اشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة، في مسجد الإمام الحسين، في برج البراجنة إلى أنه “رغم كل التشكيكات والإشكاليات التي تحيط بعملية مكافحة الفساد وفداحة وخطورة هذا الملف، وما يدور حوله، ويرسم له من خطوط حمراء، ويوضع له من حواجز وموانع طائفية ومذهبية وسلطوية، سنبقى نصر على مكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين، فلا دولة دون محاسبة، ولا مؤسسات دون رقابة، ولا عدالة دون محاكمات نزيهة، تكشف المتورطين والمرتكبين والناهبين لأموال الدولة وأموال الناس، فنحن كمواطنين لا يهمنا قتل الناطور، إنما أكل ما بقي من عنب، وهذا لن يتحقق في ظل دولة سائبة على هذا الشكل، وحقوق الناس فيها عرضة للسلب على أيدي الأشباح المحمية بالخطوط الملونة، فالنقاط يجب أن توضع على الحروف، والقانون يجب أن يأخذ مجراه ويطبق على الأقربين قبل الأبعدين، بعيدا عن الكيديات والاستنسابيات”.
ووجه المفتي قبلان خطابه للحكومة بالقول “البلد مأزوم، والدولة على حافة الانهيار المالي والاقتصادي، والمديونية العامة أكلت الأخضر واليابس، إذ ما يقرب من ثلثي الواردات يدفع خدمة لدين المصارف، التي تم تمكينها عبر صفقات مشبوهة، وبالتالي ما تجمعه الدولة من الضرائب والرسوم من جيوب المواطن المسكين يصل إلى ما يقارب 7 مليار دولار يدفع إلى المصارف، وهذا يعني أن الدولة بمؤسساتها ومرافقها ونياباتها العامة ومحاضرها وشرطتها وقواها المختلفة تعمل لصالح المصارف وفي خدمة الشركات المالية، أما أنت أيها الشعب فمجرد منجم للدفع دون حقوق، ودون مشاريع إنتاجية وخدمات اجتماعية، وبطاقة صحية، وخطط إنمائية، ولا حماية لك من الجريمة، لا فرص عمل، لا خلاص من النزوح، بل ضرائب ورسوم هي الأعلى دون مقابل، وهدر هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وكل وزير حر بوزارته، ومرافق عامة مفتوحة على النفوذ، وفاتورة هاتف هي الأغلى رغم الخدمات السيئة، وقضاء غير محرر، وأحيانا مرتهن، بل مرتهن، ومجالس رقابة وتفتيش بلا فعالية، وسجون مكتظة بضحايا السلطة على ذمة التحقيق، بانتظار العفو العام الموعود، وفساد مستوطن في المرافق والمؤسسات العامة، ورشاوى تجتاح كل شيء، ومستندات ضائعة أو مضيعة، وأموال عامة منهوبة فيما البذخ على الخدمات والسفر والمستشارين والجمعيات الوهمية والأبنية الحكومية المستأجرة، وتكبيد الخزينة العامة نتائج فساد الكهرباء وأوجيرو، ومرافق الدولة ومؤسساتها الفاسدة ومناقصاتها الخيالية، على قاعدة دولة الطوائف وطوائف الدولة”.
وأكد المفتي قبلان “أننا نريد دولة بكل معنى الكلمة، نريد دولة لها مصداقيتها وهيبتها وحضورها في الإنماء والاجتماع والاقتصاد، دولة تراقب وتحاسب، تكافئ وتعاقب وفق القانون والدستور وليس وفق أي اعتبار آخر، دولة تحارب الزبائنية والتبعية لهذا الزعيم أو ذاك، دولة توصل المواطن إلى حقه من دون وسيط أو مرتش أو سمسار، دولة فيها كهرباء وماء، فيها بيئة نظيفة وفرص عمل، فيها انتاج واستثمارات، وفق برامج اقتصادية ذات جدوى، دولة فيها أمن اجتماعي وشيخوخة مضمونة، فيها تربية وإعلام هادف وحريات مسؤولة في إطار عدم التفلت والخلاعة، والبرامج التلفزيونية التي تروج لثقافة الانحلال والانحطاط الأخلاقي والإنساني التي لا تليق ببلد يدعي أبناؤه أنه بلد الحرف ومصدر الحضارات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام