أن هذا الاحتمال بات مستبعدا في ضوء موقف عون القاطع برفض التأجيل ولو لساعة واحدة!
حتما توجد سيناريوهات أخرى، لعل أخطرها سيناريو الأمن الذي استوجب توجيه نصائح لعدد من سياسيي الصف الأول بوجوب الحذر في هذه المرحلة، مخافة حدوث اغتيال سياسي يقلب الأمور رأسا على عقب، وثمة أمثلة كثيرة في الذاكرة القريبة والبعيدة، تشي بأن السيناريو الأمني يجب أن يوضع في الحسبان دائما.
ماذا بعد الانتخاب الرئاسي؟
إذا انتخب عون رئيسا للجمهورية يوم الاثنين المقبل، سيصار إلى تحديد موعد جلسة أداء القسم الدستوري خلال أيام قليلة على أبعد تقدير، لكي يتسنى للأمانة العامة للمجلس توجيه الدعوات، ومن المتوقع أن يحدد خطابا رئيس المجلس النيابي ورئيس الجمهورية أبرز ملامح المرحلة المقبلة، سياسيا واقتصاديا وماليا.
عندما يصل ميشال عون إلى القصر الجمهوري، تعتبر الحكومة الحالية مستقيلة وتبدأ مرحلة تصريف الاعمال، لتبدأ فورا مرحلة الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الحكومة، ومن المعروف أن سعد الحريري سينال نسبة تؤهله لمهمة تأليف الحكومة. بعدها تبدأ مرحلة الاستشارات التي يجريها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية للاطلاع على مطالبها وتحديدا حصصها الحكومية.
ما هي السيناريوهات التي تنتظر عملية تأليف حكومة العهد الجديد؟
للبحث صلة.
النهار
من يحسم: جلسة الانتخاب دورة أولى أم ثانية؟
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “سأل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عمن يحسم الجدل في شأن ما اذا كانت جلسة الاثنين المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية هي دورة أولى أم دورة ثانية بعدما أجريت دورة الاقتراع الاولى في العام 2014. ودعا الى حسم هذا الجدل قبل 31 تشرين الأول لئلا تتحول مادة خلافية تؤثر سلباً على مسار الجلسة وتشكل حجة للبعض لايجاد شرخ او اختلاف في الجلسة ومشكلة في النتائج.
ورأى “تكتل التغيير والاصلاح” بعد اجتماعه أمس أن “الدورة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية حصلت منذ سنتين ونصف سنة ومن المفترض ان ندخل إلى الدورة الثانية بنصاب الثلثين وتصويت النصف زائد واحد”.
وطرح الموضوع تساؤلاً عن الغاية من اثارته في التكتل في ضوء علم أعضائه برأي الرئيس نبيه بري في الأمر واصراره على اجراء دورة أولى “بعدما أقفل محضر الجلسة السابقة”، ونقل من اجواء بري انه اذا استمر العونيون في رأيهم وأصروا على اعتبار جلسة الاثنين دورة ثانية فهذا يعني ان اشتباكاً جديداً سيقع بينهم وبينه ويشارك فيه أكثر من طرف.
ونقل مندوب “النهار” في جنيف الزميل رضوان عقيل، اصرار بري وتكراره ان الجلسة التي تم الاقتراع فيها للدكتور سمير جعجع قبل أكثر من سنتين ونصف سنة اقفل محضرها. وعلى عون ان يحصل على 86 صوتاً ليعلن نجاحه في الدورة الاولى، والا يتجه النواب الى جلسة ثانية تليها مباشرة مع شرط ابقاء النصاب نفسه ويجب ان يحصل عندها على 65 صوتا لينتخب رئيساً. ولا تحتاج هذه النقطة عند بري الى تفسير ونقاش ولا يحبذ الاستفاضة فيها “ونقطة على السطر”.
حنين
أما الحقوقي والنائب السابق الدكتور صلاح حنين، فشرح لـ”النهار” انه إذا ما إنعقدت الجلسة في 31 من الجاري وتوافر فيها نصاب الثلثين فهي تعتبر بمثابة دورة ثانية وهذا أمر منصوص عليه في المادة 49 من الدستور. وأوضح ان ما يقال عن إقفال محضر الجلسة يتعلق فقط بجلسات التشريع وليس بجلسات إنتخاب رئيس الجمهورية. وجاء موضوع إقفال المحضر في نص النظام الداخلي للمجلس لكي تبقى جلسات التشريع مفتوحة لإيام عدة تسهيلاً لعمل البرلمان. ولكن ما أن يتطلب الامر التصويت تصبح هناك حاجة الى النصاب. وأما في ما يتعلق بإنتخاب رئيس الجمهورية، فلم يرد في الدستور موضوع إقفال المحضر. وما أن تنعقد الجلسة الاولى بالنصاب المطلوب تصبح حكماً دورة أولى لتكون الجلسة التالية المتوافر فيها النصاب دورة ثانية بصرف النظر عن تكرار محاولات إنعقاد الجلسة ومرور الزمن على الدورة الاولى.وعليه فإن جلسة الاثنين المقبل يفوز فيها من ينال الاكثرية المطلقة من الاصوات أي النصف زائد واحد”.
مرقص
ويوقف استاذ القانون الدستوري الدكتور بول مرقص عند الجلستين التشريعتين اللتين انعقدتا في زمن الفراغ، فرأى أنهما أتتا “على ضفاف الدستور، اذ لم يكن يحق للمجلس التشريع”.
وقال: “كان يفترض اعتبار جلسة نيسان 2014 لانتخاب الرئيس هي الدورة الاولى، إنما ارتأى المجلس اعتبارها دورة أولى، وبتنا نحن أسرى هذا التفسير وهذا الواقع، لأن محضر الجلسة الاولى اعتبر انه اقفل، بسبب انعقاد جلستي التشريع لاحقاً، والا كيف يمكن فتح هاتين الجلستين والبدء بأمر اذا لم ننته من الأمر الاول؟”.
اتصالات
سياسياً، ودع العماد ميشال عون أعضاء تكتله في اجتماع اعتبره الاخير معهم في الرابية، اذ سيكون الثلثاء المقبل في بعبدا. أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فاجتمع في المختارة وهو يتريث في اعلان موقفه قبل لقاء النائب وليد جنبلاط وعون والمتوقع الخميس. لكن مصادر متابعة قالت انه خطا خطوة نحو تأييد عون.
كذلك أرجأت كتلة “المستقبل” النيابية اجتماعها الى الجمعة المقبل، الى حين عودة الرئيس سعد الحريري، وتجنباً لتولي الرئيس فؤاد السنيورة رئاسة الاجتماع وهو المعارض لخيار الحريري الرئاسي. وعلمت “النهار” ان اتصالات جرت مع نواب معترضين ومنهم السنيورة لحملهم على تبديل مواقفهم والخروج بموقف شبه موحد الجمعة.
واشنطن راضية
دولياً، علمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية ان الولايات المتحدة الاميركية باتت تتعامل مع انتخاب عون على انه بات محسوماً. والسفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد التي التقت وزير الخارجية جبران باسيل نقلت اليه ارتياح بلادها الى انتخاب رئيس للجمهورية ومباركتها لخيار انتخاب عون باعتباره خياراً لبنانياً داخلياً طالما طالبت به واشنطن التي يهمها استقرار لبنان وتفعيل مؤسساته. واكدت ان مساعدات بلادها للبنان لن تتغير وستستمر وفق الالية المتبعة مع الجيش لبمواجهة الارهاب وحماية الاستقرار في الداخل وعلى الحدود.
استعدادات
اجرائياً، بدأت الاستعدادات في قصر بعبدا وفي ساحة النجمة لجلسة الاثنين. وعلمت “النهار” ان العميد سليم فغالي سيعين قائداً للحرس الجمهوري، والعميد بول مطر مديرا لمكتب رئيس الجمهورية، كما كلف المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير الزميل رفيق شلالا تسيير أعمال مكتب الاعلام.
وفي مجلس النواب، بدأت حملة تنظيف في محيط المجلس وفي داخله، وأنجزت الاستعدادات لتوجيه الدعوات الى النواب والسفراء، وبدأ تنظيم عملية ادخال الاعلاميين وتنظيم عملهم، خصوصاً ان وسائل اعلام اجنبية بدأت توفد مراسلين لنقل وقائع الجلسة وما يرافقها.
الأخبار
الرياض لإقناع برّي بعون!
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “النائب وليد جنبلاط ينتظر الرئيس نبيه بري لحسم موقفه. والسعودية تنتظر بري لتبارك التسوية الرئاسية، على ذمة تيار المستقبل. وفي ظل الصمت الرسمي إقليمياً ودولياً، يمارس بعض «القناصل» ـــ بوقاحة ــــ «هواية» التدخل في الشأن اللبناني، رغم أن بعضهم بات منزوع الحَيل.
رغم اقتناع جميع القوى السياسية بأن نتيجة الانتخابات الرئاسية يوم الاثنين المقبل محسومة للجنرال ميشال عون، فإن المرشحين البارزين، عون والنائب سليمان فرنجية، مستمران، كلّ عبر فريق عمله، بإجراء الاتصالات بالنواب، لمحاولة استمالة العدد الأكبر من الأصوات.
وفيما يسعى نواب من تكتل التغيير والإصلاح إلى رفع العدد الذي سيحصل عليه عون، ينشغل فريق عمل فرنجية بمحاولة خفض عدد الأوراق البيضاء. وسيزور وفد من النواب العونيين رئيس الحكومة تمام سلام، الممتعض من تغييبه عن النقاشات التي سبقت إعلان الرئيس سعد الحريري تأييده وصول عون إلى قصر بعبدا.
وينتظر الفريقان «المتنافسان» أن يحسم النائب وليد جنبلاط موقفه، وهو الذي لا يزال ينتظر عودة الرئيس نبيه بري لكي يتخذ الموقف المناسب بناءً على التشاور معه. والخياران المتاحان أمام جنبلاط هما: إما أن يمنح العدد الأكبر من أصوات كتلته لعون، أو أن يقسم الأصوات بين حزبيين يصوّتون له، وغير حزبيين يصوّتون للنائب هنري حلو. وفي المقابل، يجري المعترضون على وصول عون إلى بعبدا اتصالاتهم، وقرر بعضهم الاستعانة بوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية (السفير الأميركي السابق إلى لبنان) جيفري فيلتمان، لمحاولة إفشال التسوية. لكن السياسيين «الجديين» يُدركون أن تأثير فيلتمان في السياسة اللبنانية شبه منعدم، رغم اتصالاته الدائمة بسياسيين ورجال أعمال وناشطين وناشطات كثر. ويُروى في الصالونات السياسية أن فيلتمان بادر إلى الاتصال بأحد الزعماء السياسيين، سائلاً عن فرص نجاح التسوية الرئاسية، وختم اتصاله بالقول: «قل لسعد الحريري إن البلد لا يحتمل سوى مجنون واحد». بدورها، أجرت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان اتصالات (لا تقلّ وقاحة عن فيلتمان) بعدد من السياسيين، لتقول لهم إن «المجتمع الدولي» غير راضٍ عن تسوية الحريري ــ عون. لكنها في العلن، نفت وجود أي فيتو على أي مرشح رئاسي، مؤكدة أنها سمعت من الإيرانيين والسعوديين تأييدهم لحل الأزمة الرئاسية. كذلك فعلت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، التي أبلغت سياسيين امتعاضها من احتمال انتخاب عون رئيساً للجمهورية.
وعندما طالبها سامعوها بإصدار موقف علني، رفضت ذلك. على المنوال ذاته، بدا لافتاً أمس الهجوم الذي شنّه في اليومين الماضيين صحافيون سعوديون على مبادرة الحريري تجاه رئيس تكتل التغيير والإصلاح.
لكن مصادر مقرّبة من رئيس تيار المستقبل، وأخرى رفيعة المستوى في فريق 8 آذار، وثالثة «وسطية»، أكّدت أن تحركات «القناصل» لن تؤثر سلباً في مسار التسوية الرئاسية، مشددة على أن فيلتمان تحديداً لم يعد يقدّم ولا يؤخر، وهو يتعامل مع الملف اللبناني من باب «الهواية الشخصية».
ويبدو أن انتظار عودة الرئيس نبيه بري إلى بيروت لا يقتصر على جنبلاط. فالنظام السعودي يفعل الأمر ذاته، لإرسال وزير الدولة لشؤون الخليج، ثامر السبهان. وتؤكد مصادر تيار المستقبل أن إرجاء زيارة السبهان متصل حصراً بانتظار عودة بري من جنيف، وأن موفد الرياض «سيعلن أمام بري مباركة المملكة العربية السعودية لمبادرة الحريري»، مؤكدة أن «الموفد السعودي سيحمل اقتراحات لتذليل العقبات، والحدّ من الاعتراض الذي يظهره رئيس المجلس ضد الاتفاق بين الحريري والعماد ميشال عون»، خصوصاً في ظل ما يحكى عن أن «المعركة الحقيقية ستبدأ بعد انتخاب عون، وأن هناك من سيمنع الحريري من تأليف حكومة يكون هو رئيسها».
في هذا الوقت، يستمر النقاش حول ما إذا كانت جلسة الاثنين المقبل الدورة الاولى أو الثانية من الانتخابات الرئاسية. وقال أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان: «معلوماتنا أن الدورة الاولى عقدت منذ سنتين ونصف، وبالتالي من المفترض أن ندخل الى الدورة الثانية ونصاب الانعقاد هو الثلثان والانتخاب بالأكثرية المطلقة». في المقابل، تؤكد مصادر بري أن الجلسة الأولى اختُتِمَت، وأن جلسة الاثنين ستُفتتح مجدداً بدورة أولى يكون نصابها الثلثين، والعدد المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية 86 نائباً. وتؤكد المصادر أنه في حال أصرّ العونيون على أن الجلسة ستُفتتح بدورة ثانية (العدد المطلوب لفوز مرشح بالرئاسة هو 65 نائباً فقط)، فإن الرئيس بري «مستعد للدعوة إلى عقد جلسة للمجلس النيابي لشرح الدستور، تسبق جلسة الانتخاب».
وأطلق بري أمس، من جنيف، عبارة «الجهاد الأكبر» لوصف مرحلة ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع مباشرة الخوض غداة الانتخاب في الاستحقاقات الدستورية المتتالية، وأخصها تسمية رئيس مكلف ثم تأليف حكومة جديدة ثم الوصول الى الانتخابات النيابية.
اللواء
«الموزاييك النيابي»: عون رئيساً بـ48٪ من أصوات المسيحيين
مصادر خليجية لـ«اللــواء»: تحفظ سعودي وخليجي على تولي مرشّح حزب الله رئاسة الجمهورية
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “المنحى الإيجابي لوصول النائب ميشال عون إلى قصر بعبدا، ما يزال ثابتاً، لكنه ليس وحده سمة الوضع المتغير في لبنان، بحيث يشكل 31 تشرين أوّل تاريخ تحوّل في ما خص الرئاسة الأولى وسائر مؤسسات الدولة، وما يرتبط بها من استقرار ووضع اقتصادي واجندات ما بعد انتخاب عون، لا سيما قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة، وهو ما وصفه الرئيس نبيه برّي من جنيف «بالجهاد الأكبر».
فعلى مسافة أيام قليلة، رست المعطيات الرئاسية على ما يلي:
1-ان الجلسة الانتخابية الاثنين المقبل ثابتة في الانعقاد والنصاب ومشاركة كل الكتل في رقم يكاد يقترب من 126 نائباً (لأن هناك معلومات بأن النائب عقاب صقر قد لا يأتي).
2- ان النائب عون، ما لم يطرأ شأن ذو جلل، هو رئيس جمهورية لبنان الثالث عشر في هذه الجلسة.
3- ان مواقف الكتل واضحة ومعلنة ومحددة مسبقاً، وإن كان ثمة رتوش قيد التظهير في وقت لا يتعدى مساء الأحد، كتلة عون النيابية قررت بعد اجتماعها أمس الذهاب إلى الجلسة، وهي تضم 21 نائباً لانتخاب رئيسها عون (إلا إذا اعتبر النائب اميل رحمة من كتلة لبنان الحر الموحّد «المردة») فتكون الكتلة 20 نائباً، وكتلة «القوات اللبنانية (8 نواب) ملتزمة بالاقتراع للنائب عون، وكتلة حزب الطاشناق (نائبان) ستنتخب عون، فيكون عدد النواب المسيحيين الذين سيقترعون لمصلحة عون 28 نائباً (باعتبار ان النائبين عباس هاشم وفادي الاعور هما في عداد الكتلة لكنهما ليسا مسيحيين)، يضاف الىهذا الرقم النائب نقولا فتوش ووزير السياحة ميشال فرعون والنائب الأرمني سيرج طورسركيسيان، فيرتفع العدد إلى 31 من أصل 64 نائباً مسيحياً، أي دون عدد نصف النواب المسيحيين في المجلس، مع العلم ان نواباً في كتلة «المستقبل» من المسيحيين (عاطف مجدلاني، نبيل دو فريج، باسم الشاب، هادي حبيش)، سيصوتون لعون، لكن ضمن الدعم الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، ومن غير الواضح من من مسيحيي «اللقاء الديمقراطي» سيصوت للنائب عون. وعليه، فبالكاد يصل عدد النواب إلى 48 في المائة.
وبالنسبة لكتلة «المستقبل» فمن المفترض ان تجتمع برئاسة الرئيس الحريري الجمعة لإصدار بيان أو قرار بتأييد عون، أو تجنّب هذه النقطة في ظل الاعتراض القوي من نواب بارزين في الكتلة في مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس المجلس فريد مكاري وآخرين جاهروا بعدم انتخاب عون.
اما كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي لا يتوقع ان تخرج عن الاصطفاف السياسي الحاصل، فإن الأجواء المحيطة بموقفها بعد اجتماع مجلس قيادة الحزب الاشتراكي تتجه إلى تركيبة صوتية توزع الأصوات، إذا ما استقر الرأي على سحب مرشّح اللقاء هنري حلو، بين حزبيين لمصلحة عون، ومحايدين لمصلحة الورقة البيضاء أو التزام الحياد الإيجابي.
اما صورة توزع الأصوات في ما خص النائب سليمان فرنجية فهي تتشكّل مسيحياً من مجموع من النواب الموارنة يتوزعون على الشكل التالي: 4 من كتلة النائب فرنجية + النائبان بطرس حرب ودوري شمعون، يضاف إليهم نواب من الارثوذكس والكاثوليك منهم: ميشال المرّ، أسعد حردان، مروان فارس وربما نايلة تويني.
اما نواب الكتائب (5 نواب موارنة) فهم لن يصوتوا لا لعون ولا لفرنجية. اما توزيعة الكتل الإسلامية الأخرى، فإن كتلة الرئيس نبيه برّي التي تضم 12 نائباً شيعياً وكاثوليكياً واحداً (ميشال موسى) فهي جاهرت بأنها لن تصوت لمصلحة عون، خلافاً لما اعلنته كتلة «حزب الله» (13 نائباً بينهم 11 شيعياً وسنيان) ستصوت لمصلحة عون. وهكذا يتضح ان ما يقرب من نصف الشيعة لن يصوت لعون.
وعلى صعيد توزيع الأصوات السنية، فإن ما لا يقل عن نسبة بين 30 و35 بالمائة لن تصوت لعون من الكتلة السنية في البرلمان وعددها 27 نائباً.
وضمن هذه الحسابات للموزاييك النيابي المفتوح على احتمالات عدّة، يجهد النائب فرنجية لتكبير حصته معتمداً على الرئيس برّي واحزاب 8 آذار والنواب المتمردين على كتلهم فضلاً عن المستقلين، فيما ينشط نواب من 14 آذار لاستعادة ما يصفونها «بلائحة الشرف» عام 2004 في وجه التمديد القسري للرئيس السابق اميل لحود، عبر «الكتلة البيضاء» التي تضع الورقة بلا اسم، باعتبار ان المرشحين ينتميان إلى 8 آذار.
المشهد الإقليمي
دولياً، وفيما حاولت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد الوقوف على حقيقة التفاهمات الجارية وموقع عون بعد انتخابه رئيساً لجمهورية لبنان، بين التحالفات الداخلية والمحاور الإقليمية، في ظل عدم الاطمئنان لمستقبل العلاقة بين عون و«حزب الله» ومصير العقوبات المالية ضد الحزب، على خلفية مشاركته في الحرب السورية، رحّبت إيران، على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي بأي اتفاق يتوصل إليه اللبنانيون في إطار انتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أنه أمر يحظى بأهمية كبيرة لدى إيران.
وقال قاسمي: «إن توصل الأحزاب اللبنانية إلى نقطة مشتركة واتفاق حول رئاسة الجمهورية يعتبر أمراً مباركاً ويدعو إلى التفاؤل والسرور، مؤكداً دعم بلاده وترحيبها بأي اتفاق في هذا الصدد، ومن شأن الاتفاق النهائي الذي تمّ التوصّل إليه بعث رسالة إيجابية إلى المنطقة عموماً.
عربياً، تبيّن أن لا صحة لما تردّد عن مجيء موفد سعودي إلى بيروت، لمواكبة الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً وأن مصدر المعلومات كانت الرابية للإيحاء بأن المملكة العربية السعودية تبارك انتخاب العماد عون.
لكن، رغم الصمت المحيط بالموقف السعودي الرسمي، فإن مصادر خليجية مطلعة أكدت لـ«اللواء» أن ثمّة تحفظاً سعودياً وخليجياً على تولي مرشّح «حزب الله» والمحور الإيراني منصب رئاسة الجمهورية في لبنان، وهو البلد المعروف بعلاقاته التاريخية مع المملكة ودول مجلس التعاون، والذي يقوم نظامه أساساً على معادلات سياسية وداخلية رفيعة، أثبتت التجارب السابقة أن أي خلل فيها يخلّ بالاستقرار.
وأكدت المصادر أن الدول الخليجية لن تتدخل في المسار الانتخابي المقرّر في 31 تشرين، ولكن سيبنى على الشيء مقتضاه في ضوء التطورات التي ستعقب انتخاب عون.
المشهد السياسي
وفي المشهد السياسي، فقد توقفت الأوساط المراقبة عند ما أعلنه أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» إبراهيم كنعان، من أن الدورة الأولى لجلسة الانتخاب عقدت منذ سنتين ونصف، وبالتالي فمن المفترض أن ندخل إلى الدورة الثانية، مشيراً إلى أن نصاب الانعقاد هو الثلثان والانتخاب بالأكثرية المطلقة، أي 65 نائباً، وهو الأمر الذي قد يثير إشكالات في مستهل الجلسة إذا ما اعتبر الرئيس برّي أن محضر الجلسة الأولى أُقفل، وأن الدعوات الـ46 كانت لعقد «جلسة» وليس «لدورة».
ومن العلامات السلبية والتي من شأنها أن تشكّل غيوماً سوداء أو رمادية في الأفق، كلام الرئيس برّي في جنيف عن «الجهاد الأكبر» والحاجة إلى قانون جديد على أساس النسبية، فانتخاب الرئيس على ضرورته غير كافٍ، متخوفاً من أن تكون الأزمات الجارية في المنطقة قد جعلت من لبنان منزلاً في حديقة والنار تشتعل من حولنا، معتبراً أنه من الضروري إحياء المؤسسات التي عطلناها بأيدينا.
في هذا الوقت، كانت الأجواء المحيطة «بحزب الله» تفيد أنه بعد انتخاب عون، بصرف النظر عن الأصوات التي سيحصل عليها، أن تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري سيكونا من أصعب التحديدات التي تواجه البلاد والرئيس العتيد.
وتشرح هذه الأجواء القريبة من «حزب الله» مسارات التحديد الحكومي بالإشارة إلى أن تشكيلة الحكومة والاتفاق على البيان الوزاري سيأخذان وقتاً، وأن خلاف ذلك يقتضي تفاهم الرئيس الذي سيكلّف وهو الرئيس الحريري مع الرئيس برّي حول الطبخة الحكومية وقانون الانتخاب الذي على أساسه يجب أن تجري انتخابات عام 2017 في حزيران المقبل، وهذا يقتضي، مناقشة تشكيل الحكومة مع مختلف الأطراف في ما خصّ الحقائب وتوزيعها حتى لا يكون برّي في صفوف المعارضة جدّياً، الأمر الذي يتعذّر معه تأليف حكومة.
ولجهة البيان الوزاري، تدعو أجواء «حزب الله» إلى مقاربة المسائل انطلاقاً من بياني حكومة الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام.
البناء
الإحاطة الدولية للبنان اختبار سعودي إيراني… وكيري ــ لافروف لتزخيم جنيف
جنبلاط يقرّر توزيع أصواته بالتفاهم مع بري وحزب الله… والنسب لاحقاً
قانصو يلتقي قاسم: لجبهة موحّدة وتفاهمات تطال الحكومة وقانون الانتخاب
صحيفة البناء كتبت تقول “كشفت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة لـ «البناء» عن وجود متابعة وإحاطة على المستوى الدولي للاستحقاق الرئاسي في لبنان، يتجسّدان بتحوّل الانتخابات الرئاسية إلى بند من بنود التشاور الدبلوماسي الذي يجري عادة على مستويات مختلفة بين الدول، وقالت إنّ هذا يطال سفراء ومبعوثي ومسؤولي الدول الكبرى على شكل تبادل معلومات واستطلاع للآراء، لكن المحوري يبقى في عنوان المتابعة محاولة استكشاف ما إذا كان هذا التقارب اللبناني، بين فريقين لبنانيين متخاصمين هما حزب الله وتيار المستقبل حول خيار رئاسي واحد هو العماد ميشال عون، وكلّ من الفريقين يمثل حليفاً رئيسياً لكلّ من السعودية وإيران، يمكن عبره اختبار فرص مشابهة في اليمن وسورية، لتفاهمات غير مباشرة بين الرياض وطهران تخفض منسوب التوتر الإقليمي في ظلّ المصاعب والتعقيدات التي تعترض فرص التفاهم المباشر بين الدولتين المنخرطتين في صراع مرير وشامل في ساحات الصراع في المنطقة كلّها.
بينما يحضر الملف اللبناني على مستوى الاستكشاف والاختبار، يبقى ما يجري في سورية واليمن تحت الضوء، حيث تتواصل المعارك ويثبت الجيش السوري وحلفاؤه، كما يثبت الجيش اليمني واللجان الشعبية، أنّ اليد العليا في الميادين العسكرية هي لهم بينما تنشط مساعي التهدئة، عبر محاولات تفاهم وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، وما أعلن من موسكو عن اتفاقهما على تزخيم عمل الخبراء في جنيف، بهدف التقدّم في ملف الفصل بين جبهة النصرة والجماعات المسلحة، بينما كان المبعوث الأممي في اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد يزور صنعاء وسط أجواء تفاؤلية لفريقه بأنّ الورقة السياسية الأمنية التي قدّمها ستشكل هذه المرة فرصة جدية لإحداث اختراق في جدار المفاوضات المجمّدة منذ شهور.
لبنانياً، مع اقتراب الساعة الصفر المنتظرة الاثنين المقبل، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بات محسوماً أنه العماد ميشال عون، تسارع القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب لحسم خياراتها، خصوصاً تلك التي تربطها علاقات تحالفية مع كلّ من المرشحين، وعلاقات وطيدة بصاحبَي الخيارين المختلفين في التصويت الرئاسي بين المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، حيث يبدو رئيس المجلس النيابي نبيه بري ماضياً بخيار التصويت للنائب سليمان فرنجية، بينما معلوم أنّ حزب الله يسعى لتوسيع دائرة التصويت لحساب العماد عون، وفي هذا السياق ينتظر هؤلاء عودة الرئيس بري لاستكشاف الفرصة الأخيرة، التي تبدو صعبة المنال، لتوحيد خيار التصويت الرئاسي بين الحلفاء حول العماد عون تمهيداً لإقلاع أشدّ سلاسة للعهد الجديد، وكذلك لحسم الخيارات التي سيسلكها هؤلاء الحلفاء يوم الانتخاب، وفي طليعتهم النائب وليد جنبلاط الذي بدا اتجاهه لتوزيع التصويت بين المرشحين عون وفرنجية، من دون أن يحسم النسب التي سيعتمدها لهذا التوزيع بانتظار عودة بري، بينما يستعدّ الحزب السوري القومي الاجتماعي لحسم قراره، بعدما قام بتجميع المعطيات والتشاور مع الحلفاء. وفي هذا السياق التقى رئيس الحزب علي قانصو بنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم داعياً بعد اللقاء إلى جبهة موحّدة وتفاهمات تطال الحكومة وقانون الانتخابات النيابية.
«الاشتراكيون» لعون والحرية للكتلة…
خمسة أيام فقط ويطوي لبنان مرحلة قاسية من الفراغ الرئاسي دامت قرابة العامين ونصف العام أنهكت المؤسسات والإدارات والقوى السياسية والشعب بكامل فئاته وأطيافه، وأصابت المؤسسات الدستورية الرئيسية بداء الشلل، ووفقاً لما بات محسوماً فإن جلسة الانتخابات المقررة في 31 تشرين الأول المقبل ستتوّج العماد ميشال عون رئيساً في قصر بعبدا، إذا لم يؤخذ بالحسبان حدوث مفاجآت تغيّر المسار في ربع الساعة الأخير، لكن ما لم يُحسَم حتى الآن هو إن كان عون سيحظى بإجماع المجلس النيابي أم بالأكثرية فقط، بانتظار المساعي على خط عين التينة الرابية والموقف النهائي لكتلة اللقاء الديمقراطي التي ستجتمع خلال اليومين المقبلين.
ولهذه الغاية ترأس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أمس، اجتماعاً لنواب حزبه خصص للتباحث بالاستحقاق الرئاسي، وبحسب المصادر المتوفرة، فإن الحزب ناقش ودرس كل الخيارات المطروحة والمتاحة وسيتخذ القرار النهائي في غضون أيام بعد لقاءين بين العماد عون والنائب جنبلاط وبين الأخير والحريري، وعلى ضوء الاجتماعين يتقرّر الموقف. ورجحت المصادر أن يصوّت نواب الحزب الاشتراكي لصالح عون فيما يترك الخيار لأعضاء الكتلة.
ورأى جنبلاط، في تصريح على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، أنه «أياً كانت الاعتراضات فإن التضحية والتسوية من أجل المستقبل أهم من كل شيء». وأرفق التصريح بصورة لحرج صغير مليء بالأشجار الخضراء.
وكان جنبلاط قد نشر قبل هذا التصريح عبارة «أنا وأوسكار نقول لكِ تصبحين على خير جميلتي تاتيانا، قبلاتنا». ولم يُعرَف مَن هي المدعوّة تاتيانا أو ماذا قصد جنبلاط، قبل أن يقوم بحذف تصريحه.
وكان قد نشر أيضاً على حسابه على تويتر صورة للطبيعة وعلّق قائلاً: «الطبيعة جميلة، لكن لا بدّ من المطر والثلوج، والأمور هادئة».
وفي ظل الغموض الذي يسم الموقف السعودي إزاء التطورات الرئاسية وتصعيد المملكة ضد حزب الله في الأيام القليلة الماضية، أفادت مصادر أن الرئيس الحريري التقى ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان وخرج مرتاحاً حيال الموقف السعودي تجاه التطورات في لبنان.
بري: إلى «الجهاد الأكبر»…
وبانتظار عودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بيروت السبت المقبل تنشط الاتصالات لمحاولة إيجاد مخرج توافقي للجلسة المقبلة وتوفير الإجماع على انتخاب عون، إلا أن لا جديد حتى الآن يغيّر من موقف بري حيال انتخاب عون. ومن جنيف أكد بري «أننا على بعد خطوات من انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الشهر الحالي، آملين أن تتحقق هذه الخطوة لأنّ لبنان بحاجة ماسّة اليها من دون الدخول في الحساسيات التي عوّدتنا دائماً أن نؤخر أمورنا لدرجة أننا أصبحنا منذ أكثر من سنتين ونصف من دون رئيس للجمهورية»، وتابع: «طبعاً هذا الأمر وحده ضروري، ولكنه غير كافٍ، لأن بعده هناك «الجهاد الأكبر» المتعلّق بالاستحقاقات اللبنانية، خصوصاً ما يتعلق بقانون انتخاب يقوم على العدالة بالنسبة للمرأة، وفي الوقت عينه يكون قائماً على النسبية لنصل الى مستوى حضاري معيّن».
قانصو: للتفاهم حول المرحلة المقبلة
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أهمية أن ننجز الاستحقاق الرئاسي، وأن نولّد مجتمعين كقوى سياسية أوسع التفاف وتفاهمات حول المرحلة المقبلة، وتحديداً في ما يعني الحكومة، وفي ما يعني قانون الانتخابات النيابية.
وأضاف قانصو خلال لقائه ووفداً من قيادة «القومي» نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «لا شك في أنّ المرحلة المقبلة على لبنان هي مرحلة على درجة كبيرة من الدقة والحساسية مما يقتضي تظافر كلّ الجهود وقيام جبهة واحدة تؤدّي دوراً يخدم مصلحة لبنان ويعزز الأمن والاستقرار».
العودة للحوار أحد المخارج
وتحدّثت مصادر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» عن «محاولات تجري من حزب الله والقوى الحليفة عن إيجاد طرح يشكل مخرجاً للوصول الى إجماع فريق 8 آذار على انتخاب عون لا سيما الرئيس بري والوزير سليمان فرنجية»، موضحة أن «العودة الى طاولة الحوار أحد المخارج، لكنه ليس الوحيد بل يجري البحث عن مخارج أخرى كالاتفاق على بعض العناوين السياسية الأساسية التي تؤدّي الى تبريد الأجواء والتحفظات التي رافقت الوفاق حول انتخاب عون وتوسيع قاعدة التوافق الميثاقية في الرئاسة والحكومة».
ولم ترَ المصادر «أيّ مانع لدى العماد عون للقاء جديد مع الرئيس بري بعد عودته لتبديد الهواجس، لكن بري أبلغ عون خلال لقائهما الأخير بأن لا مشكلة معه بل المشكلة مع الرئيس سعد الحريري».
ورفضت المصادر التعليق على ما قاله الوزير فرنجية خلال مقابلته أمس الأول، لكنها «لم تستبعد حدوث تقدّم إيجابي على صعيد العلاقة بين الرابية وبنشعي إنْ من خلال لقاء ثنائي بين عون وفرنجية أم عبر وسطاء»، موضحة أنّ عون «يقدّر موقف فرنجية وظروفه وهو منفتح على الجميع ولا يغلق الأبواب في وجه أحد». وأكدت المصادر حصول لقاء قريب بين عون وجنبلاط، مرجّحة أن يصوّت نواب الاشتراكي الى عون.
وأكد تكتل التغيير والإصلاح عقب اجتماعه الاسبوعي، أنّ «أيّ كلام عن تأجيل الجلسة الرئاسية أصبح وراءنا بدليل تأكيد مختلف الأطراف حضور الجلسة وعدم مقاطعتها».
ولفت الى أنّ «التكتل يسعى الى استكمال التفاهمات للوصول الى إجماع وطني حول الرئيس العتيد»، معتبراً أنّ «ما نشهده من مبادرات داخلية ألغى الحدود الفاصلة بين 14 و8 آذار وضيّق هامش التدخلات الخارجية لمصلحة لبننة الاستحقاق الرئاسي».
وفي غضون ذلك سُجّلت زيارة للسفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد الى قصر بسترس، حيث التقت وزير الخارجية جبران باسيل.
المصدر: صحف