أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن الدستور وكل ما يتصل به شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم دون تدخل خارجي مشددا على أن أي مسار سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار الاستمرار في محاربة الإرهاب وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي في سورية والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها يبقى حلا غير واقعي ولا أفق له.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في سورية: أجرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون خلال زيارته الشهر الماضي إلى دمشق محادثات مفيدة وأكدنا له استعداد سورية للتعاون معه من أجل إنجاح مهمته المتمثلة في تيسير الحوار السوري-السوري بقيادة وملكية سورية بهدف دفع المسار السياسي قدما والذي هو مصلحة سورية.
وأعرب الجعفري عن استعداد الحكومة السورية لأن تبحث بشكل مباشر مع بيدرسون خلال زيارته القادمة إلى دمشق المواضيع المتعلقة بالتعاون بين الأمم المتحدة وسورية بما في ذلك تشكيل لجنة مناقشة الدستور ومختلف الجوانب المتعلقة بها لافتا إلى أن من تؤخر إطلاق عمل اللجنة هي الأطراف التي تتدخل في الشأن السوري الداخلي وتحاول فرض أجنداتها وشروطها المسبقة على عمل اللجنة.
وأكد الجعفري أن أي عملية تتعلق بالدستور يجب أن تتم على أساس أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده دون تدخل خارجي انطلاقا من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون أنفسهم.
وجدد الجعفري مطالبة سورية بإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية على أراضيها وحل ما يسمى “التحالف الدولي” بما يكفل إنهاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بعد تدميره مدينة الرقة بالكامل إضافة إلى الكثير من البنى التحتية التي تمثل مكتسبات تنموية للشعب السوري واستغرق بناؤها عقودا طويلة.
وشدد الجعفري على رفض سورية القاطع للتصريحات العدائية الأمريكية بالإبقاء على جزء من قواتها على الأراضي السورية أيا كانت الذرائع التي تسوقها لمحاولة تبرير ذلك مؤكدا أن أي وجود عسكري أجنبي في سورية دون موافقة حكومتها هو عدوان موصوف يجب إنهاؤه فورا وأن الدولة السورية ستتعامل معه على هذا الأساس.
وأشار الجعفري إلى ضرورة دعم جهود الدولة السورية وحلفائها وأصدقائها في محاربة ما تبقى من شراذم المجموعات الإرهابية المتمثلة بتنظيمي “داعش” و جبهة النصرة والكيانات والأفراد المرتبطين بهما ووقف دعم هذه المجموعات الإرهابية والعمل على إعادة الإرهابيين الأجانب من أوروبيين وغيرهم إلى دولهم الأصلية ومساءلتهم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعبين السوري والعراقي موضحا أن الدعامة الرئيسية للحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية كانت ولا تزال الإرهابيين الأجانب الذين استقدموا من كل أنحاء العالم إلى سورية حيث تم إرسال ما يزيد على مئة ألف إرهابي إلى سورية من أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة.
ولفت الجعفري إلى أنه بعد مرور نحو خمس سنوات على اعتماد مجلس الأمن القرار 2170 الذي طالب بضرورة خروج جميع الإرهابيين الأجانب من سورية فورا يطالعنا مسؤولون أوروبيون بالقول: إن “عودة هؤلاء الإرهابيين من سورية تشكل خطرا على بلادهم وإن هؤلاء هم أعداء الأمة الأوروبية” متجاهلين ما روجته حكومات بلادهم عن الإرهابيين لسنوات بأنهم “حمائم سلام وجهاديون أصدقاء للشعب السوري ومعارضة سورية معتدلة” موضحا أن وزير الخارجية الفرنسي الأسبق لوران فابيوس قال بتاريخ 12-12-2012: إن “الجهاديين الفرنسيين يقومون بعمل جيد في سورية”.
