اعتبر الأمين العام “للتنظيم الشعبي الناصري” النائب أسامة سعد أن “المشاكل البيئية في مدينة صيدا تفاقمت نتيجة لعدم استماع المسؤولين للناس ومعاناتهم”، لافتا إلى أن “الجولة الميدانية التي قام بها مؤخرا، مواطنون من صيدا والجوار فضحت المستور، وكشفت حقيقة الوضع البيئي المزري داخل المعمل”، مجددا رفضه “إقامة مطمر جديد في مدينة صيدا لما له من آثار سلبية في كل المجالات”، مؤكدا أن “موضوع توزيع الحصص الوزارية بين الكتل لا يعنيه، من موقع المعارضة الوطنية”.
وإذ اعتبر أن “العلاقة التي تجمع صيدا مع الشعب الفلسطيني هي علاقة تاريخية عميقة”، دعا إلى “مقاربة الملف الفلسطيني على أسس سياسية وإنسانية واجتماعية”.
كلام سعد، جاء خلال حوار إذاعي مع إذاعة “صوت لبنان”، اعتبر فيه أن “هناك عدة مشاكل بيئية في مدينة صيدا، ومنها مشكلة النفايات والصرف الصحي، الذي تذهب كميات كبيرة منه إلى بحر المدينة. وصيدا كغيرها من المناطق تعاني من مشاكل مرتبطة بالنفايات، وهو قطاع تحت قبضة المافيات في ظل غياب أي معالجة جدية وعلمية لهذا الموضوع”.
وقال: “نحن أمام أزمات مرتبطة بهذا الملف، ومنها معمل مدينة صيدا. في السابق تراكمت النفايات وشكلت جبلا كبيرا جثم لسنوات طويلة على صدور أهالي المدينة. وكان من المفترض إزالته بطرق علمية، ودفعنا 34 ميلون دولار من أجل إزالته، ولكن العملية لم تجر حسب الأصول البيئية، وتم رمي الجبل في البحر دون معالجة، كما حصل هدر في المال العام. ومن ثم أقيم المعمل، وكان من المفترض أن ينتج غاز الميثان وسمادا عضويا وأيضا هذه العملية لم تجر بشكل صحيح، واقتصر على إصدار غاز ينير شارع صغير في المدينة. قالوا إن القدرة الاستيعابية للمعمل هي بين 500 و 600 طن نفايات، ونحن نعرف أن القدرة الحقيقة هي 300 طن فقط. واستقدموا حوالي 250 طنا من نفايات بيروت، مما شكل عبئا على المعمل وأغرقه في النفايات، التي يتم التخلص منها عبر تهريبها إلى الحوض البحري المحاذي له، ووضعت كميات كبيرة من النفايات في الأرض المردومة التابعة للأملاك العامة، ودفنت بشكل مخالف للقوانين”.
أضاف: “موقفنا حيال ذلك كان واضحا خلال السنوات الماضية، لكن لم يسمعنا أحد من المسؤولين. لذلك استكمالا لسلسلة تحركاتنا، قمنا بجولة ميدانية كوفد وهيئة شعبية لمتابعة قضايا البيئة في صيدا، وحصل صدام مع جماعة المعمل وأدى إلى وقوع 12 جريحا من المحتجين. وتمكنا خلال هذه الجولة من توثيق كل المخالفات؛ من تشكل جبل نفايات جديد، والعوادم المخلوطة بنفايات عضوية تنبعث منها الروائح الكريهة، تضاف إليها المياه الناتجة عن معالجة النفايات وهي مياه ملوثة وسامة ترمى في البحر وفي البحيرة المحاذية. كل هذه المسائل كنا نحتج عليها منذ سنوات، وخلال تحركنا الأخير وثقنا بفيديوهات وصور مشاهد حية وبوجود وسائل إعلام. تحركنا جاء بعد سلسلة من التحركات، التي لم تلق أي آذان صاغية لسماعها، كما وقعت عرائض من قبل أكثر من 3000 شخص اعتراضا على الأضرار البيئية في صيدا ومحيطها. ولأن المسؤولين لا يريدون الاستماع لمعاناة الناس قمنا بهذه الجولة، ونحن بانتظار الإجراءات التي ستتخذ حيال الوضع البيئي الكارثي، بخاصة بعد ما عرضناه من مواد موثقة”.
وتابع: “لقد التقيت بفخامة رئيس الجمهورية، كما تواصلنا مع وزير البيئة، الذي وعد بأخذ إجراءات حيال الواقع البيئي. ونحن لا نعرف الآن ما هو وضع المعمل القانوني، ولا نعرف إن كان المعمل قد قدم دراسة حول الأثر البيئي لمعالجته للنفايات، لقد وعد وزير البيئة بوضع مراقب من قبل الوزارة يشرف على سير الأمور. ونحن بدورنا نسأل عن فعالية الدور الذي سيقوم به في ظل غياب القواعد والصلاحيات، التي تضمن مراقبة جدية وفق المعايير البيئية والصحية السليمة. هناك شكوك حول المعمل وما إذا كان قد حصل على ترخيص تشغيل من قبل الوزارة. لقد اقترح رئيس بلدية صيدا حل المشكلة عبر استحداث مطمر في صيدا، الأمر الذي رفضناه، وكل الخبراء يعرفون أن إقامة مطمر لها شروط؛ ومنها أن يكون المطمر بعيدا عن البحر والأنهر والأماكن السكنية، وعلى أن يخضع لشروط علمية وبيئية. والمكان الحالي للمعمل قائم على الشاطئ وقريب من نهر سينيق. نحن لن نقبل بأن يقام مطمر جديد في مدينة صيدا، بخاصة بعد خسارة المدينة معظم شاطئها الذي يبلغ طوله 7 كلم فقط”.
وأردف: “صيدا من حيث المساحة، تقدر ب 0,07 % من مساحة لبنان، ولكنها تتحمل عبء 15 % من نفايات لبنان، وهذا الأمر غير معقول. ونحن نطالب بوقف استيراد نفايات بيروت التي تشكل عبئا كبيرا على المعمل الذي يغرق بالنفايات”.
وعن إمكانية وجود نية للتعاون مع نائبة صيدا بهية الحريري للنهوض بالمدينة إنمائيا؟، قال: “نحن بحاجة لمن يستمع لرأي الناس. ومن قبل أن أصبح نائبا عن المدينة، كنا نتحرك ولا مجيب لنا من قبل نواب المدينة والبلدية والإدارات والوزارات المسؤولة. لم يكن أحد يستمع لصوت الناس. ونحن نتمنى على كل اللبنانيين أن يكون الشأن العام من أولويات تدخلهم، لأن المجتمع الذي ينتقد ويحاسب ويسعى لإصلاح الأمور هو مجتمع سليم. الطبقة السياسية على مدى سنوات طويلة لم تحل أزمات البلد، لذلك أطالب الناس في مجتمعنا أن يهتموا بكل شؤونه وقضاياه لأن الطبقة السياسية لم تحل أي من أزماته، وهي ممسوكة من قبل المافيات. أما التعاون فيجب أن يكون له أصول وقواعد، ويجب أن يوصل إلى نتائج”.
وحول تصريح رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن “أسامة سعد ليس ضمن المعارضة السنية”، قال: “إن موقفنا ثابت في هذا الإطار. وخلال الاستشارات في القصر الجمهوري صرحت أنني نائب مستقل وفي موقع المعارضة الوطنية، كما صرحت أنني لا أوافق على سياسات الحريري في المجالات كافة، وأنني لم اسمه لرئاسة الحكومة، ولم أسمِّ أي شخصية أخرى لتولي رئاسة الحكومة. موقفي في هذا الإطار واضح. وبرأيي المسألة ليست موضوع توزيع حصص بين الكتل، وهذا الأمر لا يعنيني. وما يهم بالنسبة لي سياسة الحكومة على مختلف الصعد وقدرتها على مواجهة أزمات البلد والتحديات القائمة والمقبلة. إن النظام الطائفي وسياسة المحاصصة والمزارع الطائفية عاجزة عن مواجهة التحديات وأزمات البلد. والحل هو بالوصول إلى معادلة سياسية وكتلة شعبية تفرض التغيير باتجاه تحقيق دولة مدنية عصرية عادلة. هذا هو مشروعنا النضالي خارج البرلمان وداخله. لقد قدمت للرئيس الحريري مذكرة تتضمن رؤيتنا وتوجهاتنا بشأن الاستراتيجية الدفاعية والنزوح السوري والأزمات الاقتصادية والمعيشية والقضايا المرتبطة بالخدمات وحقوق الناس؛ من تعليم وصحة وضمانات اجتماعية. ومعاييرنا ليست طائفية ولا فئوية ولا مناطقية، بل معيارنا الوحيد هو المعيار الوطني”.
وعن رأيه، حول اعتباره من قبل النائب فيصل كرامي من ضمن معارضة سنية، قال: “لقد كان موقفي واضحا حيال هذا الموضوع. أنا أسامة سعد لا يمكن أن أكون في أي إطار له عنوان طائفي أومذهبي. وموقعي هو ضمن المعارضة الوطنية، وموقفي أعلنته منذ تسمية رئيس الحكومة. كما أنني لن أسعى في ظل الظروف القائمة لأي موقع في السلطة الإجرائية، وموقعي في مجلس النواب حددته بشكل واضح كمعارض وطني. ولا يوجد أي تعليق آخر حيال ما قاله الصديق كرامي”.
وعن علاقة صيدا بمخيم عين الحلوة، خاصة في ضوء وضع البوابات الالكترونية وإزالتها لاحقا، قال: “العلاقة بين صيدا والشعب الفلسطيني هي علاقة تاريخية، بدأت منذ أيام الاحتلال الانكليزي لفلسطين والاحتلال الفرنسي للبنان. هناك نضال مشترك بين لبنان وفلسطين في مواجهة الاستعمارين الإنكليزي والفرنسي. الكثير من أبناء مدينة صيدا ولبنان عموما توجهوا إلى فلسطين وتطوعوا للدفاع عنها في مواجهة الصهاينة. وفي العام 48 قاتلت مجموعات وطنية لبنانية على أرض فلسطين، وكان من قادتها الشهيد معروف سعد والشهيد الملازم محمد زغيب. وقدم هؤلاء المناضلون اللبنانيون الشهداء والجرحى في معركة المالكية وغيرها من المعارك في الجليل ومناطق أخرى في فلسطين. كما كانت مشاركة صيداوية ولبنانية في العمل الفدائي الفلسطيني. أيضا هناك علاقات سياسية ووطنية واجتماعية واقتصادية بين الشعبين. كما أن هناك مصاهرة ومصالح مشتركة ونضال مشترك على مدى عقود من الزمن.
وأضاف أن “المشكلة مرتبطة بسياسات الدولة اتجاه الملف الفلسطيني والتعاطي معه على أساس أمني فقط، وأنه يشكل خطرا على الاستقرار. ولا بد من التعاطي بالملف الفلسطيني على أسس سياسية وإنسانية واجتماعية وليست أمنية، هناك موجبات اتجاه الشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقه الوطنية وعودته لفلسطين. السياسات الحكومية اللبنانية ناتجة عن توازنات مرتبطة بمواقف مختلفة لكتل نيابية تتعاطى مع الوضع الفلسطيني كمصدر خطر على الأمن اللبناني، وهذه السياسة يجب إعادة النظر بها. وعندما سقط اتفاق القاهرة بين لبنان ومنظمة التحرير لم يأتوا بتفاهم بديل بين الواقع الفلسطيني والدولة اللبنانية. معالجة هذا الملف يجب ألا تقتصر على الاعتبارات الأمنية. هذا الملف تزداد خطورته بخاصة بسبب السياسات الأميركية المستجدة وصفقة القرن. ونحن كدولة سنتأثر بشكل كبير نتيجة هذه السياسات، بخاصة صفقة القرن وتداعيات هذه الصفقة لجهة توطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم أو تهجيرهم. هذه الملفات خطيرة وحساسة وبحاجة للدراسة بتعمق. إن نظامنا الطائفي قائم على المحاصصات، وهنا نسأل: هل المحاصصات والمعايير التي يعتمدها النظام اللبناني قادرة على مواجهة أزمات بهذا الحجم؟ إن تغييب المعايير الوطنية واعتماد المعايير الطائفية والمذهبية، وعدم الاستماع لما يريده الناس لم يعالج ملفات مهمة كالملف الفلسطيني، والنزوح السوري، والاستراتيجية الدفاعية، ولن يعالجها”.
وفي ملف تشكيل الحكومة، رأى أنه “من الواضح أن هناك صعوبات جدية للوصول إلى ولادة قريبة للحكومة، وهناك عقبات في هذا الخصوص. الشعب اللبناني يعرف أن هناك أسبابا داخلية لها أبعاد إقليمية. هذا الواقع نريد التخلص منه، ولا نريد إرادة فوق إرادة الشعب اللبناني. والعراقيل الداخلية مرتبطة بملفات تطلق عليها تسميات الأزمة السنية، والعقدة الدرزية، والعقدة المسيحية. ومن المستغرب أن 111 نائبا اختاروا الحريري لتشكيل الحكومة، فلماذا نرى العجز عن تشكيل حكومة يحتاجها لبنان لكي تتحمل مسؤولية الكثير من الملفات”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام