اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبة الجمعة ان لبنان “لا تزال تتفاقم فيه الأزمات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، والتي ستزداد تفاقما عندما تصدر الحكومة قرارها المنتظر برفع الدعم عن السلع الأساسية كليا أو جزئيا، والذي أصبح واضحا أنه مسألة وقت حتى لو تم تغيير الاسم من رفع الدعم إلى ترشيده فهو لن يغير في الواقع شيئا، والذي إن حصل لن تقتصر تداعياته على لقمة عيش المواطنين وصحتهم وقدرتهم على تأمين متطلبات حياتهم، بل على أمنهم واستقرارهم، وهو ما نشهده هذه الأيام في ازدياد منسوب السرقات والتعديات على الأملاك الخاصة والجرائم المتصلة بها، وقد تصل إلى المس بسيادة الوطن وبقراره الحر، بعدما أصبح واضحا مدى ارتباط السياسة والأمن بالاقتصاد”.
وأضاف “في هذا الوقت، لا تزال القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة غارقة في سجالاتها وصراعاتها، والتي لا تتعلق بكيفية إخراج البلد من معاناته في تأليف الحكومة الأقدر على إدارة أموره في هذه المرحلة، بل على الصلاحيات أو من يمسك بقرارها ومن له الحظوة فيها، من دون أن يأخذوا في الحسبان واقع البلد، وأن هذا البلد لا يبنى إلا بالتوافق والمشاركة، لكن لا على أساس المحاصصة أو التعطيل، بل لإخراجه من أزماته. وهنا نأمل أن تؤدي الاتصالات الجارية إلى فتح ثغرة في هذا الجدار، وإن كان ذلك لا يبدو قريبا”.
وجدد السيد فضل الله تحذيره “للقوى السياسية من تداعيات الاستمرار بسياسة إدارة الظهر لمعاناة اللبنانيين وآلامهم وتقطيع الوقت، وأن يتقوا غضب هذا الشعب وسطوته، الذي لا يزال يمهل ولكنه لن يهمل. إننا نقول لكل هذه القوى السياسية، إنكم لا تزالون قادرين على كسب ود هذا الشعب الذي أعطاكم قياده، عندما يراكم صادقين وجادين في العمل لإخراجه من معاناته، وقد خرجتم من كل حساباتكم ومصالحكم الخاصة وجعلتم حسابه فوق كل حساب، وسيقف الناس معكم عندما تواجهون التحديات في هذا الطريق”.
واعتبر أنه “من المعيب أن نرى من كان ينتظر الرئيس الفرنسي حتى يخرج لبنان من معاناته، أو من ينتظر لحين تسلم الرئيس الأميركي الجديد مهماته، وكأن البلد يتحمل الانتظار، وكأن اللبنانيين قاصرون عن إدارة شؤونهم، إن على الجميع أن يعوا أنه لن يستطيع أحد أن يساعد لبنان إن لم يساعد نفسه، وأن الدول ليست جمعيات خيرية بل هي تعطي لتأخذ، وهي تأخذ الكثير”.
وتابع “وعلى صعيد انفجار المرفأ، لا يزال اللبنانيون ولا سيما أهالي الضحايا ومن تضررت أملاكهم ومقدراتهم، ينتظرون جلاء الغموض على هذا الصعيد. ونحن في هذا المجال، كنا دعونا القضاء إلى تحمل مسؤوليته اتجاه هؤلاء، وأن يظهر حقيقة ما جرى، وهذا لن يحصل إلا باتباع الأصول والأخذ بمقتضيات العدالة، بأن يكون التحقيق شاملا لكل من تعاقبوا على حمل مسؤولية إدارة المرفأ والإشراف عليه، لا يفرق بين مسؤول وآخر وبين كبير وصغير، وأن يبتعد كل البعد عن الحسابات الطائفية والمذهبية والسياسية، وأن لا يخضع للضغوط من أية جهة كانت، ليثبت القضاء اللبناني أهليته وقدرته في مواجهة من يشككون فيه وفي نزاهته، ولكي يعرف المتسبب في ذلك حتى لا يتكرر ما حصل. إننا اليوم وفي ظل كل اللغط الجاري حول القضاء، نجدد هذه الدعوة حفظا لصدقية القضاء وإحقاق العدالة، فلا نرى كما رأينا انتقائية في الاتهام أو الخروج عن الأصول فيه، بحيث بدا القضاء أداة في الصراع السياسي. إننا نجدد حرصنا على إبعاد القضاء عن كل الدهاليز السياسية والطائفية، حيث لن يبقى بلد بدون قضاء عادل ونزيه، في الوقت الذي ينبغي أن لا يكون في القانون من هو ابن ست ومن هو ابن جارية، وأن يكون الكل فيه سواء تحت سيف العدالة، وبدون ذلك الهلاك الذي حذر منه رسول الله عندما قال: “إنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد”.
وقال “نبقى على هذا الصعيد لنحذر مجددا من الاستخدام الطائفي والمذهبي في الصراع السياسي، والذي عانينا سابقا من هذا الاستخدام ودخل على خطه الكثيرون. فالحذر كل الحذر من اللعبة الطائفية والمذهبية التي إن اشتعلت لن توفر أحدا، أو طائفة أو مذهبا، بل ستحرق الجميع”.
واوضح انه “لا بد من الدعوة إلى ضرورة التقيد بإجراءات الوقاية من كورونا، وعدم التهاون منعا لازدياد أعداد المصابين والذي شهدناه في الأيام السابقة، وندعو الدولة التي تتوسع في فتح القطاعات إلى زيادة رقابتها وإجراءاتها، للحؤول دون العودة إلى إجراءات لا يريد اللبنانيون العودة إليها، وهم غير قادرين على تحملها ولعدم الوصول إلى كارثة صحية لا يقدر القطاع الصحي على تحمله”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام