ماي عجور
في جميع أنحاء العالم، من جيبوتي إلى أدغال هندوراس وصحاري موريتانيا الى جزر كوكوس الأسترالية الصغيرة وصولا إلى دول الخليج العربي …في أكثر من 130 بلدا حول العالم تنتشر القواعد العسكرية الأميركية التي يبدو أنها قد بدأت باعتماد استراتجية جديدة في القتال تمكنها من لف ذراعها حول العالم بأسره .
وقد قامت من أجل ذلك بإنشاء جيل جديد من القواعد العسكرية و هي “زنبق الماء ” أو lily “pads .
يرى الأميركيون أن الحاجة اليوم هي لقواعد عسكرية أميركية صغيرة منتشرة بأكبر عدد ممكن تكون جاهزه للتدخل السريع وتشكل بديلا ملائما وقريبا في حال منعت الولايات المتحدة من إستخدام القواعد العسكرية في أي من الدول،ويحلم الأميركيون من خلال هذه القواعد الجديدة بمرونة لا حدود لها إضافة إلى القدرة على التفاعل السريع مع أي حدث في أي مكان على الأرض وبالتالي تحقيق سيطرة عسكريه كاملة، إضافة إلى الأهداف العسكرية تحقق هذه القواعد الصغيرة أهدافا سياسية وإقتصادية فهي ستسخدم لبناء التحالفات والحفاظ عليها و ستوفر مركزا متميزا للولايات المتحده في الاسواق الخارجية إضافة إلى تأمين الموارد و فرص الإستثمار. كما تخطط واشنطن لاستخدام قواعد “زنبق الماء” في خطط عسكرية لربط دول في اوروبا الشرقية و اسيا وأفريقيا وأميريكا اللاتينية من أجل استمرار الهيمنة العسكرية الأميركية.
ولكن يبدو أن الطموحات الأميركية قد بدأت تصطدم ببعض المعوقات فقد شهدت عدة بلدان تحركات شعبية تطالب بإغلاق القواعد الأميركية المتواجدة على أراضيها و قد كان آخرها التظاهرات التي شهدتها العاصمة اليابانية طوكيو منذ عدة أشهر احتجاجا على مشروع بناء قاعدة عسكرية أميركية جديدة في أرخبيل أوكيانوا جنوب البلاد وقد استخدم الأميركيون جزيرة أوكيناوا منذ الحرب العالمية الثانية، و تسببت جرائم العنف والتفلت من العقاب من قبل الجنود الأميركيين اضافة إلى التلوث و حرمان الصيادين المحليين من الإصطياد بسبب أعمال البناء المستمرة فضلا عن طرد السكان من منازلهم إفساحا للمجال أمام إختبارات الأسلحةوالقنابل التي تقوم بها الولايات المتحدة، الى احتجاجات كبيرة استمرت لعقود حتى قامت الولايات المتحده عام 2012 بسحب 9000 جندي من البحرية الأمركية وقامت بإرسالهم إلا بلدان أخرى.
أما في كوريا الجنوبية فالحال ليس أفضل، حيث تحافظ الولايات المتحدة على وجود عسكري هائل هناك و يوجد أكثر من 100 قاعده عسكرية أميركية , وقد وقعت مع الحكومة الكورية اتفاقية تنص على أن الجنود الاميركيين لا يمكن محاسبتهم على جرائمهم بموجب القانون الكوري وقد أدى ذلك إلى حالات صارخة من الإفلات من العقاب فقد شهدت البلاد الكثير من الحوادث والجرائم لتي ارتكبها الجنود الأميركيون وكان يتم ترحيلهم الى الولايات المتحدة حيث كانت تصدر المحكمة بحقهم أحكام بالبراءة ما أدى إلى تصاعد الإحتجاجات.
وكذلك الأمر بالنسبة لخليج غوانتنمو حيث تمتد القاعدة العسكرية الأميركية على مساحة 45 ميلا مربعا كانت قد استأجرتها الولايات المتحده عام 1903 مقابل 4058 دولار باتفاقية تأجير لا يمكن فسخها سوى باتفاق الطرفين. يطالب الكوبيون باستعادة أرضهم المحتلة بحسب تعبيرهم ويرفضون صرف الشيك الذي ترسله الولايات المتحده الأميركيه و” يرمى سنويا في درج المكتب ” على حد تعبير الرئيس الكوبي الأسبق فيدل كاسترو.
يقول مارك غيلم مؤلف كتاب “المدينة الأميركية : بناء القواعد الأمامية للإمبراطورية ” “من أجل بسط السلطة في المناطق التي تتواجد فيها هذه القواعد العسكرية علينا تجنب الإحتكاك مع السكان المحليين و تجنب الدعاية و أي معارضة محتملة فالولايات المتحدة بحاجة الى قواعد معزولة، مكتفية ذاتيا لتحقق أهدافها. و في هذا الإطار يتساءل بعض المحللين العسكريين عن مستقبل هذه السياسة التوسعية التي تقوم بها الولايات المتحدة في ظل عدم قدرتها في كثير من الأحيان من تحقيق العزلة عن محيطها ، و يذهب البعض الى القول بأن مصير هذه القواعد سيكون مشابها لمصير القواعد العسكرية لبريطانيا العظمى التي اضطرت إلى إغلاق ما تبقى من قواعدها العسكريه بعد أزمتها الإقتصاديه بين عامي 1970-1980.
المصدر: موقع المنار