عقدت كتلة “الوفاء للمقاومة” اجتماعها الدوري في مقرها في حارة حريك، برئاسة النائب الحاج محمد رعد ومشاركة أعضائها. وأصدرت على الأثر البيان الآتي: “في مشهد داهم: بعض زخات من مطر أنعم الله به على لبنان أول من أمس، فأطفأ لهيب حرائق هوجاء متنقلة أربكت الدولة وأجهزتها وأدخلت القلق والخوف إلى مواطنين اضطروا للنزوح من بلداتهم وبيوتهم مع أطفالهم وعيالهم طالبين السلامة والأمان من السماء بعدما ملوا الرهان في الأرض، على سلطات غارقة في عبثها وقيلها وقالها.. فيما عميت أبصارٌ عن حقائق الحال بفعل دخان مفتعل من حرائق سياسية سعر البعض أُوارَها محاولا قطع الطريق على سفر لوزير خارجية لبنان إلى سوريا، غايته إعادة الدفء الأخوي إلى العلاقات بين البلدين وشعبيهما وتخفيف عبء النازحين السوريين عبر توفير المناخات الآمنة لعودتهم المُرضية إلى بلدهم ومسقط رأسهم بعدما استتب فيهما الأمن والاستقرار وانكفأ عنهما مشروع التخريب والتمزيق والتفتيت.
وفي مشهد آخر، تواصل الادارة الأميركية استخدام مكرها السيئ في أكثر من بلد تستشعر فيه الرفض لسياستها ومشاريعها فتعمد إلى افتعال أزمة في أو تهديد اقتصاد أو ابتزازه بالأمن والاستقرار أو التدخل في شأن أو شؤون له داخلية تؤثر سلبا على وحدة مجتمعه أو على سيادته، أو على استقرار نظامه. ولا يرف لها جِفنٌ إن خذلت حلفاءها أو تركهم لمصيرهم، فالمعيار عندها هو مصلحتها والأولى عندها هو التخفف من الكلفة، ولا ضير لديها أن تستعيد بالغدِ أحسن العلاقات مع من أطاح حلفاءها بالأمس.
وأيا يكن مستوى المكر وموضعه فإن الشعوب والأنظمة المتماهية مع تطلعاتها ومصالحها تُثبتُ مرة أخرى أن الوعي والعزم يشكلان المرتكز الأساس لإحباط كل مكر وإجهاض كل تآمر، وأن توافرهما من شأنه أن يوسع هامش الخيارات وطرق المواجهة أو الالتفاف على الضغوط.
أما في المشهد الثالث: فيتنسم الوافدون من كل أنحاء العالم لزيارة الإمام الحسين في كربلاء عطر العز والإباء تتضوع به مواكب الموالين العاشقين الذين تغمر نفوسهم مشاعر الحب والانتماء واليقين بصحة النهج وصوابية الخيار. وترتسم في أربعينية سيد الشهداء صورة الحياة التي تهدرُ فيها أمواج الأحرار الساخطين على كل ظلم، الرافضين لكل فساد، والثائرين من أجل كرامة وحقوق الإنسان.
وسط هذه المشاهد توقفت كتلة الوفاء في اجتماعها الدوري عند جملة من المسائل والقضايا وخلصت بعد النقاش إلى ما يأتي:
1- تعرب الكتلة عن أسفها لمظهر الإرباك والعجز الذي بدت عليه الدولة وأجهزتها في مواجهة امتدادات الحرائق خلال اليومين الماضيين، وإذ تقدر باعتزاز حالة التضامن الشعبي والتطوع من مختلف مناطق اللبنانيين للمساهمة في إخماد الحرائق وتوزيع الطعام على رجال الدفاع المدني والإطفائيين المنتشرين، وتأمين إيواء موقت للنازحين من بيوتهم فإنها تشدد على ضرورة إجراء تحقيق لكشف أسباب القصور والعجز والإهمال والخفة في التعامل مع تجهيزات فنية مكلفة قد تعطلت بسبب عدم صيانتها أو بسبب استهتار إزاء المال العام.
2- تؤكد الكتلة وجوب إنجاز الحكومة لموازنة العام 2020 وإحالتها على المجلس النيابي لمناقشتها وإقرارها.
وترى الكتلة أن مشاريع القوانين الإصلاحية يجب أن ترسل رزمتها إلى مجلس النواب دون أي تأخير أو فاصل كبير بينها وبين الموازنة.
وفي هذا السياق تعتبر الكتلة أن النهوض بالوضع الاقتصادي في البلاد وحماية النقد الوطني هما وجه من وجوه الحفاظ على السيادة الوطنية. والشعب اللبناني بكل مكوناته وشرائحه صاحب مصلحة أكيدة في تحقيق هذين الأمرين.
وبناء عليه، فإن الموجبات التي يقتضيها تحقق الشأن السيادي تتطلب مشاركة وتنسيقا وتكاملا في تحمل الأعباء وتعزيز روح التضامن بين اللبنانيين، والعمل وفق رؤية اقتصادية وطنية تنشط على أساسها الجهود وتوظف في سبيل نجاحها الصداقات والعلاقات وموارد الدعم والمساعدة.
والموازنة العامة باعتبارها الترجمان العملي للرؤية الاقتصادية الوطنية، فإن أهميتها تكمن في كونها التعبير الواقعي عن خريطة تقاسم الأعباء بين اللبنانيين وتوزع المسؤوليات بحسب التقدير الصحيح لإمكانات وقدرات كل منهم. فضلا عما تتضمنه من موجبات إقفال أبواب الهدر والفساد والاستحواذ والتهرب من الإسهام في تحمل المسؤولية وفي المشاركة الإيجابية في توزيع العائدات من الأرباح وفق ما يحقق تكاملا اجتماعيا وحماية تبادلية للمصالح الخاصة والعامة.
3- تستهجن الكتلة الحملة واللهجة التصعيدية ضد عزم وزير الخارجية اللبنانية على السفر إلى سوريا لإعادة ترتيب العلاقات الديبلوماسية بين البلدين ولخدمة مصالح الشعبين وتوفير العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم الذي هزم المؤامرة التي استهدفت وحدته وموقعه ودوره وأعاد الأمن والاستقرار إلى ربوعه عامة.
إن استئناف العلاقات بين لبنان وسوريا هو مصلحة أكيدة للشعبين وللبلدين وأمر لا ينبغي أن يرتبط بتوقيت عودة العرب إلى سوريا ولا بأي شأن أو توقيت آخر.
4- تأمل الكتلة، وخصوصا بعد الإخفاقات التي انتهى إليها عدد من حكام المنطقة، أن تترسخ في السياسات المعتمدة في بلادنا معادلة أن الحوار أجدى من الطغيان. وأن التفاهم البيني أولى من التبعية للأجنبي، وأن التنمية المستدامة أفعل من السلاح المستورد للاستقواء المؤقت ضد بعضنا البعض.
وبناء عليه، فإن الكتلة ترى أن مناخ التوتر والحرب الذي استنفذ أغراضه دون تحقيق النتيجة المبتغاة في اليمن وفي سوريا، يجب أن يتبدل إلى مناخ يوفر الحل السياسي المنصف في كل من البلدين ولمصلحة كلا الشعبين”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام