رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن اطلاق النار والمفرقعات في الهواء في المناسبات المختلفة من أسوأ العادات التي تحصل في مجتمعنا, لأنه يسبب الأذى للمواطنين, ويؤدي الى سقوط ضحايا, ويخيف الناس ويروعهم وهو عمل مرفوض ويجب الإقلاع عنه .
ونوه: بإقرار مجلس النوابِ اللبناني القانون المتعلق بتجريمِ مطلقي النار في الهواء، حيث فرض عقوبات قد تصلُ إلى السَجنِ المؤبد. وأمل: أن يساهم هذا القانون الى جانب الفعاليات والإجراءات الأخرى في ردع مطلقي النار في الهواء عن هذه العادة القبيحة, وفي التخفيف من شيوع هذه الظاهرة السيئة في مجتمعنا.
كما نوه: بإقرار التشريعات القانونية والمالية لنهر الليطاني الذي يشكل ثروة وطنية مهمة. داعياً: الى الاسراع بتوفير الأمور اللازمة لتنظيف النهر, والحفاظ على نقاوة وصفاء مياهه, وتحميل جميع المتورطين بتلويثه مسؤولية ذلك.
وأكد الشيخ دعموش: ان الحوار والتفاهم والتعاون بين القوى السياسية هو الطريق المناسب لمعالجة الأزمات وانجاز الاستحقاق الرئاسي واعادة تحريك عجلة الدولة والمؤسسات, خصوصاً في ظل احتدام الصراع في المنطقة, واصرار الامريكي وحلفائه على دعم الجماعات الارهابية في سوريا والعراق وغيرها, وتطويل أمد الأزمات وعدم الجدية في وضع الحلول السياسية المطلوبة لوقف سفك الدماء في المنطقة.
واعتبر: ان الازدواجية التي تمارسها الولايات المتحدة حيال قضايا المنطقة والارهاب, تكشف عن زيف مواقفها وسياساتها المنافقة, فهي في الوقت الذي تدعي محاربة داعش في العراق تعمل على تقوية هذا التنظيم في سوريا من أجل استخدامه في مواجهة النظام وحلفائه, وفي الوقت الذي يدعي الغرب حرصه على الشعب السوري وحقوق الانسان وايصال المساعدات الانسانية الى حلب, ويلوحون باتهام سوريا وروسيا وايران بارتكاب جرائم حرب في سوريا, يتغاضى هذا الغرب عن الجرائم التي يرتكبها الارهابيون بحق الشعب السوري وعن المجازر التي يرتكبها حليفهم السعودي في اليمن وغيرها.
وأشار: الى أن هذه المعايير المزدوجة تكشف عن نفاق هؤلاء.. وعن انهم ليسوا جديين في مكافحة الارهاب في المنطقة, لأن مكافحة الارهاب ليس شأناً استنسابياً ولا انتقائياً. لافتاً: الى أن مكافحة الارهاب في الموصل لا تغني عن التصدي له في الرقة وفي كل المناطق التي يتمدد إليها, لأن القضاء عليه واجب إنساني على الجميع, وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في ذلك.
نص الخطبة
في الاسلام الكثير من العبادات والمناسبات التي يتم أداؤها أو إحياؤها بشكل جماعي وشعبي وجماهيري.
فمن العبادات: صلاة الجماعة, وصلاة الجمعة، وأداء مناسك الحج وغيرها من العبادات التي يحتشد فيها المؤمنون ويؤدونها بصورة جماعية.
ومن المناسبات: إحياء ليالي القدر، واقامة ذكرى عاشوراء، وتنظيم مجالس العزاء، واقامة الاحتفالات في المناسبات الاسلامية المختلفة, كالاحتفالات التي تقام في ذكرى المولد النبوي الشريف, وذكرى المبعث والاسراء والمعراج, ومناسبات ولادات ووفيات الائمة الاطهار(ع)، والاحتشاد لتشييع المؤمنين والشهداء ومجالس التأبين التي تقام للعلماء والمؤمنين والشهداء وغير ذلك من المناسبات التي يحتشد فيها الناس ويتم احياؤها بشكل جماهيري واسع ومكثف.
هذه المناسبات والاجتماعات الكبيرة والمتكررة والحاشدة يجب أن تقام بصورة منظمة وحضارية, وأن يعطي الناس المشاركون فيها صورة نموذجية ايجابية عن انضباطهم والتزامهم بالنظام والآداب والسلوك الاخلاقي والانساني والحضاري اثناء ممارستهم ومشاركتهم في مثل هذه الشعائرالدينية, بعيداً عن حالة الفوضى والتزاحم والتدافع وإيذاء الاخرين.
يفترض بالمؤمنين والمسلمين الذين يشاركون في أداء وإحياء هذه الشعائر والمناسبات أن يتقنوا فن الهدوء, وأن يتحلوا بالانضباط وبكل ما يؤدي الى احترام المناسبة وقدسيتها, وأن يحافظوا على الترتيب والتنظيم والنظافة, وأن يوفروا الاجواء الروحية المناسبة لاقامة المناسبة بصورة لائقة وحضارية.
المجتمع الاسلامي يجب أن يكون نموذجياً على هذا الصعيد, والمؤمنون في اجتماعاتهم ومناسباتهم والشعائر الدينية التي يقيمونها يجب أن يقدموا صورة حضارية عن أنفسهم واخلاقهم وادائهم وسلوكهم .
مع الأسف نحن لا زلنا نعيش حالة من الفوضى على هذا الصعيد, فترى التدافع والضوضاء والضجيج والفوضى تعم الأماكن التي تقام فيها المناسبات والإحياءات, والأسوء هو رمي الاوساخ في هذه الأماكن وفي الطرقات المؤدية اليها.. بحيث تجد مشهدا مقرفاً ومقززاً ومعيباً.
الاسلام الذي شرع هذه العبادات الجماعية وحث على احياء المناسبات والشعائر الدينية وضع لنا مجموعة من الاداب والتعاليم التي من شأنها أن تربينا على النظام والانضباط والنظافة واحترام قدسية المناسبة وتوفير الاجواء المناسبة لاقامتها, ومراعاة حقوق الاخرين ومشاعرهم وعدم ايذاءهم.
وطلب من المؤمنين ان يراعوا ويتقيدوا ويلتزموا بهذه الاداب والتعاليم , أن يتقيوا بالنظام والانضباط والحفاظ على النظافة اثناء تأديتهم لتلك العبادات واثناء مشاركتهم في إحياء تلك المناسبات.
ففي موضوع مراعاة النظام والانتظام في ممارسة العبادة أو إحياء المناسبات نجد هناك الكثير من الآداب والمستحبات والمكروهات التي تربينا على النظام والتقيد بالإجراءات والتدابير اللازمة لإتمام المراسم بصورة لائقة ومنظمة.
ففي صلاة الجماعة الكثيرمما يدل على التنظيم والترتيب والظهور بمظهر مناسب ولائق مثل: استحباب تنظيم الصفوف وأن لايكون بين المأمومين فاصلة, واستحباب ان يكون كتف المأموم الى جانب كتف الاخر, وأنه يحق للمأموم ان يمشي في الصلاة ليملأ الفراغ الموجود في الصف الذي امامه والرجوع للصف الخلفي اذا كان ثمة ضيق في الصف الذي هو فيه, ويكره ان يقف المأموم في صف وحده اذا كان هناك مكان فارغ بين الصفوف.
كما ان على المؤمنين ان يتابعوا الامام في أفعال الصلاة وأن لايتقدموا عليه وان لا يتأخروا عنه كثيراً.
فان كل هذه الأمور تدل على أن الله أراد من المؤمنين أن يراعوا النظام أثنا أداءهم للعبادة وأن يظهروا في عبادتهم وصلاتهم بمظهر موحد ومنظم ولائق..
أما موضوع الزحام والتدافع والتدافش وعدم الانضباط أثناء الدخول أو الخروج من المساجد أو من الاحتفالات والمسيرات والمراسم المختلفة, أو أثنا التفتيش عن مكان للجلوس في الحافل العامة, فإننا نجد أيضاً أن الاسلام يرفض بشدة حالة الفوضى والتزاحم التي تحصل عادة في مثل هذه الحالات, ويعتبرها من جملة الأشياء التي تسبب وتلحق الأذى بالآخرين وتعطي انطباعاً سيئاً عن أخلاق المؤمنين وسلوكهم, وتُظهرهم بمظهر غير لائق, بينما المطلوب أن يكون الناس أثناء الحشود هادئين ومنضبطين, يراعون حقوق الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم, ويفسحون بالمجال للآخرين كي يمروا ويجلسوا ويأخذوا أماكنهم وما شاكل ذلك.
نقرأ مثلاً في آداب الدخول الى المساجد: النهي عن مزاحمة الجالسين بالتخطي فوق رقابهم وأجسادهم.
فقد نهى رسول الله (ص) عن تخطي الرقاب والمشي بين الصفوف المنتظمة للتقدم الى الامام مثلاً, لان في ذلك ايذاءاً للاخرين, يقول رسول الله (ص): من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسراً الى جهنم.
وورد انه جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ورسول الله (ص) يخطب بالمسلمين فقال: اجلس فقد اذيت وآنيت.
نقرأ في موضوع آداب المجالس والمحافل العامة المكتظة بالحشود ضرورة التفسح في المجالس, او الجلوس حيث ينتهي بك المجلس من دون مزاحمة الآخرين في مقاعدهم.
يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ,فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم:(إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى به مجلسه.
ومن الأخلاق واللياقات العرفية المشهورة والمعروفة التزحزح للآخرين, فإنه يدل على الاحترام والتوقير والتقدير للآخرين, فاذا جلس الى جانبك شخص فتزحزح له إحتراماُ حتى لو كان في المكان سعة, فقد كان التزحزح من خلق رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم), فقد روي أنه دخل على رسول الله شخص وهو في المسجد جالساً لوحده فتزحزح له الرسول. فقال له: في المكان سعة يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم(: إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له.
أما في موضوع النظافة والترتيب والاناقة والتجمل الشخصي والحفاظ على نظافة البيئة والمحيط, وعدم رمي الأوساخ والنفايات في أماكن الأحتفالات أو في المساجد أو في الأماكن المحيطة في الطرقات والشوارع والأحياء, فإننا نجد تأكيداً كبيراً في الاسلام وفي الروايات على مثل هذه الأمور والعناوين.
أولاً: هناك تأكيد على النظافة والأناقة الشخصية عند الحضور الى المساجد أو عند القيام الى الصلاة او عند الحضور والمشاركة في المحافل العامة وملاقاة الناس..
فانه يستحب اذا أتى الانسان الى المسجد او اذا قام للصلاة ان يتجمل ويتطيب ويحلق شعره ويقص أظافره ويتسوك (يفرشي أسنانه) ويلبس أحسن وأنظف ثيابه.
يقول تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد.
وكان الامام الحسن (ع) اذا قام الى الصلاة لبس احسن ثيابه فقيل له يا ابن رسول الله لمَ تلبس اجود ثيابك؟ فقال ان الله جميل ويحب الجمال فأتجمل لربي.
وكان رسول الله(ص) اذا أراد الخروج يتجمل لأصحابه, ويأمر أصحابه بالتجمُّل. أي الظهور بمظهر جميل ومرتب.
فالله سبحانه ورسوله(ص) يأمران الناس أن يتزينوا ويتجملوا وأن يظهروا أناقتهم في المساجد وفي أماكن العبادة وفي الاحتفالات والمناسبات المختلفة, وعندما يخرجون لملاقاة أصحابهم وأصدقائهم وأبناء مجتمعهم.
وعندما يأمر الله عباده بالاناقة والتجمل في مواقع العبادة وعند أداء الصلاة, فان ذلك يعني ان الله يحب هذا المظهر من عبده المؤمن, ويرغب أن يكون هذا المظهر جزءاً من حالة العبادة, وجزءاً من شخصية الانسان المؤمن.
و قد نهى الله ان يأتي الى المسجد من أكل ثوماً أو بصلاً أو نحو ذلك حتى لا يتأذى الناس من رائحتها الكريهة, فضلاً عن أن يأتي الى المسجد من رائحة جسده أو ثيابه الكريهة تفوح منه..
فعن رسول الله (ص): من أكل ثوماً او بصلاً فليعتزلنا او ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته.
ثانياً: ثمة تأكيد على نظافة ابيئة والمحيط في الاسلام وانه يجب الحفاظ على النظافة في الأماكن العامة, وعدم رمي الاوساخ والنفايات في الطرقات وأماكن اقامة المناسبات لأن في ذلك ايذاءاً للناس.
عن النبي(ص): من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم.
