لا يمكن ان يوصف ما جرى خلال الايام الماضية إلا بالاختبار الاسرائيلي الفاشل لتغيير قواعد الاشتباك ومعادلات الردع التي سبق ان رسمتها المقاومة الاسلامية لحماية لبنان، فالعدو حاول فرض قواعد جديدة في ظروف معينة، فكانت المقاومة حاضرة لتأكيد القواعد ولمنع أي مساس بها تحت أي عنوان أو ذريعة.
والواضح ان المقاومة تتصرف بدقة وقدرة عالية بدون أي ضغط، فرغم كل الاوضاع الداخلية المعيشية والاقتصادية ومحاولات محاصرة المقاومة وبيئتها في الداخل من قبل بعض الجهات وسعيهم لتشويه صورتها، وهذا بالتحديد ما حاول العدو الاستفادة منه لتغيير قواعد الاشتباك وزيادة وتيرة عدوانه وصولا لاستخدامه سلاح الطيران لأول مرة منذ عدوان تموز 2006، ما فُسر على أنه تطور خطير يحاول العدو التأسيس عليه بزيادة حدة خروقاته وانتهاكاته للسيادة اللبنانية، ما استوجب ردا واضحا من المقاومة.
لكن المقاومة أكدت للعدو ولكل من يعنيهم الأمر ان توازن الرعب والردع ثابت ومن غير المسموح التلاعب به، فالضربة ترد بالضربة وبنفس المقدار وبالسلاح المناسب، ولذلك ظهر بشكل واضح قصف المقاومة لمحيط مواقع العدو في مزارع شبعا في رد واضح لغارات العدو على مناطق مفتوحة في خراج بلدة العيشية بقضاء جزين وفي منطقة الشواكير قرب صور جنوب لبنان والقصف المدفعي عند الحدود. فالعدو الذي يراهن ان المقاومة منشغلة بأمور داخلية، عليه الانتباه انها حاضرة وشبابها يدهم على الزناد وان صليات الصواريخ جاهزة وتحتاج فقط الى قرار القيادة كي تصيب الأهداف المطلوبة والمحددة بدقة تامة.
والأكيد ان العدو الاسرائيلي بات يحتاج الى كثير من التفكير والتروي قبل محاولته الاعتداء على لبنان او القيام بعدوان أوسع وأن الذهاب الى أي مغامرة او حرب ضد لبنان تكاليفها ستكون باهظة جدا، وهذا الامر لم يتحقق إلا بسبب وجود المقاومة القادرة المقتدرة، فالعدو لم تردعه الدبلوماسية أو السياسة أو المنظمات والقرارات الدولية، فهو لا يفهم سوى لغة القوة ولا يمكن ردعه إلا بهذا المنطق وبامتلاك كل سبل الاقتدار الموجودة أصلا في لبنان والمتمثلة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة.
ومن الامور التي تحمل دلالات عن مدى الردع الاسرائيلي هو قيام كيان العدو بتقديم شكوى الى الامم المتحدة بسبب رد المقاومة، فهذه “اسرائيل” التي كانت تعتدي وتقصف وتقتل بدون أي رادع طوال عشرات السنوات ضاربة بعرض الحائط كل المبادئ والقيم والقرارات الدولية ولا تهاب أحدا في هذا الكون مستندة الى الدعم الاميركي والغربي وبعض التواطئ العربي والخليجي، باتت اليوم بحاجة للذهاب الى الأمم المتحدة وغير قادرة على الرد على المقاومة.
يبقى ان هذه المقاومة التي تردع باستمرار العدو هي عنصر قوة فعال ونوعي بيد لبنان يحمي الجميع دون تمييز بين فرد وفرد وبين منطقة ومنطقة ولا يجوز التشويش على عملها الهادف للدفاع عن السيادة الوطنية، فكل ما يجري يظهر ان هذا العدو الاسرائيلي يتربص الشر بلبنان وهو ينتهز الفرصة للاعتداء عليه، ولذلك يجب العمل لتعزيز عناصر القوة المتمثلة بشكل أساسي بسلاح المقاومة وتطويره، على أمل دعم الجيش اللبناني بكل الأسلحة التي تجعله قادرا على ردع العدو الاسرائيلي وحماية لبنان.
كما يجب الانتباه جيدا لمحاولات العدو وبعض الجهات لإحداث شرخ بين اللبنانيين وإيقاع الفتن في الداخل عبر بعض الأحداث المتنقلة هنا وهناك وعدم إعطاء الفرصة للصهاينة للاصطياد بالماء العكر، وليكون الحرص على الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي في أعلى درجاته خاصة خلال الظروف الدقيقة التي يعيشها البلد، وهذا ما طبقته المقاومة حيث تصرفت بحكمة عالية بعد الحادثة المؤسفة التي جرت في احدى القرى حيث تم اعتراض طريق المقاومين الذي أطلقوا الصواريخ ردا على اعتداءات العدو.
المصدر: موقع المنار