بين الشكل والمضمون تحكي الرسائل السياسيّة والعسكريّة بلغةٍ واضحة، فالاستقبال والزيارة تأتيان بدلالات؛ لا يمكن العبث بما تعبّر به، لتشيرَ إلى مرحلة لاحقة لما صنعه محور المقاومة من انتصار عسكري على الأرض، بُنيَ على أسس وعلاقات تجذرّت عبر عقود من الزمن، وهنا يجزم بتأكيدها الامام السيد علي الخامنئي والرئيس السوري بشار الاسد بشكل ينهي مجالات النقاش حول المشهد القادم، وما يتعلق بطريق دمشق طهران على كل اتجاهات العبور بين العاصمتين.
وقوفاً على إطلالة المشهد السياسي للزيارة المفاجأة، واستقبال الإمام الخامنئي (دام ظله) للرئيس السوري بشار الأسد، أجرى موقع قناة المنار لقاء خاصاً مع أمين سر مجلس الشعب السوري النائب خالد العبود، ليتوقف عند المحطات الأهم في رسائل هذه الزيارة، ويعطي الهدف منها حسب قراءته التقديرية للموقف.
يقول النائب العبود “أنها (الزيارة) جاءت في سياق هام جدّاً، – ليس لجهة المباحثات والمشاورات وتبادل الأفكار والآراء،- إنما تشير الى وجود خطوط “ساخنة لحظية”، مفتوحة بين الدولتين، وبين مؤسسات البلدين، وحتى بين قيادتيهما، وفي هذه المرحلة يشير البرلماني السوري إلى أن تفاصيل المعركة كانت تحتاج إلى هذا الظهور الهام جدّاً، خاصة وأنّ المرحلة التي تمرّ بها المعركة والمواجهة الكلية كانت تستدعي مثل هذا التظهير لجهة العناوين التي ركّزت عليها الزيارة”.
يتابع العبّود “نحن نعتقد أنّ الرسالة الرئيسية كانت تنطوي على ظاهر الزيارة، وعلى تفاصيل هامة جدّاً فيها، كان “الحلف المقاوم ” يريد التركيز عليها والتفصيل فيها، خاصة في ظلّ تطورات هامة وواسعة في المشهد الإقليمي والدوليّ، لجهة العناوين ذاتها التي حصلت المواجهة من أجلها”.
ويضيف العبود “من اللحظة التي تعلو أصوات البعض لجهة تصوير سورية على أنّها مسرح تدخّل “إيرانيّ” و “تركيّ”، وتصوير ذلك بأنّه السبب وراء مواقف بعض الحكومات العربية بتواصلها مع الدولة السورية، والعمل من قبل هذه الحكومات للضغط من جديد على سورية، والتجييش على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذا أرادت القيادة في البلدين – من منبر هذه الزيارة- أن تردّ المسألة إلى جوهرها وجوهر الصراع الحقيقيّ، وتوضيح مواقع القوى والأثقال السياسية والعسكرية لكلّ من الجمهورية الإسلامية والجمهورية العربية السورية، بمعنى العودة إلى تثبيت حقيقة الصراع القائم، وأيضاً جوهر التحالف الذي بدلاً من أن يتراجع نتيجة العدوان عليه، على العكس تماماً الآن، فهو يكبر ويتسع ويعبّر عن ذاته بقوة هائلة”.
وحول ما أرادت أن تقوله القيادتان في كلّ من البلدين، وتحديداً القيادة السورية ممثلة بالرئيس بشار الأسد، والقيادة الإيرانية، والفريق الميداني الذي كان شريكاً في صمود الدولة السورية وهزيمة الإرهاب فيها، فبتقدير العبود أنّ القيادتين أرادتا القول بأنّ الانتصار هو انتصار مشترك، والتحالف قائم لا محالة، وسوف يُبنى على الانتصار في ظلّ ترسيخ وتعميق وتكريس هذا التحالف، وأنّ أيّ محاولة يقوم بها البعض لجهة النيل من هذا الانتصار أو هذا التحالف إنما هي محاولات ستلقى الفشل تماماً، مثلما لقيت الفشل في مواقع ومراحل سابقة.
ينهي ضيف موقع قناة المنار تعليقه على الزيارة بالقول “إن مرحلة الصراع كانت تتطلب مثل هذا اللقاء وهذه الزيارة، ومثل هذه الخصوصية بين دمشق وطهران باعتبار أن هناك مَن يظنّ بأنّ شيئاً نال من هذه العلاقة خلال سنوات المواجهة الأخيرة، أو أنّ شيئاً حصل بين القيادة السورية وبين القيادة الروسية، على حساب هذا التحالف التاريخي الكبير بين سورية والجمهورية الإسلامية الايرانية.
إذاً العلاقات التي يبيَّنَ جوهرها من خلال شكل زيارة الرئيس السوري إلى طهران مساء أمس، بكل ما تكرسه من رسائل يكفي الحديث عن أهمها لتكريس بقية النتائج المأمولة منها، تبشر بقوة متعاظمة لدى محور المقاومة بصورة “نشدّ عضدك بأخيك” فستغني عن أي بحث قادم في الاحتمالات، وتثبّت بدلاً عنها الوقائعَ، عنوانها انتصارات مستمرة، فالزائر منتصر، ومستقبِله بكل حفاوة شريكه في الانتصار.
المصدر: موقع المنار