واستغرب الجعفري مزاعم مسؤولين أوروبيين بأن إعادة أولئك الإرهابيين إلى أوروبا هو أمر بالغ الصعوبة متسائلا: لماذا كان تجنيد وتمويل وتدريب وإرسال هؤلاء الإرهابيين إلى سورية أمرا سهلا على بعض الحكومات ومؤكدا أن التراخي في تحمل مسؤولية إعادة الإرهابيين إلى بلدانهم الأصلية ومحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها في سورية والعراق يثبت تخوف البعض مما سيكشفه هؤلاء الإرهابيون من معلومات حول دور الدول التي رعتهم كما يعبر عن رغبة تلك الدول بالإبقاء على إرهابييها كمصدر لزعزعة الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة بأكملها ولاستمرار الاستثمار في إعادة تدويرهم في أماكن أخرى من العالم مستقبلا.
وقال الجعفري: نحن لا نتكلم ونقول الأمور على عواهنها فقبل فترة أعلنت السلطات الجزائرية أنها ألقت القبض على مئات الإرهابيين من تنظيم “داعش” وغيره على حدودها مع النيجر وعندما حققت تبين لها أن أولئك الإرهابيين جاؤوا من مدينة حلب ونسأل هنا: من الذي أرسل المئات من هؤلاء من حلب إلى حدود الجزائر مع النيجر ومن نقلهم وسهل وصولهم إلى هناك.
وطالب الجعفري بالرفع الفوري للإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي ألقت بآثارها الكارثية على السوريين كافة وألحقت باقتصادهم الوطني أضرارا فادحة وتسببت بمعاناتهم، وبضرورة دعم جهود الدولة السورية في عودة المهجرين واللاجئين إلى منازلهم ومدنهم مجددا الدعوة لكل من غادر الوطن بفعل الإرهاب للعودة إليه والمساهمة في إعادة إعماره فالوطن لجميع أبنائه الذين ينتمون إليه بصدق.
وأوضح الجعفري أن البيت الأول من النشيد العربي السوري يقول: “حماة الديار عليكم سلام.. أبت أن تذل النفوس الكرام” وهذه الكلمات تعبر عن مدى تشبث الشعب السوري باستقلاله السياسي ووحدة أراضيه وتقديره العالي لحماة الوطن ودرعه الحصين الجيش العربي السوري الذي قدم التضحيات العظيمة لصون سيادة سورية وقرارها الوطني المستقل والتصدي للتدخلات الخارجية ولأي مخططات ترمي إلى المساس بوحدة سورية أرضاً وشعباً.
وأكد الجعفري أن سورية التي صمدت لثماني سنوات في مواجهة الإرهاب والتدخل الأجنبي مصممة على عدم السماح بتمرير أجندات الدول المعادية لها وعازمة أكثر من أي وقت مضى على استعادة كامل أراضيها وتحريرها من الإرهاب ومن الوجود الأجنبي غير الشرعي وهي ملتزمة في الوقت ذاته بتحقيق حل سياسي يقرر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم عبر حوار سوري-سوري وبقيادة سورية ودون تدخل خارجي وبما يضمن سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.
وفي رده على مندوبي الدول الأعضاء قال الجعفري: بعد مضي نحو ست سنوات على بدء مهمة المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية استمعنا اليوم إلى سلسلة عجيبة من القراءات المزاجية والانتقائية حول ولايته والهدف من هذه القراءات هو وضع العصي في عجلات مهمة المبعوث الحالي غير بيدرسون والضغط عليه سياسيا والتشويش على قراءته الموضوعية للوضع في سورية ولهذا أنصح بيدرسون أن يقلل من إحاطاته أمام مجلس الأمن حتى يتفرغ لتنفيذ مهمته النبيلة وفق الولاية المنوطة به والتي تؤيدها سورية.
وأضاف الجعفري: إن مندوبي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا “أثنوا” على قرار الإدارة الأمريكية بالإبقاء على قوات احتلال فوق جزء من الأراضي السورية وهذا الكلام قيل أمام مجلس الأمن المكلف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين والمنوط بأعضائه تنفيذ أكثر من 20 قرارا صدرت عن المجلس تؤكد كلها على الحفاظ على سيادة سورية واستقلالها السياسي ووحدة أراضيها، ونستغرب هنا “افتخار” مندوبي الدول الثلاث بقرار الإدارة الأمريكية الإبقاء على 200 أو 400 عنصر من الاستخبارات والمارينز فوق جزء عزيز من أراضينا.
المصدر: وكالة سانا