نص خطاب السيد نصرالله في الذكرى العاشرة لانتصار تموز كاملاً – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

نص خطاب السيد نصرالله في الذكرى العاشرة لانتصار تموز كاملاً

السيد نصر الله في مهرجان نصر تموز

نص خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في المهرجان المركزي بمناسبة الذكرى العاشرة لانتصار تموز 2006 الذي أقامه حزب الله في مدينة بنت جبيل الجنوبية، كاملاً

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

الإخوة والأخوات، أيها الحفل الكريم، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..

بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله عز وجل “أذكروا إذ أنتم قليلا مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون”. صدق الله العلي العظيم.

الشكر لله الذي دافع عنا ودفع عنا وآوانا وأيدنا بنصره، ورزقنا من الطيبات، وأعطانا الأمن والأمان والطمأنينة والعزة والكرامة والسيادة والشرف، وله الشكر على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.

أيها الإخوة والأخوات: أرحب بكم جميعاً في هذا الحفل المبارك والجليل، في الذكرى السنوية العاشرة لانتصاركم، لانتصار دماء شهدائكم، لانتصار وطنكم ومقاومتكم وجيشكم وشعبكم في حرب تموز عام 2006.

والشكر، لأن اللائحة طويلة جداً أُجمل الآن، ولاحقاً لدي تعقيب بالنهاية، والشكر والتحية إلى كل الذين صنعوا هذا الانتصار، أو شاركوا في صنعه وإيجاده وحمايته ودعمه ومساندته، من رجال المقاومة والجيش الوطني والقوى الأمنية، من الشهداء والجرحى والأسرى والصامدين في أرضهم والمهجرين منها، والمحتضنين لهم والصابرين والمضحّين والمصابين، من القيادات الدينية والسياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية، والأحزاب والقوى والتيارات والهيئات والجمعيات ووسائل الإعلام، وكل الناس الطيبين في لبنان وعلى إمتداد العالم العربي والإسلامي وفي كل مكان من العالم.

والشكر الخاص لتلك الدول التي وقفت إلى جانب المقاومة وكانت معها في كل ما استطاعت وطاقة، لسورية وللجمهورية الإسلامية في إيران، على الوقفة التاريخية لهما إلى جانب لبنان والمقاومة في حرب تموز 2006، في الذكرى السنوية العاشرة يبدو أن اهتمام الإسرائيليين كان أكبر من اهتمام اللبنانين والعرب، وبكل الأحوال من واجبي أن أشكر وأن أنوّه لبعض وسائل الإعلام وبعض الجهات التي أبرزت وعبرت عن اهتمام مميز وخاص بهذه المناسبة العظيمة.

لكن اهتمام الإسرائيليين كان أكبر بحيث أنه لم يبقَ مسؤول في الكيان الإسرائيلي، من رئيس الدولة إلى رئيس الحكومة إلى وزير الحرب إلى الوزراء الحاليين والسابقين، القيادات العسكرية، الأمنية، وسائل الإعلام خلال 30 33 يوم كانوا مهتمين كثيراً وتحدثوا وعبّروا وشرحوا، وهذا في الحقيقة سببه أن حرب تموز 2006 ـ أنا سأستخدم عبارة حرب تموز ـ هم يسمونها حرب لبنان الثانية، وغيّروا لها اسمها بعد الفشل. الآن، نحن ـ تخفيفاً ـ نقول حرب تموز لأن حرب تموز أصبحت عند الكيان الإسرائيلي وفي الوجدان الإسرائيلي مفصلاً تاريخياً مهماً جداً، وله تداعيات مصيرية على هذا الكيان، ولذلك ما غابت هذه الحرب عن الإعلام الإسرائيلي والجدل الإسرائيلي والنقاش الإسرائيلي والوعي الإسرائيلي واللاوعي الإسرائيلي، خلال عشر سنوات ما غاب طبعاً في العالم العربي والإسلامي وفي لبنان كانت جهود مضنية من كثيرين لتغييب هذه الحرب وانتصارات هذه الحرب وإنجازات هذه الحرب.

سأتحدث قليلاً عن المناسبة والحرب وعن هذا الانتصار وثم سأتحدث عن الوضع بالمنطقة وأختم بكلمة عن الوضع المحلي، وفي النهاية هناك خاتمة.

عادةً، عندما يجري الحديث عن انتصار في حرب تموز، انتصار المقاومة ولبنان ومحور المقاومة، يجري الحديث عن عنوان عريض ومهم جداً اسمه إفشال أهداف العدوان. من يود أن يقول نعم، حصل انتصار في لبنان في حرب تموز، كيف يُعبّر عن هذا الانتصار، يقول الدليل إن المقاومة ومن ساندها وهذه الجبهة كلها أفشلت أهداف العدوان. هذا صحيح وهذا جانب كبير ومهم جداً في انتصار حرب تموز ولكن هو جانب من الحقيقة، هناك جانب آخر هو الذي أريد أن أتحدث عنه في هذا اليوم.

لا شك إذا تحدثنا عن الجانب الأول للتذكير لا شك أن إحباط وإسقاط أهداف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على لبنان، لأنه ‏كان القرار بالعدوان على لبنان أمريكياً، مثلما اليوم الحرب في اليمن. القرار في العدوان على لبنان أمريكي نفذته ‏إسرائيل. إسقاط وإفشال هذه الأهداف هو انجاز عظيم وتاريخي واستراتيجي وكبير جداً لكن يجب أن نطل على الجانب ‏الآخر.

بتذكير سريع للأهداف التي تم إسقاطها وفشل العدوان في تحقيقها ما أُعلن في الأيام الأولى من الحرب، ما تم الكشف ‏عنه لاحقاً بعد تحقيقات لجنة فينوغراد، وما قيل في السنوات الأخيرة في مذكرات المسؤولين الأمريكيين وما قيل قبل أسابيع ‏وكُتب في مقالات أمريكية من قبل بعض المحافظين الجدد الذين كانوا في وزارة الدفاع الأمريكية في ذلك الوقت. لذلك هذه ‏الأهداف كلها الآن لن آتي بالشواهد، كلها تستند إلى نصوص إسرائيلية وأمريكية، أنا أتحدث الأهداف وأنتم تعرفون أنها ‏فشلت ولم تتحقق.

‏سحق المقاومة كان أكبر هدف بعدوان تموز

انخفض الهدف قليلاً، بات تحقيق أكبر قدر من التدمير وقتل لعناصر وقادة المقاومة وتدمير قدرات وإمكانات المقاومة ونزع ‏سلاح المقاومة.

شطب حزب الله من المعادلة الداخلية والإقليمية هذا لاحقا ظهر بالأهداف الذي تحدث عنها الأمريكي.

تراجعوا إلى إخراج المقاومة من جنوب الليطاني.

تراجعوا إلى نزع سلاح المقاومة في جنوب الليطاني والذي كان البعض عندنا في لبنان يود أن يكلف الجيش (بهذه المهمة).

من الأهداف التي أيضاً أسقطت تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة عازلة وخالية من السكان، أي  استمرار تهجير أهل بنت جبيل ‏وأهل المنطقة وكل جنوب الليطاني إلى أجل غير مسمى.

إبعاد المقاومة عن الحدود والكل يعرف انها ما زالت عند الحدود لأنكم أنتم المقاومة وأنتم أبناء القرى وأبناء البلدات التي ‏تتواجد على الشريط الشائك.‏

فرض قوات متعددة الجنسيات ـ وليس يونيفل، ليس ‏u n ـ‏ قوات متعددة الجنسيات كالتي كانت تحتل العراق وفشلت، ونشر هذه ‏القوات على الحدود اللبنانية الفلسطينية والحدود اللبنانية  السورية لمنع إطلاق المقاومة من جديد، وفي المطار وفي الميناء ‏للسيطرة على السيادة اللبنانية.

إلحاق لبنان نهائياً بالمنظومة السياسية الأمنية لأمريكا وحلفاء أمريكا في المنطقة.‏

ترميم قوة الردع الإسرائيلية التي كانت قد تآكلت وبالخصوص بعد هزيمة عام 2000 والانسحاب من قطاع غزة.

تعزيز مكانة إسرائيل إقليميا ودولياً.‏

وإطلاق سراح الأسيرين الإسرائيليين دون قيد أو شرط.‏

هذه الأهداف ذكرت، لكن يبقى الهدف الأكبر والأهم والأشمل  والأوسع الذي كان كل هذه الأهداف في خدمته هو ما أعلنته ‏كودوليزا رايس: ولادة شرق أوسط جديد.

تذكرون أن أمريكا كانت تحتل افغانستان وتحتل العراق، وأساطيلها موجودة في البحور والمحيطات، وتهدد سورية ‏ووضعت مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان الخطوة على طريقه ـ بعد كلما انجزته أمريكا في المنطقة ـ هو سحق ‏المقاومة في لبنان، ليلحقها السيطرة على سورية وضرب المقاومة في فلسطين وعزل إيران كمقدمة لإسقاطها وتحقيق الشرق الأوسط الجديد ‏الذي يعني هيمنة أمريكية إسرائيلية مطلقة على كل شيء في منطقتنا إلى مئات السنين. هذه الأهداف العظيمة والكبيرة ‏والإستراتيجية والتاريخية سقطت. طبعاً هذا انتصار هائل وعظيم ويكفي هذا العنوان لنؤكد على عظمة هذا الانتصار، ولكن ‏مع ذلك نحن نريد أن نفتح باباً آخر وعنواناً آخر، أيضاً بالإيجاز الممكن.‏

الجانب الآخر من حقيقة الانتصار في حرب تموز هو النتائج التي ترتبت على الحرب. هناك نتائج لم تكن أهدافا للمقاومة ‏منظورة ومقصودة، المقاومة في حرب تموز كانت في حال دفاع كامل. إذا سألت المقاومة ما هو هدفك في هذه الحرب ‏ستقول إسقاط أهداف العدوان.

ولكن بمعزل عن الأهداف وما تنويه أنت، لأي أحداث أو وقائع ميدانية نتائج، هذه النتائج لم تأتِ من فراغ، وإنما صُنعت من ‏خلال المقاومة، من خلال الصمود، من خلال التضحيات والثبات ودماء الشهداء والجراح والإدارة والتخطيط والوحدة ‏والتكامل والشراكة في هذه المعركة التي كانت قائمة. ولذلك أنا أدعو الباحثين والدارسين ـ طبعاً هناك كثر هم عملوا على هذا ‏الموضوع، لكن بقي الجانب الأول هو الطاغي ـ لنجري استعراضاً واستقراء واستقصاء للنتائج العسكرية والأمنية والسياسية ‏والثقافية والمعنوية والاقتصادية وا وا وا الخ‏ لهذه الحرب لنعرف أيضا جانباً آخر من الانتصار الذي تحقق في حرب تموز.

طبعا هذا ما أدعو إليه الخبراء والباحثين ونأمل أن يقوموا بجهد كبير في هذا الاتجاه، ولكن أنا بشكل موجز جدا ‏سأذكر بعض العناوين السريعة وخصوصاً ما يتعلق بكيان العدو وبالمقاومة. الآن بالنسبة لبنان ككل وللمنطقة وللنتائج السياسية ‏والعسكرية والأمنية، هذا بحث يطول.‏

لكن سأكتفي ببعض العناوين كنتائج ملموسة غير قابلة للنقاش، عندما أقول فلان مات، عن جد مات، اليوم عندما تقول فلان ‏استقال، عن جد استقال، هذه ليست نقاطاً للنقاش.‏
نبدأ
‏أولاً: اهتزاز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من الداخل. بعد هذه الحرب ونتيجتها اهتز الجيش الإسرائيلي بعنف ‏وبقوة، صار في حالة تشتت، حالة ضعف معنوي هائل، شبه حالة انهيار، اتهامات متبادلة بين رئيس الأركان وهيئة الأركان ‏وقادة الوحدات والقادة الجغرافيين والضباط والجنود صعوداً ونزولاً، اتهامات وصلت إلى حد الشتائم، إلى حد التخوين. هذا ‏موجود، كله تقرأونه من عشر سنوات وإلى الآن.

هذه الحالة ليس لها سابقة في تاريخ الجيش الإسرائيلي، هذه الهزة العنيفة وبالتالي الاستقالات والإقالات والتغيرات الدراماتيكية التي ‏حصلت في هذا الجيش.‏
وهذا أدى إلى أزمة ثقة ما زالت قائمة حتى الآن في داخل المؤسسة العسكرية بين المستوى الأعلى والمستوى الأدنى ثم ‏الأدنى ثم الجنود.‏ لا الذي هو الفوق يثق بمن هو أدنى ولا الأدنى يثق بالأعلى وهذا سينعكس في أي حرب مقبلة. هذا ظهر لاحقا في حرب غزة التي ‏جرت.‏

‏ثانياً: اهتزاز ـ لا أود قول انعدام، لا أ

ود المبالغة ـ اهتزاز ثقة الجمهور الإسرائيلي بالجيش، وأن هذا الجيش قادر على صنع ‏الانتصار، وأن هذا الجيش قادر على حسم المعركة وهذا أخطر أمر في الكيان الإسرائيلي الحالي.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي ايزنكوت يقول: “التهديد الأكبر هو تراجع ثقة الجمهور بالجيش” هذا حصل.‏

‏ثالثا: اهتزاز ثقة القيادة السياسية بالجيش وبجنرالاته. تقديراكم خاطئة. أنتم تبالغون. خططكم ليست دقيقة. أنتم عاجزون. هذا حصل ‏خلال عشر سنوات.

‏رابعاً: اهتزاز ثقة الجيش بالقيادة السياسية التي كانت في حرب تموز مترددة وضعيفة وخائفة ومرتبكة في اتخاذ القرارات.‏

‏خامساً: اهتزاز ثقة الجمهور الإسرائيلي بالقيادة السياسية ونشوء أزمة زعامة في إسرائيل عندما بات أولمرت رئيس وزراء بعد ‏شارون. كان هناك زعيم كبير بإسرائيل اسمه شارون، قبله كان هناك رابين وزعماء كبار.‏

أولمرت لو انتصر في حرب تموز لكرّس زعامة تاريخية وزعامة كبرى، لكن الهزيمة في حرب تموز أدخلت الكيان ‏الإسرائيلي في أزمة قيادة سياسية وأزمة زعامة سياسية يعبر عنها تشقق الأحزاب والحكومات الإئتلافية والانتخابات ‏المبكرة والتصدع السياسي والحكومي والبرلماني إلخ.

هذه العناوين الخمسة كمحطة. يعني هناك أمر بالجوهر، سأعود إليه بعد قليل، مس بسبب حرب تموز شيء اسمه الثقة، ثقة ‏الشعب الإسرائيلي بقيادته وثقته بجيشه وثقة القيادة بالجيش وثقة الجيش بالقيادة. أي كيان عندما يفتقد لهذه الثقة فمعنى هذا هو أنه ‏ذاهب إلى مصير خطير جداً.هنا لا نتحدث عن نتائج مؤقتة أو مرحلية أو تكتيكية أو حتى استراتيجية وأنما ‏نتحدث عن مسار إلى مصير.

‏سادساً: سقوط العقيدة العسكرية الإسرائيلية، سقطت في حرب تموز.

هذه العقيدة التي وضعها بن غوريون من بدايات تأسيس الكيان، وكل الحروب العربية الإسرائيلية لم تسقط العقيدة العسكرية ‏الإسرائيلية، ربما قاموا ببعض التعديلات الطفيفة.‏

ولكن في حرب تموز، في اليوم الثاني بعد الحرب هناك لجنة شكلت اسمها لجنة الأمن لتطوير العقيدة الأمنية والعقيدة العسكرية، وكان ‏يرئسها أحد زعماء الليكود في الكنيست، وعقدوا جلسات طويلة لإعادة النظر في العقيدة العسكرية الإسرائيلية.‏

العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تعتمد الحسم العسكري الميداني السريع، تحقيق انتصارات سريعة، ‏القتال في أرض العدو، الجيش يقاتل في أرض العدو وعلى الحدود، والجبهة الداخلية هانئة وناعمة وتسبح على شاطئ البحر، ‏هذا بالعقيدة العسكرية الإسرائيلية.

طبعا هناك تفصيل بهذه العقيدة لا أود الدخول إليه  لكن يكفي أن أقول لكم هذا انتهى.

اليوم الإسرائيلي يضع عقيدة جديدة أو ركّب عقيدة جديدة. لا يوجد فيها حسم سريع لأنه يعرف أنه لا يقدر وليس فيها فقط ‏قتال في أرض العدو وإنما هناك قتال أيضاً قد يحصل في داخل الأرض التي يحتلها، هي ليست أرضه وأيضا لن يكون هناك ‏قتال بمعزل عن الجبهة الداخلية. هذا الذي ثبتته حرب تموز وحروب غزة.‏

لا يمكنك أن تأتي وتقاتل في لبنان وتقصف في لبنان و”تشم الهواء” بالمستعمرات الشمالية أو بحيفا أو بما بعد حيفا أو ما بعد ما ‏بعد حيفا أو ما بعد ما بعد ما بعد حيفا. هذا انتهى، هذا الزمن انتهى.‏

اذهب وشكل عقيدة جديدة، وهو يعترف وهو يقبل. عادةً تعرفون انه خلال أكثر من 60 سنة من الصراع العربي الإسرائيلي “ياما فيه ناس” ‏خطبوا وهددوا وتوعدوا والإسرائيلي أحيانا علق ساخرا منهم.‏

ولكن كل ما قالته المقاومة في لبنان يعتقد به الإسرائيلي ويصدقه، ليس فقط لأنه يعلم انها صادقة، بل لأن معطياته ومعلوماته ‏تؤكد ذلك أيضاً، وهو أنه لا يوجد هدف ولا نقطة في فلسطين المحتلة إلا ويمكن ان تكون هدفاً ومرمى لصواريخ المقاومة ‏الإسلامية في لبنان، وهو يعرف ذلك.‏

ولذلك هو بحاجة إلى عقيدة عسكرية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الجبهة الداخلية، وعلى مرّ عشر سنوات العدو يعمل على الجبهة الداخلية، ‏وحتى الآن هو غير جاهز، المشكلة لم يحلها.‏

سابعاً:  ادراك وتسليم قيادة العدو السياسية والعسكرية بمحدودية القوة الإسرائيلية. ليس كل شيء يريدون أن يفعلوه يمكنهم أن يفعلوه. هذا الزمن انتهى. هنا نرسل فرقة موسيقية، وهنا نرسل كومندوس، وهنا نقوم بإنزال وهنا نهدد.

ثامناً: خفض سقف الطموحات الإسرائيلية، سقف الطموحات الحقيقية والضمنية، بمعنى الآن عندما يضع (العدو) أهدافاً ضمنية لأية حرب ستكون أهدافاً متواضعة ضمناً عنده، وعندما يعلن أهدافاً فإنه يعلن أهدافاً متواضعة. وتلاحظون أنه بعد حرب تموز عندما ذهبوا إلى حرب غزة لم يجرؤوا أن يعلنوا أهدافاً عالية، وحتى أنهم لم يعلنوا أهدافاً، ولم يجرؤوا أن يعلنوا حتى أهدافاً متدنية، هذا يعتبر من نتائج حرب تموز.

تاسعاً: تقييد الدور الوظيفي المباشر لإسرائيل لتنفيذ المخططات الأميركية. أصلاً في حرب تموز كانت إسرائيل فيها أداة تنفيذية لمشروع أميركي، هذه الأداة التنفيذية فشلت، بمعنى أنه لدى الأمريكان (إسرائيل)  في المنطقة أداة تنفيذية وكانوا منذ سنوات وعقود يقومون بتمويلها وتسليحها ودعمها، ولذلك نقول عنها إنها كيان عسكري متقدم لأميركا في المنطقة، وهي معسكر، وعندما أتوا ليستخدموها من أجل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد فشلت وخاب آمال سادتهم الأميركيين، وهذا ما تقرأونه في مذكرات جورج بوش وكوندريزا رايس والمحافظين الجدد والمقالات التي نُشرت مؤخراً.

عاشراً: وهي نتيجة مهمة جداً وعظيمة جداً، عودة شبح وسؤال الوجود والبقاء لدولة إسرائيل، في داخل إسرائيل. الآن إذا قام أحد من المقاومة ليتكلم في هذا الموضوع أو من داعمي المقاومة سيقولون له أنتم تبالغون. بعد حرب تموز مباشرةً، عاد الحديث عند جنرالات إسرائيل وزعماء إسرائيل وكبار المنظرين في إسرائيل وهو عن سؤال الوجود والبقاء، هذه إسرائيل هل توجد إمكانية لأن تبقى أم ذاهبة باتجاه السقوط والزوال؟ متى هذا؟ بعد حرب تموز، قبل حرب تموز كانت إسرائيل في وضع مختلف تماماً، من الثقة بالقوة والقدرة والبقاء والردع والإستمرار والهيمنة والسيطرة، خصوصاً وأن الأمريكان صاروا في العراق وفي أفغانستان وفي المحيطات وفي البحور وفي المنطقة وفيما يسمى بالبيئة الإستراتيجية، كله يتحول لمصلحة أميركا وإسرائيل، لم يكن يوجد عشية حرب تموز أي سؤال في أي مكان وفي أي عقل إسرائيلي عن بقاء دولة إسرائيل وكيان إسرائيل. لكن هذا السؤال فُتح من جديد  بعد حرب تموز، وإذا أردنا أن نعمل إستشهاد.. لنتكلم عن رئيس الدولة الحالي ـ اسمه ليفيين، طبعاً في لبنان لا يوجد يسمع به ـ ماذا قال؟ قال: حزب الله لم يكف عن جهوده لتدمير إسرائيل، وفي الفترة الأخيرة إعترف بالفم الملآن، على كل حال يدعو إلى وحدة الصفوف الإسرائيلية للمواجهة المحتملة المقبلة في المستقبل، الله يعلم متى، ونحن نعلم ـ وليسمع كل اللبنانيين والعرب والناس في المنطقة ـ ونحن نعلم يعني الإسرائيليين أن الحرب القادمة إذا ما فُرضت علينا ـ ولتكن هذه في بالكم ـ إذا ما فرضت علينا، الإسرائيلي يقول ذلك، إسرائيل هي التي تقول والتي كانت تفرض الحروب على دول وشعوب وحكومات المنطقة، الآن تقول: إذا ما فرضت علينا ستكون قاسية، ومع ذلك سنخرج ويدنا هي العليا، طبعاً يريد أن يعطي معنويات، لأنه يا أصدقائي لن يكون لنا موعدٌ ثانٍ، لن يكون لنا موعدٌ ثانٍ، يعني ماذا يقول هذا الرئيس؟ إذا خرجت إسرائيل إلى الحرب الجديدة وخسرت الحرب فإنه لن يكون هناك بعدها حرب لأنه لن يكون هناك إسرائيل. هذا سؤال وجود وهذا سؤال بقاء، ونتنياهو يقول ماذا حدث في ال67 وفي ال73 وفي ال82 والبقاء والهيمنة والسلطة وكذا… بالنسبة لإسرائيل، يقول، وبعد حرب لبنان الثانية 2006 انقلب الإتجاه، هذا الإتجاه انقلب فصار نزول، انقلب الإتجاه وبات واضحاً الآن، لهؤلاء بعض الناس في لبنان الذين ما زالوا “مغبشين”، بات واضحاً الآن أن إسرائيل لم تعد دولة لا يمكن التغلب عليها، إنتهى، وعاد التساؤل حول بقائها يلوح من جديد، ليس فقط لدى أعداء إسرائيل وإنما لدى أصدقائها أيضاً، اليوم توجد دراسات لكبار وإستراتيجيين في أميركا تتحدث عن أن مستقبل إسرائيل لم يعد طويلاً، لا يتكلمون لا منامات ولا نبوءات ولا نوسترداموس ولا أحد رأى ذلك في منامه، بل على المعطيات الحقيقية والواقعية، هو الذي يقول، ليس فقط الأعداء بل الأصدقاء بدأ يلوح لديهم هذا السؤال عن بقاء إسرائيل.

شيمون بيريز أمام فينوغراد ماذا يقول؟ هذه التصريحات هامة جداً، الذي يتكلم ليس واحداً من المقاومة أو دكتور أو عميد أو لواء في المقاومة، هؤلاء هم زعماء إسرائيل، شيمون بيريز: قبل هذه الحرب كان العالم العربي قد سلّّم بشكلٍ أو بآخر بوجود إسرائيل ويقول طبعاً باستثناء إيران، لكن بعد الحرب، بدأ هذا بالتراجع، إن صحة مقولة لا يوجد حل عسكري تلاشت، يعني حرب تموز قد أوصلتهم إلى ذلك، لا يوجد حل عسكري بل أذهبوا لتجدوا حلاً سياسياً، إن اندثار صحة مقولة إنه لا يوجد حل عسكري يعني أن إسرائيل لن تستطيع البقاء في هذه المنطقة، يوجد شيء ليس واضحاً، هو واضح.

أحد عشر: تعزيز الردع الإستراتيجي للمقاومة في لبنان لحماية لبنان، لأنه دائماً كنا نقول بعد ال2000نريد أن نعمل ردعاً متبادلاً، وهذا ليس جديداً بشأن الردع الإسرائيلي، لأن إسرائيل منذ ال1948 هي حالة رادعة وقوة رادعة وتمارس الردع، المشكلة أن الإسرائيلي طوال عمره رادع والكثير من العرب مردوعين. الجديد بعد حرب تموز أنه صار هناك ردع متبادل يعترف به الإسرائيلي، نحن كنا نقول: الحرب إذا فرضت علينا، الآن من يقول ذلك؟ الإسرائيلي يقول: الحرب إذا فرضت علينا، اليوم لم يعد ذلك كلاماً، بل أصبح حقيقة وواقعاً، يتكلم عنه كل المسؤولين الإسرائيليين، السياسيين والعسكريين والإعلاميين، هناك إقرار بقدرة حزب الله في لبنان على الردع. هذا انتهى وهذا مسلّم به في إسرائيل، وعلى أساسه يتخذ قرار سياسي وقرار عسكري في إسرائيل، وتوضع خطط وتوضع إستراتيجيات. حديث نتنياهو قبل أيام الذي سأرجع إليه بعد قليل، حديثه  قبل أيام عندما أتى ليتكلم عن معادلة الهدوء في مقابل الهدوء، مع من؟ مع جهة هو يعلم بأنها تزداد قوة وتدريباً وتسليحاً و”مش تاركه”، يتكلم عن هدوء في مقابل هدوء مع لبنان الذي ليس معه معاهدة سلام ولا التزامات ولا مكاسب ولا ترتيبات أمنية.

من أين أتت هذه المعادلة؟ من الإقرار الإسرائيلي الواضح والقاطع بمعادلة الردع المتبادلة التي كرستها نتائج حرب تموز، هذه هي النتيجة أمام أعينكم وأمام عيون الناس الذين لديهم عيون، الذي حقده لا يمنعه من أن يرى.

أنا لم آت بأي شاهد ولم أستشهد بكلام أحد من جماعة المقاومة ولا من محور المقاومة، عمداً كل شواهدي أتيت بها إسرائيلية، وشهد شاهدٌ من أهله، لأنه يوجد أناس لا يصدقوننا بل يصدقون الإسرائيليين، هم يقولون ذلك ويتكلمون عن ذلك.

النتيجة التي أريد أن أصل إليها في هذا العنوان، قبل أن أنتقل إلى الوضع الإقليمي، النتيجة التي أريد أن أصل إليها هي التالية: أن الجامع المشترك بين كل هذه النتائج أو المصب الذي تؤدّي إليه كل مسارات هذه النتائج هو التالي: أن إسرائيل في حرب تموز أصيبت في روحها، الآن الشخص عندما يصاب في جسمه فتنقطع يده أو تقطع أذنه أو تكسر رجله فيظل الجسم يُرمم، أما الروح فإن الإصابة بها صعبة والشفاء منها صعب، الإصابة في الروح هي إصابة قاتلة غالباً. إسرائيل أصيبت في روحها، في ثقتها وفي عزمها وفي إرادتها وفي أملها وفي طموحها وفي إعتدادها بذاتها وفي كبريائها وفي علوها وفي جبروتها وفي إطمئنانها إلى بقائها في هذه المنطقة، أصيبت بثقتها في نفسها وثقتها في جيشها وثقتها في إمكانياتها على إلحاق الهزيمة بالآخرين وشكها في قدرتها على البقاء في منطقتنا.

هذا الأهم وهو الإنجاز الأكبر والأعظم. ضعوا إسقاط الاهداف جانباً، هو مشهد عظيم. لكن هذا مشهد عظيم في الصراع العربي الإسرائيلي وفي تاريخ المقاومة والصراع بين العرب وإسرائيل وبين المسلمين والمسيحيين الذين يؤيدون خيار المقاومة وإسرائيل، هذا أهم إنجاز حصل خلال عقود من الزمن يتحقق في حرب تموز.

المشكلة أين؟ هم دائماً كانوا يقولون: المهم أن نشتغل على كي الوعي العربي، وكي الوعي الفلسطيني ، وهنا توجد نصوص كثيرة، لن آخذ وقتاً طويلاً لأقرأها لكم، توجد نصوص كثيرة في هذا الشأن، أنه منذ زمن بن غوريون وقبله وبعده يجب أن يقتنع العرب أن إسرائيل لا تهزم ويجب أن يقتنع العرب أنه بالقوة لا يمكن أن يأخذوا شيئاً من إسرائيل، ويجب أن يقتنع العرب بأن يقبلوا بما تمن عليهم إسرائيل به من فتات، هذا يجب أن يحصل في الوعي واللاوعي العربي، وفي المقابل في الوعي واللاوعي الإسرائيلي، العلو والإقتدار والثقة والقدرة على صنع النصر، بحيث يوجد مثل شعبي في إسرائيل عندما يعقّد السياسيون الأمور قليلاً يقولون لهم إتركوا الجيش ينتصر، على أساس أنه من المسلّم به أن الجيش الإسرائيلي حيثما يذهب ينتصر، هذا عمل في الوعي عبر عقود من الزمن وجاءت حرب تموز وقبلها قي ال2000 أسست المقاومة لكي الوعي الإسرائيلي، والآن مثلما أتى قبل قليل في الفيلم الصغير والذي سأرجع لأتكلم عنه، لماذا إصرار العدو في ال2006 على الدخول إلى مدينة بنت جبيل؟ المعركة كانت على الوعي ولم تكن لا على الحجارة ولا على الملعب ولا على الطرقات ولا على الأحياء، كانت معركة الوعي لترميم الوعي الإسرائيلي وإعادة كي الوعي العربي.

هذه  حقيقة معركة بنت جبيل  التي سأرجع لها فيما بعد، أنظروا في ال 2000 هنا في بنت جبيل ببركتكم وتضحياتكم وصمودكم ودمائكم، أتى العبد الذي هو أنا وكان لدي الشرف أن وقفت في هذا الملعب وخطبت، وقلت جملة معروفة وحلفت عليها يمين: إن إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت، تمام خلصنا، نحن حزب الله وكل حلفائنا ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام، لم يعمل أحد برنامج حرب نفسية وإعلامية وسياسية وثقافية على قصة بيت العنكبوت، كلمة قيلت ومشينا، لكن أين “دبست” وعلقت؟ علقت في إسرائيل، في الوجدان الإسرائيلي كله، في قادتهم وجنرالاتهم وإعلامييهم وسياسييهم وكبارهم وصغارهم. نتكلم عن قبل ست عشرة سنة، وأتت حرب تموز لتؤكد هذا المنطق وهذا التوصيف وهذه الحقيقة وهم ليسوا قادرين على الهروب منها. الآن يمكن أن يأتي أحد ويقول لي يا سيد هكذا أنت تلفت نظرهم فربما غداً لا يعودون للكلام عن بيت العنكبوت، ليس المهم أن يتكلموا أو لا يتكلموا. المهم أنني متأكد أنهم مقتنعون، تريدون شاهداً؟ في الذكرى العاشرة، أي منذ أيام، في يوم واحد خطب نتنياهو رئيس حكومة العدو، هذا الذي هو أهم شخصية في إسرائيل،  هو الآن الزعيم في إسرائيل الذي يرتبكون في أن يجدوا بديلاً له، بعد ست عشرة سنة خطب مرتين في الذكرى السنوية، مرة في الكنيست وفي نفس اليوم خطب في جبل هرتزل، وفي المكانين تكلم عن بيت العنكبوت، لا يتكلم هنا صحافي أوجريدة أو نائب في الكنيست، هذا اليوم هو رأس الكيان وقائد القوات المسلحة في كيان العدو، تكلم في المرتين، في إحداهما ماذا قال؟ طبعاً هو تكلم في السياق لكن نفس أنه يتكلم ويلفظ مصطلح العنكبوت يعني كم هو حفر عميقاً فيه وفي كل مجتمعه. قبل أيام قال من يعتقد أنه سوف يجد هنا بيت عنكبوت سوف يلقى جداراً حديدياً وقبضة حديدية، نعم يا حبيبي رأينا قبضتكم الحديدية هذه في بنت جبيل في ال2006، رأيناها أم لا؟ في المرة الثانية ماذا قال؟ حزب الله نظر إلينا كدولةٍ ضعيفة تفتقد إلى عمودٍ فقريٍ قويٍ وإلى مجتمعٍ أوهن من بيت العنكبوت تعب من القتال ومن الدفاع عن نفسه، وأنا أقول لنتنياهو اليوم: نعم، أنتم مجتمع أوهن من بيت العنكبوت، تعب من القتال ومن الدفاع عن نفسه، هذه هي الحقيقة.

هنا أصل إلى معركة بنت جبيل، أصلاً لماذا كانت هذه المعركة؟ كانت معركة الوعي، نحن كنا نعتبر انهم أتوا إلى بنت جبيل  مثلما حاولوا ودخلوا إلى مارون الراس وأتوا إلى عيناتا وأتوا إلى بقية الضيع والمناطق الأمامية  حتى لا أدخل هنا في الأسماء، لكن فيما بعد اتضح أن الإسرائيليين هم أنفسهم تكلموا عن أن الهدف كله كان في بنت جبيل أن يصلوا إلى الملعب ويطلع ضابط إسرائيلي ليرفع العلم الإسرائيلي ويعمل خطاب أنه نحن لسنا بيت عنكبوت أيها العالم بل نحن قبضة حديدية وقبضة فولادية، فمعركة بنت جبيل أسقطت القبضة الفولادية وثبّتت مقولة بيت العنكبوت بدماء الشهداء الأبطال، وكلنا يعرف ماذا حدث في بنت جبيل في حرب تموز، دمار وقصف جوي وقصف مدفعي وقصف صاروخي، الكتائب والألوية والنخب والأعداد الهائلة والدبابات والآليات، وفي المقابل ثلة من المجاهدين المقاومين الأبطال هم الذين صنعوا هذه الملحمة، وعجز جيش بيت العنكبوت أن يصل إلى الملعب ليقف ضابط منه ويقول: لسنا بيت عنكبوت، هذه هي قصة بنت جبيل، هذا أخطر ما أصاب الكيان الإسرائيلي، عندما أقول أنه أصيب في روحه وفي وعيه وفي ثقته وفي عقيدته العسكرية وفي زعامته وفي جبهته الداخلية وفي قدرته على المواجهة.

اليوم إذا لم يكن هناك عدوان على لبنان لا أحد يقدر أن يمنّ على لبنان، لا أحد يقدر، لا الأميركان ولا مجلس الأمن الدولي ولا الأوروبيين، طبعاً العرب أكيد لا يمنعون إسرائيل أن تهجم على لبنان، هناك أناس يطلبون منها أن تهجم على لبنان.

لا أحد يقدر أن يمن على لبنان لماذا لا تعتدي عليه إسرائيل؟ نحن من عشر سنوات أمن وأمان، هذه السنوات العشر، أمن وأمان، وأعود لها بعد قليل، لكن لا أحد يقدر أن يمنّ علينا، أبداً، وأن إسرائيل (لا تهاجم نتيجة) كرم أخلاق، منذ متى عندها كرم أخلاق؟ لماذا لا نشاهده في فلسطين كرم الأخلاق هذا؟ لا. نتيجة حرب تموز، نتيجة معادلة الردع، نتيجة التحول في الثقة والإيمان والعقيدة والفكر والوعي والروحية والمعنويات الإسرائيلية، نتيجة الوقائع التي فرضها انتصار لبنان والمقاومة ومحور المقاومة في حرب تموز، وليس أي شيء آخر.

ولذلك اليوم، نعم عشر سنوات من الأمن والأمان، ليس هناك معاهدة مع إسرائيل، لا أحد أعطى وعوداً لإسرائيل، لا أحد أعطاها ضمانات ولا هناك ترتيبات أمنية مع إسرائيل. وبالعكس، إسرائيل مردوعة أمام بلد هي تعلم بأن المقاومة تزداد فيه عدة وعديداً وقوة وقدرة وبيئة وشعبية وثقة وإيماناً وعزماً وإرادة وإلى آخره…إذاً هذه المعادلة هي فرضتها.

حسناً، الشاهد اليوم، أنتم الآن في بنت جبيل، “فشخة” عن الحدود، هذه الحدود، دائماً كان الإسرائيلي هو في موقع المبادرة والهجوم، نحن لا نجرؤ أن نعمر بيوت على الحدود، هو يعمر مستعمرات، اليوم أهلنا في الجنوب يعمّرون بيوتهم على الحدود، على الشريط الشائك.

كان (الإسرائيلي) ينزل يفلح أرضه وأرضنا متروكة، لذلك أنا أتذكر لما أتيت إلى بنت جبيل في عام 2000 وانتهينا، طلعنا تجولنا قليلاً على الشريط، المنطقة كلها عنده خضار وأغلبها عندنا يباس، الآن المنطقة عندنا تصبح خضار، لكن عنده ماذا يفعل، جزء من الخضار يجرفه، يبني تلالاً ويجرف وديان، لماذا؟ لأنه خائف من اجتياح الجليل، هذه إسرائيل. ضيعنا كانت تنام على خوف، أنه لا نعرف متى الإسرائيلي يعمل كومندوس ويدخل ويجتاح ويخطف ويقتل ويقصف ومستوطناتهم عائشة بأمان. الآن واحد يطلع، واحد من أي ضيعة، يطلع يأخذ “كومبيرسة” على الحدود أو قبل الحدود بقليل، ويبدأ العمل بالكومبيرسة ستجدون المستعمرات القريبة هربت، كومبريسة هذه التي تحفر. لا أريد أن أبالغ، إذا أحد “دق  شكوش” على الحدود، بينما تأتي قوافل عسكرية إسرائيلية تقف على الشريط الشائك، الناس “غير ملتكشة” (مهتمة) فيهم، أطفالنا، نساؤنا، أناسنا.

انظروا ليلاً، هل هناك أحد يتحرك عندهم في المستعمرات، أم أصبحوا ينامون باكراً، وانظروا عندنا، العالم تبقى ساهرة حتى طلوع الفجر. هذا ماذا؟ هذا ليس إنجازاً؟ هذه من النتائج، هذه المعادلة.

على طول الإسرائيلي عمره واضع عندنا شريط شائك، لماذا الآن بدأ يعمر حيطان، بدأ يعمر حيطان لأن عقيدته العسكرية سقطت، تغيرت، هذه قصة أن هناك فقط إسرائيل هي تهجم على بنت جبيل، لماذا؟ أيضاً هناك أناس في بنت جبيل يهجمون على الجليل، ومثل ما نحن يجب أن نضع خططاً دفاعية، هم يجب أن يضعوا خططاً دفاعية، مثل ما نحن يجب أن نقلق على مدننا وقرانا هم يجب أن يقلقوا على مستعمراتهم، هذه من نتائج حرب تموز.

أكتفي بهذا المقدار حتى أحكي فقط كلمتين بعد بوضع المنطقة والوضع المحلي، لكن الخلاصة نحن أيها الأخوة والأخوات اليوم أحببنا أن نضيء، طبعاً هذه خلاصة، هذه بعض العناوين، لم نتحدث بعد عن انعكاس النتائج على مستوى المقاومة وثقتها وقوتها وإرادتها واحتضان الناس لها ورأي الأمة بخيار المقاومة والبديل الذي قدمته المقاومة، البديل الاستراتيجي العسكري ونتائج هذا على مستوى المنطقة وتداعياته، المقاومة في فلسطين، الموقف في سوريا، انتصار المقاومة في العراق، بعد ذلك الربيع العربي، هذا كله دعوه لاحقاً، الوقت لا يتسع لذلك. لكن هذا المقدار، أنا أحببت أن أقول هذا عدونا، أليس هذا انتصاراً إلهياً، تاريخياً، استراتيجياً عظيماً؟ حتى في بعد النتائج، هذا طبعاً لم يأتِ مجاناً، لم يأتِ مجاناً، جاء بالتضحيات الجسام العظيمة التي حصلت خلال 33 يوم وقبل وبعد.

حسناً، اسمحوا لي أن أنقل كلمتين للوضع في المنطقة.

أنا أدعوكم، أدعو اللبنانيين جميعاً وشعوب المنطقة إلى متابعة التصريحات، وأدعو شعوب المنطقة والقيادات السياسية والأحزاب وكل المهتمين بالشأن العام إلى متابعة التصريحات التي تطلق الآن في الولايات المتحدة الأميركية – الآن البعض سيقول إلى أين أخذنا السيد، إلى أميركا، لا، نحن هنا بالمنطقة – حول مسؤولية الإدارة الأميركية عن تأسيس وايجاد ودعم داعش.

فلنبدأ من هنا بكلمتين، الآن موجود في مواقع الانترنت اعترافات لوزراء وجنرلات وأمنيين أميركان كانوا بالإدارة الحالية وبعضهم ما زالوا في الإدارة الحالية يعترفون أنه نحن، يعني هم الأميركان، نحن صنعنا داعش، نحن أوجدنا داعش.

الآن البعض يمكن أن يقول لك كيف؟ الآن أيضاً أعقّب عليها. حسناً، لماذا أوجدتم داعش؟ أو أول شيء كيف؟ هم كان عندهم اختراق لتنظيم القاعدة في العراق، هذا إذا لم يكن عندهم سيطرة كاملة عليه، لكن كان عندهم اختراق قوي، حسناً، كان عندهم مجموعة بالسجون، منهم أبو بكر البغدادي، كان بالسجن الأميركي في العراق وأطلق سراحه، ذهب وبسرعة أصبح أمير تنظيم القاعدة في العراق، بعد ذلك أًصبح اسمه الدولة الإسلامية في العراق. أبو محمد الجولاني زعيم النصرة كان عند أبو بكر البغدادي، يعني بالدولة الإسلامية بالعراق، لما أرسلوهم إلى سوريا، كانوا ما زالوا مع بعض ولذلك النصرة وداعش ـ أقول أنا دائماً ـ هؤلاء واحد، اختلفوا على الزعامة، لكن رعاية المشروع واحد.

جاء الأميركان، جاءوا ببعض الدول ومنها دول، بالتحديد السعودية، تفضلوا، الإعلام، المشايخ، الفضائيات، الأموال، السلاح، الذخيرة، موّلوا لنا هذا المشروع، واستعانوا أيضاً بدول إقليمية أخرى لتقديم التسهيلات، وتعاونوا مع الغرب ولذلك جمعوا عشرات الآلاف من المقاتلين، الآن هناك مركز دراسات ألماني يقول 360 ألف جاءوا إلى سوريا والعراق، ممكن لم يأتوا جميعاً دفعة واحدة أو بقوا كلهم بوقت واحد، لكن دخلوا وخرجوا، لكن عشرات الآلاف جاءوا بهم.

هل أحد يتصور، الآن نحكي هكذا “على بساط أحمدي”، أميركا التي تلحق الدولار والتي تلحق المصرف في لبنان لمن فتح حساباً ولمن لم يفتح حساباً، فتح لمستشفى أو لجمعية خيرية أو لابن عم فلان المسؤول في حزب الله، أميركا التي تلاحق البندقية والصاروخ وقطعة ضد الدروع والدفاع الجوي إلى أين ذهبت وإلى أين أتت، مرّ آلاف الأطنان باعتراف الأميركان على العراق وسوريا، هذا بدون علم الأميركان والإدارة الأميركية؟! أبداً.

التمويل، الإدارة، التسليح، طبعاً تكفلت دول، أميركا ليس هناك داع أن تعذب نفسها بالتحريض، هناك أناس عندهم خبرة عالية بالتحريض وأموال ما شاء الله، هم صنعوا هذه الجماعة التكفيرية الواسعة التي كان اسمها تنظيم القاعدة ثم أصبح اسمها الدولة الإسلامية في العراق، ثم أصبح اسمها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وانشق منها جبهة النصرة ولحق بها الآن جماعات وفصائل إلى جانبها تحمل نفس الفكر.

لماذا فعلتم ذلك يا أميركان؟ بكل صراحة هم يقولون، بكل صراحة، وموجود هذا، مثل ما استشهدت بالإسرائيلي قبل قليل، أستشهد بالأمريكان، دعوا الناس تسمع وتشاهد وترى وتحلل صح وتفهم صح وتقرر صح: من أجل ضرب محور المقاومة وبالتحديد حزب الله، وبالتحديد حزب الله، ليس لأن حزب الله أهم من سوريا، ولا لأن حزب الله أهم من إيران، بل لأن حزب الله هو أعتبر بشكل أو بآخر رأس الحربة الموجود فعلاً في الميدان، لأنه حركة مقاومة، عنده هوامش، قد لا تتاح لدول في محور المقاومة، فإذاً هذا رأس حربة محور المقاومة، الذي في الخط الأمامي، الذي يقاتل، الذي قاتل في حرب تموز هو حزب الله.

حسناً، نريد أن نأتي بمن يهزم حزب الله، من يدمر حزب الله ويدمر محور المقاومة، الآن هذا الكلام من عدة أشهر نشر بوسائل الإعلام، ليس هناك داع أن نحلل، مثل ما كنا نحلل عن حرب تموز بعد حرب تموز، الآن الإسرائيلي طلع كل شيء، والأميركاني يكتب كل شيء، كل أهداف حرب تموز، الآن أصبحوا يتكلمون نفس الشيء، ولذلك لأن هذا الموضوع له مصداقية عالية، بأميركا اليوم بالانتخابات الرئاسية و”الملاشقة” (التراشق) الموجودة بين ترامب وبين كلينتون وأوباما، أهم سلاح يستخدمه المرشح الجمهوري ترامب ضد الديمقراطيين، ماذا هو؟ لأنه الآن الشعب الأميركي والرأي العام الأميركي والرأي العام الغربي كله أصبح ضد داعش بسبب جرائم داعش، لم يعد باستطاعتهم إخفاء هذا الموضوع، ماذا يقول لهم؟ الذي أسس داعش هذه يا أميركان ويا أوروبيين ـ هو ليس مهتماً بالسوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والمصريين والفلسطينيين، هو ليس بسائل عن كل هؤلاء الذي يقتلون، والأفغاني والباكستاني والهندي، هو سائل عن الأميركان والأوروبيين، هؤلاء (داعش) أسسهم أوباما وكلينتون.

هذا ليس بكلام بسيط، هذا مرشح أميركي، هذا يخطب باسم الحزب الجمهوري الأمريكي، الذي عنده معطياته وعنده وثائقه، أصلاً ليس هناك داع أن يقدم معطيات، هم معترفون، وموجودون على مواقع الانترنت. إذاً هم الذين أسسوا داعش، العنوان الأوسع، هم الذين أتوا بهذه الجماعات التكفيرية التي أصبح الآن عنوانها الكبير داعش وجبهة النصرة، أتوا بهم من كل أنحاء العالم، بعد أن فشل الشرق الأوسط الجديد.

هنا اسمعوني جيداً، بعد أن فشل الشرق الأوسط الجديد وصمدت المقاومة في لبنان، وصمدت المقاومة في فلسطين، وصمدت سوريا وصمدت إيران وهزمت أميريكا في العراق وخرجت عام 2011 وبدأت طلائع الثورات الشعبية العربية التي أطاحت بأنظمة هي في المنظومة الأميركية وفي المنظومة الحليفة لإسرائيل، الأميركان أصبحوا أمام وضع جديد: هناك محور مقاومة هائل ضخم. تصوروا لو بقيت الأمور تسير مثل ما كانت تسير في البدايات، إسرائيل في عام 2011 في مؤتمر هرتزليا قالت نحن في أسوأ بيئة استراتيجية منذ قيام الكيان، لأنهم حسبوا ماذا حصل في السنوات الأخيرة، حسناً، كيف يمكن مواجهة هذا التطور التاريخي القومي الكبير الهائل في المنطقة؟ إسرائيل تشن حرباً؟ قبل قليل قلنا من النتائج إسرائيل فشلت، لم تعد أداة ناجحة لمواجهة بهذا الحجم، هي مع حزب الله ومع المقاومة في غزة فشلت، ستعمل مواجهة على مستوى المنطقة؟! لا.

يرسل الجيش الأميركي؟ هو كان في العراق، وهو في أفغانستان، لن يستطيع أن يغير المعادلة. إذاً ماذا؟ الحرب بالوكالة، وهذا ما تتقنه الولايات المتحدة الأميركية وما فعلته سابقاً في أفغانستان، عادوا لأصحابهم القدامى، تعالي أيتها السعودية وغير السعودية، اجمعوهم لنا من كل أنحاء العالم، ونذهب ونقاتل بهم، فلنقاتل بهم النظام في سوريا وندمر الجيش السوري، ونقاتل بهم في العراق الذي لم يخضع لشروطنا ونهز الوضع في العراق وندمر ما بني في العراق وخرج من قدرتنا وطاعتنا، ونرسلهم ليدمروا حزب الله في لبنان ويسيطروا على لبنان ويجعلوا اللبنانيين كلهم يركعون لأميركا وإسرائيل وعملاء أميركا في لبنان، يجعلونهم كلهم يركعون. وفلسطين، ننتهي من فلسطين، ومن كل هذا الوضع العربي. بدل ما بهذا البلد وذاك البلد يكون همّ الناس الإصلاح، يصبح همّ الناس الأمن، كيف ينتهون من داعش والقاعدة والنصرة والتكفيريين والتفجيرات والمطاعم التي تفجر والمساجد والكنائس والمدارس والأسواق ويقبلون بأي حاكم وبأي نظام وبأي سلطة وينسون شيئاً اسمه حريات وإصلاح وديمقراطية وعيش وكرامة وكل هذه الشعارات التي رفعتها الشعوب العربية في المنطقة، فضلاً عن فلسطين. أتوا بهذه الجماعات ليعملوا هذه الفوضى المدمرة في منطقتنا، وجاء الأميركان واستخدموهم.

يا إخواننا، يا أخواتنا، يا عالم، يا ناس، الأميركان أتوا بهم، الأميركان جمعوهم، الأميركان موّلوهم، الأميركان سلّحوهم، طبعاً ليس من جيبهم، من جيب الخزائن العربية، والأميركان فتحوا لهم الحدود وعملوا لهم تسهيلات ودربوهم وقاتلوا فيهم، لكن الآن بدأو يصلون إلى مرحلة أن هناك بعض الأماكن هذه الورقة انتهت، مثل ما حصل بعد أفغانستان، هذه الورقة انتهت.

أنا اليوم، اليوم طبعاً داعش في الموصل وفي الرقة، هي اليوم صوت انتخابي بالانتخابات الرئاسية الأميركية، باراك أوباما مصر على معركة الموصل وداعش والرقة، يلحق أو لا يلحق لا أعرف، لكن من أجل ماذا؟ من أجل أن ينقذ العراقيين والسوريين من داعش؟! لا، من أجل الانتخابات الرئاسية، يريد للحزب الديمقراطي أن يحكم. حسناً، حتى النصرة، إلى ما قبل معركة حلب كان هناك اتفاق يركب، روسي  – أميركي، هذا أصبح موجوداً على وسائل الإعلام، في الصحف، أنا لا أكشف سراً، لتوافق روسي أميركي على سحق داعش وجبهة النصرة، لماذا؟ الآن ممكن الواحد يقول لي يا سيد هذا تناقض، أبداً ليس بتناقض، أتوا بهم وشغّلوهم ووظفوهم وقاتلوا بهم واستنفذوهم والآن جاء وقت القطاف، الآن وقت الحصاد.

وأنا هذا قلته، أريد أن أذكر به، قبل خمس سنين، عندما قلت للمقاتلين من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في العراق، لم يكن اسمها داعش بعد، وقلت لهم يا جماعة أنتم الذين تعتبرون أنفسكم مقاتلين، مجاهدين، وتدّعون أنكم تريدون إقامة الحكومة الإسلامية والدولة الإسلامية، يا جماعة، أميركا والسعودية ودول في المنطقة جاءت بكم وسلّحتكم وسهلت مجيئكم وقاتلت بكم ودعمتكم لتحقق أهدافها وبعد ذلك ستقضي عليكم، هذا من خمس سنوات، هذا لا يحتاج واحد يعرف مستقبل ويعرف غيب ولا يحتاج بصارة، هذا يقرأ من التجارب والوقائع وحقيقة العدو الصديق.

واليوم أنا أقول لهم، ستستغربون أن اليوم بالذكرى العاشرة أنا سأوجه خطاباً لداعش ولجبهة النصرة ولكل هذه الجماعات التي ما زالت تقاتل في سوريا وفي العراق، وفي اليمن ما زالت تقاتل، وفي ليبيا ما زالت تقاتل، وفي سيناء ما زالت تقاتل، لأقول لهم إذا كانوا ما زالوا يسمعون الصوت، إذا كان ما زال هناك مكان بعقلهم، هناك القليل من العقل، هناك إمكانية تأمل قليلاً، يا جماعة أنتم تم استغلالكم خلال خمس سنوات لتدمير محور المقاومة ولتدمير شعوب المنطقة ولتدمير آمال هذه المنطقة ليقوم على أنقاضها أنظمة ضعيفة خانعة، عميلة، خاضعة للأمريكي والإسرائيلي، إذا عندكم حقاً ما زال هناك شيء من الإسلام، هناك شيء من الحب للنبي هناك شيء من العلاقة بالقرآن أوقفوا هذا القتال لمصلحة أمريكا في المنطقة، أوقفوا هذا القتال، ألقوا هذا السلاح، نتكلم بمصالحات، نتكلم بتسويات، ربما يكون هذا الكلام فيه مبالغة، نعم أنا أدعو اليوم كل أولئك الذين لا زالوا يحملون السلاح، ونحن نأسف عليهم ونأسى لهم، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم استشهاديين هؤلاء انتحاريون، انت تنتحر وتقتل إخوانك من أجل من؟ من أجل أي هدف؟ في حلب أو في الموصل أو في دير الزور أو في درعا أو في أي مكان في سوريا أو في العراق، وتفجر نفسك في بغداد وتفجر نفسك في دمشق وتفجر نفسك في المدن اليمنية، في خدمة من؟ مشروع من؟ من أجل من؟ لعيون من؟.

يا جماعة اجلسوا فقط فكروا قليلاً، فقط فكروا قليلاً ستكتشفون أنه تم استغلالكم وأنه آن وقت حصاد بعضكم وهو داعش وحصاد الباقين آتٍ عندما لا يعودون بحاجة لهم.

هذا ما ندعو اليه اليوم أمام كل المعارك الموجودة في المنطقة. العلماء الحكماء العقلاء الفهيمون، الناس الحريصون على هذه الأمة، الذي يستطيع أن يقول كلمة، الذي يستطيع أن يجري اتصالاً، الذي يقدر أن يبذل جهداً، يجب أن تتوافر كل الجهود لوأد هذه الفتنة القائمة في الأمة وفي المنطقة، وإذا لم يتوقف هؤلاء عن القتال لمصلحة الأميركي وصاحبه الاسرائيلي في النهاية نحن ليس لدينا خيار، نحن ليس لدينا خيارا. يوماً بعد يوم تتضح صوابية وصحة الذهاب إلى سوريا وإلى غير سوريا، لأن هذه معركة واحدة تقودها داعش هنا وهنا وهنا، داعش التي تقاتل في كل هذه البلدان صنعتها أميركا وسهّلتها أميركا وأعطتها أميركا وحتى اآان عندما تريد أن تضربها أميركا تضربها بحدود بحدود لأنها تريد أن توظف الباقين، ما زال التوظيف النهائي لم يكتمل.

نحن ليس لدينا خيار إلا أن نبقى وأن نحضر في الساحات، في حلب وفي غير حلب، وفي كل مكان يقضتيه الواجب أن نكون سنكون، كنا وسنكون، مهما كان التهويل القائم حالياً. لكن تبقى الدعوة الأساسية اليوم هي الدعوة إلى الوعي، إلى المراجعة، إلى التأمل، إلى التوقف عند حقيقة المسارات التي تحصل وتجري الآن في منطقتنا من أجل فلسطين وقضية فلسطين وأسرى فلسطين الذين يناضلون بالأمعاء الخاوية كبلال كايد واخوانه وأعزائها، من أجل المهجّرين، من أجل المحاصرين، من اجل المتواطأ والمتآمر عليهم، من أجل لبنان وسوريا وفلسطين واليمن والبحرين ومصر وليبيا وكل شعوب ودول هذه المنطقة ومجتمعات هذه المنطقة. دعوة إلى الوعي، دعوة إلى المراجعة، دعوة إلى العقل. ليس العقل هو ما يدعوننا إليه، هم يدعوننا إلى الانسحاب من هذه المعركة. هناك أناس في لبنان يقولون لك مطلوب أن تخرج من سوريا، يدعوننا إلى الانسحاب من هذه المعركة، من أجل أي شيء؟ من أجل أن تغلب داعش، من أجل أن تغلب النصرة.

إذا نحن تخلينا والجيش السوري تخلى والجيش العراقي تخلى والحشد الشعبي تخلى والجيش اليمني واللجان الثورية تخلت، وهنا غلبت داعش وداعش وداعش، مصير شعوبنا وحكوماتنا ومطقتنا إلى أين؟.

بالشأن اللبناني كلمتين، الواضح في لبنان أن الجميع ينتظر ما سيحصل في المنطقة، رغم أن الأمور في أيدينا. اللبنانيون قادرون على أن يحسموا مسائلهم وقضاياهم، الجميع متفق أن المفتاح هو انتخاب رئيس جمهورية. جيد هذه المعطيات موجودة بين أيدي الناس، ممكن أن تعود وتناقش وتجادل، بالنسبة لنا نحن حتى بالآونة الأخيرة عندما تم الحديث عن سلة واحدة بات هناك مجموعة أسئلة، نحن قلنا نعم نحن التزامنا بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بالحقيقة أنا أحب أن أوضح بالذكرى العاشرة لحرب تموز، التزامنا سابق على حرب تموز، يعني عندما كنا على طاولة الحوار قبل حرب تموز وكان هناك نقاش، كان وقتها يتآمر بعض القوى السياسية على الرئيس إميل لحود ويريدون أن يقيلوه ونحن لم نكن نقبل، وطبعاً تأكد أن خيارنا صحيح نتيجة أداء الرئيس لحود بالحكومة في حرب تموز، الأداء العالي والكبير، فوقتها تم طرح ونحن منذ ذلك اليوم ملتزمون مع العماد عون أنه في حال هناك انتخابات رئاسية نحن ننتخبك رئيساً للجمهورية، لم تكن هناك حرب تموز. جاءت حرب تموز لتؤكد أيضاً أن هذا الالتزام صحيح نتيجة موقف العماد عون وكلنا كنا بهذا الجو وبهذا المناخ.

فيما بعد هم جاؤوا وقالوا نقبل بترشيح الوزير سليمان فرنجية حليفنا وصديقنا وتكلمنا في حقه الكثير وأيضاً في حرب تموز موقفه كان واضحاً، ولكن نحن قلنا أن لدينا التزاماً والتزامنا قديم ومتجدد، الآن هذه الفرصة متاحة، أنا الذي أريد أن أقوله اليوم القليل من الإضافة الإيجابية إذا أرادت الجهات المعنية بهذا الاستحقاق أن ينجح ولديها اسئلة فنحن قلنا وسنقول بأننا منفتحون وإيجابيون فيما يتعلق برئاسة الحكومة المقبلة بعد انتخاب الرئيس، اكتفي بهذا القدر. يوجد باب لنأتي ونبادر، من ننتظر، ماذا ننتظر؟

النقطة الثانية، دعوني ايضاً من الآن، ربما أحدهم يقول لي “بكير يا سيد”، كلا ليس باكراً. منذ عدد قليل من الأيام، أحدهم، بدون أن نذكر الحرف الأول من اسمه ارتكب غلطة، غلطة مقصودة، وهذه الغلطة هي مقصودة منذ عام 2005، ونحن لم نكن نقبل بهذا الخطأ، حتى منذ عام 2005، عندما خرج أحدهم وكان يريد من الآن أن يحدد من رئيس الحكومة المقبل ومن رئيس مجلس النواب المقبل، وطبعاً طرح عزيزنا وأخانا الكبير الحاج محمد رعد لرئاسة المجلس. أنا اليوم من بنت جبيل ـ رغم انه فيما بعد طلع واعتذر ولكن هذه ليست زلة لسان، هذه فكرة هذا مشروع قديم وموجود ـ أقول لصاحب هذا الطرح ولمن يخطط معه ويتكلم معه، الآن نحن اليوم في 13 أب، يعني قبل الانتخابات النيابية المقبلة بكثير، ليأخذ البلد كله علماً، كل القوى السياسية، كل التيارات السياسية، أياً تكن نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، نحن ـ حزب الله ـ مرشحنا لرئاسة المجلس النيابي الوحيد والأكيد والقديم الجديد هو دولة الرئيس الأخ نبيه بري، شريكنا هو وحركة امل، شريكنا في المعركة، في السياسة، في التفاوض، في القتال، في الميدان، في الآلام، في الجراح، في المعاناة، وعلى طريقة اللبنانية “خيطو بغير هالمسلة”، أليس هكذا يقولون في لبنان؟ “خيطو بغير هالمسلة”.

هذا أيضاً وبالتالي هذه المسارات واضحة، المسارات الممكنة واضحة فيما يعني رئاسة الجمهورية، فيما يعني رئاسة المجلس المقبلة، وفي ما يعني رئاسة الحكومة أنا أقول نحن سنكون ايجابيين ومنفتحين ولن نصعّب الأمور، والآن أكتفي بهذا المقدار، تفضلوا وليس هناك من داع من أن نكبر “الكوشة” وأن نقول إنكم تكبرون علينا السلة، فيما سبق عندما تكلمنا بالسلة كنا نتكلم من أجل أن نحل لكم مشكلتكم وليس من أجل أن نحل مشكلتنا.

طبعاً البلد معني أن تستمر الناس بالحوار، هناك كثر حاولوا في الأيام القليلة الماضية أن يطعنوا بطاولة الحوار، وأنه ليس هناك من داع لها وأنها طاولة عبثية. كلا الطاولة ليست عبثية، نفس التقاء اللبنانيين في مكان وأنهم يتكلمون فيه، يتناقشون فيه، ويتلاقون فيه ويتعاتبون فيه هو محطة للاطمئنان في البلد، للاطمئنان السياسي، للاطمئنان الأمني، للتواصل، للبحث عن حلول. لذلك نؤكد على استمرار طاولة الحوار، ونؤكد أيضاً على وجوب تحمّل الحكومة لكامل مسؤولياتها ولو كانت المرحلة استثنائية وانتقالية.

في موضوع النفط والغاز، البلد في ألف مشكلة على المستوى المالي، وجزء كبير من المشاكل سيبدأ يكبر مع الأيام، والسبب العجز المالي والعجز في الموازنة، الله وضع لنا نعمة هنا بجانبنا في البحر، لماذا لا نقدر أن نستخرجها، لماذا لا نقدر بأن نسيّل لها الأموال في الخزينة لنحل فيها مشاكل البلد؟ لأنه يوجد قرار سياسي بالتعطيل، إن شاء الله لا يكون قرار اميركي ـ اسرائيلي، إن شاء الله أن يكون فقط قراراً محلياً، لكن الحكومة مسؤولة عن كل لحظة، عن كل ساعة، عن كل يوم يضيع فيه على لبنان فرصة استخراج نفطه وغازه وتسييله مالاً لمصلحة الشعب اللبناني وحل مشكلة اللبنانيين.

اليوم نحن لدينا فرصة، وبسبب نتائج حرب تموز، وبسبب الردع المتبادل، كل الناس تعرف، النفط، يوجد هنا نفط ويوجد هنا نفط، واضح؟ وهنا يوجد غاز وهنا يوجد غاز، وهنا ستعمل منشأة بالأراضي اللبنانية، وهنا يوجد منشأة بالأراضي الفلسطينية، وفهمكم كفاية.

اذاً لبنان اليوم في وضع قادر أن يحمي نفطه وأن يحمي غازه، وكل ما عليه هو أن يأخذ قراراً ليستخرج نفطه وغازه، لحل مشاكله الاقتصادية والمعيشية والمالية.

وكذلك الموضوع الأمني والاهتمام بالموضوع الأمني والتواصل بين الأجهزة الأمنية والتعاون بين الجميع، هذه مسؤولية، الحفاظ على أمن البلد في ظل هذه المنطقة التي يوجد فيها كل هذه الأوضاع الصعبة، هذه مسؤولية الجميع.

اليوم نحن بالتأكيد يجب أن نتذكر وعلى مقربة من ذكرى 31 اب، أن نتذكر سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر أعاده الله بخير، وأن نتذكر إخوانه وأعزاءه ورفاق دربه، وليس فقط رفاق مشواره إلى ليبيا، سماحة الشيخ محمد يعقوب والأستاذ عباس بدر الدين، ونؤكد من جديد أن هذه القضية هي قضية وطن وقضية شعب وقضية أمة وقضية مقاومة، لأن الإمام الصدر كان إمام الوطن وإمام المقاومة وكان قامة شامخة في هذه الأمة وكان صاحب الوعي التاريخي ولذلك تآمروا عليه وخطفوه وسجنوه ومن معه، اليوم أيضاً نحن على مقربة من هذه الذكرى نؤكد أننا جميعاً أبناء هذا الإمام وتلامذة هذا الإمام وأحباء هذا الإمام نواصل طريق ودرب هذا الإمام.

من بنت جبيل أيضاً اسمحوا لي، وإن كنت أنا لا أريد أن أدخل بلائحة أسماء بالحلفاء والأصدقاء والداعمين، لأنه ستصبح اللائحة طويلة، وقد أدخل في إحراجات. ولكن اسمحوا لي من بنت جبيل بالتحديد أن أعيد التذكير بالمواقف المشرّفة والداعمة والأبوية على طول مسار المقاومة لسماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله (رضوان الله تعالى عليه) ولأبيه سماحة اية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله (رضوان الله علي)ه ولعلماء أجلاء من هذه العائلة الكريمة، سماحة اية الله السيد عبد المحسن فضل الله (رضوان الله عليه)، وكذلك علماء لبنان، علماء هذا الجبل، ولكن أحببت أن اخص بالذكر سماحة السيد محمد حسين (رضوان الله تعالى عليه) لما له من أبوّة ومن حق ومن تاريخ ومن حضور، وخصوصاً في حرب تموز، والموقف الأبوي الذي عبّر عنه في تلك الحرب من خلال وصفه للمقاومين بالبدريين، شبّههم بأصحاب رسول الله، ومن خلال موقفه في هذه المعركة وبعدها وبكل ما يتعلق بآلامها ومعاناتها والنقاش حولها والجدل فيها.

أيها الإخوة والأخوات، أيها الأعزاء، أيها الكرام: نحن اليوم لو أردنا أن نضع لائحة بكل الأشراف والشرفاء في العالم الذين وقفوا مع المقاومة وقاتلوا إلى جانبها ستطول اللائحة، حتى بالنسبة إلى الشهداء، أنا أعرف أن هناك بعض عوائل الشهداء اليوم يتوقعون أن أتكلم ببعض الأسماء، ولكن لأن حرب تموز كان فيها عدد كبير من الشهداء وحتى من القادة الميدانيين، لذلك أنا أعتذر منهم، وإن كان لي الشرف أن أتلفظ بهذه الأسماء الشريفة لهؤلاء الشهداء، أنا الذي يشرفني أن أذكر اسم الشهيد فلان والشهيد فلان والشهيد فلان، ولكن من أجل أن لا نقع ببعض المحاذير، نذكر البعض وننسى البعض، إن شاء الله لا ننساهم في مناسبات تساعد على ذكر أسمائهم، والأيام إن شاء الله سبحانه وتعالى يمن علينا وعليكم بإحياء كل هذه المناسبات بعزة وكرامة.

اسمحوا لي أن اختم بكلمة من وحي حرب تموز والأيام الأولى من حرب تموز. أنا قلت هذا في يوم من الأيام في إحدى ليالي عاشوراء، ولكن عادة خطب ليالي عاشوراء لا تنقل في وسائل الاعلام إلا المنار لوحده. اسمحوا لي أن أعيد الفكرة لأنها لها علاقة بما جرى في حرب تموز ولها علاقة بما نحن فيه ومقبلون عليه وهي المسألة التالية، أنه كنت أتكلم عن نفسي وعن إخواني، نحن منذ صغرنا نحضر مجالس أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ونسمع جملة يقولها الخطباء دائماً، يعني على مدار الأيام وعلى مدار السنين نسمع هذه الجملة التي تدمغ في أدمغتنا وفي عقولنا وفي قلوبنا وفي أرواحنا، ونفهمها ونستوعبها ونشعر فيها بدرجات، وهي الكلمة المعروفة للإمام الحسين (عليه السلام) يوم العاشر من محرم، عندما يقول وأنا دائما أرددها يوم العاشر من محرم: “ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السِلّة ـ يعني الحرب ـ والذلة ـ يعني الاستسلام المذل، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية وأنوف حميّة أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام” هذا نحفظه منذ أن كنّا صغاراً.

أنا الذي قلته، في حرب تموز قبل عشر سنوات أول مرة أنا أشعر أنني فهمت بنسبة معينة جوهر وروح هذا الكلام، وأنتم معي فهمتموه بتلك اللحظة، لماذا؟ لأنه بالأيام الأولى من حرب تموز ـ أيها الأخوة والأخوات ـ عرض علينا بعض الوسطاء ما يلي: إسرائيل ومعها أميركا ومعها العالم أخذوا قراراً بسحقكم، الحل الوحيد من أجل وقف الحرب، هذه السلة، الحل الوحيد مقابل وقف الحرب هو: تسليم السلاح، سلاح المقاومة كله، ليس فقط الصواريخ، كل سلاح المقاومة.

اثنين: حل تشكيلات المقاومة، انتهى.

ثلاثة: القبول بقوات متعددة الجنسيات، مثل ما تكلمت قبل قليل، ليس يونيفل، ليس أمم متحدة، بل مثل الذين كانوا محتلين في العراق ، قوات متعددة الجنسيات على الحدود اللبنانية الفلسطينية واللبنانية السورية وبالميناء وبالمطار، يعني يريدون أن يأتوا ويحتلوا البلد.

أربعة: أن تسلموا الأسيرين الإسرائيليين بلا قيد ولا شرط.

نقلوا لنا الشروط، وكان وقتها نزل علينا آلاف الغارات، آلاف الغارات بالأيام الأولى، والعالم كله مطبق بأغلبيته الساحقة علينا، وليس لنا إلا الله سبحانه وتعالى، وجاءوا وعرضوا علينا: عندكم حلان، يا إما تكملوا الحرب، تذهبون للحرب ويسحقونكم، يقتلونكم، يذبحونكم، يسبون نساءكم، يهجرونكم، يدمرون بيوتكم، يا إما تقبلون بهذه الشروط، هذه الشروط المذلة التي كانت تعني يومها انتهاء المقاومة، عودة الاحتلال، بقاء الأسرى في السجون، دخول أسرى جدد إلى السجون وتسليم لبنان لأميركا وحلفاء أميركا، هذا ليس فقط ذلاً… هو خسارة كل شيء، خسارة الدنيا والآخرة. في تلك اللحظة، أنا وإخواني كنا نتناقش، كأنه وقف بين أيدينا وأمام ناظرينا أبو عبد الله الحسين (سلام الله عليه) بن علي بن أبي طالب (سلام الله عليه) يوم العاشر وهو يقول: “ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منّا الذلة”.

وقلنا لهم يأبى الله لنا ذلك، أن نستسلم، أن نذل، أن نسلّم بلدنا ونترك أسرانا ونذل شعبنا، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية وأنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. وبعض كرامنا استشهد ولكن شاء الله لنا أن ننتصر فكان النصر في تموز.
وهكذا في كل الساحات. لكل الذين يخططون ويتآمرون ويحيكون ويراهنون ويحاولون المس بمعنويات جمهورنا ومن معنا، بمعنوياتنا بإرادتنا بتصميمنا بثقتنا بربنا، بثقتنا بشعبنا،  بثقتنا بقدراتنا، بتصميمنا وعزمنا، أقول لهم هذه هي الروح التي تسكن أجساد الرجال والصغار والكبار. ولن تستطيعوا أن تمسوا بها، لا بحرب ناعمة ولا بتضليل، ولا بتعريض، ولا بتحريض، ولا بحرب خشنة، ولا بقتل، ولا باغتيالات، ولا بتهويل ولا بتهديد. نحن في هذا الوطن وفي هذه الأرض وفي هذه المنطقة منذ أن انطلقت هذه المقاومة وسقط فيها الشهداء الكبار الكبار كالسيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد وآخرون كثيرون.

نحن صممنا وحسمنا خيارنا وسنواصل طريقنا هكذا بنفس هذه الروح الصلبة القوية المؤمنة المصممة العازمة، نحن نواصل دربنا في لبنان، في سوريا، في كل المنطقة.

وأنا أقول لكم في ختام هذا الحفل المبارك كما كان الانتصار في تموز، نحن دخلنا زمن الانتصارات، هذا عنوان الاحتفال، نحن دخلنا زمن الانتصارات، ولى زمن الهزائم.

المشروع الذي يتداعى الآن في العراق وفي سوريا وفي المنطقة، النسخة الجديدة من المشروع الأميركي، وهو مشروع ضخم جداً، ومؤامرة خطيرة جداً واستخدمت فيها كما قلت قبل قليل عشرات مليارات الدولارات، آلاف الأطنان، مئات آلاف المقاتلين، التحريض المذهبي، أقسى شيء تستطيع أمريكا وأدواتها في المنطقة أن يفعلوه لم يفعلوه في تموز، وإنما فعلوه الآن. كل شيء يستطيعون فعله فعلوه: فتنة طائفية، فتنة مذهبية، مال، فلوس، انتحاريين، جمع للوحوش الكاسرة من كل أنحاء العالم ، وهذا هو مشروعهم يتداعى، هذا المشروع لا مستقبل له، مستقبل لبنان هو المقاومة، مستقبل فلسطين هو المقاومةـ مستقبل سوريا هو المقاومة. ومستقبل المنطقة هو مستقبل شعوبنا وأمتنا وكرامتها وعزتها وسيادتها.