إن من اهم المعارك التي يخوضها الفكر التلمودي من جهة والفكر المقاوم من جهة أخرى هو معركة الوعي لتغيير الادراكات والمدارك.
ولقد قامت معاهد الدراسات والامن والسياسة في الكيان الصهيوني بالكثير من الدراسات المنشورة والغير منشورة وفي اغلبها خلصت الى اهمية الوعي ومعاركها الخفية والناعمة وكيفية تحقيق النصر وسبل الهجوم والدفاع. ولعل اهم نقطة هي نقطة المصطلحات المستخدمة منذ اللبنة الاولى لانشاء المعسكر العبري على ارض فلسطين .
في تقرير الاستخبارات العسكرية الصهيونية “أمان” الاخير حول سماحة السيد حسن نصر الله وما أعلنوه من مصطلحات وافكار وتوصيف يظهر مما لا شك فيه بان العقل الاسرائيلي يعيش حالة اللاوعي وحالة الغشاوة والرمادية بما سردوه عن القائد نصر الله .
العقل التلمودي يعتمد التشويه واخفاء الحقائق عن شعوبه اولا وهذا يعتبر من الاهمية في مكان بان الثقة تنحدر نحو الاسفل وهذا ما اشارت اليه استطلاعات الرأي في الكيان الغاصب .
أما العقل القرآني فهو لا يعترف بالقريب ولا بالبعيد فهو يضع الميزان الحقيقي للخصم والصديق ففي سورة الفجر يذكر الله ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد يصف الله القوة الاقتصادية والعمرانية و بأن هناك قوة وعمران فلا يضع الغشاوة على عقل وقلب المؤمن بل يعلمه ويوضح له بأن الخصوم وحركاتهم يجب النظر اليها بعقل صاف وبالرؤية الواضحة الساطعة على جبين الشمس .
فالسيد نصر الله من المعروف عنه قراءته الموضوعية للامور السياسية والعسكرية والثقافية من القريب والغريب مستلهما النظرية القرآنية في مقاربته لتكون النتائج واقعية وحكيمة. فاستراتيجية نصر الله في معركة الوعي هي الاكثر تأثيرا والاكثر ثباتا والاكثر قبولا من قبل الشعوب كافة ولها قوة الحضور على “الشعب” الاسرائيلي بالتحديد فهم يصدقونه اكثر من زعمائهم فالصدق استراتيجية النصر المحتم لكل من ينتهجها .
في تقرير أمان الاخير أراد العدو أن يلملم اوراقا عامة وفتات بقايا أخبار ومعلومات متناثرة على اوراق الصحف الصفراء ويكيل ما يكيل من الاتهامات الباطلة وكأنه يدخل في معمعة الاعلام المأجور وهذا يدل على مدى تفتت الوعي الاسرائيلي وازمته . و لا بد من تسليط الضوء على التقرير بملاحظات عديدة منها.
١- ان كلمة ملف شخصي تعني متابعة بروفيل فيريد التقرير الغوص عميقا في عقل السيد نصر الله كيف يفكر وكيف يمارس منهجية تفكيره وما يختزن في وعيه ….
هذا اكبر دليل على حرب الوعي ومعارك الوعي لتحقيق انتصارات في هذه المعركة الذين خسروها . فعلى سبيل المثال قبل عام ٢٠٠٦ لم يكن هناك حديث عن تحرير الجليل والسيطرة على الجليل فاليوم نشهد فرقا جديرة من جانب السيد نصر الله للسيطرة على قرى الجليل ومن جهة اخرى يقوم الجيش الاسرائيلي بتدريب فرق لاستعادة السيطرة على هذه القرى فأي معركة للوعي انتصرت معركة نصر الله ام معارك قادة جيشكم … ومثال آخر كانت كلمة جيش الدفاع الاسرائيلي تستخدم في ابراز ان الارض الفلسطينية هي ملك للصهاينة فهم لديهم جيش يدافع عن حقوقهم المزعومة ويبررون هجومهم واعتداءاتهم المتكررة بكلمات دفاع وحفظ الامن الاسرائيلي. كانت الكلمة اي دفاع تعني الهجوم والاعتداء ولكنها فارغة المحتوى عمليا. اما الان اصبح الكيان في حالة دفاع عسكري بمعنى الانحدار في البروباغندا الى حالة الخطورة الحقيقية. هكذا قال التقرير بان نصر الله الثابت والاكثر خطرا على الوعي الاسرائيلي لانه يقرأ المجتمع الاسرائيلي والاعلام والقادة وهذا ما تحاول دائرة الاستخبارات ان تقوم بتثبيته كمعادلة مع نصر الله ولكنها محاولة فاشلة لا يقام لها وزن. فالشعب اللبناني لا يصدق الزعماء الاسرائيليين بل بالعكس ان الاسرائيليين يصدقون نصر الله .
٢- رغم محاولة التقرير الاصطياد بالماء العكر لكن بيئة المقاومة وكثير من اللبنانيين يعتبر السيد نصر الله ذلك القائد العظيم المنتصر وهي محاولة فاشلة من التقرير.
٣- يظهر التقرير بان هاجس نصر الله يلاحقهم في عقر دارهم ويؤرق نومهم ويهز عروشهم وبالتالي هذا الاتجاه سيفيد في نسبة الوعي عند جمهور المقاومة بالالتفاف حول قائد الوعي لتفتيت الوعي الاسرائيلي المأزوم الذي يبحث عن اي شيء ليحقق انتصارات وهمية. فالعقل القرآني المتمثل بنصر الله حقق انتصارات المعقول والواقعية والعقل التلمودي حقق الخديعة والتلفيق والكذب والارتباك.
بقلم الدكتور حسان الزين
المصدر: بريد الموقع