أذهلت الصين دولة ومؤسسات وشعبا، مختلف دول العالم والرأي العام بالقدرة على الانضباط وتنفيذ سلسلة كبيرة من الاجراءات والتدابير العلاجية من “كورونا”، بالاضافة الى سلسلة طويلة من التدابير الاحترازية بمواجهة الوباء والحد من انتشار هذا الفيروس المستجد الذي عطل دول العالم الى حد كبير وقلص حركة الانسان في مختلف بقاع الارض.
والصين يبدو انها سيطرت الى حد كبير على انتشار الفيروس بحسب ما تؤكده تصريحات المسؤولين فيها، خاصة في مدينة ووهان التي اعتبرت هي البؤرة الاساسية التي انطلق منها الفيروس وانتشر الى بقية الدول، حتى ان الاصابات الجديدة التي ترصد هذه الايام في الصين هي في غالبيتها لأشخاص وافدين من الخارج مع ازدياد أعداد المتعافين وانخفاض أعداد الوفيات، ما يؤكد نجاعة الاجراءات الصينية الصارمة في منع تفاقم الازمة في الداخل وان الخطر الخارجي بات أقوى مما هو في الصين، خاصة ان الكثير من الدول لا تملك الامكانات الكبيرة التي تملكها هذه الدولة على مختلف الصعد، وهي قد أثبتت للعالم ان قدراتها لا تقف فقط عند حدود الصناعات والقوة الاقتصادية المتصاعدة، وإنما أيضا في مجال مواجهة الازمات لديها الكثير تقدمه لشعبها وللعالم.
وبالسياق، كان لافتا السعي الصيني لتقديم الدعم للعديد من الدول بمواجهة فيروس “كورونا”، فنجد ان مقاطعة لياونينغ الصينية (شمال شرق البلاد) أرسلت مساعدات عاجلة الى كل من اليابان وكوريا الجنوبية (على الرغم مما لهاتين الدولتين من قدرات هائلة صناعيا واقتصاديا وطبيا) شملت آلاف الكمامات والبدلات الواقية، وكذلك فعلت الصين (عبر جمعيات خيرية) بإرسالها الى بلجيكا (مركز الكثير من مؤسسات الاتحاد الاوروبي) 300 ألف قناع واق للوجه دعما بمواجهة كورونا.
والصين لا توفر فرصة إلا وتقدم بها الدعم لمختلف الدول، فهذا الرئيس الصيني شي جين بينغ أكد خلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي مساء الاثنين 16-3-2020 ان “الصين سترسل مزيدا من الخبراء الطبيين إلى إيطاليا وستبذل قصارى جهدها لتقديم إمدادات طبية ومساعدات أخرى”، وقبل أيام افتتح السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان ووزير الصحة حمد حسن تركيب جهازي سكانير في مطار بيروت الدولي للكشف على مرضى كورونا بالاضافة الى غيرها من التقديمات الطبية للبنان.
ومن الأمثلة الكثيرة على وقوف الصين الى جانب مختلف الشعوب والدول في “أزمة كورونا”، ما أكده السفير الصيني لدى السلطة الفلسطينية عن “التزام بلاده بتقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني في مواجهة فيروس كورونا”، واضاف ان “الصين أرسلت مساعدات طبية لفلسطين لمساعدة وزارة الصحة الفلسطينية على احتواء كورونا، فضلا عن تواصله الدائم مع الحكومة الفلسطينية لمتابعة انتشار هذا الوباء”.
هذا الأداء الصيني الانساني المميز يدفع لرسم الكثير من علامات الاستفهام ليس على هذا الأداء الراقي بل على أداء بعض الدول التي رغم الازمة نراها تزيد من مآسي غيرها وتمنع العلاج عنهم، فعلى سبيل المثال نرى كيف ان الادارة الاميركية تواصل حصارها لبعض الدول بينها إيران وشعبها وتمنع رفع العقوبات عن استيراد بعض المواد الطبية التي تساهم بمواجهة كورونا، ما دفع بالصين لرفع الصوت امام هذا الاداء الاميركي الذي يعيق التقدم بمكافحة الوباء ويؤدي الى قتل العديد من الافراد.
واللافت ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب استخدم أسلوبا استخفافيا ممزوجا بالكذب في التعاطي بملف كورونا، قبل ان يتبين ان المعلومات التي يروج لها غير دقيقة بعد ان تفشى الوباء في البلاد، وقد نشرت وسائل الاعلام الاميركية قبل ايام تقريرا عن عدد المرات الكاذبة التي تحدث بها ترامب حول كورونا.
وسبق للصين على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها “هوا تشونينج” ان اعلنت ان “الولايات المتحدة الأميركية لم تقدم أي مساعدة ملموسة خلال أزمة تفشي فيروس كورونا وبدلا من ذلك تعمل على نشر الذعر”، في حين سبق لاحد المسؤولين الصينيين أن اتهم “الجيش الأمريكي باحتمال إدخال فيروس الكورونا إلى مدينة ووهان”، ما يثير الكثير من التساؤلات عن الدور الاميركي (قانونيا وأخلاقيا) في هذه الازمة.
يبقى ان الاداء الصيني الانساني الذي ترفع له القبعة، سواء في سبيل حماية شعب الصين او بقية شعوب العالم، هو مثال يجب ان يعمم على الجميع كي يقتدوا به، وهذا ما تؤكده كل الشرائع السماوية لا سيما الاسلام والمسيحية، فعلى كل من ينادي بالسلام ونشر المحبة ومحاربة الارهاب وحقوق الانسان ان يبادر فورا للتعلم من هذه المدرسة الانسانية في سبيل حماية حياة الناس من المخاطر المحدقة بها.
المصدر: موقع المنار