استقبل وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي وفدا من كتلة “الوفاء للمقاومة” برئاسة النائب محمد رعد الذي قال بعد اللقاء: “لقد أودعنا الوزير حتي بإسم الكتلة، عريضة احتجاج رسمي على التصريحات والتجاوزات للقواعد والأصول والأعراف والقوانين الديبلوماسية التي قامت بها السفيرة الاميركية دوروثي شيا خلال الفترة الماضية التي بدأتها منذ بدء مهامها”.
أضاف: “نحن بكل وضوح، نقول بأن احترام القواعد والأصول الديبلوماسية يرتد إيجابا على سمعة السفيرة ومن تمثل، لكن خرق الأصول والقواعد يعطي انطباعا سيئا عن النموذج الذي يتم تقديمه بعيدا عن الديبلوماسية. مهمة السفير في الدولة المعتمد لديها ان يخاطب بلغة ديبلوماسية وان يتصرف وفق القوانين التي ترعى وتنظم عمله في تلك الدولة”.
وتابع: “احتجاجنا على التدخل في شؤوننا الداخلية بدءا من التعيينات وصولا الى تحديد موقف تحريضي ضد فئة من اللبنانيين، والإسهاب في الكذب والتضليل حول دور هذه الفئة لناحية تأثيرها على اقتصاد البلد وعلى خزينته وماله، وتتصرف كحامية للبلد. نحن بلد حر مستقل له سيادته، وشعبه له كرامته، وحكومته ومسؤولوه لهم كرامتهم ايضا ولا يجوز التخاطب بهذه اللغة، انما يجب ان يضبط الخطاب وفق بنود اتفاقية فيينا. هذا ما سطرناه في العريضة بشكل يؤدي الى المطلوب، وطلبنا من الوزير حتي اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة لضبط سلوك وتصريحات هذه السفيرة، ويجب عليها الكف عن التدخل في شؤوننا الداخلية والكف عن الخطاب الذي يثير الفتنة والتحريض بين اللبنانيين”.
وردا على سؤال عن كيفية تطبيق هذه العريضة، قال رعد: “وزير الخارجية ديبلوماسي عريق ويملك الكثير من الصلاحيات والإجراءات التي يمكن ان يتخذها في هذا الصدد. نحن نعول ان تثمر هذه المتابعات وهذا الحضور الاحتجاجي من اجل ألا نعود ونسمع تدخلات في شؤوننا الداخلية من قبل اي رئيس او عضو في بعثة ديبلوماسية تعمل في لبنان”.
نص العریضة :
إِنّنا في كتلة الوفاء للمقاومة.. لا نريدُ أن تُثير تجاوزات الماضين من رؤساء أو أعضاء البعثات الدبلوماسيّة لا سيما الأمريكيّة، إلا أنَّ تحسسنا اليوم بخطر الدور والأداء اللذين تمارسهما السفيرة الأمريكيّة دوروثي شيا منذ بدأت مهامها في لبنان، وبخروج تصريحاتها ومواقفها عن اللياقات والأعراف والاتفاقيات الدولية، الأمر الذي يأخذ منحى تحريضياً للبنانيين ضدَّ بعضهم بعضاً ويستفز شريحة كبيرة من شعبنا العزيز والمضحّي، ويدفعنا بالتالي لرفع صوت الاحتجاج والإدانة ومطالبة معاليكم باعتباركم وزيراً لخارجيّة بلدنا لبنان، أن تضبط سلوك هذه السفيرة وفق أحكام اتفاقيّة فيينا الموقعة في 18 نيسان 1961؛ والتي توجب على الدبلوماسيين “احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة” كما جاء في المادة 41 من الاتفاقيّة.
إِن التعيينات الماليّة وغيرها في بلدنا شأنٌ لبناني داخليّ صرف.
وإنَّ الحكومة اللبنانيّة ومكانتها وعمرها وخططها وأداءها هي شؤون لبنانية داخلية صرف أيضاً.
ومن المستهجن جداً أن تتدخّل السفيرة الأمريكيّة في لبنان لتدلي بتصريحات حول هذه المسائل تُحرَّض بها اللبنانيين ضدّ بعضهم بعضًا؛ علماً أنَ إثارة الفتنة والتحريض مخالفة موصوفة لما ينص عليه البند “ه” من المادّة الثالثة من الاتفاقيّة المُشار إليها أعلاه.
