أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، أن اتفاق أوسلو الموقع قبل 25 عاماً من قبل منظمة التحرير الفلسطينية “أدخل القضية الفلسطينية والمنطقة في نفق مظلم، وخلف مآسي كبيرة للفلسطينيين، عندما دخلوا في مقامرة غير محسوبة”.
وفي المؤتمر الوطني الذي عقدته فصائل المقاومة الفلسطينية بعنوان “25 عاماً على أوسلو الكارثة ” في مدينة غزة، أكد الهندي أن “الوحدة هدفنا والمقاومة خيارنا”، مشيراً الى أن منظمة التحرير الفلسطينية “توهمت أنه يمكن عقد شراكة مع العدو الصهيوني، لأنهم لم يدركوا طبيعة هذا الكيان ووظيفته في المنطقة”.
وشدد الهندي على أن “دولة الكيان هي دولة غزو، ومشروع استعماري قائم على العنف وإدامة العنف في المنطقة من أجل تهويد فلسطين كل فلسطين، والسيطرة على الشرق الإسلامي وإخضاعه ومنع أي نهضة حقيقية فيه، لذلك هو ليس دولة يمكن أن تنجز سلام أو تعايش، بل دولة للحرب وإدامة العنف في المنطقة”، موضحاً “أنه عندما فقد هذا النفر الوعي وتوهموا أن يدخلوا في شراكة مع هذا المشروع كانت هذه النكبة المستمرة حتى اليوم. (اتفاق أوسلو الموقع في أيلول/سبتمبر 1993)”. وأوضح القيادي الهندي، أنه “لأول مرة في تاريخ الصراع تتقدم جهة فلسطينية مسؤولة تستجيب لشروط العدو كاملة، من حيث نبذ العنف وتلغي السلاح وتعدل ميثاق المنظمة دون التوصل إلى اتفاق سلام، ودون التوصل لاتفاق ينهي القضايا الرئيسية، وإنما استجابت على أساس أن يدخل مفاوضات مرحلية انتقالية مداها خمس سنوات كحد أقصى، وأجلوا القضايا الرئيسية “القدس الأرض اللاجئين المياه”، ودفعنا الثمن كاملاً ومقدما من أجل مفاوضات لا يعلم مداها إلا الله والهدف هو إقامة دولة على الرابع من حزيران 67”.
وأضاف أن “المفاوض الفلسطيني دفع الثمن كاملاً وأقام شراكة أمنية مع العدو، ونبذ المقاومة واستعد لملاحقة المقاومين والمجاهدين إرضاء للعدو، على أمل مفاوضات تفضي إلى دولة فلسطينية على 20% من فلسطين التاريخية بعد خمس سنوات”. وأوضح أن “الفشل كان حليف المفاوض، والرئيس الراحل ياسر عرفات بعد 7 سنوات في كامب ديفيد 2 أدرك عمق المأزق، وحاول تعديل المسار قليلاً ودفع الثمن، ولكن البعض لازال يسير بعد ربع قرن مغمض العينين، ويسير في نفس الطريق وهو يدرك أن نهاية الطريق سحيقة تنتظر الشعب، وما ينتظرنا هو تدمير القضية وسحق ما تبقى من مقاومة لدى شعبنا”.
وتابع القيادي الهندي، أنه “بعد ربع قرن من اتفاق أوسلو، فنتيجة هذه المقامرة هي: 80% من أرض فلسطين أصبحت إسرائيل باعتراف المفاوض الفلسطيني، و20% من أرض فلسطين أصبحت أيضا إسرائيل بسياسية الأمر الواقع مع معازل فلسطينية مبعثرة في الضفة الغربية، والقدس أصبحت حدودها تمتد من بيت لحم إلى رام الله والقدس الشرقية مع أغلبية يهودية، والوحدة الداخلية التي بنيناها في مواجهة العدو في انتفاضة 87 واستعدناها في انتفاضة 2000 تحولت في ظل الاصرار على الشراكة مع العدو إلى انقسام داخل البيت الفلسطيني يعصف بكل مكوناته”.
وأضاف أن “بعد ربع قرن فإن الموقف العربي الرسمي في حدوده الدنيا الذي اشترط حل القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطين على حدود 67 مقابل التطبيع والسلام الشامل ارتكز إلى التخلي عن القضية الفلسطينية واستعداد البعض للشراكة مع العدو والتطبيع معه دون حل القضية الفلسطينية وفق المبادرة العربية”.
وأوضح أنه “يتم تحويل الأنظار عن الاحتلال وجرائمه إلى صراعات أخرى، صراع داخلي فلسطيني فلسطيني، وصراع اقليمي سني شيعي، وصراع داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وصراع داخلي في معظم دول الاقليم وبعض هذه الدول تشعر بأن اسرائيل كيان مهم لبقائها وتستدعي الدور الاسرائيلي في بناء تحالفات المنطقة”. وأكد أن “شعب فلسطين يبقى متمرداً في ظل هذا الخراب على هذه السياسات ويقاتل إسرائيل عبر غزة التي تحولت إلى قلعة للصمود والتصدي لإسرائيل التي لم تتمكن من هزيمتها أو ردعها وأصبحت تحسب لها كل حساب، وأصبح إخضاع غزة باعتبارها البؤرة الوحيدة المتمردة هدفا للسياسة الامريكية الاسرائيلية في المنطقة”.
وحول المصالحة الفلسطينية، أوضح القيادي الهندي، أن “أمريكا وإسرائيل أعطت الضوء الأخضر للمصالحة والتهدئة بمفهوم نزع روح المقاومة واستدراج قوى المقاومة للمشاركة في سلطة وهمية وذلك بهدف اجتثاث مشروع المقاومة وإسقاط غزة كقاعدة له”. وشدد على أن “الجميع في فلسطين مستهدف، والهامش يضيق حتى على سلطة رام الله التي أغلقوا مكاتبها في واشنطن لأنهم لا يطيقون حتى المس بسمعة اسرائيل”. وقال” أمام حركة فتح فرصة لتلفظ فكرة الحل المرحلي والاوهام التي أشاعها منذ ربع قرن وتعيد صياغة نفسها بالمواجهة مع المشروع الصهيوني وليس بالشراكة معه”، مضيفاً أن “فصائل المقاومة ستفشل محاولات استدراجها لتصبح شريكا في سلطة وهمية تأسست على مشروع أوسلو، لان الذي يحمي أي حركة تحرر وطني هو تمسكها بالمقاومة واستعدادها للتضحية”. وأكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن حركة الجهاد تعتبر “المصالحة على أساس الشراكة هي أساس بناء المشروع الوطني”.
كما أكد مجدداً على أن حركة الجهاد “لا تزال تعتبر المبادرة التي أطلقها الامين العام للحركة الدكتور رمضان عبد الله قبل أكثر من عام أساساً لمشروع وطني يهدف إلى تجاوز الازمة والتصدي لمحاولات إسرائيل وأمريكا لتصفية القضية الفلسطينية، ونذكر بأهم بنود تلك المبادرة: إعلان إلغاء اتفاق أوسلو ووقف العمل به في كل المجالات، وسحب م.ت.ف اعترافها بدولة الكيان الصهيوني، وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وصياغة برنامج وطني موحد لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، والمدخل هو إعادة بناء م.ت.ف وفق مخرجات بيروت 2017، وإعلان أن المرحلة لا زالت مرحلة تحرر وطني الاولوية فيها لمقاومة الاحتلال بكل الوسائل، وإطلاق حوار وطني شامل لبحث خطوات ومتطلبات التحول الى هذا المسار”.
المصدر: فلسطين البوم