ولذلك نجد الاسلام يأمر بإزالة حتى غصن الشجرة اذا وقع في الطريق, بل وصل الامر الى الجزاء بالجنة لمن أزال شوكة من طريق المسلمين.
عن النبي (ص) قال: مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن طريق المسلمين لا يؤذهم, فأُدخل الجنة.
بل ان الاسلام نهى حتى عن البصاق في الشوارع العامة, فضلاً عن رمي النفايات والاوساخ فيها.
التزام النظافة واظهار الاناقة يجب ان يكون خلقاً دائماً للانسان المؤمن وليس أمراً موسمياً او في أماكن ومناسبات خاصة أو في أزمنة معينة, بل النظافة مطلوبة في كل الأماكن والاوقات, وفي كل الحالات, فالاسلام أكد على ضرورة رعاية النظافة في كل جوانب الحياة, على نظافة الثياب
ونظافة البيت ونظافة الشوارع والطرقات والمساجد والمرافق العامة, ونهي عن أي تلويث للبيئة او تخريب لجمال الطبيعة.
أما اطلاق النار والمفرقعات في الهواء في المناسبات العامة, فانه من أسوأ العادات التي تحصل في مجتمعنا, فهذه العادة بدأت تسري في المناسبات والاعياد والاعراس وحتى عند تشييع الموتى والشهداء.
وهي عادة تسبب الأذى للمواطنين, وقد تؤدي الى سقوط ضحايا, وفيها إيذاء للآخرين, وهي تخيفهم وتروعهم وتسبب في إزعاجهم, وكل ذلك هوعمل محرم ومرفوض ويجب الإقلاع عنه .
يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.
وفي هذا السياق ننوه بإقرار مجلسُ النوابِ اللبناني قانونَ تجريمِ مطلقي النار في الهواء، حيث فرض عقوبات قد تصلُ إلى السَجنِ المؤبد , ونأمل أن يساهم هذا القانون الى جانب الفعاليات والإجراءات الأخرى في ردع مطلقي النار في الهواء عن هذه العادة القبيحة والمؤذية, وفي التخفيف من شيوع هذه الظاهرة السيئة في مجتمعنا. كما ننوه بإقرار التشريعات القانونية والمالية لنهر الليطاني الذي يشكل ثروة وطنية مهمة، والاسراع بتوفير الأمور اللازمة لتنظيف هذا النهر, والحفاظ على نقاوة وصفاء مياهه, وتحميل جميع المتورطين بتلويثه مسؤولية ذلك.
أما على الصعيد السياسي, فان الحوار والتفاهم والتعاون بين القوى السياسية هو الطريق المناسب لمعالجة الأزمات وانجاز الاستحقاق الرئاسي واعادة تحريك عجلة الدولة والمؤسسات, خصوصاً في ظل احتدام الصراع في المنطقة, واصرار الامريكي وحلفائه على دعم الجماعات الارهابية في سوريا والعراق وغيرها, وتطويل أمد الأزمات وعدم الجدية في وضع الحلول السياسية المطلوبة لوقف سفك الدماء في المنطقة.
ان الازدواجية التي تمارسها الولايات المتحدة حيال قضايا المنطقة والارهاب, تكشف عن زيف مواقفها وسياساتها المنافقة, فهي في الوقت الذي تدعي محاربة داعش في العراق تعمل على تقوية هذا التنظيم في سوريا من أجل استخدامه في مواجهة النظام وحلفائه, وفي الوقت الذي يدعي الغرب حرصه على الشعب السوري
وحقوق الانسان وايصال المساعدات الانسانية الى حلب, ويلوحون باتهام سوريا وروسيا وايران بارتكاب جرائم حرب في سوريا, يتغاضى هذا الغرب عن الجرائم التي يرتكبها الارهابيون بحق الشعب السوري وعن المجازر التي يرتكبها حليفهم السعودي في اليمن وغيرها.
هذه المعايير المزدوجة تكشف عن نفاق هؤلاء.. وعن انهم ليسوا جديين في مكافحة الارهاب في المنطقة, لأن مكافحة الارهاب ليس شأناً استنسابياً ولا انتقائياً. مكافحة الارهاب في الموصل لا تغني عن التصدي له في الرقة وفي كل المناطق التي يتمدد إليها, لأن القضاء عليه واجب إنساني على الجميع, وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته في ذلك.
المصدر: خاص