وللأسف فإنَ عدم لفت نظر السفيرة الأمريكيّة إلى خرقها للأصول والأعراف وللاتفاقات الدولية ذات الصلة؛ منذ أن أدلت بأول تصريحاتها المستهترة والمستفزّة والخارجة عن اللياقات والتي شكّلت إهانة للدولة اللبنانيّة ولمسؤوليها، لا سيما للدبلوماسيّة اللبنانيّة، جعلها تتمادى في تجاوزاتها وتصريحاتها دون قيدٍ أو مسؤوليّة أو مساءلة، غير عابئةٍ بالحكومة والدولة ومسؤوليها، كما جعلها توغل في إثارة الفتنة وتحريض البنانيين ضدّ بعضهم بعضاً وغايتها من ذلك كله إيجاد الشرخ بين صفوفهم، محمّلةٌ فريقاً وطنيًاً مقاوماً مسؤوليّة الوضع الشاذ في لبنان ومتهمة إياهُ كذباً وزوراً بالسيطرة على الدولة والإمساك بالحكم، وكلّ ذنبه أنّه فريقٌ مقاومٌ شريك حرّر الأرض من المحتل الإسرائيليئ ويرفض سياسة التسلّط والهيمنة الأمريكيّة وإملاءاتها وقراراتها التعسفيّة الظالمة.
تعلمون جيّداً لو أنَّ تصريحاً واحداً مماثلاً أو مشابهاً لتصريحات السفيرة الأمريكيّة شيا أدلى به سفيرٌ ما في دولةٍ معتمدٍ لديها، لاتخذ بحقه إجراءٌ سريع، أقلّه الاستدعاء ولفت نظره والاحتجاج على ما أدلى به، وتسليمه مذكّرة رسميّة شديدة اللهجة.
إنَ المادّة التاسعة من اتفاقيّة فيينا أعطت الحقّ للدولة المعتمد لديها السفيرة أو أي شخص من أعضاء البعثة الدبلوماسيّة، وفي أيّ وقت، ودون ذكر الأسباب، أن تبلّغ الدولة المعتمدة أنَّ رئيس البعثة أو أيّ عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسيّة أصبح شخصاً غير مقبول.
إنّه وبعد غضَّ النظر عن التصريحات العديدة للسفيرة شيا والمسيئة للدولة وللشعب اللبناني، وبعد إصدار الحكم من قبل القاضي محمد مازح في هذا الشأن، وهو قاض وطنيّ وشريف، وبعد استدعاء السفيرة شيا لاحقاً إلى قصر بسترس، توقعنا احتجاجاً لبنانيًاً رسميًاً شديد اللهجة، فإذا بالسفيرة الأمريكيّة تتمادى في غيّها وعنجهيتها لتدلي بعد ذلك بتصريح جاء فيه: “سفيرة الولايات المتحدة لن تسكت… سمعنا اعتذاراً عن قرار القاضي”!!!… فتساءل اللبنانيّون باستغراب: ترى من اعتذر مِن مَن؟!
إنَ كتلة الوفاء للمقاومة تدين هذه التصريحات المتمادية من قبل السفيرة شياء والتي يجب أن تتوقف عند حدّها. فللدولة سيادتها وللشعب كرامته، ولا يجوز مطلقاً التراخي أو التباطؤ حيال هذه التصريحات المستفرّة التي تضرب في الصميم النسيج الوطني اللبناني، وتعمل على إيجاد الشرخ بين أبناء الشعب الواحد وأطيافه السياسيّة.
فلنتصرّف كما تتصرّف الدول التي تحترم نفسها وتحترم سيادتها وكرامة شعبها مهما كان حجمها ووزنها.. فعندما يُصِرّ أي سفيرٍ كان على تجاوز الأصول والاتفاقّات الدولية التي تحدّد ضوابط عمله؛ لا بدّ عندها للدبلوماسيّة اللبنانية أن تحفظ كرامتها وكرامة الدولة باتخاذ الإجراءات المناسبة التي كفلتها الاتفاقيّات الدولية ذات الصلة، وإلا سيتبيّن للبعثات الدبلوماسيّة العاملة في لبنان، وللعالم كله، مدى تخاذل بلدنا وضعفه وَهَوَانِه ممّا سيشجع الآخرين على أن يسلكوا نفس النهج الوقح للسفيرة الأمريكيّة إزاء الدولة اللبنانيّة ومسؤوليها، وإزاء الشعب اللبناني وحياته السياسيّة.
إن اعتزازنا بشعبنا الذي أولانا تمثيله وصون كرامته وحماية سيادته، وحرصنا على الأمن والاستقرار في بلدنا، يوجبان علينا أن نلفت عنايتكم ونحثّكم على إفهام السفيرة الأمريكيّة احتجاج اللبنانيين الشديد على تصريحاتها وخرقها للأصول الدبلوماسيّة تاركين لكم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإبلاغها بلزوم انضباطها بالقوانين المرعيّة الإجراء ومتابعة ذلك من قبلكم.
المصدر: موقع المنار