الملف الحكومي والثقة المفقودة.. ماذا ينتظر سعد الحريري؟! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الملف الحكومي والثقة المفقودة.. ماذا ينتظر سعد الحريري؟!

سعد الحريري
سعد الحريري
ذوالفقار ضاهر

 

ماذا ينتظر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الدين الحريري للمبادرة وإنجاز العملية الجدية والضرورية لولادة الحكومة العتيدة؟ هذا السؤال وغيره مما يشبهه يُطرح اليوم بقوة لا سيما في ظل الاوضاع الحساسة التي يمر بها لبنان والازمات المعيشية التي يعاني منها المواطن سواء جراء الوضع الاقتصادي الصعب او تفشي وباء كورونا.

والمتابع يجد انه عندما أعلن الحريري بشكل رسمي وعلني عبر مقابلة تلفزيونية “ترشيحه” وعزمه تشكيل الحكومة اللبنانية قيل وقتها -او تم الايحاء بذلك- انه جاء ويحمل في جيبه “كلمة السر” لتشكيل الحكومة، بعد ان عجز السفير مصطفى أديب عن تأليفها وعدم قدرته على تنفيذ الشروط التي فرضت عليه من قبل ما يُسمى “رؤساء الحكومة السابقين”، وعجزه عن “مواءمة” هذه الشروط مع رغبات الكتل النيابية.

فبعد اعتذار أديب ومجيء الحريري، اعتبر البعض لفترة من الوقت ان الازمة ذاهبة نحو “الحلحلة” والعُقد المختلفة تتجه نحو “الفكفكة” إلا ان الوقت يمر ويطول بدون ان نرى أي مؤاشرات إيجابية حول قرب تشكيل الحكومة، فما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الجمود؟ هل الحريري فعلا غير قادر على إنجاز حكومة متوازنة ترضي مختلف الكتل النيابية ام انه يقصد ذلك سواء بإرادته المنفردة او بناء لطلب من جهات معينة؟

الاكيد ان صاحب الكلمة الفصل في هذا المجال هو الرئيس المكلف سعد الحريري لايضاح ما يجري، وهو بالدرجة الاولى تقع عليه مهمة التأليف والتواصل مع كل الافرقاء ليتم عملية التشكيل بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما ينص عليه الدستور، وعلى الحريري أولا تقع مهمة فتح الثغرات في بنيان الازمة وطرح المبادرات على مختلف القوى والكتل النيابية لا العكس، كما ان على الحريري واجب تحريك المياه الراكدة، واولا واخيرا الاعلان -صراحة او ضمنا- ان هناك في الخارج -إن وجد- من يعيق حركته ويمنعه من إتمام مهمة تأليف الحكومة.

واذا كان العائق داخليا ويتعلق بالحرص على التوازنات وسببه الاساسي غياب الثقة بين المكونات السياسية نتيجة تجارب وخلافات سابقة، فيفترض ان تكون هناك مساع لرأب الصدع واعادة جسور الثقة وهذا اكد عليه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وابدى الاستعداد للمساهمة في هذا المجال. ويفترض بالرئيس المكلف المبادرة وعدم الابتعاد بل إبراز اهتمامه فعلا بتشكيل الحكومة وان يُطلع الرأي العام اللبناني على ما يجري لأن الشعب اللبناني لم يعد يحتمل تأخير المعالجات الاقتصادية والاجتماعية والاصلاحية نتيجة التراكمات التي سببتها السياسات السابقة على مدى عقود.

والحقيقة ان البلاد لا تعيش ترف إضاعة الوقت والمماطلة بينما الازمة المعيشية والاقتصادية تزداد سوءا وتعقيدا، في ظل ارتفاع أعداد من باتوا يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة الضغوط الاميركية التي تمارس على لبنان سعيا للحصول على تنازلات في ملفات تتعلق بتحقيق مصلحة العدو الاسرائيلي سواء بمحاصرة لبنان ورئيسه باعتباره حليفا للمقاومة، بالاضافة الى بقية حلفائها، او للحصول على مكاسب فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية حيث يحاول العدو بغطاء أميركي مكشوف سرقة الحقوق اللبنانية في النفط والغاز.

امام كل هذه التطورات هناك من يطالب الرئيس المكلف بالاعتذار لتكليف غيره بتشكيل الحكومة، بينما الرئيس المكلف الذي يلتزم الصمت يتحصن بعدم وجود نص دستوري يدفعه للاعتذار والتراجع خطوة الى الوراء وإتاحة الفرصة بإمكانية إيجاد حلول في بحر الأزمة المتفاقمة، صحيح ان الدستور لا يلزم بشكل صريح الرئيس المكلف بمهلة محددة لانجاز التشكيلة الحكومية او بالاعتذار، إلا اننا اليوم نعيش في حالة طوارئ أقلها صحية جراء كورونا، علما اننا نعيش ظروفا استثنائية في مختلف المجالات الاخرى لا سيما الاقتصادية منها، ما يوجب على الجميع التعاون والترفع عن الحساسيات للوصول الى خواتيم سعيدة في الملف الحكومي.

كما ان الرئيس المكلف عليه من حيث المنطق والواقع السياسي ان يتفاهم بالحد الادنى على التشكيلة الحكومية مع الكتل النيابية الموجودة في البرلمان لانها، أولا: سمته لتشكيل الحكومة وبالتالي عليه التصرف بتوافق معين معها، وثانيا: ان هذه الكتل هي التي ستعطيه الثقة في المجلس النيابي وبالتالي من غير المنطقي والعملي طرح تشكيلة قد تصطدم بالرفض بالمجلس، وإلا نكون كمن يدور في حلقة مفرغة.

بناء لكل ذلك، تبقى الدعوة للجميع بضرورة التنبه ان الشعب اللبناني اليوم يعاني على مختلف الصعد ولا ينفعه اتباع سياسة “عض الاصابع” التي تؤدي الى مزيد من تعقيد الأزمة والخسائر الاقتصادية والثقة بالدولة سواء من قبل الداخل او الخارج، مما يوجب الاسراع لاعادة المحركات وحل مشكلة “الثقة المفقودة” بين القوى المختلفة لا سيما المعنية مباشرة بالملف الحكومي، وعدم الرهان على الوقت او على الخارج والتعجيل بولادة هذه الحكومة الإنقاذية القادرة التي تحظى برضى وقبول مختلف الكتل النيابية والقوى الشعبية.

المصدر: موقع المنار