رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن “العالم اليوم في صراع كما هو منذ أن بدأ الإنسان على الأرض، ولكن الصراع تارة يتخذ شكلا فرديا كما حصل بين قابيل وهابيل، وأخرى يتخذ صفة أمم وجماعات ضد أمم، وثالثا يتخذ شكل الظلم من خلال الفراعنة والنماريد الذين يستبدون بشعوبهم”، وقال: “نحن اليوم في هذا العالم نخوض صراعا مع الاستكبار العالمي المتمثل بأميركا والغرب، ومعه الصهيونية الذين يريدون حكم العالم بظلمهم ولمصالحهم حتى ولو أدى ذلك إلى إذلال البشرية وقتلها”.
أضاف خلال احتفال تأبيني لشقيقة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله المرحومة ذكية عبد الكريم نصرالله، في مجمع “أبا عبدالله الحسين” في بلدة البازورية الجنوبية “كل شعوب المنطقة تريد السلام والاستقرار والاستقلال، وتريد أن تعيش حياتها بحرية واستقامة كما تريد أن تختار، ولكن أميركا لن تسمح بذلك، وبالتالي، إذا فتشنا عن الأزمات الموجودة في منطقتنا واحدة واحدة، سنجد أن كل الأزمات وراءها إسرائيل وأميركا، ولا يوجد أي أزمة بمعزل عن هؤلاء، فالقضية الفلسطينية التي هي أزمة الأزمات في منطقتنا، بدأت منذ حوالي المئة سنة مع الاستعمار البريطاني، وتواطأت الدول الكبرى لتشرد الشعب الفلسطيني وتحل محله الصهيونية، ومنذ ذاك الوقت وحتى الآن تعاني فلسطين والقدس وكل المنطقة من الاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه وعدوانه، لا سيما وأن هذا الاحتلال في كل مرة يهدد ويقتل ويزيد من احتلاله ويرتكب المجازر، وتغطيه أميركا والغرب، على قاعدة أن حقه في أن يفعل ما يشاء، ولكن ليس من حق الفلسطيني لا أن يدافع ولا أن يحرر ولا أن يواجه هذه التحديات”.
وتابع “إن الهيمنة الأميركية اليوم هي سبب الأزمات، وربما البعض لا يلتفت الى أن أزمات أميركا ليست ضد الإسلاميين والمقاومة فقط، فأميركا تصنع الأزمات مع كل العالم، مع فنزويلا وروسيا والصين وكوبا وكوريا الشمالية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكذلك تدعم أنظمة الاستبداد في الخليج التي تقتل وترتكب المجازر في اليمن، وكانت أميركا وراء إنشاء داعش في منطقتنا، وقد ذكرت بعض الصحف الأميركية منذ يومين أن الرقابة أفرجت عن بعض التقارير السرية التي تقول إنه في عام 2012، أي بعد أقل من سنة على بداية الحرب على سوريا، كان هناك عمل حثيث من قبل المخابرات الأميركية لتجميع داعش والقاعدة وكل هذا التيار التكفيري من مختلف أنحاء العالم، ليكون له موطىء قدم، والملفت في هذه التقارير أن موطىء القدم المطلوب هو في شرق الفرات في سوريا، ليكون في نقطة مفصلية تقطع سوريا عن العراق، وفي آن معا، تمكن الجماعات التكفيرية من أن ينتشروا داخل سوريا والعراق، ليضغطوا ويحققوا المطلوب منهم أميركيا في إخضاع المنطقة حتى ولو أدى ذلك إلى إبقاء إمارة تكفيرية بإسم داعش في شرق الفرات”.
وأردف “من الذي صنع هذه الأزمات، أميركا وإسرائيل هما اللتان تصنعان الأزمات، ومن ثم يقولون لنا ممنوع المقاومة، بحجة أن المقاومة تخرب الاستقرار، فأنت تبحث عن المقاومة أو عليك أن تبحث عن الذي سبب الاحتلال والاعتداء حتى نشأت المقاومة، وأنت تبحث عن الاستقرار في منطقة الخليج والسبب الرئيسي في عدم الاستقرار، هو هذا الدعم الذي يعطى للسعودية والإمارات من أجل ضرب الاستقرار واحتلال اليمن تحت حجج واهية، ثم يقولون بعد ذلك لماذا يقاتل أبناء اليمن، ولماذا يرسلون الطائرات المسيرة، ولماذا تدعمهم القوى الشريفة والمقاومة في المنطقة، فهل يحق لأميركا والغرب ودول العالم أن يجتمعوا تحت عنوان التحالف الدولي الذي يقاتل في اليمن باليد السعودية، والتحالف الدولي الذي اجتمع في سوريا من أجل إسقاط النظام السوري، والتحالف الدولي الذي يدعم إسرائيل من أجل أن تبقى مسيطرة في منطقتنا، ويعيبون علينا أن يكون هناك تحالف بين قوى المقاومة في مختلف المنطقة بين دول المقاومة وحركات المقاومة وأحزاب المقاومة، لأنهم يريدوننا متفرقين حتى يسهل عليهم القضاء علينا، بينما يجتمعون على باطلهم، ولا يريدون لنا أن نجتمع على حق”.
وقال الشيخ قاسم “إن المقاومة مشروع أثبت جدواه في كل المنطقة، وواحدة من العلامات المضيئة اليوم في منطقتنا هي ببركة المقاومة، فالعلامة المضيئة في فلسطين هي ببركة المقاومة الفلسطينية، والعلامة المضيئة في اليمن هي ببركة المقاومة اليمنية، والعلامة المضيئة في لبنان وتحرير الأرض والقضاء على جبهة داعش من بوابة البقاع هو ببركة المقاومة، والانتصارات التي حصلت في سوريا والعراق هي ببركة المقاومة، وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية المباركة لا شرقية ولا غربية هي ببركة المقاومة منذ أربعين سنة على يد عبد الله الإمام الخميني”.
أضاف “إن هذه المقاومة هي التي أثبتت وجودها وحضورها، وليكن معلوما، لقد ولى زمن الفزع بالتهويل والتهديد، وولى زمن الاستسلام بإظهار القوة المعادية والضغط على شعوب المنطقة، لأنه مع المقاومة، لا يمكن أن يكون للتهديد أي أثر في قيادة الناس إلى الاستسلام، بل يشكل حافزا إضافيا على دعم المقاومة وتسليحها وتمكينها حتى تواجه مع شعبها كل التحديات القائمة. ولقد أصبحنا في زمن يختلف عن الأزمان السابقة، هو زمن تقول فيه المقاومة نعم للتحرير والعزة، ولا لإسرائيل ولا لأميركا ولا لمشاريعهما”.
وتابع “بالأمس اطلعنا على موقف تاريخي عظيم اتخذه ولي أمر المسلمين الإمام القائد علي الخامنئي (دام حفظه) عندما رفض أن يتسلم رسالة ترامب، معلنا بالفم الملآن أن التفاوض تحت الضغط مرفوض، وأن ترامب ليس جديرا بأن يقدم عروضا وهو الخائن لتعهداته وعروضه، وأن الجمهورية الإسلامية في موقع المواجهة والدفاع والمقاومة ولا يمكن أن تخضع للابتزاز، فدائما أميركا تختار عناوين براقة من دون محتوى، وبالتالي كيف يحصل التفاوض والضغط الاقتصادي والسياسي موجود، وعدم الالتزام بالمواثيق قائم، فهذا لا يمكن، علما أنهم دائما كانوا يقولون بالنسبة للقضية الفلسطينية، اجلسوا على طاولة المفاوضات، ولكن كل طاولات المفاوضات التي حصلت منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين حتى الآن، كانت طاولات ترسيم التنازل تلو الآخر، وتفاوض من جهة واحدة هي إسرائيل بإملاءات على الفريق الآخر بدعم دولي آثم، ولم يكن هناك مفاوضات في أي وقت من الأوقات. الآن من البداحة عند الأميركيين أنهم استغنوا عن عنوان التفاوض الذي يمكن أن يدلس على الناس، واستبدلوه بعنوان صفقة القرن، ليقولوا إننا انتقلنا إلى مرحلة فرض الحلول بنقاش ومن دون نقاش، لأنهم يعتقدون أنه بإمكانهم أن يحققوا ما يريدون، ولكنهم لن يحققوا ذلك، فمع وجود المقاومة، لا يمكن أن ينجزوا، ولا يمكن أن ينتصروا، ولا يمكن أن يهزموا شعوب منطقتنا بعد اليوم”.
وقال”الجميع يعلم أن شرعية العدوان مرفوضة، وليس مسموحا بعد اليوم أن تكون السلطة والمال هما اللذان يقرران مستقبل منطقتنا، مهما كانت الأموال والقوة والقدرة، فالمقاومة بكل فريقها تملك الإمكانات المناسبة. وسنقول أمرا، إن القضية ليست مرتبطة بالإمكانات، وإنما مرتبطة بالإيمان والقرار الحر، ففي يوم من الأيام كان الكاتيوشا في جنوب لبنان لا يساوي شيئا، ولكن عندما حمله رجال أبطال شجعان، تحول إلى سلاح استراتيجي، واليوم كل طائرات F35 وكل المدمرات التي يملكونها، لا يمكن أن تكون عائقا أمام أسلحة عادية وصواريخ بسيطة دقيقة يمكن أن تطال كل مكان في الكيان الإسرائيلي، ويمكن أن تواجه كل التحديات، لأن قيمتها ليس في ضعفها ومداها، وإنما قيمتها بمن يطلقها ويحمل القرار بأن يكون مقاوما يريد أن يحرر الأرض، ويقف عزيزا لمصلحة الأجيال القادمة”.
أضاف “إن لبنان حقق إنجازا كبيرا من خلال ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، وهذا الانجاز سنحافظ عليه، ومهما علت الأصوات التي تتحدث عن مقاومة وسلاح وترتيبات، فإنها لا يمكن أن تمنعنا من أن نبقى في الخندق والصف الأمامي للدفاع عن أرضنا ومياهنا، ومن أجل أن نحرر كل ما تحتله إسرائيل على قاعدة أننا أصحاب الحق، فهناك الآن أناس لا يريدون أن يقاتلوا، وبالتالي هم أحرار، ولكن أن يجروا بلدنا إلى الاستسلام تحت عناوين مختلفة، فهذا لا يمكن أن يكون مع وجود المقاومة وعملها، ونحن مستمرون في هذه المقاومة من أجل تحرير الأرض والإنسان في آن معا”.
وتابع الشيخ قاسم “رفعنا منذ الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2018 شعارا انتخابيا هو نحمي ونبني، وعليه فإن كلمة نحمي تعني المقاومة، وكلمة نبني تعني العمل في داخل تركيبة الدولة بمصالح الناس، ونحن جمعنا هذين الشعارين معا في هذه الانتخابات لنقول إننا نولي أهمية استثنائية في هذه المرحلة لخدمة الناس وبناء الدولة كما بذلنا الاهتمام الكبير في السابق لبناء المقاومة وعملها. ولذلك نحن نتابع على مستوى الحكومة والمجلس النيابي بما يجعل الناس قادرين على أن يتابعوا حياتهم، ولقد اغتاظ الغرب وأميركا أن لنا وزراء داخل الحكومة، ولكن لا يمكن للحكومة أن تنطلق من دون وجود وزراء حزب الله، لأن حزب الله جزء لا يتجزأ من هذا الشعب الذي اختار نواب حزب الله”.
وختم “إننا نناقش اليوم الموازنة في مجلس النواب، وفيها بعض الثغرات التي لها علاقة بالضرائب على الناس، ونحن سنعمل إن شاء الله لإفشال فكرة فرض ضرائب جديدة على الناس، ولكن نريد أن نقول أمرا هاما، الحكومة اللبنانية تتحمل من اليوم مسؤولية أن تناقش السياسة الاقتصادية في لبنان، وبالتالي ما هو موقف الحكومة اللبنانية من السياسة الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية والتعليمية والخدماتية، فهذه عناوين ستة تحتاج إلى أن تهتم بها الحكومة اللبنانية لترسم سياساتها على هذا الأساس، فتوفر فرص عمل، وتحمي الانتاج اللبناني، وتنهض بالاقتصاد، وإلا إذا استمرت المناقشات على قاعدة الموازنة، فإنها ستحقق تخديرا مؤقتا، ولا تحقق نقلة نوعية، التي تكون بدراسة السياسات الاقتصادية التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام